تقرير: الهيئة الانتخابية بتونس تقضي على أي أمل في انتخابات رئاسية ديمقراطية
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
شدد تقرير نشرته صحيفة "جون أفريك" الفرنسية على الصدمة الاستياء التي خلفها قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس إلغاء ترشح ثلاثة مرشحين للرئاسة، ما يعكس "تدهور الأمل في انتخابات ديمقراطية".
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه في أعقاب قرار مفاجئ بإلغاء ترشيح ثلاثة مرشحين للرئاسة، كان قد تمت إعادتهم للانتخابات من قبل القضاء، يتأرجح البلد بين الذهول، واليأس، والغضب.
وأضافت أنه في ظهر يوم 2 أيلول/سبتمبر؛ خيّب رئيس اللجنة الانتخابية، فاروق بوعسكر، آمال أولئك الذين كانوا يتطلعون إلى انتخابات تعددية في 6 تشرين الأول/أكتوبر، والذين ظنوا أن الهيئة، في لحظة من الوعي واحترام القانون، لن تصل إلى حد إنكار ما تنص عليه النصوص القانونية. وكانوا يأملون أن تأخذ الهيئة بعين الاعتبار قرار المحكمة الإدارية، الذي صدر قبل أيام قليلة، بقبول الطعون المقدمة من عبد اللطيف المكي، ومنذر زنايدي، وعماد الدايمي لإعادتهم لسباق الانتخابات الرئاسية بعد أن تم رفض طلباتهم من قبل نفس الهيئة.
وقالت الصحيفة إنه لم يأت قرار توقيف أحد منافسي الرئيس قيس سعيد، أيادي زمّل، بتهمة تزوير كشوفات التوقيعات، بمفاجأة للعديد من المراقبين. فقد أصبح واضحًا أنّ الرئيس سعيد لا يرغب بِمُواجهة منافسين حقيقيين في الِانتخابات الرئاسية الِمقبلة التي يُشارك فيها لِحُصول على ولاية ثانية. وفي فجر اليوم الثاني من أيلول/سبتمبر، تمّ توقيف زمّل رغم أن ترشيحه قد تمّ الِتصديق عليه رسميًا والتحقق منه من قبل الهيئة الانتخابية قبل ذلك.
وأشارت إلى أن هذا التطور يُظهر بوضوح الاستراتيجية التي يتبعها سعيد لضمان الفوز بدون منافسة، باستخدام أساليب قمعية تنتهك المبادئ الديمقراطية، فهذا القرار يثير تساؤلات جدية حول نزاهة العملية الانتخابية ومستقبل الديمقراطية في تونس، حيث يُخشى أن تكون الانتخابات مجرد مسرحية لضمان فوز سعيد بولاية ثانية.
وأكدت الصحيفة أن زهير مُغزاوي، الأمين العام لِحركة الشعب، هو المرشح الوحيد الذي يواجه الرئيس الحالي. وكان مُغزاوي قد أيدّ عملية إعادة هيكلة النظام السياسي التي أطلقها قيس سعيد، ولكنه أعرب عن رفضه لِلمناورات الأخيرة المُرتبطة بِالِانتخابات الرئاسية. وأشار بعض المُقرّبين منه إلى أن مُغزاوي يُفترض أن يتراجع عن ترشيحه لِأنه لا يُوافق على المُقاربة التي اتّبعتها الهيئة الانتخابية. وأضافوا أنّه "أشرف ألا يُشارك في هذا الفِعل الِمشين من أن يُصبح جزءًا منه".
صراع الاختصاص الذي حكم فيه الدستور
وأشارت الصحيفة، إلى أن "سيطرة قيس سعيد على النظام السياسي أصبحت واضحة، فقد أطاعت الهيئة الانتخابية تعليماته وألغت ترشيح المُرشّحين الذين أعيدوا للسباق الرئاسي بشكل قانوني، مُقدّمةً بهذا الِفعل هُجومًا تاريخيًا وغير مُتوقع على مُبادئ الدولة القانونية".
وأفادت الصحيفة بأن "الهيئة الانتخابية تجاوزت مهمتها الأساسية بالإشراف على سير العملية الانتخابية، ومارست صلاحيات قضائية لا تُناط بها؛ حيث أكدت المادة 30 من القانون الانتخابي تنص على أن قرار استئناف المحكمة الإدارية نهائي ولا يمكن الطعن فيه".
وذكرت أن فاروق بوعسكر أصر على أن الهيئة الانتخابية، وبموجب المادة 134 من الدستور، "مسؤولة عن ضمان إجراء انتخابات واستفتاءات ديمقراطية، حرة، متعدّدة الأحزاب، نزيهة وشفّافة، وتكون مسؤولة عن جميع الِعمليات المُرتبطة بالتنظيم والإدارة والإشراف على الِانتخابات والِاستفتاءات، بِمُوجب هذا القانون والِتشريعات الِانتخابية". وتُعتبر هذه المُهمّة تقنية وعمليّة، ولا تُمنح الهيئة الانتخابية صلاحيات قضائية، وذلك واضح في الدستور أيضا.
وتعتبر جميع الحجج الأخرى التي طرحت خلال البيان الِصحفي مجرد محاولات للتشكيك في صلاحيات المحكمة الإدارية. وتنفي المحكمة هذا الِادّعاء وتؤكد أنها قدمت هذه الِوثائق، وتشير أيضا إلى أن الموعد الِأخير لنشر القائمة النهائية للمرشحين كان في الثالث من أيلول/سبتمبر. وبِذلك، فقد سارعت الهيئة الانتخابية بِإجراءات الإلغاء رغم أنّ كان بِمقدورها أن تُمهّل لِمدة أربعة وعشرين ساعة، وفقا للتقرير.
وذكرت الصحيفة أن فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، يحاول تحسين صورة الهيئة أمام الرأي العام، لكنه يتظاهر بعدم فهم الفروق الأساسية في الشكل والمضمون. ويُقدم حُججه بِوضوح ويختار معسكر قيس سعيد، بِمُخالفة مُبادئ الدولة الِقانونية. ويُشير محامي إلى أنّ "بوعسكر تجرأ ولِذلك فهو متأكد من إمكانية العمل بدون عقاب"، ويُضيف أنّه "سَيتمّ إدانته من قبل محكمة التاريخ".
انتخابات "غير نزيهة، غير تعددية، غير شفافة وغير ديمقراطية"
ووفق الصحيفة؛ يعبر القاضي أحمد سوب عن استيائه قائلا: "تجاوزنا حدود ما لا يمكن تخيله"، فقرار إعادة المرشحين الثلاثة يُعتبر زلزالاً قد يعيد توجيه الديناميكيات الانتخابية نحو الديمقراطية، رغم أن إعلان الهيئة يُعتبر تسونامي يهدد النظام، وتقول قاضية رافضة الاستسلام للضغوط السياسية: "أنا لا أعترف إلا بالقانون، وهو واحد".
وأوضحت الصحيفة، أنه في الثاني من أيلول /سبتمبر، كانت ردود الفعل خجولة، حيث خرج عدد قليل من المواطنين للاحتجاج، بينما أظهرت عالمة اجتماع حالة من الذهول بين المتخصصين، في حين تبقى الأغلبية غير مبالية.
وتابعت الصحيفة قائلة، إن الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من تشرين الأول/أكتوبر تبدو نتيجتها محددة سلفا، واعتبر باسم الطريفي الاقتراع "غير نزيه"، فيما أسار هشام عجبوني إلى قيس سعيد كمحور الوضع، مع مخاوف من فكرة الانتخابات.
ولفتت إلى أن بعض الأصوات تقترح تجنب هذه المهزلة؛ حيث تتساءل ناشطة محامية: "إذا كان الرئيس متحمسا للبقاء في السلطة، لماذا لم يُدرج رئاسة مدى الحياة في الدستور؟".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية تونس قيس سعيد تونس الانتخابات التونسية قيس سعيد صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة انتخابات الرئاسیة الهیئة الانتخابیة قیس سعید إلى أن على ال من قبل هذا ال
إقرأ أيضاً:
كيف انعكس إضراب النقل البري العمومي على الحياة بتونس؟
تونس- توقفت حركة نقل المترو والحافلات العمومية للنقل البري في العاصمة تونس وكل المحافظات، أمس الأربعاء، بسبب الإضراب العام في قطاع النقل البري للمسافرين، الذي دعت إليه "الجامعة العامة للنقل" التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل.
وتسبب هذا الإضراب في اليوم الأول في شلل شبه تام لوسائل النقل البري العمومي للمسافرين، وترك المحطات الرئيسية شبه خالية، باستثناء وجوه حائرة لم تكن على علم بالإضراب العام الذي دخل حيّز التنفيذ منذ الساعات الأولى صباح الأربعاء، ويستمر ليومين آخرين.
في محطة "باب عليوة" للحافلات بالعاصمة، وقف عدد من المواطنين يتبادلون التساؤلات والنظرات المليئة بخيبة الأمل، اكتظت في الصباح المحطة ثم خلت من الركاب الذين أرهقهم طول الانتظار وخاب أملهم بالعودة لمناطقهم النائية.
وعلى أحد المقاعد الإسمنتية خارج المحطة، جلس محمد السعيدي مرهقا شارد البال، تبدو ملامح الحيرة مخيمة على وجهه الأسمر وقد وضع حقيبة ظهره بجانبه بيأس، يقول للجزيرة نت "لا أعلم كيف أقضي ليلتي بالعاصمة لأني لا أملك نقودا كافية".
لقد جاء هذا الرجل -أول أمس الثلاثاء- من محافظة توزر من الجنوب البعيد، ليودع ملفات زملائه العاملين بعقود هشة بوزارة الفلاحة لتسوية وضعيتهم، لكن الشلل الحاصل في النقل جعله مشردا رغما عن أنفه، يجوب الشوارع حائرا كيف سيعود لبيته.
ويقول "لا أعارض حق الأعوان في الإضراب، لكن أين حقي أنا كمواطن في التنقل؟ لو أن الإعلام أبلغنا مسبقا، لكنت على الأقل تدبّرت أمري، الآن أنا عالق، لا أعرف أين أذهب ولا كيف أعود، وإذا تواصل الإضراب سيزداد الأمر تعقيدا".
ومن المتوقع أن يستمر هذا الوضع خلال يومي الخميس والجمعة القادمين، في ظل غياب مؤشرات على التوصل إلى اتفاق بين الجامعة العامة للنقل ووزارة النقل، مما ينذر باستمرار تفاقم معاناة المسافرين وتزايد الضغط على وسائل النقل البديلة.
إعلانويشمل الإضراب كلا من شركة نقل تونس، والشركة الوطنية للنقل بين المدن، وشركات النقل الجهوي، مما جعل المحطات شبه خالية، باستثناء بعض المسافرين غير المدركين مسبقا بتعطل الحركة.
ويأتي الإضراب بعد فشل سلسلة من جلسات التفاوض بين الجامعة العامة للنقل ووزارة النقل، حيث لم يتم التوصل إلى اتفاق يفضي للاستجابة للمطالب المهنية، المتصلة أساسا بتحسين الظروف المادية والمهنية، وتفعيل الاتفاقيات السابقة وغيرها.
ارتباك واستياءووسط هذه الأزمة، وجدت حسناء نفسها عالقة وسط ازدحام مروري خانق؛ فبعدما جاءت على متن سيارة تاكسي من منطقة المرسى على أمل السفر إلى محافظة مدنين الجنوبية البعيدة، وجدت نفسها عالقة وحائرة وسط الازدحام.
تقول "كنت أعتزم السفر اليوم إلى مدنين لزيارة عائلتي. قطعت مسافة طويلة من المرسى إلى محطة باب عليوة، لأتفاجأ بأن كل شيء متوقف، لم أسمع أي خبر عن الإضراب، وسأضطر للعودة أدراجي إن حالفني الحظ ووجدت سيارة تاكسي".
وتابعت بنبرة ممتزجة بالغضب والاستياء "هذا الإضراب يأتي في وقت يعاني فيه المواطنون من تردي وسائل النقل وتردي جميع المرافق العمومية بشكل عام" محملة السلطة مسؤولية فشل المفاوضات مع النقابة ومسؤولية تردي قطاع النقل.
ويعد قطاع النقل العمومي في تونس من أكثر القطاعات تضررا، حيث يواجه منذ سنوات أزمة هيكلية تشمل تآكل الأسطول، ونقص الصيانة، وتراجع جودة الخدمات، مما أدى إلى تراجع ثقة المواطنين في وسائله.
ويؤكد خبراء أن إصلاح هذا القطاع لا يمكن أن يقتصر على تسوية مطالب مالية أو ترقيع ظرفي، بل يستدعي إصلاحات جذرية تشمل الحوكمة، والتجهيزات، والبنية التحتية، والتخطيط الإستراتيجي على المدى المتوسط والبعيد.
تبادل الاتهاماتوكانت الجامعة العامة للنقل، التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل قد أرجعت سبب تنفيذها للإضراب إلى تردي قطاع النقل العمومي، وتقادم الأسطول، ونقص الصيانة، وتفشي ظاهرة العنف ضد الأعوان، وعدم استجابة الحكومة لمطالبها المتكررة.
وقالت الجامعة في بلاغ لها "استنفدنا كل وسائل الحوار، الحكومة تنكرت لتعهدات سابقة تتعلق أساسا بصرف مستحقات الأعوان، وتحسين ظروف العمل، والبنية التحتية التي تدهورت بشكل غير مسبوق".
في المقابل، دعت وزارة النقل في بلاغ لها إلى تغليب المصلحة العامة، معلنة عن اتخاذ جملة من الإجراءات الاستثنائية للحد من تداعيات الإضراب، أبرزها الترخيص المؤقت لسيارات الأجرة "لواج" بالتنقل خارج المسارات المرسومة، والسماح للتاكسي الجماعي والنقل الريفي بالتحرك داخل الولايات دون التقيد بالترخيص السابق.
واعتبرت الوزارة أن المطالب النقابية "مادية بالأساس، ومجحفة في هذا الظرف المالي الدقيق"، مشيرة إلى أن الاستجابة لها تبقى رهينة بإصلاح الوضع المالي للشركات العمومية وتحسين مردوديتها.