ذا ناشيونال عن صفقة الوقود العراقي مع لبنان: لا أموال ولا سلع مقابل النفط
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
السومرية نيوز – اقتصاد
كشفت صحيفة "The National" الصادرة في الإمارات، تفاصيل جديدة عن صفقة الوقود العراقي مع لبنان 2021، فيما بينت إن العراق لم يتسلم أي أموال أو خدمات مقابل ذلك وبيروت تدين للعراق بمبلغ 1.59 مليار دولار حالياً وهو مبلغ قد يرتفع إلى 5.45 مليار دولار خلال الأعوام الأربعة المقبلة. ويستورد لبنان، الدولة التي تعاني من قلة الموارد الطبيعية ويعاني من أزمة اقتصادية، زيت الوقود الثقيل من العراق بموجب صفقة مبادلة موقعة في 2021.
تذكر الصحيفة في تقرير اطلعت عليه السومرية نيوز، ان لبنان سيعتمد على إجراءات معقدة لاستيراد الوقود العراقي لتلبية احتياجاته من الكهرباء، رغم عدم وجود خطة سداد متفق عليها بين الحكومة اللبنانية ونظيرتها العراقية، مشيرة الى إن خطة استيراد الوقود العراقي المعقدة سيتم تمديدها حتى العام 2028.
كشفت وثائق ومقابلات جديدة أن المخطط، الذي يقول الخبراء إنه محفوف بالمشاكل، يمكن أن يحبس البلاد في ترتيب غير مستقر مع تأخير انتقالها إلى مصادر الطاقة المتجددة أو بأسعار معقولة، وبحسب الصحيفة.
وتضيف الصحيفة إن الوقود الثقيل الذي يقدمه العراق لا يلبي مواصفات الوقود المطلوبة في محطات الكهرباء اللبنانية، لذلك فإن الصفقة تتيح لبيروت مقايضته في السوق الدولية بأنواع أخرى من النفط مناسبة لمحطاتها، عبر تجار يحققون أرباحاً من خلال ذلك.
بعد مرور ثلاث سنوات على توقيع الاتفاق، لم يدفع لبنان بعد للعراق ثمن النفط الذي حصل عليه، وذلك لأسباب من بينها أن هناك بعض الشروط غير الواضحة في الاتفاقية، فالعقد المبرم بين الطرفين ينص على أن يودع لبنان أموالاً في حسابه بالدولار ويمكن للعراق سحبه بالليرة اللبنانية لإنفاقه (داخل السوق اللبنانية) على "السلع والخدمات"، مثل الخدمات الطبية، وفقاً للصحيفة التي أوضحت إن أسعار الصرف التي سيحصل بها العراق على الأموال بالليرة، وأيضاً طبيعة الخدمات التي سيحصل عليها، ليست واضحة.
وتوضح الصحيفة إن العراق لم يتمكن حتى الآن من الحصول حتى على ما قيمته 550 مليون دولار من السلع أو الخدمات، وهي قيمة واردات العام الأول، المودعة في البنك المركزي اللبناني، لافتة الى ان الصفقة تجعل لبنان معتمداً على النفط الخام إذ يقوم باستبدال النفط العراقي الثقيل بزيت الغاز وزيت الوقود منخفض الكبريت، بدلاً من البدائل الأرخص مثل الغاز الطبيعي، أو مصادر الطاقة المتجددة النظيفة.
وعلى الرغم من هذه القضايا، تشير الوثائق الجديدة إلى أن لبنان يخطط للاعتماد على تجديد صفقة الوقود العراقية لإمداداته من الطاقة حتى عام 2028 على الأقل، بحسب الصحيفة.
وتقول الصحيفة ان خطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء في لبنان تعتزم زيادة حجم الصفقة مع العراق إلى 772 مليون دولار سنوياً، لتعزيز الطاقة الإنتاجية من 4 ساعات يومياً إلى 8 ساعات بحلول العام 2028.
هذه التقديرات تظهر أن الفاتورة المستحقة للعراق سترتفع إلى 5.45 مليارات دولار بحلول العام 2028، وهذا الوضع سيجعل لبنان معتمداً بشكل أساسي على الوقود الأحفوري، وسيبقى في الوقت نفسه عاجزاً عن توفير الكهرباء على مدار 24 ساعة.
يقول خبير لبناني بمجال الطاقة إن: صفقة الوقود العراقية قنبلة موقوتة في ظل عدم وجود مصدر بديل للوقود، ومن المقرر أن ينتهي العقد في تشرين الأول المقبل، والعراقيون سيرغبون بمعرفة سبب عدم حصولهم على أي شيء في المقابل، بحسب الصحيفة.
وحتى لو كان لبنان قادرًا على الدفع وتأمين تمديد الاتفاق، فقد أعرب الخبراء عن قلقهم بشأن عدم وجود تخطيط لتأمين مصادر وقود بديلة أرخص وأكثر مراعاة للبيئة. لا تزال الأسر اللبنانية، على الرغم من وعودها بإمدادات موثوقة بالكهرباء لأكثر من عقد من الزمن، تواجه انقطاعات يومية في التيار الكهربائي وتضطر إلى دفع اشتراكات باهظة الثمن وملوثة لمولدات الديزل.
قبل صفقة العراق، هزت لبنان فضيحة الوقود الملوث ضمن اتفاقية مع الجزائر لاستيراد الوقود، نهاية عام 2020. إن ما صورته السلطات اللبنانية على أنه عقد لاستيراد الوقود من دولة إلى أخرى مع الجزائر، اتضح أنه يشمل شركات خارجية سرية تتقاضى أسعاراً باهظة مقابل الوقود منخفض الجودة.
هذه الفضيحة أظهرت وجود شبكة من الفساد في لبنان تتضمن شحنات وقود ملوثة وفحوصاً مختبرية مزورة ورشوة منتشرة بين مسؤولي الدولة.
وبعد ظهور هذه الفضيحة لم يتم تجديد عقد توريد الوقود هذا، ما جعل لبنان بلا عقد توريد للوقود لأول مرة منذ العام 2005، ولهذا ومن أجل البحث عن مصدر بديل، وقع لبنان الاتفاق العراقي في تموز 2021 ثم جرى تمديده في العام 2023 لمدة عام إضافي لمليوني طن.
وبموجب شروط العقد، فإن أمام لبنان سنة واحدة لدفع ثمن كل شحنة وقود، إلا أنه بعد مرور 3 سنوات على توقيع الصفقة، لم يتلق العراق أي شيء.
إن لبنان يدين بالفعل للعراق بنحو 1.59 مليار دولار مقابل ملايين الأطنان من الوقود الذي استورده منذ العام 2021، وفقا لأرقام وزارة الطاقة والمياه، حيث يحتوي الحساب البنكي المخصص للعراقيين في مصرف لبنان على 550 مليون دولار، تمثل قيمة واردات السنة الأولى، لكن لم تتمكن الحكومة العراقية حتى الآن من الوصول إلى الأموال المقومة بالدولار، وفقا للصحيفة. وفيما يتعلق بـ "السلع والخدمات" التي من المفترض أن يحصل عليها العراقيون في لبنان بهذه الأموال، فإنه لم يتم تحديدها بعدُ، ولم يحصل العراق على أي منها إلى الآن، على الرغم من التقارير الإعلامية عن تقديم الخدمات الطبية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في وزارة الصحة العراقية قوله إن: الخدمات الطبية على الورق فقط ولم يحدث شيء في هذا المجال.
وخلصت الصحيفة إلى أن الحكومة اللبنانية تراهن على ما يبدو على حسن علاقاتها الدبلوماسية مع العراق بما يمكنها من تخطي أي خلافات مالية محتملة، حيث تعتمد خطة الطوارئ المطروحة حالياً، على فرضية أن العقد العراقي سيتم تجديده.
المصدر: السومرية العراقية
إقرأ أيضاً:
ما مصير الأزمة بين بغداد والكويت بعد تدخل رئيس القضاء العراقي؟
أثار دخول رئيس القضاء الأعلى العراقي، فائق زيدان على خط الأزمة اتفاقية "خور عبد الله" بين الكويت والعراق، جدلا واسعا في البلاد، ولاسيما بعد انتقاده قرار المحكمة الاتحادية العراقية القاضي بإلغائها، ووصفها بأنها تجاوزت صلاحياتها الدستورية.
ورأى زيدان عبر مقال نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" الأسبوع الماضي، أن الاتفاقية دخلت حيّز التنفيذ وأصبحت ملزمة بموجب مبدأ "احترام المعاهدات"، وأن إلغاءها سيُبطل أكثر من 400 اتفاقية دولية أُبرمت سابقًا بأغلبية بسيطة، وهو ما يُهدد بإسقاط المنظومة التعاقدية للدولة.
وتسببت تصريحات زيدان، بخروج مظاهرات احتجاجية في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق، رفضا لما أسمته تدخلا في شؤون المحكمة الاتحادية العليا، واصفين مطالبته بالعودة إلى العمل بها بأنه "تأييد لبيع أرض عراقية"، نفذها مسؤولون عراقيون عام 2013.
"مجرّد رأي"
وعما إذا كان رأي "زيدان" يمهد لتراجع المحكمة الاتحادية عن قرارها، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، النائب عامر الفايز، إن "المحكمة الاتحادية هي السلطة القضائية العليا في البلاد، ولا توجد سلطة عليها توجهها".
وأضاف الفايز في حديث لـ"عربي21" أن "قرارات المحكمة الاتحادية باتة ونافذة، لكن الجدل الحاصل في الوقت الحالي هو في عدم وضوح الرؤية بشأن اتفاقية تنظيم الملاحة بين العراق والكويت في خور عبد الله".
وأوضح النائب العراقي أن "أعضاء البرلمان لديهم عدم وضوع في موضوع الاتفاقية، لأنه مرة نرى أنها تصب في صالح العراق لأن البعض يفسرها كذلك، ومرة أخرى نراها ضد البلاد عندما يشرحها لنا آخرون بشكل مختلف عن الرأي الأول".
وأكد الفايز أن "الموضوع بحاجة إلى إيضاح شامل، لذلك من الضروري استضافة خبراء مختصون في شؤون البحار وترسيم الحدود، حتى يوضحون الصورة بشكل قطعي حتى نفهم جيدا هل أن اتفاقية خور عبد الله هي لصالح العراق أم ضده؟".
من جهته، قال الخبير القانوني ومحافظ البصرة السابق، القاضي وائل عبد اللطيف، إن قرار المحكمة إلغاء قانون اتفاقية "خور عبد الله"، الذي صوت عليه البرلمان العراقي، جاء بسبب عدم توفر أغلبية الثلثين من النواب، بالتالي الأمر غير قابل للتراجع".
وأفاد عبد اللطيف لـ"عربي21" بأن "تصويت البرلمان على قانون اتفاقية خور عبد الله مع الكويت، كان بحضور النصف زائد واحد من النواب، وهذا يخالف المادة 94 من الدستور التي تنص على أغلبية الثلثين، بالتالي المحكمة ألغت القانون، وبذلك تصبح الاتفاقية باطلة".
ولفت إلى أن "رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، شرح وجهة نظره القانونية فحسب، لأنه لا يجوز لأي شخصية أن تملي أو تهيئ للمحكمة الاتحادية القرارات التي تتخذها، وعلى هذا الأساس فإن الأخيرة غير ملزمة في الأخذ بما يطرح عليها، لأن قرارها مستقل".
ونوه عبد اللطيف إلى أن "المحكمة الاتحادية العليا حولت ملف الاتفاقية إلى البرلمان، وطلبت منه إعادة التصويت عليها"، كاشفا أن "العدد الرافض لها حتى الآن- حسب المعلومات التي وردت لنا من النائب عامر عبد الجبار- وصل إلى 194 نائبا.
وبيّن الخبير العراقي أن "النواب الـ 194 وقعوا على مطالعة قدمها النائب عامر عبد الجبار في البرلمان، لإبطال اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت، لكن النائب الأول لرئيس البرلمان، محسن المندلاي، لم يعرضها للتصويت لأنه أكد أن قرار المحكمة الاتحادية بات وملزم على السلطات كافة".
مصير الطعون
وبخصوص الطعون التي قدمها رئيسي الجمهورية والحكومة في العراق ضد قرار المحكمة الاتحادية إلغاء الاتفاقية، قال الفاير: "لا استبعد أن تكون في القضية تحمل نوعا من المجاملات السياسية تجاه الكويت سواء من مسؤولين أو شخصيات أخرى".
وأضاف النائب العراقي أن "كل جهة في العراق تنظر إلى الاتفاقية من منظار معين، لكن لا أتوقع أنه ثمة أحد أو جهة سياسية تستطيع مجاملة الآخرين على حساب أراضي الوطن".
وفي السياق ذاته، قال عبد اللطيف إن "رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والقضاة كلهم عندما يتسلمون مناصبهم يقسمون - طبقا للدستور- بالحفاظ على العراق أرضا وماءً وسماءً، بالتالي وجب عليه المحافظة على حدود العراق وليس الطعن فيها".
وبحسب الخبير العراقي، فإنه "جرى مؤخرا سحب طعني رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ضد اتفاقية خور عبد الله مع الكويت، وحتى لو تركت في المحكمة الاتحادية العليا، فإنها لا شك ستلغيها من الأساس".
كان مقررا في 22 نيسان/ أبريل الماضي، أن تبت المحكمة الاتحادية العليا في العراق بالطعون التي قدمها رشيد والسوداني ضد قرار إلغاء اتفاقية خور عبد الله، قبل أن تعلن تأجيلها لأكثر من مرة، كان آخرها إلى 25 يونيو 2025، والتي لم يصدر عنها أي تأجيل آخر بعدها.
وكان الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قدما في 15 نيسان/أبريل الماضي طعنين منفصلين بقرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء اتفاقية خور عبد الله، وطالبا بإعادة التقدير للاتفاقية المبرمة بين البلدين في 2013.
قرار المحكمة الاتحادية إلغاء قانون اتفاقية خور عبد الله في عام 2023، أحدث انقساما حادا داخل "الإطار التنسيقي" الشيعي الحاكم؛ لأن من وقع على الاتفاقية، وفد يقوده نوري المالكي رئيس الحكومة عام 2013، وبرفقته وزراء النقل هادي العامري، والتجارة آنذاك محمد شياع السوداني.
في المقابل، فإن أطرفا أخرى ضمن "الإطار التنسيقي" هي من رفعت دعوى ضد الاتفاقية أمام المحكمة الاتحادية وكسبها عام 2023، وهي كتلتي "حقوق" التابعة لـ"كتائب حزب الله"، و"صادقون" التابعة لـ"عصائب أهل الحق"، إضافة إلى عدد من النواب الشيعة المستقلين.