«الأوقاف» تطلق 10 قوافل دعوية لنشر الفكر الوسطي وتصحيح المفاهيم
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
أطلقت وزارة الأوقاف، اليوم الجمعة، 10 قوافل دعوية كبرى، شملت أداء خطب الجمعة، وعقد مقارئ قرآنية، والمشاركة في نشاط الطفل، وذلك في إطار جهودها لنشر الفكر الوسطي المستنير، وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
وأوضح العلماء المشاركون في القافلة، أن دعوة نبينا -صل الله عليه وسلم- الشريفة إلى التحلي بأسمى آيات الإحسان والبشر والبر والإكرام في التعامل مع خلق الله تعالى، تتجلى في قوله -صل الله عليه وسلم- "إِنَّكُمْ لَا تَسَعُونَ النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ لِيَسَعْهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ وَحُسْنُ الخُلُقِ"، وأن هذا هو السر النبوي الشريف الذي جذب به القلوب والأرواح والعقول، ليؤسس فلسفة الحب بين البشر جميعًا، موجهين رسالة إلى المدعوين: "فاعلموا أيها الناس أنكم لن تصلوا إلى القلوب بأموالكم ولا بعوارض دنياكم، وإنما تسعون قلوب البشر بالأخلاق التي أتم الجناب الأنور بناءها، ورفع قدرها".
وأضاف العلماء أن خير الخلق وحبيب الحق -صلوات ربي وسلامه عليه-، قد وسعت ابتسامته الصادقة وأخلاقه السامية الدنيا بأسرها، في مزيج محمدي مدهش يجعل القلوب تأزر حبٍّا إلى حضرته وتستبشر بدعوته.
وشملت هذه القوافل، مديرية أوقاف القليوبية، ومديرية أوقاف المنيا، ومديرية أوقاف مطروح، ومديرية أوقاف شمال سيناء، ومديرية أوقاف الإسكندرية، ومديرية أوقاف الغربية، ومديرية أوقاف سوهاج، ومديرية أوقاف قنا، ومديرية أوقاف السويس، ومديرية أوقاف بورسعيد.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأوقاف الفكر الوسطي قوافل دعوية تصحيح المفاهيم
إقرأ أيضاً:
الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة.. تعرف عليها
حددت وزارة الأوقاف موضوع الخطبة الأولى في الجمعة القادمة بكل محافظات الجمهورية بعنوان: "فَضَائِلُ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ". وقالت الوزارة إن الهدف من هذه الخطبة توعية الجمهور بفضائل ومنزلة العشر الأول من ذي الحجة، وضرورة اغتنام مواسم الخيرات، علمًا بأن الخطبة الثانية ستشهد اختصاص إحدى المحافظات بخطبة تتناول التحذير البالغ من المخدرات، ورسالة أمل إلى مدمن؛ إلى جانب تعميم خطبة ثانية على المحافظات الأخرى والتي تؤكد أن الانتحار يأس من رحمة الله.
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَمَرَنَا بالاسْتِجَابَة، وَحثَّنَا عَلَى التَّوْبَةِ والإِنَابَةِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى نِعْمَةِ التَّوْفِيقِ لِطَرِيقِ السَّعَادَة، وأَشْهُدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي النُّسُكِ والصَّلَاةِ والعِبَادَة، وَأشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا وتَاجَ رُؤُوسِنَا وَبَهْجَةَ قُلُوبِنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، عَلَّمَنَا مَنْهَجَ الرَّشَادِ والقِيَادَة، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أُولِي الفَضْلِ والسِّيَادَة، أَمَّا بَعْدُ:
فَهَا نَحْنُ نعِيشُ نَفَحَاتِ أَيَّامٍ مُبَارَكَاتٍ، أَهَلَّتْ عَلَيْنَا كَغَيْثٍ يَرْوِي الْقُلُوبَ الظَّامِئَةَ، وأَشْرَقَتْ عَلَى نُفُوسِنَا كَشَمْسٍ تُبَدِّدُ ظُلُمَاِت الغَفْلَةِ، إِنَّهَا كُنُوزٌ ثَمِينَةٌ، وَمَغَانِمُ عَظِيمَةٌ، وَمِنَحٌ رَبَّانِيَّةٌ تَتَجَلَّى فِيهَا الرَّحْمَةُ والْمَغْفِرَةُ بِأَبْهَى صُوَرِهَا، إِنَّهَا أَيَّامُ الطَّاعَةِ وَالنُّور وَالعَوْدَةِ إِلَى الرَّبِّ الغَفُور! إِنَّ هَذَا الزَّمَانَ زَمَانُ تَنَزُّلِ الْبَرَكَاتِ، وَرِفْعَةِ الدَّرَجَاتِ، وَإِجَابَةِ الدَّعَوَاتِ، إِنَّ العَشْرَ الأَوَائِلَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ هِيَ الَّتِي أَقْسَمَ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ بِهَا فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَالفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْر}، وَقَسَمُ اللهِ أَيُّهَا الكِرَامُ عَظِيمٌ!
أَيُّهَا النَّاسُ، هَلْ تَدَبَّرْتُمْ فَضْلَ هَذِهِ الْعَشْرِ؟ هَلِ اسْتَشْعَرْتُمْ عَظِيمَ مَنْزِلَتِهَا عِنْدَ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ؟ إِنَّ عَشْرَ ذِي الحِجَّةِ لَيْسَتَ مُجَرَّدَ أَرْقَامٍ فِي تَقْوِيمِ الزَّمَانِ، بَلْ هِيَ خَيْرُ أَيَّامِ اللهِ الحَنَّانِ المَنَّانِ عَظِيمِ الإِحْسَانِ، أَفَلَا يَحْرِصُ اللَّبِيبُ عَلَى التَّزَوُّدِ مِنْ خَيْرِهَا وَبَرَكَتِهَا؟ أَلَا تَعْلَمُونَ أَنَّ القُلُوبَ تَتَعَلَّقُ فِيهَا بِالبَيْتِ الحَرَامِ وَتَشْتَاقُ إِلَى سَجْدَةٍ على بَلَاطِهِ تَغْسِلُ الهُمُومَ وَتُسْقِطُ الذُّنُوبَ! إِنَّ فِيهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَمَا أَدْرَاكُمْ مَا يَوْمُ عَرَفَةَ؟! يَوْمَ تَجْتَمِعُ القُلُوبُ عَلَى صَعِيدٍ وَاحِدٍ، تَلْهَجُ بِالدُّعَاء والتَّضَرُّعِ، وتَنْتَظِرُ العَفْوَ والْمَغْفِرَةَ مِنْ رَبٍّ وَدُودٍ، يَوْمٌ يُبَاهِي اللهُ فِيهِ بِأَهْلِ عَرَفَةَ مَلَائِكَتَهُ، فَمَا أَعْظَمَ هَذَا المَشْهَدَ! وَمَا أَجَلَّ هَذَا الْمَقَامَ! ثُمَّ يَتْبَعُ ذَلِكَ يَوْمُ النَّحْرِ، يَوْمٌ تُرَاقُ فيه الدِّمَاءُ تَقَرُّبًا إلَى اللهِ تَعَالَى، وَتَتَجَسَّدُ فِيهِ مَعَانِي التَّضْحِيَةِ والْفِدَاءِ، فَهَلْ لَنا فِي هَذَا المَقَامِ مِنْ عِبْرَةٍ؟! وَهَلْ لَنَا مِنْ هَذِهِ القِصَّةِ أَجَلُّ عِظَة؟ إِنَّ هَذِهِ العَشَرَ تَجْمَعُ أُمَّهَاتِ العِبَادَاتِ، فَفِيِهَا الصَّلَاةُ الوَاجِبَةُ، وَفِيهَا الصِّيَامُ المُسْتَحَبُّ، وَفِيهَا الصَّدَقَةُ المُتَقَبَّلَةُ، وَفِيهَا ذِكْرُ اللهِ بالتَّكْبِيرِ والتَّهْلِيلِ والتَّحْمِيدِ، وفِيهَا الحَجُّ لِمَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا، فَأيُّ فَضْلٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا؟ وَأيُّ خَيْرٍ أَسْمَى مِنْهُ؟!
فَيَا أُولِي الْألْبَابِ، إِنَّ هَذِهِ الفَضَائِلُ تَسْتَنْهِضُ القُلُوبَ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَتَسْتَنْفِرُ الهِمَمَ لِلاجْتِهَادِ فِي الطَّاعَاتِ وَصُنُوفِ القُرُبَاتِ، فَلْنَجْعَلْ هَذِهِ العَشْرَ مَحَطَّةً للتَّزَوُّدِ مِنَ الإيمَانِ، ومَيْدَانًا للتَّنَافُسِ فِي الْخَيْرَاتِ، ومَوْسِمًا للتَّوْبَةِ والاسْتِغْفَارِ، وَحَادِيكَ هَذَا البَيَانُ المُحَمَّدِيُّ الشَّرِيفُ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ: وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ».
عِبَادَ اللهِ، فَلْنَغْتَنِمْ كُلَّ دَقِيقَةٍ فِي هَذِهِ العَشْرِ؛ فَإِنَّهَا حَدَائِقُ غَنَّاءُ، تَفْتَحُ أَبْوَابَهَا لِعِبَادِ اللهِ، وَتَفُوحُ مِنْهَا أَزْكَى الرَّوَائِحِ؛ رَوَائِحِ الذِّكْرِ والتَّسْبِيحِ والتَّهْلِيلِ، كُلُّ يَوْمٍ فِيهَا زَهْرَةٌ يَانِعَةٌ، وَكُلُّ لَيْلَةٍ فِيهَا نَجْمٌ مُتَلَألِئٌ يُضِيءُ سَمَاءَ الرُّوحِ، وَفِيهَا تَتَرَدَّدُ أَصْدَاءُ التَّلْبِيَةِ فِي الأَرْجَاءِ، «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ»، إِنَّهَا أُنْشُودَةُ الرُّوحِ المُشْتَاقَةِ إِلَى بَيْتِ اللهِ العَتِيقِ، تُعَبُّرُ عَنْ وِحْدَةِ الأُمَّةِ وَتَجَرُّدِها للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ.
وَاعْلَمُوا أَيُّهَا النُّبَلَاءُ أنَّ هَذِهِ الْعَشْرَ لَيْسَتْ حِكْرًا عَلَى الحَاجِّ وَحْدَهُ، بَلْ هِيَ مِنْحَةٌ رَبَّانِيَّةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، فُرْصَةٌ سَانِحَةٌ لِنَرْتَقِيَ بِأَنْفُسِنَا، وَنَقْتَرِبَ مِنْ خَالِقِنَا، فَلْنَجْعَلْ مِنْ كُلِّ لَحَظَةٍ فِيهَا غَنِيمَةً، وَمِنْ كُلِّ تَسْبِيحَةٍ كَنْزًا، وَمِنْ كُلِّ صَدَقَةٍ نُورًا يُضِيءُ لَنَا الدُّرُوبَ وَالقُلُوبَ.
أَيُّهَا الكِرَامُ اسْتَثْمِرُوا هَذِهِ الأَيَّامَ المُبَارَكَةَ بِهِمَمٍ عَالِيَةٍ، وعَزَائِمَ صَادِقَةٍ، صِلُوا الأَرْحَامَ، سَامِحُوا، اجْبُرُوا خَوَاطِرَ خَلْقِ اللهِ، زَكُّوا أَلْسِنَتَكُمْ بِالطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ، أَكْثِرُوا مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ وَتَدَبُّرِ آيَاتِهِ، الْهَجُوا بِالدُّعَاءِ فِي الأَسْحَارِ وَعِنْدَ الإِفْطَارِ، أَحْسِنُوا إِلَى الْفُقَرَاءِ والْمَسَاكِين، اجْعَلُوا هَذِهِ الْعَشْرَ نُقْطَةَ تَحَوُّلٍ فِي حَيَاتِكُمْ، جَدِّدُوا الْعَهْدَ مَعَ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ، {وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
***الخطبة الثانية – كل محافظات الجمهورية عدا واحدة
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:
فَإنَّ النَّفْسَ وَدِيعَةُ اللهِ الْغَالِيَةُ، وَهَبَهَا لَنَا لِنُعَمِّرَ بِهَا الْأَرْضَ، وَنَرْتَقِيَ بِهَا فِي مَدَارِجِ الْكَمَالِ، وَنَسَتَظِلَّ بِفَيءِ رَحْمَتِهِ، فَهِيَ سِرٌّ إِلَهِيٌّ، يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ أَمَانَةً عَظِيمَةً، وَمَسْؤولِيَّةً جَسِيمَةً، هِبَةٌ مُقَدَّسَةٌ لَا يَجُوزُ التَّعَدِّي عَلَيْهَا أَوْ إِزْهَاقُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، أَلَمْ تَسْمَعْ أَيُّهَا النَّبِيلُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}؟!
تَذَكَّرْ أَيُّهَا النَّبِيلُ أنَّ جَسَدَكَ أَمَانَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ! وَأَنَّ رُوحُكَ وَدِيعَةٌ وَكَلَ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ حِفْظَهَا لَكَ، فَكَيْفَ لِإِنْسَانٍ أَنْ يَخُونَ هَذِهِ الْأَمَانَةَ الإِلَهِيَّةَ؟! كَيْفَ لِعَاقِلٍ أَنْ يَعْبَثَ بِهَذِه الْوَدِيعَةِ الرَّبَّانِيَّةِ؟! إِنَّ إِيذَاءَ النَّفْسِ بِأيِّ شَكْلٍ مِنَ الْأَشْكَالِ هُوَ اعْتِدَاءٌ عَلَى حَقِّ اللهِ عَلَيْكَ، وَهُوَ ظُلْمٌ عَظِيمٌ لِنَفْسِكَ الَّتِي تَحْمِلُ بَيْنَ طَيَّاتِهَا أَسْرَارَ الْوُجُودِ {صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَن يُنْهِيَ إِنسَانٌ حَيَاتَهُ بِيَدِهِ مُنْتَحِرًا؟! أَلمْ يَقْرَعْ سَمْعَهُ هَذَا البَيَانُ الإِلَهِيَّ {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}؟!
وَهَذِهِ رِسَالةٌ إلى إِنْسَانٍ مَهْمُومٍ: يَا مَنْ تُرَاوِدُكَ أَفْكَارٌ مُؤْذِيَةٌ، وَتَسْتَبِدُّ بِكَ نَزَعَاتٌ مُدَمِّرَةٌ، قِفْ لَحْظَةً، وَاسْتَمِعْ إِلَى صَوْتِ عَقْلِكَ، إِلَى نِدَاءِ فِطْرَتِكَ السَّلِيمَةِ، هَذِهِ الْأَفْكَارُ لَيْسَتْ أَنْتَ، بَلْ هِيَ دَخِيلَةٌ عَلَيْكَ، هِيَ وَسْوَسَةُ شَيْطَانٍ يُرِيدُ أنْ يُطْفِئَ نُورَكَ وَيُحِيلَ حَيَاتَكَ إلَى رَمَادٍ، اسْتَعِذْ باللهِ مِنْ شَرِّهَا، وَالْجَأْ إلَى حِصْنِهِ الْحَصِينِ، وَاعْلَمْ أَنْ {لَا مَلْجَأ مِنَ اللهِ إلَّا إليهِ}.
أيُّهَا الغَالِي، أَنْتَ لَسْتَ وَحِيدًا! فَهُنَاكَ قُلُوبٌ مُحِبَّةٌ تَخْفِقُ لِأَجْلِكَ، هُنَاكَ عائِلَةٌ وَأَصْدِقَاءُ وأَحِبَّةٌ يَتَأَلَّـَمُونَ لِأَلَمِكَ، وَيَفْرَحُونَ لِفَرَحِكَ، لَا تتَرَدَّدْ فِي طَلَبِ العَوْنِ، فالَعَوْنُ قُوَّةٌ وَلَيْسَ ضَعْفًا، تَحَدَّثْ، شَارِكْ، لَا تَسْتَسْلِمْ للِيَأْسِ، وَلْيَكُنْ شِعَارُك: «نَفْسِي أَمَانَةٌ، وَحَيَاتِي رِسَالَةٌ، وَغَدِي أَجْمَلُ بِإِذْنِ الله».
اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا
*** الخطبة الثانية – في محافظة واحدة
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:
فَإِنَّ المُخَدِّرَاتِ تَخْرِيبٌ لِلْعَقْلِ الَّذِي هُوَ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ، وَمِفْتَاحُ المَعْرِفَةِ، وَمَصْدَرُ الإِبْدَاعِ، المُخَدِّرَاتُ تَجْعَلُ الوَاقِعَ فِي بَرَاثِنِهَا أَسِيرًا لِلْوَهْمِ وَالخَيَالِ المَرِيضِ، يَتَوَهَّجُ فِي لَحَظَاتٍ زَائِفَةٍ مِنَ السَّعَادَةِ الكَاذِبَةِ، ثُمَّ يَنْطَفِئُ فِي ظَلَامٍ دَامِسٍ مِنَ الضَّيَاعِ وَالنِّسْيَانِ، حَيْثُ يُصْبِحُ عَبْدًا لِشَهْوَةٍ تَقُودُهُ، لَا سَيِّدًا لِنَفْسِهِ يُوَجِّهُهَا، يَتَحَوَّلُ إِلَى كَائِنٍ يَعِيشُ اللَّحْظَةَ المُزَيَّفَةَ، لَا يَرَى أَبْعَدَ مِنْ رَغْبَةِ الإِدْمَانِ، المُخَدِّرَاتُ تُفْقِدُ المُدْمِنَ صِلَتَهُ بِرَبِّهِ، وَتَقْطَعُ حِبَالَ الوُدِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ وَأَحْبَابِهِ، تَجْعَلُهُ وَحِيدًا فِي صَحرَاءِ الوَهْمِ، يَتَجَرَّعُ مَرَارَةَ النَّدَمِ، ويُحْرَمُ مِنْ لَذَّةِ الطَّاعَةِ وَحَلَاوَةِ القُرْبِ مِنَ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ؛ لِذَلِكَ كَانَ النَّهْيُ الشَّدِيدُ مِنَ الجَنَابِ المُحَمَّدِيِّ المُعَظَّمِ «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وُمَفَتِّرٍ».
أَيُّهَا النَّاسُ انْتَبِهُوا! إِنَّ المُخَدِّرَاتِ تُنْهِكُ الجَسَدَ الَّذِي أَوْدَعَهُ اللهُ فِينَا أَمَانَةً، تَنْهَشُ الأَمْرَاضَ فِي خَلَايَاهُ، وَتَضْعُفُ مَنَاعَتُهُ، وَتَجْعَلُ المُدْمِنَ هَيْكَلًا يُسَيَّرُ، لَا رُوحًا تُضيءُ، يُهَانُ جَسَدُهُ، وَتُدَنَّسُ كَرَامَتُهُ، وَيُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِلْمَخَاطِرِ الَّتِي قَدْ تُنْهِي حَيَاتَهُ فِي لَمْحَةِ عَيْنٍ، بَلْ إِنَّ الرُّوحَ الطّاهِرَةَ الَّتِي نَفَخَهَا اللهُ فِينَا، تُصَابُ بِالظَّمَأِ وَالجَدْبِ، وَتَتَسَرَّبُ إِلَيْهَا الكَآبَةُ وَاليَأْسُ، وَيَخْفُتُ فِيهَا بَرِيقُ الأَمَلِ.
وَهَذِهِ رِسَالةٌ إِلَى مَنِ ابتُلِيَ بِهَذا الدَّاءِ العُضَالِ: تَذَكَّرْ أَنَّ بَابَ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ، وَأَنَّ رَحْمَةَ اللهِ وَاسِعَةٌ، عُدْ إِلَى رَبِّكَ، وَاسْتَغِثْ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَخِيبُ مَنِ الْتَجَأَ إِلَيْهِ، اسْتَعِنْ بِاللهِ، وَلَا تَيْأَسْ، وَيُطَمْئِنُكَ وَعْدُ رَبِّكَ {وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.
اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا