ما مصير الأزمة بين بغداد والكويت بعد تدخل رئيس القضاء العراقي؟
تاريخ النشر: 1st, August 2025 GMT
أثار دخول رئيس القضاء الأعلى العراقي، فائق زيدان على خط الأزمة اتفاقية "خور عبد الله" بين الكويت والعراق، جدلا واسعا في البلاد، ولاسيما بعد انتقاده قرار المحكمة الاتحادية العراقية القاضي بإلغائها، ووصفها بأنها تجاوزت صلاحياتها الدستورية.
ورأى زيدان عبر مقال نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" الأسبوع الماضي، أن الاتفاقية دخلت حيّز التنفيذ وأصبحت ملزمة بموجب مبدأ "احترام المعاهدات"، وأن إلغاءها سيُبطل أكثر من 400 اتفاقية دولية أُبرمت سابقًا بأغلبية بسيطة، وهو ما يُهدد بإسقاط المنظومة التعاقدية للدولة.
وتسببت تصريحات زيدان، بخروج مظاهرات احتجاجية في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق، رفضا لما أسمته تدخلا في شؤون المحكمة الاتحادية العليا، واصفين مطالبته بالعودة إلى العمل بها بأنه "تأييد لبيع أرض عراقية"، نفذها مسؤولون عراقيون عام 2013.
"مجرّد رأي"
وعما إذا كان رأي "زيدان" يمهد لتراجع المحكمة الاتحادية عن قرارها، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، النائب عامر الفايز، إن "المحكمة الاتحادية هي السلطة القضائية العليا في البلاد، ولا توجد سلطة عليها توجهها".
وأضاف الفايز في حديث لـ"عربي21" أن "قرارات المحكمة الاتحادية باتة ونافذة، لكن الجدل الحاصل في الوقت الحالي هو في عدم وضوح الرؤية بشأن اتفاقية تنظيم الملاحة بين العراق والكويت في خور عبد الله".
وأوضح النائب العراقي أن "أعضاء البرلمان لديهم عدم وضوع في موضوع الاتفاقية، لأنه مرة نرى أنها تصب في صالح العراق لأن البعض يفسرها كذلك، ومرة أخرى نراها ضد البلاد عندما يشرحها لنا آخرون بشكل مختلف عن الرأي الأول".
وأكد الفايز أن "الموضوع بحاجة إلى إيضاح شامل، لذلك من الضروري استضافة خبراء مختصون في شؤون البحار وترسيم الحدود، حتى يوضحون الصورة بشكل قطعي حتى نفهم جيدا هل أن اتفاقية خور عبد الله هي لصالح العراق أم ضده؟".
من جهته، قال الخبير القانوني ومحافظ البصرة السابق، القاضي وائل عبد اللطيف، إن قرار المحكمة إلغاء قانون اتفاقية "خور عبد الله"، الذي صوت عليه البرلمان العراقي، جاء بسبب عدم توفر أغلبية الثلثين من النواب، بالتالي الأمر غير قابل للتراجع".
وأفاد عبد اللطيف لـ"عربي21" بأن "تصويت البرلمان على قانون اتفاقية خور عبد الله مع الكويت، كان بحضور النصف زائد واحد من النواب، وهذا يخالف المادة 94 من الدستور التي تنص على أغلبية الثلثين، بالتالي المحكمة ألغت القانون، وبذلك تصبح الاتفاقية باطلة".
ولفت إلى أن "رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، شرح وجهة نظره القانونية فحسب، لأنه لا يجوز لأي شخصية أن تملي أو تهيئ للمحكمة الاتحادية القرارات التي تتخذها، وعلى هذا الأساس فإن الأخيرة غير ملزمة في الأخذ بما يطرح عليها، لأن قرارها مستقل".
ونوه عبد اللطيف إلى أن "المحكمة الاتحادية العليا حولت ملف الاتفاقية إلى البرلمان، وطلبت منه إعادة التصويت عليها"، كاشفا أن "العدد الرافض لها حتى الآن- حسب المعلومات التي وردت لنا من النائب عامر عبد الجبار- وصل إلى 194 نائبا.
وبيّن الخبير العراقي أن "النواب الـ 194 وقعوا على مطالعة قدمها النائب عامر عبد الجبار في البرلمان، لإبطال اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت، لكن النائب الأول لرئيس البرلمان، محسن المندلاي، لم يعرضها للتصويت لأنه أكد أن قرار المحكمة الاتحادية بات وملزم على السلطات كافة".
مصير الطعون
وبخصوص الطعون التي قدمها رئيسي الجمهورية والحكومة في العراق ضد قرار المحكمة الاتحادية إلغاء الاتفاقية، قال الفاير: "لا استبعد أن تكون في القضية تحمل نوعا من المجاملات السياسية تجاه الكويت سواء من مسؤولين أو شخصيات أخرى".
وأضاف النائب العراقي أن "كل جهة في العراق تنظر إلى الاتفاقية من منظار معين، لكن لا أتوقع أنه ثمة أحد أو جهة سياسية تستطيع مجاملة الآخرين على حساب أراضي الوطن".
وفي السياق ذاته، قال عبد اللطيف إن "رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والقضاة كلهم عندما يتسلمون مناصبهم يقسمون - طبقا للدستور- بالحفاظ على العراق أرضا وماءً وسماءً، بالتالي وجب عليه المحافظة على حدود العراق وليس الطعن فيها".
وبحسب الخبير العراقي، فإنه "جرى مؤخرا سحب طعني رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ضد اتفاقية خور عبد الله مع الكويت، وحتى لو تركت في المحكمة الاتحادية العليا، فإنها لا شك ستلغيها من الأساس".
كان مقررا في 22 نيسان/ أبريل الماضي، أن تبت المحكمة الاتحادية العليا في العراق بالطعون التي قدمها رشيد والسوداني ضد قرار إلغاء اتفاقية خور عبد الله، قبل أن تعلن تأجيلها لأكثر من مرة، كان آخرها إلى 25 يونيو 2025، والتي لم يصدر عنها أي تأجيل آخر بعدها.
وكان الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قدما في 15 نيسان/أبريل الماضي طعنين منفصلين بقرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء اتفاقية خور عبد الله، وطالبا بإعادة التقدير للاتفاقية المبرمة بين البلدين في 2013.
قرار المحكمة الاتحادية إلغاء قانون اتفاقية خور عبد الله في عام 2023، أحدث انقساما حادا داخل "الإطار التنسيقي" الشيعي الحاكم؛ لأن من وقع على الاتفاقية، وفد يقوده نوري المالكي رئيس الحكومة عام 2013، وبرفقته وزراء النقل هادي العامري، والتجارة آنذاك محمد شياع السوداني.
في المقابل، فإن أطرفا أخرى ضمن "الإطار التنسيقي" هي من رفعت دعوى ضد الاتفاقية أمام المحكمة الاتحادية وكسبها عام 2023، وهي كتلتي "حقوق" التابعة لـ"كتائب حزب الله"، و"صادقون" التابعة لـ"عصائب أهل الحق"، إضافة إلى عدد من النواب الشيعة المستقلين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العراقي الأزمة الكويت اتفاقية خور عبد الله العراق الكويت أزمة اتفاقية خور عبد الله المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المحکمة الاتحادیة العلیا قرار المحکمة الاتحادیة اتفاقیة خور عبد الله عبد اللطیف
إقرأ أيضاً:
السوداني أم المالكي.. ام بديل جديد؟ معركة الإطار تُعِيدُ شبح الشلل إلى بغداد
6 أكتوبر، 2025
بغداد/المسلة: في قلب بغداد النابضة بتوتراتها الدفينة، يتخمر الإطار التنسيقي الشيعي، ذلك التحالف الذي ولد في أكتوبر 2021 كدرع ضد صعود التيار الصدري، ليصبح اليوم ساحة معركة داخلية تزلزل أركان السلطة.
و مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في 11 نوفمبر 2025، تتصاعد التباينات الحادة داخل هذا الإطار، لتتجاوز مجرد خلافات شخصية إلى صراع جوهري على إعادة رسم موازين القوى، حيث يبرز التوتر بين جناحي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي كسيف معلق يهدد بقطع خيوط التوافق الشيعي الذي حافظ على هيمنته لسنوات.
جذور الخلاف: بين السوداني والمالكييُشعل الخلاف بين السوداني، والمالكي، مهندس التحالفات التقليدية، شرارة تهدد بإحراق الجسور المبنية بعناية.
و يسعى السوداني، مدعوماً من قوى مختلفة، إلى تجديد ولايته.
أما المالكي، فهو يضيق الخناق قضائياً وسياسياً لإبعاد خصمه، محذراً من أن استمرار السوداني يعني تفكيك الإطار نفسه.
و هذه المناوشات ليست مجرد صدام أسماء، بل هي عاصفة تُعادِلُ صراعاً على هوية الشيعة في العراق: هل يُفضل الاستقرار الإصلاحي أم الهيمنة التقليدية؟
ولاية ثانية أم بديل دامٍ؟و يلوح أفق رئاسة الحكومة كسحابة عاتمة، حيث يتردد صدى إمكانية تجديد ولاية السوداني أو دفع مرشح بديل يُرضي الجميع – أو لا أحد.
و يُتوقع أن يحصد ائتلاف دولة القانون نحو 30 مقعداً برلمانياً، بينما يتقاسم تحالف السوداني مع قوى أخرى نحو 40-30 مقعداً، وفق توقعات مبكرة تعكس توزيعاً متشابكاً. لكن الضغوط الخارجية، من طهران التي تراجع نفوذها إلى واشنطن التي تُمْلِي شروطاً أمنية، تضخم الرهان.
و إذا فشل التوافق، قد يُعْرِضُ ذلك مستقبل الحكومة للشك، معتمداً على تحالفات جزئية تجمع السوداني أو المالكي مع فصائل متفرقة لتشكيل كتلة أكبر، في لعبة شطرنج سياسية تُذَكِّرُ بأسوأ اللحظات في تاريخ العراق.
شبح الثلث الضامن: تعطيل حكومي مرعبو يعيد الانقسام إلى الواجهة كابوس “الثلث الضامن”، ذلك الآليَّة الدستورية التي تمنح أقلية برلمانية القدرة على تعطيل تشكيل الحكومة، مُذَكِّرَةً بفوضى 2022 التي أدت إلى شهور من الشلل.
و اليوم، مع غياب التوحيد داخل الإطار حتى بعد الانتخابات، يلوح سيناريو أكثر رعباً: صراع يُطَوِّلُ الفراغ السياسي، ويُعْرِضُ الاقتصاد المنهك للانهيار، ويفْتَح الباب أمام تدخلات خارجية تُغْرِقُ البلاد في مستنقع جديد.
الإطار، الذي كان يُمَثِّلُ وحدة شيعية صلبة، يواجه الآن خطر التفكك، حيث لن تتوحد أطرافه، بل ستُفْرِدُ كلُّ فصيلة طريقها، مُعِيدَةً رسم خريطة السلطة بألوان الدماء والخيانة.
و في هذا المنعطف التاريخي، يقف العراق على حافة الهاوية، حيث يُقَدِّرُ مصيره بين يدي قادة يُفَضِّلُونَ الصراع على الوحدة، مُهَدِّدِينَ بتحويل الانتخابات إلى قنبلة موقوتة تُنْفَجِرُ في وجه الجميع.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts