بعد استشهاد صفي الدين.. من يكون الأمين العام الجديد لـحزب الله؟!
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
ثلاثة أسابيع من الأخذ والردّ والجدل، وبعد ساعات على إعلان الجيش الإسرائيلي اغتياله رسميًا، نعى "حزب الله" في بيان رئيس مجلسه التنفيذي السيد هاشم صفي الدين الذي "ارتحل إلى ربه مع خيرة من إخوانه المجاهدين"، واصفًا إياه بـ"القائد الكبير والشهيد العظيم على طريق القدس"، وهي الطريق نفسها التي سبقه إليها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله الذي نعاه الحزب، قبل نحو شهر.
وإذا كان بيان نعي السيد صفي الدين جاء أقلّ وقعًا من بيان نعي السيد نصر الله، ولا سيما أنّ التقديرات كانت تشير إلى استشهاده، بعد المعلومات التي تحدّثت عن فقدان الاتصال به منذ الغارة الإسرائيلية العنيفة على الضاحية الجنوبية، ولو أنّ الحزب انتظر العثور على الجثمان قبل النعي، الأمر الذي كان الإسرائيلي يمنعه بعرقلته أعمال البحث والتنقيب، فإنّ البيان حمل إشارة لافتة لجهة "التحاقه بأخيه شهيدنا الأسمى والأغلى" السيد حسن نصر الله.
ولعلّ خلف هذه الإشارة، إشارة أخرى مهمّة، لطالما ربطت "السيدين" نصر الله وصفي الدين، الذي لطالما اعتُبِر داخل الحزب وخارجه، المرشح "الأول" لخلافة الأمين العام، في حال حصول أيّ طارئ، رغم أنّه لم يكن تنظيميًا نائبًا له، وهو ما يفتح باب التساؤلات على مصراعيه حول "مصير" الاستحقاق باستشهاد صفي الدين، فمن هم المرشحون لاستلام المهمّة التي تبدو "ثقيلة" على من سيحملها، ومتى يكشف "حزب الله" عن هوية أمينه العام الجديد؟
ضربات "ثقيلة"
صحيح أنّ الدائرين في فلك "حزب الله" يقولون إنّ ما بعد "صدمة" اغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، ليس كما قبلها، بمعنى أنّ كلّ شيء بات قابلاً للاستيعاب والتصديق، بعد ذلك الخبر المشؤوم الذي لم يكن أحد في الحزب يتوقع أن يسمعه، وهو الخبر الذي لا يزال للمفارقة مثيرًا للكثير من الجدل في العديد من الأوساط، بما في ذلك تلك المحسوبة على جمهور "حزب الله" وبيئته الحاضنة، ممّن يذهب بعضهم لحدّ الجزم بأنّ السيد "لم يمُت".
لكنّ الصحيح أيضًا أنّ "ضربة" استشهاد السيد هاشم صفي الدين جاءت "ثقيلة" أيضًا على الحزب وجمهوره، وقد أتت بعد أيام فقط على استشهاد السيد نصر الله، ولو أنّ الإعلان عنها تأخّر، ليبقى مصيره غامضًا طيلة هذه الفترة، ولا سيما أنّ الكلّ في الحزب كان مطمئنًا طيلة حياة الأمين العام، بأنّ رئيس المجلس التنفيذي مُعَدّ وجاهز لينوب عنه في حال أيّ طارئ، بل إنّ هناك من كان يتحدّث عن "أوجه شبه" بين الرجلين، في الشكل، والخطاب.
وإذا كان استهداف الرجلين الرقم 1 و2 في "حزب الله" في فترة وجيزة ضربة ثقيلة بحدّ ذاته، مع ما يشكّله من ضربة معنوية للحزب وبنيته التنظيمية، حتى لو أصرّ أنّها لا تؤثر على قدراته العسكرية وعلى تماسكه الداخلي، فإنّ ما عزّز من خطورة الأمر انطباع سائد لدى كثيرين بأنّ "البديل" الذي يستطيع ملء مكان السيد نصر الله ليس متوافرًا، علمًا أنّ الإسرائيليين يجاهرون بأنّهم "قضوا" لا على نصر الله فحسب، ولكن أيضًا على "خليفته وخليفة خليفته".
استحقاق "مؤجَّل"؟!
رغم كلّ ما سبق، يصرّ العارفون بأدبيّات "حزب الله" على أنّه تجاوز الضربات القاسية التي تعرّض لها بصورة أو بأخرى، ونهض من جديد، من أجل استكمال مسيرة النضال التي استشهد السيد نصر الله في سبيلها، ويقول هؤلاء إنّ إعلان استشهاد السيد صفي الدين لن يكون له صدى كبير، لأنّ الحزب تأقلم مع هذا الوضع منذ تاريخ الغارة التي فقد بعدها الاتصال بالرجل قبل ثلاثة أسابيع، وبالتالي فهو بات مستعدًا لهذا السيناريو.
لا يحجب ذلك الكثير من علامات الاستفهام حول "مصير" استحقاق الأمانة العامة، بعد استشهاد نصر الله، وغياب صفي الدين، وسط تساؤلات عمّا إذا كان الحزب سيعمد أصلاً إلى تسمية أمين عام جديد، وعمّا إذا كان هناك مرشحون لمثل هذا المنصب، علمًا أنّ بعض الأسماء كانت قد طُرِحت سابقًا في البازار، على غرار اسم نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، الذي يتصدّى للقيادة بشكل أو بآخر، وكذلك اسم السيد إبراهيم أمين السيد، وغيرهما.
لكنّ العارفين يستبعدون أن يصار إلى تسمية أمين عام جديد للحزب في الوقت الحالي، وربما قبل نهاية الحرب، للكثير من الأسباب والاعتبارات، بينها ما تنظيمي ولوجستي مرتبط بالظروف التي فرضتها الحرب والتي قد تمنع أيّ اجتماع قيادي، ولكن بينها أيضًا ما هو مرتبط بالحرب النفسية مع العدو، ولتجنّب اغتيال أيّ شخصية يتمّ اختيارها، كما توعّد الإسرائيليون مرارًا وتكرارًا في الآونة الأخيرة.
فيما يقول الإسرائيليون إنّ هدفهم القضاء على "حزب الله"، وإنّ الاغتيالات "النوعية" التي نفذوها أنهت بنيته القيادية بالمُطلَق، يصرّ المحسوبون على الحزب على أنّه تجاوز الظرف الصعب، وإن كان الأقسى ربما في مسيرة الحزب، وأنّ اختيار البدلاء لن يكون صعبًا. إلا أنّ المرجّح ألا يتمّ ذلك في الأمد المنظور، باعتبار أنّ "القيادة الجماعية" التي تُدار بها الأمور حاليًا، تبقى "التكتيك" الأفضل، بانتظار وقف إطلاق النار.. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: السید نصر الله الأمین العام صفی الدین حزب الله
إقرأ أيضاً:
جيرمي كوربن يعود من بوابة الشباب.. هل يهدد الحزب الذي أخرجه؟
كشف استطلاع جديد للرأي أجرته مؤسسة "يوغوف" البريطانية أن الزعيم اليساري المخضرم جيريمي كوربن يتمتع بشعبية تفوق بكثير شعبية رئيس الوزراء الحالي وزعيم حزب العمال كير ستارمر بين فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا، في تحول مفاجئ قد يضعف أحد أهم رهانات حكومة ستارمر الانتخابية.
ووفق الاستطلاع الذي نُشر بالتزامن مع إعلان كوربن تأسيس حزب سياسي جديد بالشراكة مع النائبة اليسارية زارا سلطانة، فقد حصل كوربن على معدل تأييد إيجابي بلغ +18 في الفئة العمرية 18-24 عامًا، مقارنة بـ -30 فقط لستارمر في نفس الفئة.
ورغم أن نتائج الاستطلاع أظهرت تقاربًا في نسب الرفض العامة للزعيمين على مستوى عموم البريطانيين، حيث سجل كوربن -39 وستارمر -40 – إلا أن الفجوة الكبيرة بينهما بين الشباب تثير تساؤلات جدية داخل حزب العمال، خاصة مع قرار الحكومة الأخير توسيع قاعدة الناخبين لتشمل من هم في سن 16 و17 عامًا، ما يضيف نحو 1.6 مليون ناخب محتمل في الانتخابات المقبلة.
هل ينقلب رهان "الشباب" على الحكومة؟
كان قرار السماح لمن هم دون 18 عامًا بالتصويت يُنظر إليه باعتباره خطوة تهدف لتعزيز رصيد حزب العمال انتخابيًا، في ظل توقعات بأن الشباب يميلون تقليديًا نحو اليسار. لكن استطلاع “يوغوف” – الذي شمل أكثر من 2000 شخص خلال يومي 24 و25 يوليو – يشير إلى أن هذه الفئة تميل بشكل أوضح نحو كوربن وحزبه الجديد، وليس نحو الحكومة العمالية الحالية.
وفيما يسعى كوربن لاستثمار حالة التذمر من أداء الحكومة وتراجع شعبيتها، أشار في تصريحات له إلى أن مشروعه السياسي الجديد "يستقبل أكثر من 500 منتسب جديد في الدقيقة"، مضيفًا أن أكثر من 200 ألف شخص انضموا للحركة منذ إطلاقها قبل أيام.
شعبية ستارمر في أدنى مستوياتها
تشير الأرقام أيضًا إلى أن شعبية ستارمر وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ توليه السلطة، إذ بلغ معدل رفضه العام -43، خاصة بعد قرار حكومته بالتراجع عن خطة إصلاح الرعاية الاجتماعية البالغة قيمتها 5 مليارات جنيه إسترليني، مما أثار غضبًا واسعًا بين مختلف التيارات، بما فيها قاعدة حزب العمال نفسها.
ويعتقد سبعة من بين كل عشرة بريطانيين أن حكومة ستارمر الحالية "فوضوية على الأقل" مثل حكومة المحافظين السابقة، بل إن ثلثهم يعتبرها أكثر فوضوية، بحسب تقرير نشرته "صنداي تايمز".
انتقادات ومخاوف داخل حزب العمال
في مواجهة هذه التحولات، حاولت شخصيات من حزب العمال التقليل من شأن مشروع كوربن، حيث وصف وزير التكنولوجيا بيتر كايل الزعيم السابق بأنه “سياسي غير جاد”، مضيفًا: “كوربن لا يفكر في الحُكم، بل في المزايدة… وهذا ما يضعه في مواجهة حتى مع أنصاره، كما رأينا من رفض جورج غالاوي الانضمام إليه”.
وفي تعليق ساخر من داخل حزب العمال على المشروع الجديد، قال مصدر في الحزب، وفق تقرير لصحيفة "الأندبندنت" البريطانية: "الناخبون قالوا كلمتهم مرتين عندما كان كوربن يقود الحزب… والنتيجة معروفة".
يبدو أن جيريمي كوربن، الذي أُقصي من قيادة حزب العمال بعد خسارتين انتخابيتين، يعيد تشكيل المشهد من جديد من بوابة الشباب الساخط على الأداء السياسي التقليدي. فهل سيستفيد من حالة الإحباط الشعبي تجاه حكومة ستارمر، ويحوّل حركته إلى تيار انتخابي فعّال؟ أم أن “الحنين اليساري” سيبقى حراكًا رمزيًا دون تأثير حقيقي في صناديق الاقتراع؟