نشر موقع "ميبا نيوز" التركي مقالًا للكاتبة ماجدة روغي قيّمت فيه أولويات السياسة الخارجية المحتملة للمرشحين الجمهوريين في الولايات المتحدة الأمريكية.

وقالت الكاتبة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأوروبيين يترقّبون ما ستكشفه المناقشات الداخلية في البلاد حول الاتهامات الجنائية الموجهة للرئيس السابق دونالد ترامب وحروب الثقافات عن ملامح السياسات الخارجية لمرشحي الرئاسة الجمهوريين.



والسؤال الأهم بالنسبة للأوروبيين هو موقف المرشحين بشأن الحرب في أوكرانيا. فمنذ الغزو الروسي في شباط/ فبراير 2022، قادت الولايات المتحدة جهود الدفاع عن أوكرانيا وقدّمت مساعدات عسكرية أمريكية تفوق مجموع مساعدات جميع دول الاتحاد الأوروبي. وأي تغيير في هذا الوضع من قبل الرئيس الأمريكي الجديد سيؤدّي إلى عزل أوروبا ويخدم مصالح فلاديمير بوتين.

وأشارت الكاتبة إلى أن مواقف مرشحي الرئاسة الجمهوريين بشأن السياسة الخارجية تنقسم إلى ثلاث مجموعات: القادة، والمقيّدين، وذوي الأولويات السياسية، ولهم مواقف متباينة بشأن دور الولايات المتحدة كقائد عالمي والتهديدات التي تشكلها الصين، والدعم الموجّه إلى أوكرانيا.

أمل أوروبا: هيلي - بنس - كريستي، الفئة القائدة
ذكرت الكاتبة أن القادة، وعلى رأسهم نيكي هيلي ومايك بنس، يتبنون فكرة استمرار الولايات المتحدة في قيادتها العالمية ويرون أن هزيمة روسيا استراتيجيًا تمثل قضية حيوية للأمن القومي الأمريكي، وأنه يجب مواصلة تقديم دعم عسكري قوي لمساعدة أوكرانيا على النصر.

شعار هيلي هو "نصر أوكرانيا، هو نصرنا جميعًا"، بينما شعار بنس "الحرب في أوكرانيا ليست حربنا (لكن) الحرية هي حربنا". وتتعارض هذه الشعارات بشكل كامل مع اقتراح ترامب بأنه "يجب التفكير في إنهاء الحرب لوقف القتل بدلاً من الفوز أو الخسارة". ويعتبر كريس كريستي، الذي التقى مؤخرًا بالرئيس فولوديمير زيلينسكي في كييف وزار المقابر الجماعية في بوتشا، هو أيضًا من الفئة "القائدة".

وبيّنت الكاتبة أن هيلي وكريستي وبنس، على عكس "المقيّدين" الذين يرغبون في قطع المساعدات المقدمة لأوكرانيا، يدعون إلى زيادة حادة في شحنات الأسلحة. وعلى نقيض الذين يرون أن تدخل الولايات المتحدة في أوكرانيا يضعف قدرتها على ردع الصين في تايوان، تصر هيلي وبنس وكريستي على أن ردع الصين في تايوان يتطلّب انتصار أوكرانيا في حربها.

التركيز الآسيوي: دي سانتيس وفئة الأولوية
ذكرت الكاتبة أن فئة الأولوية يعتبرون التهديد الذي تشكله الصين تهديدًا رئيسيًا للأمن القومي للولايات المتحدة ويرون أنه من الضروري بشكل عاجل نقل الموارد من أوكرانيا إلى تايوان. يتبنى خصم ترامب الرئيسي رون دي سانتيس هذا الرأي وهو يعارض الاعتقاد بأن أوكرانيا ذات أهمية حيوية لمصالح الأمن القومي الأمريكي. بدلاً من ذلك، يصر دي سانتيس على أن عدوانية روسيا تشكل تهديدًا ثانويًا بالنسبة للولايات المتحدة، في حين يرى أن ردع الصين في تايوان هو الأولوية الرئيسية. وسيتطلب ذلك إعادة تحديد الأولويات من خلال نقل موارد الولايات المتحدة من أوكرانيا.

وحسب دي سانتيس، يجب أن يتولى الأوروبيون القيادة في هذا الشأن. وبالتالي، يجب أن لا تكون أوروبا بعد الآن نقطة تركيز الولايات المتحدة. ويرى دي سانتيس أنه "ما كانت عليه أوروبا بالنسبة لجيل ما بعد الحرب العالمية الثانية، يجب أن يكون عليه المحيط الهادئ وآسيا لجيلنا".

ويعتقد دي سانتيس أن الصراع المطول في أوكرانيا من شأنه أن يصب في مصلحة الصين، واستنفاد مخزونات الأسلحة الأمريكية يضعف قدرة الولايات المتحدة على ردع غزو تايوان. ووفقا لدي سانتيس، فإن الفشل في إنهاء الحرب في أوكرانيا يقلل من قدرة الولايات المتحدة على الدفاع عن تايوان.

ومن جهته، أكد المرشح الرئاسي الجمهوري فيفيك راماسوامي الشعور الأساسي بالإلحاح فيما يتعلق بالصين. ولكن مثل ترامب، فإنه أكثر انسجاما مع الفئة المقيدة.


القوة الداخلية أولاً: فئة المقيّدين في إدارة ترامب
إن شعار فئة المقيدين هو أنه يجب على الولايات المتحدة الاهتمام بحدودها الداخلية أكثر من الحدود الخارجية. في عالمهم، يعتبرون أن هزيمة أوكرانيا وروسيا استراتيجيًا ليس لها أهمية حيوية لمصالح الأمن القومي الأمريكي. ومع ذلك، يرون أن وقف الحرب ووقف شحنات الأسلحة أمر ضروري جدًا.

وأضافت الكاتبة أن الآراء التي يروج لها ترامب وراماسوامي لإنهاء الحرب تشير إلى أنه ما لم تعتبر الولايات المتحدة أوكرانيا ضمن الأولويات، ستظل غير مبالية تمامًا بمصيرها. يتقاسم الاثنان من المرشحين رأيًا مفاده أنه لا يجب أن تكون الولايات المتحدة شرطة الأخلاق العالمية، وأنهما ستعملان على وقف تخصيص مزيد من الموارد لدعم أوكرانيا. وقد وعد راماسوامي بسرعة المفاوضة على اتفاق سلام يجمد خطوط النزاع في مكانها، بينما زعم ترامب أنه سينهي الحرب في غضون 24 ساعة.

انتقد الرئيس السابق نفاذ مخزون الأسلحة الأمريكي بسبب اعتبار إدارة بايدن  دعم أوكرانيا أولويةً. وبشكل مقلق، أصبحت أوكرانيا جزءًا من عداء ترامب السياسي الداخلي؛ حيث اتهم ترامب الرئيس بايدن بجر الولايات المتحدة في حروب عالمية بسبب مصالحه المالية الشخصية.

لماذا يعتبر هذا الأمر مهمًا؟
أوضحت الكاتبة أن فهم ملامح السياسة الخارجية الفردية في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري يكشف عن اتجاهات السياسة الخارجية داخل الحزب وما قد تؤول إليه. وبناء على ردودهم على الغزو الروسي، فإن المرشحين الذين حشدوا قاعدة الحزب يرفضون بقوة النظام المؤسسي والرؤية القيادية.

من أجل الفوز في الانتخابات التمهيدية، يقوم المرشحون الجمهوريون بمواءمة مواقفهم مع مواقف القاعدة الشعبية، في محاولة للتفوق على بعضهم البعض في جهودهم الرامية إلى وضع أميركا أولا وإظهار تركيزهم على قضايا أقرب إلى الوطن، مثل الهجرة.

ومن غير المستغرب أن أولئك الذين يلتزمون بالدفاع عن أوكرانيا مثل هيلي وبنس - الذين يُنظر إليهم على أنهم جزء من المؤسسة الجمهورية التي حشد ترامب القاعدة الشعبية من أجلها - يحصلون باستمرار على أصوات مكونة من رقم واحد. وعادة ما تكون آراؤهم متوافقة مع الطبقة النخبوية الجمهورية التي انضمت إلى الديمقراطيين الشهر الماضي في مجلس النواب لرفض قطع مساعدة مالية بقيمة 300 مليون دولار لأوكرانيا.

وأشارت الكاتبة إلى أن هذا الانقسام بين الجمهوريين يحمل أخبارًا جيدة وسيئة لأوكرانيا والأوروبيين على حد سواء. الأمر الجيد أن الكونغرس على ما يبدو سيسمح بمواصلة دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا حتى سنة 2025. وقد طلب بايدن مؤخرًا 24 مليار دولار إضافية لمساعدة أوكرانيا، ومن المرجح أن يقبل الجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب بذلك بعد تقديم دعم عسكري إضافي لتايوان.

أما الأمر السيئ بالنسبة لأوروبا، فهو أن فوز مرشح جمهوري في الرئاسة سيؤدي إلى ابتعاد سياسة الولايات المتحدة الخارجية عن مصالح أوروبا على المدى القصير بشكل دراماتيكي. ومن شأن تغيير القيادة في واشنطن أن يؤثر على مدى التزام الولايات المتحدة بدعم أوكرانيا وأوروبا.


للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الولايات المتحدة ترامب بايدن الولايات المتحدة بايدن ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة السیاسة الخارجیة فی أوکرانیا الحرب فی یجب أن

إقرأ أيضاً:

أميركا اللاتينية تميل إلى الصين في خضم الحرب التجارية

في خضم التصعيد التجاري المستمر بين الولايات المتحدة والصين، تظهر استطلاعات حديثة أن دول أميركا اللاتينية باتت تميل اقتصاديًا نحو بكين، وهو ما يعكس تغيرًا ملحوظًا في المزاج الشعبي والإقليمي تجاه القوى الاقتصادية العالمية.

وبحسب استطلاع "نبض أميركا اللاتينية" الذي أجرته شركة أطلس إنتل لصالح وكالة بلومبيرغ نيوز ونُشر اليوم الجمعة، فإن دعوات تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين تتزايد في مختلف أنحاء المنطقة، لا سيما في المكسيك، الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة.

تفوق واضح لتأييد الصين في المكسيك

وأظهر الاستطلاع أن نحو ثلثي المكسيكيين المشاركين في المسح الذي أجري في مايو/أيار الجاري يفضلون توسيع العلاقات التجارية مع العملاق الآسيوي، وهي نسبة تفوق بكثير أولئك الذين يدعمون تعميق العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، وذلك وسط موجات عدم الاستقرار التي تسببت بها الرسوم الجمركية المتقطعة التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

أما في البرازيل، فقد أبدى أكثر من نصف المشاركين تأييدهم لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين، وهي نسبة قريبة جدًا من عدد المؤيدين لتوسيع العلاقات مع الولايات المتحدة، مما يشير إلى انقسام نسبي في الرأي العام البرازيلي.

الرسوم الجمركية الأميركية أصبحت سببا مباشرا في تراجع ثقة الشعوب اللاتينية بواشنطن (رويترز) الصين شريك مفضل

وفي دول أخرى مثل الأرجنتين، وتشيلي، وكولومبيا، وبيرو، عبّر غالبية المشاركين عن دعمهم لتوسيع التجارة مع بكين. كما أن الصين تُعتبر لدى معظم المشاركين – باستثناء الأرجنتين – مصدرًا أفضل لفرص الاستثمار والتمويل مقارنة بالولايات المتحدة.

إعلان

وقالت بلومبيرغ إن هذا التحول في المواقف يعكس تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب وسياسته القائمة على الضغوط الاقتصادية، مما دفع العديد من قادة الدول اللاتينية لمحاولة التوازن في علاقاتهم مع واشنطن وتجنب الاصطدام المباشر، فيما باتت شرائح واسعة من شعوبهم ترى في الصين شريكًا تجاريًا أكثر موثوقية.

نتائج الاستطلاع بالأرقام

وقد تم تنفيذ الاستطلاع بهامش خطأ (±2 نقطة مئوية) في الأرجنتين وتشيلي وكولومبيا والمكسيك، و±1 نقطة مئوية في البرازيل، مما يعكس درجة عالية من الدقة الإحصائية.

أظهرت النتائج أن المكسيك الدولة الأكثر ميلا نحو تعزيز العلاقات مع الصين، حيث صرّح نحو 66% من المشاركين بأن على بلادهم زيادة التعاون الاقتصادي مع بكين، في مقابل نسبة أقل بكثير تؤيد التقارب مع الولايات المتحدة. ويرى مراقبون أن هذا التغير يعود إلى الرسوم الجمركية غير المتوقعة التي يفرضها ترامب، والتي أثرت على ثقة الشركاء التجاريين.

وفي حين عبر البرازيليون بأكثر من 50% من المشاركين عن رغبتهم في تقوية الروابط التجارية مع الصين، كانت الغالبية المطلقة في كل من تشيلي، وكولومبيا، وبيرو، تميل لصالح توسيع التعاون مع الصين.

وباستثناء الأرجنتين، التي تسعى حكومتها برئاسة خافيير ميلي إلى توقيع اتفاق تجارة حرة مع إدارة ترامب، أظهرت كل الدول الأخرى تفضيلا واضحًا للاستثمارات والتمويلات القادمة من بكين على حساب واشنطن.

في ضوء هذه النتائج، يتضح أن الصين باتت تمثل بوابة اقتصادية واعدة لكثير من دول أميركا اللاتينية، وسط التراجع التدريجي في الثقة الاقتصادية تجاه الولايات المتحدة، خاصة في ظل السياسات الحمائية التي تتبناها إدارة ترامب، والتي باتت تؤثر بشكل مباشر على توجهات الشعوب تجاه الشراكات الإستراتيجية المستقبلية.

مقالات مشابهة

  • كفى تحريضا.. الصين تتهم أمريكا بإشعال فتيل الحرب في آسيا
  • الخارجية الصينية: أمريكا تساومنا بقضية تايوان
  • ترامب يدمر ريادة أمريكا التكنولوجية
  • الولايات المتحدة تحذر من تحضيراتصينية لاجتياح تايوان وتغيير ميزان القوى في آسيا
  • ترامب: الولايات المتحدة ستضاعف الرسوم الجمركية 50% على الصلب
  • أميركا اللاتينية تميل إلى الصين في خضم الحرب التجارية
  • ترامب يتهم الصين بخرق اتفاق الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة
  • ترامب: الصين انتهكت تماما الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة
  • واشنطن: على بوتين قبول الاتفاق المطروح لإنهاء حرب أوكرانيا.. أفضل نتيجة ممكنة
  • الولايات المتحدة تلغي عقدا بقيمة 590 مليون دولار مع موديرنا للقاح مضاد لإنفلونزا الطيور