حذر تقرير نشره معهد واشنطن من انفجار الوضع في مخيم الهول الذي تديره القوات الكردية في شمال سوريا ويضم حوالي 50 ألفا من عناصر وعائلات "داعش".

ووفق التقرير الذي أعدته الدكتورة ديفورا مارغولين، "زميلة بلومنشتاين-روزنبلوم" في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإنه بين عامي 2013 و2019، توجه ما يقدر بنحو 53 ألف رجل وامرأة وطفل من ثمانين دولة مختلفة إلى ما يسمى بخلافة تنظيم الدولة في سوريا والعراق للانضمام إلى التنظيم ودعم أنشطته.

وبعد أربع سنوات من هزيمة التنظيم على الأرض، لا يزال أكثر من 60 ألف شخص تابع لتنظيم "داعش" رهن الاحتجاز لأجل غير مسمى في شمال شرق سوريا، ويعيشون في مرافق دون المستوى المطلوب. ويشكل مصيرهم موضع نقاش دولي ساخن.

وبحسب مارغولين فإنه على الرغم من هزيمة الخلافة المادية لتنظيم "داعش"، إلا أنه لا يزال قائماً كتنظيم "إرهابي". فأتباعه لا يزالون يبايعونه، ولا يزال التنظيم متماسكاً، على الرغم من تنفيذ عمليتين ناجحتين للقضاء على كبار قادته. ومع استنزاف أعداد أتباعه، يرى التنظيم أن تحرير مرافق الاحتجاز والسجون في شمال شرق سوريا هو الأساس لاستمراريته ونجاحه.

وتحذر مارغولين من انفجار القنبلة البشرية في مخيم الهول، وتقول إن خمسة عوامل تشير إلى أنه كلما طال هذا الوضع، كلما ازدادت المخاطر والكوارث المحتملة. وتُعتبر بعض هذه القضايا وشيكة أكثر من غيرها.

أولاً، أعلنت "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" التي يقودها الأكراد مؤخراً أنه نظراً للاستجابة البطيئة للمجتمع الدولي، فهي تعتزم البدء بمحاكمة المعتقلين المنتمين إلى تنظيم "داعش". وبينما لا تزال "قوات سوريا الديمقراطية" الشريك الأقرب للولايات المتحدة في سوريا، فقد تتضرر هذه العلاقة من جراء قرار محاكمة الرعايا الأجانب في الأراضي المتنازع عليها في شمال شرق سوريا. كما أنه من غير المرجح أن يتوصل المجتمع الدولي الأوسع نطاقاً إلى إجماع حول هذه القضية.


ثانياً، التطبيع العربي الأخير مع سوريا. في حين أن هذا التطور لن يغير الوضع على أرض الواقع بين عشية وضحاها، إلّا أنه لا يمكن غض الطرف عما سيعنيه ذلك بالنسبة للمنطقة المتنازع عليها في شمال شرق سوريا ولآلاف الرجال والنساء والأطفال المحتجزين حالياً هناك من قبل كيان غير تابع للدولة. على سبيل المثال، إذا كان التطبيع سيمكّن بشار الأسد من السيطرة على المنطقة، فيمكنه اتخاذ عدد من الخطوات مع هؤلاء المعتقلين، بدءً من إطلاق سراحهم لكي يتجولوا بحرية، مروراً بسجنهم أو قتلهم، وإلى احتجازهم مقابل فدية كأدوات للتفاوض مع بلدانهم الأصلية. فضلاً عن ذلك، قد يؤدي التطبيع مع سوريا إلى تغيير سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، مما يؤدي إلى انسحابها في نهاية المطاف وإنهاء مهمتها المتمثلة بتقديم المشورة والمساعدة والتمكين.

ثالثاً، التهديد المنبثق عن تنظيم الدولة بحد ذاته. يشمل ذلك التمرد المستمر للتنظيم، واستخدامه عنف العصابات، بالإضافة إلى تهديداته للمخيمات نفسها. فقد أوضح تنظيم "داعش" بوضوح أنه يعتبر هؤلاء السكان مستقبل نجاحه.

رابعاً، احتمال تدخل تركيا في شمال شرق سوريا. إذا هاجمت تركيا "قوات سوريا الديمقراطية"، وهي مجموعة تعتبرها منظمة إرهابية، فقد تقوم "قسد" بتحويل الموارد الحيوية بعيداً عن قتال تنظيم الدولة والحفاظ على سجونه ومعتقلاته. فاندلاع نزاع بين تركيا و"قوات سوريا الديمقراطية" لن يؤدي إلى صرف الانتباه عن القتال المستمر ضد تنظيم "داعش" فحسب، بل سيضع الولايات المتحدة أيضاً في موقف غير مريح بين حليفتها في "الناتو"، تركيا، وأكبر شريك لها على الأرض في شمال شرق سوريا، أي "قوات سوريا الديمقراطية".

خامساً، تغير المناخ أو وقوع كارثة طبيعية. بالإضافة إلى أزمة المياه، يمكن للزلزال الأخير الذي زعزع استقرار أحد السجون التي تضم سجناء من تنظيم الدولة أن ينذر بكارثة أكبر، مما يؤدي إلى المزيد من الصعوبات في الحصول على المساعدات المناسبة للمتضررين.


"مشاكل معقدة"
ومن المعروف أن من يدير مخيم الهول هو أقرب شريك لأمريكا في سوريا، وهو "قوات سوريا الديمقراطية" ("قسد") الكردية. ولكن وضع "قوات سوريا الديمقراطية" كجهة غير تابعة للدولة أدى إلى عرقلة الجهود العالمية الرامية إلى معالجة وضع المعتقلين المنتمين إلى تنظيم "داعش" بشكل دائم. وبخلاف الكيانات الأخرى التي تولت إدارة مخيمات مماثلة، فإن "قوات سوريا الديمقراطية" ليست جهة فاعلة تابعة للدولة، كما أن تركيا، الحليفة الوثيقة للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، تتهم "قسد" بأنها منظمة إرهابية على خلفية صلاتها بتنظيم "حزب العمال الكردستاني" الذي تصنفه الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية.

وبحسب الخبيرة مارغولين فإنه يتم احتجاز ما يقرب من 10,000 رجل وفتى مراهق في السجون التي تديرها "قوات سوريا الديمقراطية"، وحوالي 2000 منهم هم رعايا بلدان ثالثة، أي أنهم قادمون من دول غير سوريا والعراق. وفي الوقت نفسه، يتم احتجاز النساء والقاصرين في معسكرات اعتقال منفصلة تديرها "قوات سوريا الديمقراطية". وفي حين تم بناء العديد من هذه المخيمات كأماكن إقامة مؤقتة لتقديم الخدمات الإنسانية للمدنيين النازحين من جراء النزاع في سوريا والعراق، إلّا أن الأمر لم يعد كذلك. فبعد بدء تدفق العناصر التابعة لتنظيم "داعش" منذ عام 2018، أصبحت هذه المرافق بشكل متزايد معسكرات اعتقال غير آمنة وغير صحية في الهواء الطلق.

ويُعد "مخيم الهول" أكبر هذه المخيمات، حيث كان يضم في ذروته في عام 2019 أكثر من 70 ألف شخص. أما اليوم فيضم ما يقرب من 50 ألف فرد، 90 في المائة منهم من النساء والأطفال، بمن فيهم 25 ألف عراقي، و 18 ألف سوري، و 7800 من رعايا بلدان ثالثة من سبعة وخمسين دولة. وتجدر الإشارة إلى أن 23 في المائة من جميع السكان هم دون سن الخامسة من عمرهم، في حين أن 42 في المائة من السكان هم من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس وثمانية عشر عاماً. وهناك أيضاً مخيمات أصغر مثل "مخيم روج"، الذي يبعد حوالي ستين ميلاً عن "مخيم الهول"، وتبلغ مساحته خُمس هذا الأخير، ويضم ما يقرب من 2500 فرد، 2100 منهم هم رعايا بلدان ثالثة.

وتواجه هذه المرافق تحديات إنسانية عديدة، من بينها نقص الغذاء والماء والتعليم، والرعاية الصحية. وقد تبين أن المحافظة على النظام في هذه المخيمات ذات الأوضاع المتقلبة هي مهمة صعبة، ولا تزال هذه المخيمات معرضة لخطر الهجمات الخارجية من قبل مقاتلي تنظيم "داعش" الساعين لتحرير أنصارهم.

ولا تشكل إعادة الأفراد إلى وطنهم سوى البداية. فالأمم المتحدة تشجع الدول على التحقيق مع الأفراد التابعين لتنظيم "داعش" ومحاسبتهم، ثم إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع. ولكن العديد من الدول حول العالم ترددت أو تباطأت في اتخاذ مثل هذا الإجراء. وفي الواقع، لم نشهد حتى الآن سوى عودة حوالي 2700 من رعايا البلدان الثالثة وحوالي 6500 عراقي إلى وطنهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات مخيم الهول سوريا داعش سوريا داعش مخيم الهول سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات سوریا الدیمقراطیة فی شمال شرق سوریا هذه المخیمات تنظیم الدولة مخیم الهول فی سوریا

إقرأ أيضاً:

مراسل سانا في حلب: بدء عملية تبادل الموقوفين بين مديرية الأمن الداخلي في حلب وقوات سوريا الديمقراطية، وذلك بعد استئناف تنفيذ بنود الاتفاق الموقع مع رئاسة الجمهورية العربية السورية

2025-06-02hadeilسابق بمشاركة سوريا انطلاق المؤتمر الدولي الرابع عشر لآثار الشرق الأوسط في ليونالتالي مزارعو اللوز بحمص يتفاءلون بإنتاج جيد للموسم الحالي انظر ايضاًمزارعو اللوز بحمص يتفاءلون بإنتاج جيد للموسم الحالي

حمص-سانا يتفائل مزارعو اللوز في حمص بإنتاج جيد للموسم الحالي، مؤكدين أهميته الاقتصادية وتوفيره فرص …

آخر الأخبار 2025-06-02مراسل سانا في حلب: بدء عملية تبادل الموقوفين بين مديرية الأمن الداخلي في حلب وقوات سوريا الديمقراطية، وذلك بعد استئناف تنفيذ بنود الاتفاق الموقع مع رئاسة الجمهورية العربية السورية 2025-06-02بمشاركة سوريا انطلاق المؤتمر الدولي الرابع عشر لآثار الشرق الأوسط في ليون 2025-06-02أسعار الذهب ترتفع 40 ألف ليرة في السوق المحلية 2025-06-02خلال لقائه وفد الجالية السورية بأستراليا… وزير الاقتصاد يؤكد دور المغتربين في تعزيز الاقتصاد الوطني 2025-06-02تتواصل التصفيات النهائية لمبادرة تحدي القراءة العربي بموسمها التاسع لليوم الثاني 2025-06-02الحرارة أدنى من معدلاتها والجو بين الصحو والغائم جزئياً 2025-06-02الخارجية الألمانية: رفع العقوبات عن سوريا يسمح لشعبها تولي إعادة الإعمار بنفسه 2025-06-02مباحثات سورية أردنية لتعزيز التعاون في مجالات تكنولوجيا المعلومات وتوفير مسارات بديلة لشبكات الاتصالات 2025-06-02المنافذ البرية والبحرية تصدر تعميماً حول حركة العبور من المعابر الحدودية خلال أيام العيد 2025-06-02وزير النقل يبحث مع لجنة تعديل قانون السير والمركبات مقترحات تطوير رسوم المركبات

صور من سورية منوعات تأثير القهوة على الصحة يعتمد على جيناتك 2025-05-29 هاتف “أونر400 برو” يحول الصور الثابتة إلى فيديوهات 2025-05-29فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • قراءة في تحولات العلاقة: الحوثيون ونظام الأسد.. من دعم تكتيكي إلى تحالف إقليمي .. قراءة تحليلية
  • 90 عائلة من أهالي بلدة التريمسة في ريف حماة يغادرون مخيمات أطمة شمال سوريا عائدين إلى منازلهم
  • وثائق تؤكد احتجاز نظام الأسد للصحفي الأمريكي أوستن تايس
  • سوريا تحديات أمنية واقتصادية بعد 6 أشهر من عزل الأسد
  • إتمام عملية تبادل الموقوفين بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية
  • مسؤول أميركي: سحب 500 جندي من سوريا وتسليم قاعدة لـقسد
  • مراسل سانا في حلب: بدء عملية تبادل الموقوفين بين مديرية الأمن الداخلي في حلب وقوات سوريا الديمقراطية، وذلك بعد استئناف تنفيذ بنود الاتفاق الموقع مع رئاسة الجمهورية العربية السورية
  • ألمانيا ترحب بالتقدم في المحادثات بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية
  • عضو اللجنة المختصة بإتمام الإتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية العميد زياد العايش لـ سانا: عُقد اليوم الأحد اجتماع رسمي بين اللجنة ووفد من قوات سوريا الديمقراطية في أجواء إيجابية اتّسمت بروح المسؤولية والحرص المتبادل على المصلحة الوطنية
  • داعش يستعر: هل يشعل سوريا الجديدة بنار المفخخات؟