لجريدة عمان:
2025-08-01@08:00:16 GMT

أمريكا لا يمكنها الاستغناء عن التكسير المائي

تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT

ترجمة ـ قاسم مكي -

اتَّسَم السباق الرِّئاسي لهذا العام بملمح غير طبيعي، إنه مناقشة حظر التكسير المائي، واللاّفِت أن يوجد مثل هذا النقاش أساسا، إنه يعود بنا القهْقرَى إلى أول عقدين في هذا القرن عندما بدأ الناس ينتبهون إلى استخدام التكسير المائي والحفر الأفقي لاستخراج النفط والغاز الصخريين. وقتها كانت الولايات المتحدة أكبر بلد مستورد للنفط في العالم.

أما اليوم فهي مكتفية ذاتيا في مجال الطاقة بإنتاج أكثر من 70% من نفطها وأكثر من 80% من غازها الطبيعي باستخدام تقنية التكسير المائي، حسب تقديرات «ستاندارد آند بورز.» لقد أصبحت هذه العملية الإنتاجية ضرورية لتأمين إمدادات الولايات المتحدة من الطاقة ولا يمكن التخلي عنها.

قبل فترة ليست بعيدة كان احتمال تحقيق الولايات المتحدة استقلال الطاقة يبدو أضغاثَ أحلام، فلأكثر من أربعة عقود كان كل رئيس أمريكي يطمح إلى ذلك. لكن بلوغ هذا الهدف بدا بعيد المنال، واعتبر معلقون عديدون أن قَدَر الولايات المتحدة هو أن تصبح أكثر اعتمادا على الاستيراد لمقابلة احتياجاتها من موارد الطاقة. لكن في السنوات الأخيرة حققت الولايات المتحدة استقلال الطاقة بتحوّلها إلى مُصدّر صافٍ للطاقة. (هذا يعني رغم أنها تستورد بعض أنواع الطاقة كالنفط الخام وتصدّر أنواعا أخرى كالغاز إلا أن إجمالي صادراتها يفوق إجمالي وارداتها- المترجم). فإنتاج الولايات المتحدة يقترب من 13.5 مليون برميل من النفط في اليوم وهو ما يفوق إنتاج أكبر مُنتِجَين دائمَين للنفط في العالم وهما السعودية وروسيا بملايين عديدة من البراميل يوميا. وإذا أضفنا إلى ذلك ما يسمى «سوائل الغاز الطبيعي» سنجد أن الولايات المتحدة تنتج حوالي 20 مليون برميل في اليوم.

كانت الكتب الأكاديمية والفنية (في مجالات الجيولوجيا وهندسة البترول) تقول باستحالة إنتاج النفط والغاز الصخريين. لكن الابتكار والاستثمار على مر العقود أثبتا خلاف ذلك، ورغم هذا التقدم لا يزال أناس عديدون يقللون من تقدير مدى التحول الذي أحدثه النفط الصخري في اقتصاد الولايات المتحدة ونمط الحياة الأمريكية.

لنأخذ مثالا ملموسا. تقدر الشركة التي أعمل بها أن السيارات التي تدار بمحرك كهربائي أو هجين (كهرباء وبنزين معا) ستشكل 2% من أسطول السيارات الخفيفة على الطرق الأمريكية في عام 2024، فإذا تم منع التكسير المائي ستحتاج الولايات المتحدة إلى كميات غير عادية من النفط لتزويد سيارات محركات البنزين والديزل بالوقود.

في عام 2008 وقبل البداية الجادة لإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بلغت الفاتورة الصافية لاستيراد النفط 388 بليون دولار أو أكثر من 40% من إجمالي العجز في تجارة السلع، أما اليوم فنفس الفاتورة بالمقارنة لا تساوي شيئا تقريبا.

ستكون هنالك تكاليف أخرى للتخلص التدريجي من التكسير المائي. فإذا بدأت الولايات المتحدة استيراد النفط مرة أخرى سيرتفع سعره دون شك حيث ستضطر إلى المنافسة على الإمدادات مع بلدان كالصين والتي حسب التقديرات تستورد أكثر من 70% من احتياجاتها النفطية.

كما تصدر الولايات المتحدة أيضا كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال والذي في معظمه صخري. وبدون هذا الغاز سيختفي أيضا الأثر الإيجابي للغاز الطبيعي المسال على الميزان التجاري للولايات المتحدة.

الأثر الاقتصادي للتكسير المائي واضح وسط الاضطرابات الجيوسياسية. ففي العقود الماضية كان من شأن مثل هذه الصراعات كالحرب بين أوكرانيا وروسيا وحروب إسرائيل في الشرق الأوسط رفع الأسعار العالمية للنفط. لكن في السنوات الأخيرة ساعد حجم الإنتاج الأمريكي على الحيلولة دون حدوث مثل هذه الارتفاعات.

هذا التأثير على استقرار سعر النفط ستزداد أهميته إذا استهدف تمدُّدُ حربٍ شرق أوسطية المنشآتِ النفطية الإقليمية الكبرى وهدَّد بالمزيد من الارتفاع في الأسعار.

تأثير النفط والغاز الصخريين لا يقتصر على أسعار الوقود في الولايات المتحدة أو ميزان مدفوعاتها. فهو أيضا يعزز نفوذها الجيوسياسي. أحد التقديرات الخاطئة لروسيا في حرب أوكرانيا كان إمكانية استخدامها موارد الطاقة لتفكيك الائتلاف الأوروبي الذي يدعم كييف. فشلت استراتيجيتها لأن إمدادات أمريكية كبيرة من الغاز الطبيعي المُسال (معززة بزيادة الصادرات من النرويج) عوَّضت عن فقدان غاز روسيا.

كان ما يقرب من نصف إمدادات بلدان الاتحاد الأوروبي يتكون من الغاز الطبيعي المسال المستورد من الولايات المتحدة ومعظمه معالج من الغاز الصخري مما يجعل أمريكا أكبر بلد مورّد للاتحاد. وإذا تم الحدّ من هذه الإمدادات سيتأثر بشدة أمن حلفائها وسيختفي ملمح مهم من ترسانة منظمة معاهدة شمال الأطلسي (حلف الناتو).

نفس هذه الدينامية تنطبق على حلفاء الولايات المتحدة في المحيط الهادي، فاليابان وكوريا الجنوبية اتجهتا إلى الاعتماد على صادرات الطاقة الأمريكية والتي ثبتت أهميتها في تنويع إمداداتهما وتعزيز أمنهما.

فقدان هذه المساهمة سيجعل وضعهما أكثر هشاشة ويقلل ثقتهما في موثوقية الاعتماد على الولايات المتحدة وغالبا ما سيدفعهما نحو روسيا.

فرض حظر على التكسير المائي سيكون خاطئا ومدمّرا للولايات المتحدة وحلفائها. يجب إعادة النظر في النقاشات المتكررة حول هذا الموضوع والتي لا علاقة لها بالواقع الفعلي وذلك على ضوء حقيقة مركزية هي أن هذه التقنية أصبحت بالغة الأهمية لاقتصاد الولايات المتحدة وأمن الطاقة العالمي وستظل باقية.

دانييل يرجين نائب رئيس مجلس إدارة ستاندارد آند بورز جلوبال ومؤلف عدة كتب عن النفط والطاقة من بينها «الخارطة الجديدة - الطاقة والمناخ وصدام الأمم.»

الترجمة عن صحيفة وول ستريت جورنال

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الغاز الطبیعی من الغاز أکثر من

إقرأ أيضاً:

الكويت تجدد التزامها بـ«أوبك+» وتراهن على استقرار أسعار النفط العالمية

أكد وزير النفط الكويتي طارق الرومي التزام بلاده الكامل بقرارات مجموعة “أوبك+” الرامية إلى تحقيق الاستقرار في الأسواق العالمية للنفط، مشيراً إلى أن القرارات تُتخذ بناءً على تحليل دقيق لمعطيات السوق وتطورات الطلب العالمي.

وجاءت تصريحات الوزير في بيان رسمي صادر عن وزارة النفط الكويتية، عقب مشاركته في الاجتماع الوزاري رقم 61 للجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج، ضمن آلية الخفض الطوعي للإنتاج التي تنفذها “أوبك+”، والذي عُقد أمس بمشاركة ممثلين عن الدول الأعضاء والمنتجين المتحالفين.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية “كونا” عن الرومي تأكيده أن الكويت تدعم جميع الجهود الرامية إلى تحقيق توازن العرض والطلب في السوق العالمية، مشدداً على أهمية الحفاظ على أمن الطاقة كأولوية استراتيجية لمصدري ومستهلكي النفط على حد سواء.

وأضاف الوزير أن التحالف النفطي بقيادة السعودية وروسيا يتعامل بمرونة مع تقلبات السوق، وأن **”أوبك+” تواصل اتخاذ قرارات مدروسة مبنية على تقييم شامل لمستويات الإنتاج والمخزون العالمي، وكذلك الأوضاع الجيوسياسية والتجارية المؤثرة في السوق.

وجاء الاجتماع الوزاري للجنة المراقبة في وقت تشهد فيه الأسواق حالة من الترقب بشأن التمديد المحتمل لاتفاقيات الخفض الطوعي للإنتاج حتى نهاية العام الجاري، وسط تذبذب في أسعار الخام بسبب المخاوف المتعلقة بالطلب الصيني وبيئة أسعار الفائدة العالمية.

وكانت اللجنة قد شددت خلال الاجتماع على ضرورة الالتزام الكامل بالحصص المقررة ضمن الاتفاق، ودعت الدول الأعضاء إلى تعزيز مستويات الشفافية والإفصاح عن البيانات الإنتاجية لضمان تنفيذ القرارات بدقة.

وتُعد الكويت من أبرز الأعضاء الفاعلين في منظمة “أوبك” ومن الدول الملتزمة تقليديًا بتطبيق سياسات خفض الإنتاج، دعماً لاستقرار الأسعار وحماية مصالح المنتجين على المدى الطويل.

ويأتي موقف الكويت الداعم في سياق تحولات متسارعة في سوق الطاقة العالمية، بما في ذلك التوسع في الطاقة البديلة، والسياسات البيئية الغربية، ما يدفع الدول المنتجة لتبني استراتيجيات توازن حذرة تجمع بين حماية العائدات وضمان أمن الطاقة العالمي.

ويرى محللون في أسواق النفط أن تأكيد الكويت على دعم “أوبك+” يعزز الانطباع بأن التحالف لا يزال متماسكاً ومصراً على ضبط السوق، رغم التحديات الاقتصادية المتعددة، مؤكدين أن استمرار التنسيق بين المنتجين الرئيسيين عامل رئيسي في استقرار أسعار النفط خلال النصف الثاني من 2025.

مقالات مشابهة

  • باراك: تمويل قطر لتزويد سوريا بالغاز الطبيعي الأذربيجاني خطوةٌ فعّالة نحو الإغاثة والاستقرار
  • نوفاك وعبد العزيز بن سلمان.. شراكة استراتيجية لضمان استقرار النفط العالمي
  • الأزمة بين «أمريكا وروسيا» تتصاعد بسبب الرسوم الجمركية والحرب الأكرانية
  • الولايات المتحدة تفرض رسومًا 50% على الواردات من النحاس
  • تركيا تبدأ تزويد سوريا بالغاز الطبيعي في 2 أغسطس
  • وزير الطاقة التركي آلب أرسلان بيرقدار: تزويد سوريا بالغاز الطبيعي القادم من أذربيجان إلى محافظة حلب يبدأ في الثاني من آب المقبل عبر ولاية كيليس التركية
  • تركيا تطالب العراق بآلية تضمن الاستخدام الكامل لخط أنابيب النفط
  • الكويت تجدد التزامها بـ«أوبك+» وتراهن على استقرار أسعار النفط العالمية
  • عقود الغاز الطبيعي الأمريكي ترتفع بسبب الحرارة
  • وزير النفط الكويتي: أوبك+ تستهدف أمن الطاقة وتحقيق التوازن