الثورة نت:
2025-06-09@16:44:47 GMT

أمريكا.. استراتيجية (عولمة) الفوضى.!

تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT

 

 

يحسب لملحمة (طوفان الأقصى) – كواقعة غير مسبوقة في فعلها وفي تداعيات ما بعد الفعل – أنها أسقطت الكثير من أقنعة الزيف التي كانت تخفي خلفها أوجه النفاق والزيف والكذب، وعلى مختلف المستويات والاتجاهات فلسطينيا وعربيا وإسلاميا ودوليا، ناهيكم أن هذه الملحمة عرت الكيان الصهيوني وأظهرته على حقيقته ككيان عنصري استيطاني مجرد من كل القيم والأخلاقيات الحضارية والإنسانية، كيان مجرم متوحش، والإجرام والتوحش ليسا مجرد ظواهر عابرة تأتي في سياق رد الفعل، بل هما عقيدة وهوية الكيان، والأمر ذاته ينطبق على النظام الدولي ورموزه وأعمدته التي ما برحت على مدى نصف قرن من تسويق قيم ومفاهيم عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والقانون الدولي وحرية التجارة والانفتاح الاقتصادي، وحرية الصحافة والحريات السياسية.


مفاهيم ومصطلحات ظلت المنظومة الغربية ومؤسساتها ومراكزها البحثية تعمل على تكريسها في الوعي الجمعي الإنساني كثوابت وتذاكر دخول دول وأنظمة وشعوب العالم الثالث إلى منتديات التحضر الإنساني المعولم الذي شكلت أطيافه وحددت مساراته _ واشنطن _بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار (جدار برلين) وتنصيب أمريكا نفسها زعيمة للعالم .
طوفان الأقصى، برغم كل المآسي التي نتجت عنها إلا أن من أبرز فوائدها أنها أظهرت حقيقة العالم وأسقطت عن وجهه أقنعة الزيف وأظهرته على حقيقته، وكشفت هذه المعركة أننا نعيش في عالم متوحش مجرد من كل القيم والأخلاقيات الحضارية والإنسانية.
إذ ظهر العالم «المتحضر» الذي تقوده أمريكا، بأنه مجرد من كل القيم ولا يؤمن بأي من الشعارات التي رفعها لتطويع شعوب العالم الثالث وتطويعها لتؤدي دور (الكلاب في إسطبلاتهم).
كما سقطت قيم الحلم الأمريكي، وبدت أمريكا بمخالبها الإمبريالية المتوحشة، إذ عملت على إهانة القانون الدولي بكل أبعاده الإنسانية والأخلاقية والحضارية والقانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، فظهرت أمريكا كعدو لكل القوانين المنظمة للعلاقات الدولية، وسعت إلى إحلال قانون القوة بديلا عن قوة القانون، مجردة القانون الدولي من دوره ومهامه لتفرض على العالم قانون قوتها، ضاربة عرض الحائط بكل القوانين والتشريعات، ساعية بكل غطرسة ووقاحة إلى ترسيخ قانون الغاب، ليحل بديلا عن القوانين الإنسانية المنظمة للعلاقات الدولية.
لم يقف هذا الانحلال في نطاق المشهد الفلسطيني والغزاوي على وجه التحديد الذي يجرد كل المنظومة الدولية من إنسانيتها، بل طال السقوط كل مسارات العلاقات الدولية وليس ما يقوم به ويتفوه به الرئيس الأمريكي _ترامب _إلا انعكاسا لهذا الانحطاط القيمي والسلوكي الذي تحاول واشنطن فرضه وترسيخه ليحل محل القانون في تنظيم العلاقات الدولية.
إن العالم لا يمكن له أن يستمر في ظل قوانين أمريكا وترامب التي تنسف وتدمر كل ما بناه المجتمع الدولي من قوانين تنظم العلاقة فيما بين مكوناته الحضارية، والغرب الأوروبي هو أول من سيدفع الثمن لما تسعى أمريكا إلى ترسيخه ليحل محل القانون الدولي.
إن جرائم الصهاينة في قطاع غزة وفي لبنان وسوريا والمسنودة بجرائم أمريكا في اليمن وبتأييد أمريكي مطلق ودعم لا محدود للصهاينة وفي ظل تواطؤ غربي وعربي وإسلامي، سلوك سيدفع ثمنه المجتمع الدولي على المدى القريب لأن لا أحد يمكنه القبول بشريعة الغاب التي تحاول أمريكا بواسطة رئيسها ترامب فرضه على المجتمع الدولي.
بل أن أمريكا نفسها كشعب وقدرات ومؤسسات سوف يدفعون ثمن هذا الجنون الذي تسير عليه إدارة البيت الأبيض الساعية إلى (عولمة الفوضى وقانون الغاب)، بديلا عن العولمة الحضارية التي عملت أمريكا والغرب على فرضها طيلة الثلاثة العقود المنصرمة من نهاية الحرب الباردة.
في هذا السياق لا نستبعد أن تكون ( حرب غزة بكل همجية ووحشية العدو الصهيوني) وما يرتكبه من جرائم غير مسبوقة ومن قتل ودمار، أقول لا نستبعد أن تكون هذه الحرب نموذجا لحروب قادمة قد تشهدها أي من قارات العالم، وهذا يعني أن العالم في طريقه لتصفية المنظمات الأممية وإلغائها وتجاوز قوانينها وهذا ما قامت وتقوم به أمريكا والكيان الصهيوني اللذان لم يكترثا بما يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما يصدر عن مجلس الأمن، وما يصدر عن المنظمات الأممية ، وحتى محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، وما يصدر عن المنظمات الحقوقية، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
هذا التهميش والتجاهل لكل هذه الجهات الدولية يجعل العالم يعيش في ظل قوانين الغاب وشرعية البقاء للأقوى، وهذا يفقد أمريكا ذاتها مكانتها الدولية ويجردها من هيمنتها ونفوذها ويضع العالم أمام مرحلة فوضوية يصعب التحكم بها أو إلزام أي من عليها باحترام القانون غير المتفقين عليه والمفروض بقوة الغطرسة والهمجية السلوكية، كما تمارسه أمريكا .

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

غزة.. الآية التي يتجلى فيها الوعد الإلهي

يمانيون|| كتابات:

ليست كل المعارك تخاض بالسلاح وليست كل الآيات تتلى من كتاب. هناك في غزة المحاصرة حيث لا مكان للترف ولا متسع للتراجع تنبعث من تحت الركام أعظم الشواهد على حضور الله في واقع البشر. غزة التي اختارها الله لتكون ساحة التجلي لا تكتب سطورها بالحبر بل تحفرها بالدم وتوشّيها بصبر شعب يرفض أن ينكسر.
في هذا العالم التي تزداد فيه العتمة وتتكالب فيه قوى الطغيان على الشعوب المستضعفةتتوهج غزة كنجم لا يخبو لا لأنها تملك من العتاد ما يُرهب العدو بل لأنها تحمل في قلبها يقينا لا يتزعزع وتقاتل بثبات الجبال وإيمان الأنبياء. منذ ما يزيد عن ستمئة يوم متواصل يشهد العالم بأبصاره وقلوبه فصول ملحمة لا نظير لهاملحمة سُطّرت على تراب غزة بالدماء والصبر بالدمع والدعاء وبعزيمة رجال كأنهم خرجوا من كتب القداسة.
ليست غزة مجرد مدينة محاصرة بل هي مسرح لحدث إلهي مستمر حيث يتجسد الإيمان في أبهى صوره وحيث تصطف قلوب المجاهدين مع السماء في عقد لا ينفصم. هناك في كل زقاق وركن وركام تتنزل المعاني الربانية وتتكشف الحقائق الكبرى. رجالها ليسوا فقط أصحاب سلاح بل حملة رسالة يواجهون النار والموت باليقين والخذلان الأممي بثبات الموقنين. لم تفتّ في عضدهم المجازر، ولم تزعزعهم المجاعات، ولم تجرح كبرياءهم خيانة القريب والبعيد.
نرى في عيونهم تجلي الصبر المحبوب من الله ونلمح في جراحهم بشائر النصر الآتي. التاريخ – الذي عادة ما يكتبه المنتصرون – سيتوقف عندهم طويلاً لا ليُحصي فقط أسماء الشهداء بل ليكتب كيف يصبح الألم معراجا وكيف يتحول الحصار إلى ميثاق إيمان وكيف يُعاد تعريف الكرامة من خلال غزة.
ما يجري هناك ليس حدثا عابرا بل هو برهان لا يُدحض وإشارة كونية لا تُخطئ على أن الطريق إلى الله قد يكون مفروشا بالدم والركام لكنه موصل لا محالة إلى النصر الذي وعد به الصادقون. وعلى هذه الأرض وفي هذا الركن الصغير من العالم تتجلى أعظم آيات العصر… آية عنوانها: “غزة لا تنكسر”.

 

بقلم/عبدالمؤمن جحاف*

غزة.. الآية التي يتجلى فيها الوعد الإلهي

مقالات مشابهة

  • البيراوي: التعرض الإسرائـ.يلي للسفينة مادلين يمثل اعتداء مباشرًا على القانون الدولي
  • الأمم المتحدة تدعو لتجنب الفوضى في المياه الدولية ومنع تحويل الأعماق إلى غرب أمريكي
  • حزب الوعي: الاعتداء الإسرائيلي على سفينة المساعدات مادلين عدوان سافر على القانون الدولي
  • العفو الدولية: “مادلين” كانت بمهمة إنسانية واعتراضها انتهاك للقانون الدولي
  • عولمة النجومية وفصام النخب العربية.. دور القيم الذوقية والوجودية
  • سفير الهند: شراكة استراتيجية مع مصر واستثمارات مرتقبة بـ 10 مليارات دولار
  • إيران: العقوبات الأمريكية الجديدة غير قانونية وتنتهك القانون الدولي
  • غزة.. الآية التي يتجلى فيها الوعد الإلهي
  • إيلون ماسك يعلن عن تأسيس “حزب أمريكا”
  • تحذير إسرائيلي: مشاهد الجوع غير الأخلاقية في غزة أفقدتنا الشرعية الدولية التي نحتاجها