كتب / علوي شملان

 

في ذكـرى رحـيل الإمام الأكبر لمـذهب الصـدق والإخــلاص لـقيم النضال والـعمل الوطني في اليمن ، الحبـيب عـمر بن عبدالله السقاف (عمر الجاوي ) اقـتبس واضـع هنا كـلمات قليلة مما قاله ــ نثراً ــ رائي اليمن ومُـبـصرها وشاعـرها وفيلسوفها (البردوني) عـن صـديقه ورفـيق دربه الجاوي ، كـمُـفـتـتح ومكـون أساسي من سـطور هــذه المقالة :

 

(كان عمر في رئاسة اتحاد الأدباء أعلى من وزير، وأشمخ جاهًا من رئيس ، ولهذا ظل دمه منذورًا، وكان ناذرًا عن طيبة نفس، وكان بينه وبين الموت حلفًا بأن لا يقطع حبله منه إلا وقد امتصت الأعمال الوطنية كل عظامه؛ فلاقى ربه في شهر ديسمبر 97.

.

 

ولأن الجاوي ليس مجرد قلم، وإنما كان سيفًا، وقلمًا، وإزميلاً، فهو في كل ظواهر الوطنية الثقافية أو الثقافية الوطنية الرائد السابق الذي يحث القوافل فيسبقها؛ ولهذا ترك أعطر الذكريات، وأشمخ الأعمال الصامتة والصائتة)….

 

وكـمواطـن يمني اولاً ، وادعـي الاهتمام بالشأن الوطني العام عـلى مـذهب الجاوي ، فـإني احــمـدُ للظـروف جميل صُنعها معي حين يـسرت لي في مرحلة شبابي نجاح السعي للـتعـرُف ومعرفـة شمس اليمن وضميرها (الجاوي )… واشـكُـر لها إن اكرمتـني في مـرحلة مُبكـرة من العمربالإطـلاع عـلى بياناته وبيناته مـن خـلال مـنبرة الكبير الشهير لاكثر من عـشرين عـاماً (مجلة الحكمة )..واعـتزايما اعـتـزاز بإيماني الثابت، مـثلي مـثـل افـواج مـن اليمانـيـين اللذين امنت قـلوبهم وعـقولهم بما كان عليه الجاوي مـن الهـدي الوطني والإنساني ..

 

صحـيح ان الايمان في القلب وللقلب حُججه على قول (بلزاك) لكـن الجاوي وما جـاء به وصـل واستـقـر في الـقلب عن طريق الـعـقـل .. والعـقـل ميزان صحيح، وأحكامه يقـينية لا كذب فيها بحسب الـنظـرية الـخـلدونية ورأي اخـوان الصفاء في احكام الـعـقل ..

 

اعـترف انني كنت وما زلت ـــ خـوفاً ،لاعـقوق ــ اتهـيب الكتابة عـن الجاوي إلا في ماندر مـن إشارات او اسـتـشهادات في مــواضيع متباعـدة ، خـوفاً مـن عـدم أيـفاء هــذا الرمز الوطني اليمني الكبير حقه مـن خـلال مقال او حتى مجموعة من المقالات .. لـكـن كوامـن اسى وحسرة في النفـس حـركها واثارهـا مانـشره الصديق العزيز الأستاذ (أزال الجاوي ) قبل أيام في هــذه الصحيفة من براءة للذمة حسب ماعنون به إعـترافه الصريح الجـريء المؤلم بخصوص تـعـثُر جـهـوده وعـدم قـدرته حتى اللحظة عـلى عـمل أي شيء لجمع ونـشر تراث والده الراحل عمر الجاوي ، ولأسباب مُـقـدرة ومـؤلمة لم يتحرج أزال من ذكرها ، ومنها الـظروف المادية والهجرة الى الخارج ، وظـروف أخـرى منها إبلاغه بعد وفاة والده ان تراث والده ملك للدولة لا لاسـرته ، وان الدولة هي الوحيدة المخولة بنشر تراثه ــ وهــذا مالم تفعله الدولة ــ وتمنُع وزارتي الاعـلام والثقافة في صنعاء من تزويده بما لديهم من وثائق تخص والده ، بما في ذلك محتوى موقع الجاوي الإلكتروني، الذي تم إغلاقه بعد 21 سبتمبر 2024.م

 

حـرب الـسلطات عـلى الجـاوي حياً وميتاً وما مَـثَله ويمثله من قـيم النبل والطهارة والشرف ، تسبب في ضياع وتـلـف وإختفاء الكثير جـداً مـن الاعـمال الفكرية للجاوي والكثير مـن الوثائق الهامة جـداً التي تتعلق باحداث ووقائع تاريخية كـان مشاركاً في صناعـتها وصاغها وكتبها الجاوي بقلمه ، ومنها عـلى سبيل المثال ،كما ذكر أزال في بيانه : مشاريع كُتب وما يتعلق يها من وثائق الية وتسجيلات سمعية كان الجاوي قـبل رحيله يعمل عليها حول تاريخ الحركة الوطنية اليمنية .. وكتاب مذكرات الجلسات الخاصة مع رؤساء اليمن (شهادات حية) تناول فيه جلساته الخاصة مع رؤساء اليمن المتعاقبين، شمالاً وجنوباً، منذ نهاية الستينيات حتى وفاته.. ووثائق كـان وقتها يدون فيها ما يُقال في الجلسات المغلقة ولم يُعلن، حول الوحدة والصراعات الداخلية وأماني وطموحات وأهداف الرؤساء، إضافة إلى الجوانب السلبية ..وكثيراً غير ذلك ..

 

بحكم مهنـته كـان الجاوي قـريباً من دوائر السلطة بعيداً عـن منافعها ومكاسبها وشهواتها وانحرافات أهلها ونزواتها .. لذلك فالكثير من مراكز سلطات اليمن الشطرية والوحدوية حـاربته حياً وميتاً ،لانـه كـان الجــلاد الأول لإنحـرافات مراكزهــذه السلطات لابقلمه فقط ، وإنما بعصاته الشهيرة عـلى الواقع لامجاز او رمزية كما ذكر لي أزال واقعة جـلد الجاوي بعصاته لاحـد البلاطجة التابعين لمركز سلطوي ، ومـعروف جـداً عـن الجاوي كشخص وانسان جسارته وشجاعته الشخصية ، وعـدم اكتراثه بمواجهة أي موقـف ..

 

عـمـر الجاوي امة في رجل ، ومناقبه الوطنية والإنسانية لاتُـعد ولا تحصى خلال العقود الزمنية الأربعة التى عـاشـها مُـتبتلاً في محـراب العمل الوطني في حـالة نادرة مـن الـتـفرد والزهـــد والطهارة النضالية المتواصلة حتى رحيله .. وإنقاذ وجمع ونشر ماتبقى من تراثه مسؤولية وطنية ،وتلاميذ وأصدقاء الجاوي ومحبيه لاشك ان لدى البعض منهم عـلى الاقـل فعل أي شيء بهذا الخصوص

المصدر: موقع حيروت الإخباري

إقرأ أيضاً:

حديث الثلاثاء ‏(صيف النار .. وسيف الوعيد)

 

حكاية العدوان الإسرائيلي والوعيد اليمني

الزمان: الثانية عشرة ظهراً، الأربعاء.

المكان: مطار صنعاء الدولي – صالة الوقوف الشرقية، تحت سماء زرقاء مشوبة بالقلق.

صوت أزيز في الأفق، ثم صمت مريب… فجأة، يهز انفجار هائل أرض المطار، وينقشع الغبار عن هيكل الطائرة الوحيدة المتبقية، وقد تحولت إلى هيكل محترق.

الموظفون في برج المراقبة ينزلون أرضًا، والركام يغطي المدارج، أصوات سيارات الإسعاف تتعالى من بعيد .

* * *

الزمان: نفس اللحظة.

المكان: مقر عسكري إسرائيلي سري – تحت الأرض في تل أبيب.

غرفة محصنة، إضاءتها خافتة، جدرانها مغطاة بشاشات رقمية تعرض صور الأقمار الصناعية لمطار صنعاء.

نتنياهو يجلس على أريكة سوداء من الجلد مع وزير دفاعه يسرائيل كاتس، وبينهما طاولة من الرخام الأسود عليها فناجين قهوة نصف ممتلئة.

يضحك نتنياهو ضحكة متعجرفة ويتحدث بكل غطرسة وتشف، لقد أدبناهم… لم يتبقَّ لهم شيء، الآن سيركعون.

ثم يلتفت باتجاه وزير دفاعه ويواصل : لقد كان تصريحك عن العملية قوياً وأظنهم سيتعلمون من الدرس، فلم يتبق إلا هم، لنقضي تماماً على أي إسناد لصالح غزة ولهذا سنواصل مخطط تدميرها تماماً وما بعده دون الخوف من أحد .

* * *

الزمان: 5:22 مساء هذا اليوم – بعد خمس ساعات من القصف:

المكان: مدرج مطار صنعاء – الغارق بالركام، دخان يتصاعد، وجنود يمنيون ينظفون الساحة .

وسط دهشة الصحفيين والمراسلين، تظهر شخصية قوية يرتدي زيًا يمنيًا تقليديًا، يتقدم بثبات وسط الحطام، إنه الرئيس مهدي المشاط .

كان ظهوره مفاجئاً وفاجعاً للأعداء وبالغ القوة وبتصريحات مزلزلة، في رسالة من حزم وعزم على ثبات الموقف اليمني المساند لمظلومية أهلنا في غز والتأكيد على أن اليمن لن يتراجع عن قراره المساند لغزة حتى وقف العدوان ورفع الحصار .

بصوته الحازم والهادئ تحدث أمام وسائل الإعلام قائلا: إن العدوان الإجرامي الذي نفذه العدو الصهيوني اليوم في مطار صنعاء لن يثنينا مهما كان، بل سيدفعنا إلى المزيد والمزيد”.. مشيراً إلى أن الرجال سيأتون بالطائرات وسيعود المطار بإذن الله تعالى.

– وأضاف: “نقول للعدو الصهيوني لن نتراجع ولن نستسلم ولن تُكسر إرادتنا أو نتراجع عن قرارنا المتمثل في إسناد أهلنا في غزة حتى وقف العدوان ورفع الحصار”.

– وخاطب الرئيس المشاط المجرم نتنياهو قائلاً: ” لن تستطيع أن تحمي قطعان الصهاينة من صواريخنا”.. مؤكداً لجميع شركات الطيرات التي ما تزال مستمرة في الوصول إلى مطار اللد المسمى إسرائيليًا “بن غوريون” أنها معرضة للخطر في أي لحظة.

– وقال: “على قطعان الصهاينة أن يدركوا أن الصواريخ اليمنية قادرة على الوصول إلى هدفها، ولن تكون الملاجئ ملاذاً آمناً لهم”.. داعيًا جميع المسافرين حول العالم إلى تجنب الركوب على الطائرات التي لا زالت مستمرة في رحلاتها إلى مطار “بن غوريون” لأنها معرضة لعقوباتنا وليست آمنة.

– وحذر الرئيس المشاط قطعان الصهاينة من أن الملاجئ لن تكون آمنة بعد اليوم وعليهم أن يتدبروا أمرهم وأن يعلموا أن حكومتهم لن تستطيع حمايتهم.. مضيفا ” إن حكومة القذر نتنياهو غير قادرة على حمايتكم، فالمفاجآت القادمة ستكون مؤلمة، حيث أن صواريخنا ستصمم على الوصول لهدفها أو الوصول لمجموعة أهداف عشوائية”.

– وأكد أن قصف العدو الصهيوني للمطار يثبت ألمه من ضربات القوات المسلحة اليمنية.

– كما أكد فخامة الرئيس أن “بمقدور دفاعاتنا الجوية التعامل مع طائرات الـ (إف 35) إن شاء الله، والذي كان يمنعها هو اختباؤها بالقرب من طيران مدني ما سيضطرنا لإغلاق الملاحة في مجال طيرانها، حتى يتسنى لدفاعاتنا التعامل معها بأريحية”.

واختتم الرئيس المشاط حديثه بالقول وهو يرفع إصبعه متوعداً : إن على الصهاينة انتظار صيف ساخن . .

* * *

الزمان: بعد دقائق.

المكان: نفس الغرفة المحصنة – تل أبيب.

الأنوار الخافتة تزداد ظلاماً. نتنياهو وكاتس يشاهدان خطاب الرئيس المشاط على إحدى الشاشات.

جسد نتنياهو يرتعش بطريقة غريبة، يمسح جبينه المتعرق بيده، وكأن صيف المشاط الساخن الذي توعدهم به قد ناله شيء منه، يهمس بصوت مرتعش :- يا للهول انهم شياطين . . ماذا ينتظرنا أكثر ! !

 

مقالات مشابهة

  • الإعلام الأصفر وتظليل العقل الجمعي
  • حديث الثلاثاء ‏(صيف النار .. وسيف الوعيد)
  • حديث سلمان الفرج قائد الهلال السابق
  • الذكاء الاصطناعي يحاكي تعقيدات العقل البشري.. GPT-4o يعكس تناقضات نفسية
  • عقلية القطيع ونتائجها المدمرة
  • أزال الوشم واتجه للكعبة.. القصة الكاملة لتصدر أحمد سعد مواقع التواصل
  • خالد الجندي: العبادات تتطلب إلغاء العقل بالكامل
  • مشيخة العقل هنأت الدروز بعيد الأضحى: للتخفيف قدر الإمكان من مظاهر الابتهاج
  • الهلال الأحمر القطري يختتم مشروع إجراء 100 عملية قسطرة علاجية مجانية لمرضى القلب في اليمن
  • شيخ الأزهر ينيب ممثلا عنه في احتفالية ذكرى رحيل الشيخ محمد رفعت .. غدا