فورين بوليسي: سوق الطائرات المقاتلة يدخل عصرا متعدد الأقطاب.. وأميركا مهددة بفقدان هيمنتها عليه
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
يتناول مقال بمجلة "فورين بوليسي" الأميركية وضع سوق الطائرات المقاتلة، قائلا إنه دخل عصر تعدد الأقطاب، وإن الولايات المتحدة بحاجة لإستراتيجية جديدة لمواجهة فقدان هيمنتها القديمة على هذه السوق.
ويوضح المقال الذي كتبه المدير الإداري في شركة الاستشارات الديناميكية (إيرودايناميكس آدفايسري) الأميركية ريتشارد أبو العافية أن اتجاها عالميا برز حاليا يفيد بأن التصنيع الوطني للطائرات المقاتلة يعود من جديد، بعد أن حاولت دول أقل قدرات تصنيعية إنتاج مقاتلات دون نجاح يُذكر في الماضي.
وأضاف أنه مع هذا الاتجاه العالمي، بدأت الولايات المتحدة في إعطاء أولوية لتطوير طائرات أكثر قدرة وتخصصا بدلا من الطائرات الموجهة للتصدير، بحيث يمكن أن يكون جيشها مجهزا بشكل أفضل لصعود القوى العظمى مثل الصين. لكن النتيجة غير المقصودة لهذه السياسة ستكون تضاؤل الوجود في سوق مقاتلي التصدير.
الاحتفاظ بزمام القيادة في التقنياتويشير الكاتب إلى أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تتجاهل حقيقة أن سوق المقاتلات يتغير. ومع رغبة بقية العالم في الحصول على جزء من العمل، ستتقلص حصة الصناعة الأميركية في السوق تدريجيا. لكن إذا استخدمت واشنطن دورها القيادي التقليدي وعلاقاتها في سوق تصدير الأسلحة العالمي، فيمكنها، على الأقل، البناء على تلك العلاقات والاحتفاظ بزمام القيادة في التقنيات التي تشغل الطائرات المقاتلة في العالم.
وأشار أبو العافية أيضا إلى أن بيع المحركات الأميركية للعالم، على سبيل المثال، ليس مربحا لأميركا مثل بيع الطائرات المقاتلة بأكملها، لكنه لا يزال مربحا وأفضل من خسارة الأعمال تماما.
وأوضح المقال أنه كانت هناك في وقت سابق العديد من الدول الرئيسية والثانوية تريد بناء طائرتها القتالية الخاصة. ففي عام 1980، كان لدى جنوب أفريقيا وتايوان ويوغوسلافيا والبرازيل ورومانيا وإسرائيل واليابان والهند، من بين دول أخرى، مخططات لإنتاج طائرات مقاتلة وطنية. وتم بناء عدد قليل من هذه الطائرات محلية الصنع في أعداد صغيرة نسبيا، ولكن معظمها اختفى ببساطة خلال التسعينيات.
أسباب انهيار البرامج الوطنية
وكانت هناك أسباب عديدة لانهيار هذه البرامج الوطنية، مثل تقلص ميزانيات الدفاع بعد الحرب الباردة، وتقلص سوق المقاتلات أيضا، وتحرر الاقتصادات، وانخفاض الحواجز التجارية، وتغيّر السياسة الصناعية. وفي غضون ذلك، قامت الولايات المتحدة بعمل كبير في بيع الطائرات الجاهزة، وسيطرت طائرات "إف-16" من لوكهيد مارتن على السوق.
وكمتابعة، أنشأت الولايات المتحدة مقاتلة "إف-35 سترايك" المشتركة، التي دخلت الخدمة في عام 2015. وعززت هذه المقاتلة هيمنة واشنطن على الصادرات في سوق الطائرات المقاتلة العالمية. فمع أكثر من 20 عميل تصدير حتى الآن من النرويج إلى كوريا الجنوبية، حققت إف-35، مثل سابقتها، نجاحا كبيرا. لكن طائرة "إف-35" هي نتاج حقبة ما بعد الحرب الباردة، عندما كانت الدول راضية عن شراء المنتجات الجاهزة. ومع دخول منافسين جدد إلى السوق، لن تكون إف-35 كافية لنقل الصناعة الأميركية إلى المستقبل.
أهم الأمثلة على الاتجاه الجديدولبروز الاتجاه الجديد لتصنيع الدول مقاتلاتها الخاصة العديد من الأمثلة؛ فهناك تعاون اليابان مؤخرا مع المملكة المتحدة للمشاركة في تطوير طائرة جديدة سيتم بناؤها في كلا البلدين. وابتداء من أواخر عام 2030، ستتوقف لندن وطوكيو عن شراء طائرات إف-35، وسيتم البدء في بناء طائرتهما المشتركة.
وكوريا الجنوبية، المنتج الوطني الوحيد للمقاتلات الذي بدأ تطوير طائرات جديدة منذ الحرب الباردة، هي الدولة التي بدأت بالفعل (أو استأنفت) هذا الاتجاه، مع مقاتلة "كي إف-21 بوراما". والآن، انضمت تركيا، مع مقاتلتها "كان تي إف". وعادت تايوان إلى اللعبة أيضا مع طائرة التدريب "تشينغ كو" المولودة من جديد، وإنتاج مهاجمة خفيفة ومقاتلة من الجيل التالي بعد ذلك. كما كشفت دولة الإمارات، وهي سوق استيراد رئيسي للمقاتلات، عن طموحاتها في وقت سابق من هذا العام لتصنيع طائراتها الخاصة.
وحتى المملكة العربية السعودية، التي لم يكن لديها حتى وقت قريب قدرة صناعية دفاعية داخلية تقريبا، تهدف الآن إلى توطين 50% من مشتريات الدفاع الوطني بحلول عام 2030، وقد ترغب حتى في الانضمام إلى مشروع المقاتلات البريطانية اليابانية.
تجديد التركيز على القدرات الدفاعيةويقول الكاتب إن هناك العديد من الأسباب لتجديد التركيز على القدرات الدفاعية. فمع تزايد التوترات في آسيا، والآن بأوروبا الشرقية، ارتفعت ميزانيات الدفاع. وفي الوقت نفسه، تقوم البلدان المنتجة الناشئة بتعليم المزيد من المهندسين والموظفين التقنيين. وعلى النقيض من ذلك، فإن البلدان المنتجة القديمة تواجه ارتفاع تكاليف العمالة وقلة المعروض من العمال التقنيين.
ومع تزايد تشظي صناعة الطائرات المقاتلة، يقول أبو العافية، من المرجح أن تفقد واشنطن هيمنتها التاريخية على السوق، داعيا الشركات والمسؤولين الأميركيين إلى أن يكونوا أكثر مبادرة في التنافس مع المنتجين الأوروبيين لتوفير التقنيات والأنظمة لبرامج المقاتلات في البلدان الأخرى، باستخدام -على سبيل المثال- بيع محرك جنرال إلكتريك للهند، كنموذج للمستقبل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الطائرات المقاتلة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
صعود أسعار النفط وسط ترقب لمصير المفاوضات الأميركية الإيرانية
ارتفعت أسعار النفط بشكل طفيف وسط تراجع آمال التجار في التوصل إلى اتفاق نووي بين واشنطن وطهران، في حين عزّزت بيانات اقتصادية أمريكية قوية توقعات الطلب الهشة.
وصعد سعر خام غرب تكساس الوسيط 0.5%، لتتم تسويته فوق مستوى 61 دولاراً للبرميل، وسط انخفاض ملحوظ في أحجام التداول قبل عطلة "يوم الذكرى" يوم الاثنين.
وارتفع سعر خام برنت تسليم يوليو بنسبة 0.5% لتتم تسويته عند 64.78 دولار.
جولة خامسة دون نتائج حاسمة
وأنهت الولايات المتحدة وإيران الجولة الخامسة من المحادثات النووية في روما، والتي أحرزت "بعض التقدم، ولكن دون نتائج حاسمة"، بحسب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
وقد يؤدي أي تطور سلبي في المفاوضات، والتي أثارت انتقادات العديد من كبار المسؤولين الإيرانيين، إلى فرض عقوبات أكثر صرامة وتراجع الإمدادات من الدولة العضو في "أوبك".
في الوقت ذاته، ساعدت بيانات اقتصادية أميركية قوية على تعويض هبوط بلغ حوالي 2% في وقت سابق من الجلسة، بعد أن قال الرئيس دونالد ترمب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن "الاتحاد الأوروبي كان صعباً للغاية في التفاوض"، ملوحاً بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات التكتل بدءاً من 1 يونيو.
تراجع الدولار
انخفض الدولار الأميركي إلى أدنى مستوياته منذ 2023، ما جعل السلع المقومة بالدولار، مثل النفط، أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.
تطورات جيوسياسية تربك الأسواق
شكّلت التطورات الجيوسياسية محور اهتمام المتداولين هذا الأسبوع، إذ أفادت شبكة "سي إن إن" بأن معلومات استخباراتية أميركية تشير إلى أن إسرائيل تستعد لتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، لترتفع أسعار النفطلفترة وجيزة في وقت سابق من الأسبوع.
في أعقاب ذلك، صرّح كبير المفاوضين الإيرانيين في المحادثات مع الولايات المتحدة، عباس عراقجي، بأن التوصّل إلى اتفاق لا يزال ممكناً، شريطة أن تتجنب طهران امتلاك أسلحة نووية، من دون التخلي عن تخصيب اليورانيوم.
ضغوط العرض
رغم التعافي الأخير، لا تزال التوقعات متشائمة حيال أسعار النفط. فقد انخفضت الأسعار بنحو 14% منذ بداية العام، مسجلة أدنى مستوياتها منذ 2021 الشهر الماضي، مع تخفيف تحالف "أوبك+" قيود الإمدادات بوتيرة أسرع من المتوقع، في وقت تؤثر فيه الحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة على الطلب العالمي.
استعادت الأسعار بعض قوتها مع تراجع التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لكن البيانات هذا الأسبوع أظهرت زيادة أخرى في مخزونات الخام التجارية الأميركية، مما يزيد من المخاوف بشأن وفرة المعروض.
قال ينز نيرفيغ بيدرسن، المحلل الاستراتيجي في "دانسكي بنك": "عادت المعنويات السلبية إلى سوق النفط هذا الأسبوع. في حين يشكل احتمال زيادة الإنتاج من قبل (أوبك+) مصدر قلق رئيسياً، فإن التقدم في المحادثات النووية مع إيران، وما قد يترتب عليه من تخفيف للعقوبات، إلى جانب تعثّر المفاوضات التجارية، كلها عوامل تضغط على السوق".
ومن المقرر أن تعقد ثماني دول من "أوبك+"، من بينها زعيمة التحالف السعودية، اجتماعاً افتراضياً في الأول من يونيو لتحديد مستويات الإمدادات لشهر يوليو. وأظهر استطلاع أجرته "بلومبرغ" أن معظم المحللين والتجار يتوقعون زيادة أخرى في الإنتاج.
وفي سياق موازٍ، قال مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، إنه سيكون من المناسب خفض سقف أسعار النفط الروسي إلى 50 دولاراً للبرميل، بدلاً من المستوى الحالي البالغ 60 دولاراً، مشيراً إلى أن السقف الحالي لا يؤثر فعلياً على موسكو نظراً لانخفاض أسعار السوق.