الحكيم يدعو الى تشييد بصرح لشهداء الكرادة وتعويض الضحايا
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
10 سبتمبر، 2024
بغداد/المسلة:
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
.المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
آشور بانيبال العظيم
26 يونيو، 2025
بغداد/المسلة:
ناجي الغزي
آشور بانيبال… ملك الحرب والسلام، وقائد النهضة الفكرية في الشرق القديم. لم يكن مجرد حاكم لإحدى أعظم الإمبراطوريات التي عرفها التاريخ، بل كان أيضًا مثقفًا استثنائيًا، ينظر إلى المعرفة كقوة لا تقل شأنًا عن السيف، ويؤمن بأن المجد الحقيقي للأمة لا يتحقق فقط عبر الانتصارات العسكرية، بل من خلال الإرث الثقافي والفكري الذي تتركه للأجيال.
في زمنه، بلغت الإمبراطورية الآشورية أقصى اتساعها وقوتها، ممتدة من جبال أرمينيا شمالًا إلى الخليج العربي جنوبًا، ومن سهول فارس شرقًا إلى شواطئ المتوسط غربًا. ومع كل هذا النفوذ، لم يغفل آشور بانيبال عن مهمة أعظم: توثيق حضارات ما قبل آشور، وحفظ تراث الأمم السابقة. لقد أدرك هذا الملك، الذي جمع بين الحزم والذكاء، أن أعظم الانتصارات هي تلك التي تُسجل في الكتب، لا في ميادين القتال فقط.
كانت رؤيته الثقافية تتجلى بأبهى صورها في مشروعه الخالد: مكتبة آشور بانيبال، التي أسسها في نينوى، والتي تعد بحق أول مكتبة علمية منظمة في التاريخ. جمعت هذه المكتبة عشرات الآلاف من الألواح الطينية، المكتوبة بالخط المسماري، والتي تنوعت مواضيعها بين الأساطير، والطب، والفلك، والدين، والقانون، والأدب. بل إن الفضل في بقاء نصوص خالدة مثل ملحمة جلجامش حتى يومنا هذا يعود مباشرة إلى هذا المشروع الثقافي الفريد.
لم تكن مكتبة آشور بانيبال مجرد أرشيف لحضارة واحدة، بل كانت جسرًا حضاريًا جامعًا، حفظ تراث السومريين، والأكديين، والبابليين، والعيلاميين، وكل من سبقوا الآشوريين في الوجود والتأثير. لقد أرسل الملك بعثات إلى أنحاء مملكته بحثًا عن الكتب والوثائق، وفرض على كتبة البلاط نسخ أمهات النصوص وجمعها، وحرص على تنظيمها وفق منهجية دقيقة، تفوق ما عرفته المكتبات في العصور اللاحقة بقرون.
إن عظمة آشور بانيبال لا تكمن فقط في بطولاته العسكرية وقوته السياسية، بل في رسالته الإنسانية التي سبقت عصره. ففي الوقت الذي كانت فيه القوة هدفًا للحكام، جعل هذا الملك من الثقافة سلاحًا لا يقل أهمية. لقد رفع آشور إلى ذروة المجد، ليس فقط كإمبراطورية، بل كحضارة ساهمت في تشكيل هوية الشرق القديم، ووهبت العالم تراثًا خالدًا.
وهكذا، يبقى آشور بانيبال رمزًا خالدًا للتوازن بين السلطة والعقل، بين السيف والقلم، وبين المجد الإمبراطوري والنهضة الفكرية، مما يجعله بحق، أول “ملك مثقف” في التاريخ.
اللوحة بريشة الفنان: ناجي الغزي
العمل: بالألوان الزيتية قياس العمل: 190×100 سم
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts