(الجزيرة)

وفي حين يبدو عدم اليقين مسيطرا على مستقبل سوريا وعلى المواقف الدولية من السلطة الجديدة التي تولت زمام الأمور مؤقتا بعد نجاحها في إسقاط الأسد، تقول الولايات المتحدة إنها تتابع التحولات لحظة بلحظة.

ووفقا لما قاله الناطق الإقليمي باسم الخارجية الأميركية سام وربيرغ، لبرنامج "من واشنطن"، فإن الولايات المتحدة تقف إلى جانب السوريين وهم في لحظة تحول سياسي هشة.

لكن الأميركيين لديهم أولويات تتمثل في تشكيل حكومة شفافة تمسك بزمام الأمور وتوفر الخدمات الأساسية والأمن لكافة المواطنين، وفق وربيرغ.

كما أن واشنطن تولي اهتماما كبيرا لتنسيق الحكومة السورية مع تركيا والأردن ولبنان وإسرائيل وإيران لضمان عدم حدوث فراغ أمني، والعمل على مواجهة تنظيم الدولة.

التعامل مع العقوبات

وفي حين تواصل السلطة الجديدة بعث رسائل إيجابية، فإن الولايات المتحدة تحتاج إلى أفعال، خصوصا وأن القوة الرئيسية في سوريا حاليا لا تزال مدرجة على قائمة الإهاب الأميركية، كما قال وربيرغ.

ومع ذلك، فإن الإدراج على قوائم الإرهاب ليس غاية وإنما هو وسيلة لتحقيق بعض الأهداف التي تتطلع الولايات المتحدة إلى قيام السلطة السورية الجديدة بتنفيذها لتحقيق الأولويات التي تحدث عنها وربيرغ.

إعلان

وإلى جانب إدراج هيئة تحرير الشام على قوائم الإرهاب، فإن الوكالات الأميركية المتنوعة تناقش حاليا كيفية التعامل مع قانون قيصر الذي كان مفروضا على نظام بشار الأسد، وفق وربيرغ، الذي يعتقد أن التحدي الأكبر يكمن في أن سوريا تنتقل من بلد كان خاضعا لرجل واحد إلى بلد يفترض أن يكون مؤسسيا.

واشنطن وموسكو

بَيد أن الحكومة الجديدة التي يطالبها الجميع بفعل الكثير من الأشياء، لا تزال في لحظاتها الأولى وبالتالي فهي بحاجة لمساعدة الجميع حتى تتمكن من بناء المؤسسات والقواعد الديمقراطية التي يدعو لها الجميع، حسب الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي.

وبينما تتحدث دول كبرى مثل روسيا والولايات المتحدة عن ضرورة تحقيق الانتقال السياسي السلمي والاستقرار وضمان حقوق الأقليات، فإن هذه الدول -برأي بربندي- تتجاهل أن عليها هي الأخرى الكثير من الواجبات تجاه سوريا التي يطالبون بها.

ومن الواجبات التي تحدث عنها الضيف على سبيل المثال لا الحصر، عوائد النفط السوري الخاضع للسيطرة الأميركية والتي لا تذهب للدولة، وكذلك عوائد ميناء اللاذقية الخاضع للسيطرة الروسية.

لذلك، فإن الحكومة السورية تواجه تحديات أكبر من قدراتها لأنها تحديات دولية إلى حد كبير وبعضها مرتبط باتفاقيات وعقود، وفق الدبلوماسي السوري السابق.

وحتى حقوق الأقليات التي يركز الجميع عليها -يضيف بربندي- فإنها تغفل بشكل كبير مدى التهميش والقمع الذي تعرضت له الأغلبية السنية في سوريا على مدار 5 عقود من حكم عائلة الأسد.

ومن هذا المنطلق، فإن المهم حاليا هو إعادة لحمة المجتمع ككل بدلا من التركيز على الأقليات، كما يقول بربندي، الذي أكد ضرورة فهم القيادة السورية الجديدة لطبيعة المجتمع الدولي وتجنب الانغلاق على نفسها.

ضرورة تجنب الحرب الأهلية

ومع الاعتراف بضرورة مد يد العون للسلطة الجديدة، فإن إدارة جو بايدن لن تُقدم على التعاون ما لم تر خطوات فعلية نحو ما تعتبرها أولويات، برأي المسؤول السابق في الخارجية الأميركية آلان ماكوفسكي.

إعلان

وإضافة إلى ذلك، فإن واشنطن قد تكون لها مطالب أخرى إستراتيجية لا يمكنها التصريح بها، وهو ما يعني أن الأمر يتطلب بعض الوقت حتى تشرع بالمضي قدما في التعامل مع قادة دمشق الجدد، برأي ماكوفسكي.

ورغم اقتراب دونالد ترامب من تسلم زمام الأمور في البيت الأبيض، وهو رجل قد تكون له مواقف مخالفة لمواقف الإدارة الحالية، فإن ماكوفسكي يعتقد أن إدارة بايدن يمكنها البدء بمساعدة سوريا إن رأت جدية في تنفيذ مطالبها.

ورغم كل هذه التعقيدات، فإن السفير الأميركي السابق لدى دمشق روبرت فورد، يعتقد أن سوريا قد تغيرت تماما عما كانت عليه قبل أسبوعين اثنين فقط، وأصبحت لدى السوريين فرصة حقيقية لبناء بلد جديد.

ولا ينكر فورد وجود تحديات كبيرة أمام محاولات الاستفادة من التغير الهائل الذي شهدته سوريا مؤخرا، لكنه يعتقد أن تجاوز هذه التحديات يكمن في الجلوس لطاولة التفاوض وتجنب الانزلاق لحرب أهلية.

لقد انتهت مرحلة الحرب وبدأت مرحلة السياسة، كما يقول فورد، والمطلوب حاليا هو قادة سوريون يمكنهم النقاش والتفاوض والتفكير وتقديم تنازلات سياسية ستجعلهم قادرين على تحقيق مكاسب أيضا.

والشيء الذي يبعث على الأمل في هذا الاتجاه هو أن هؤلاء الرجال موجودون في سوريا فعليا برأي فورد الذي أعرب عن دهشته من موقف هيئة تحرير الشام من المسيحيين ومن العلويين، وأيضا من دعوتها الأمم المتحدة لتحديد وتأمين أماكن الأسلحة الكيميائية، مما يشي بإمكانية التحول للسياسة فعلا.

13/12/2024

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة یعتقد أن

إقرأ أيضاً:

وليد الشيخ الذي لا يكتب عن الحرب

اللا الكتابة عن الحرب لا تعني ذلك أننا سنكتب عن الحياة العادية، هذا شاعر فلسطيني مخادع فاحذروا طريقته الذكية في صياغة عبارته الشعرية ولا تثقوا في صوره، فهي مقلوبة، دون أدنى قدرة على اكتشاف ذلك، أما محاكمته أو مساءاته في محكمة الجمال الشعري فلن تجدوا لها من يدافع عنها سوى مشروعه الشعري الذي بدؤه ب: ( حيث لا شجر) حين أدخلنا في غابة من المعاني دون أن يضع لخطواتنا هوامش للتوضيح أو دليلا سياحيا. في كتابه الشعري الجديد (لا أكتب عن الحرب) الصادر حديثا عن دار الأهلية بعمان يضعنا الشيخ في مهب صواريخ قاتلة دون أن يكتب عنها ودون أن نسمع صوتها، في الأفق الشعبي للذائقة العربية غالبا تحيل العناوين الى المعنى، فيهرع القراء الضحلون الى الكتاب ليبحثوا عما يطابق العنوان، ويغرقوا في المكرر والمتوقع والدراما السطحيةـ، في هذا الكتاب يضع وليد الشيخ عنوانا لافتا (لا أكتب عن الحرب،) رفضا لغباء التطابق، وتجريبا جماليا لمغامرة قلب للصيغة، واستدراجا لقراء يختارهم هو مناسبين لعمقه و ممتلئين بالافق الذوقي الحيوي، والباحثين عن معان جديدة لا تكتب بسهولة. لا يهرب وليد من الكتابة عن الحرب، سأما أو خوفا او منعا لتكرار واجترار معان سبق وأن حرثت طيلة تاريخ الدم الفلسطيني، هو لا يكتب عنها ليكتب عنها، ليراها من بعيد، ليستكشف أبعادها الخفية.

يقول: في قصيدة حقيبة فشل على الكتب:

خرجت من البيت بحقيبة فشل فادح على الكتف.

درت بها في الغرفة

جلست قربي على مقعد الجامعة

حملتها في المواصلات العامة

وفي المظاهرة التي ذهبت اليها وأنا أظن ان المبادئ القديمة التي ولدت في نهاية القرن التاسع عشر،

بمقدروها أن تحرر مدنا بائسة وفلاحين.

أعرف أن هذا كله محض هراء أبيض.

كي أبرر لنفسي

رفوف النسيان التي رفضتها.

الكتابة (في حمى حرب طاحنة، تهدد فينا الهوية الوطنية والكرامة، الشخصية والعامة وحقوق الحياة الطبيعية،) عن حياتنا لعادية و عن طفولتنا ورغباتنا،عن الجنون الشخصي وتفاهتنا،عن التفاصيل التي لا تهم أحدا، هذه الكتابة تحتاج قراءة خاصة ، وقارىء مختلف، لا يبحث عن السهل والجاهز، خارج من مدرسة التطابق، قارىء يحب أن يتوه ويقفز ويهبط، لحثا وراء شظايا المعاني، هذه الكتابة هي التي تخلد وتبقى، وهي غير منسحبة من معركة البقاء، كما تبدو من قشرتها وهي أيضا ممتلئة بدلالات واحالات وعمق غير عادي، وليد الشيخ هو رائد مدرسة اللاتطابق، وهو بارع في التنويع فيها، والذهاب المستمر الى طفولته وذكرياته دون أن يسقط البلاغة والدراما ذات الرنين والرقص على الاوجاع واسنجداء دموع الكون. كتابة وليد ليست دموعية، لا تشبه كتابة أحد، فيها ما وراء البلادن وما تحت الجرح، تسبق هذه الكتابة وقوع الجرح، تسبقه وتقف على التلة تنتظره لكنها لا تشاركه الجنازات واللطم، ولا تنحني أيضا لعرس صاخب في الطريق.

يقول في قصيدة : كان لابد أن يكون الحوار ناقصا.

أن الحرب التي جاءت من النافذة تدركين الآنليلة أمس،والخيول التي صهلت على سبيل الوعيدوالمرأة التي هبت مثل زوبعةٍ، لتلم أشياءها وملابسها وترمي على رأسها شالاً كالحاًبلون السماء قبل الحربوالكلمات كلها، البذيئة والمهذبة، التي تساقطت كضحايا زلزالولم تعد تصلح حتى كجملة معترضةأولاد المرأة التي وضعت على رأسها الشال الكالحأيضاً، خرجوا مثل ظباء جريحة.

تمثل مدرسة وليد الشيخ في الكتابة رغبة الشاعر الفلسطيني المعاصر في مقاومة العبء الجمالي الذي تفرضه عليه حروب بلاده، كثيرون بدؤوا يكتبون مثل وليد، في الشعر غالبا.( لا أكتب عن الحرب.) تجربة شعرية متميزة تحتاج تدريسا في جامعة وورشات كثيرة لمناقشة حق الشاعر الفلسطيني في الرقص الفردي بعيدا عن رقصة الدم المستمرة في بلاده. وحق الشاعر في الإجابة بطريقته على كل الساخطين، من مدرسة التطابق بين المعنى والعنوان.

عن الشاعر

وليد الشيخ : شاعر فلسطيني مواليد "مخيم الدهيشة" في بيت لحم عام 1968.

صدر له في الشعر: "حيث لا شجر" (1999)، و"الضحك متروك على المصاطب" (2003)، و"أن تكون صغيراً ولا تصدق ذلك" (2007)، و"أندم كل مرة" (2015)، و"شجار في السابعة صباحاً" (2017)، و" أمر بسيط للغاية "2021.

كما صدر له في الرواية: "العجوز يفكر بأشياء صغيرة" 2021، يعيش في رام الله, يعمل في المجال الحقوقي بإحدى المؤسسات القانونية في رام الله.

مقالات مشابهة

  • إلغاء تأشيرات الطلاب واتساع رقعة الحرب التجارية الأميركية الصينية
  • من العزلة إلى الانفتاح المشروط: تفكيك العقوبات الأميركية على سوريا
  • واشنطن تفرض عقوبات على أربعة قضاة بالمحكمة الجنائية الدولية
  • المعادن النادرة بين السياسة والصناعة.. كيف هزت الصين الأسواق العالمية؟
  • وجود القوات الأميركية في شرق سوريا.. عملية انسحاب أم تبديل؟
  • معاون الأمين العام لشؤون مجلس الوزراء يناقش مع مرشحي رئاسة ‏الجامعات تطوير التعليم الجامعي في سوريا ‏
  • واشنطن تبلغ دولة الاحتلال بأنها ستعارض مشروعا لوقف الحرب في غزة بمجلس الأمن
  • وليد الشيخ الذي لا يكتب عن الحرب
  • ليد الشيخ الذي لا يكتب عن الحرب
  • تحليل لـCNN: ما الذي يميز صورة ترامب الجديدة عن صور رؤساء أمريكا السابقين؟