لطالما أسرت منطقة البحر الكاريبي المخيلة البشرية بما تمتاز به من مياه فيروزية شفافة، وشواطئ رملية ناعمة، وجزر خضراء مورقة تبعث على السكينة. إلا أن هذا الجمال الخلاب يخفي وراءه تاريخا حافلا بالقصص والمغامرات التي نسجتها قرون من البطولات البحرية، وقصص القراصنة الذين جعلوا من البحر الكاريبي مسرحا لحكايات مدهشة.

من كواليس التصوير إلى عالم المغامرة السياحية

من بين الأسماء المرتبطة بعالم القراصنة الخيالي، يبرز اسم "والتي"، الذي يُعد أحد أبرز الشخصيات التي خدمت في كواليس سلسلة أفلام "قراصنة الكاريبي" (Pirates of the Caribbean). فقد عمل في شبابه إلى جانب الكابتن "جاك سبارو"، خلال تصوير الجزء الثاني من الفيلم الشهير، وشارك في تجهيز طاقم القرصان غريب الأطوار، ونقل الكاميرات والصناديق إلى مواقع التصوير في جزيرة "سانت فنسنت"، كما قدّم خدمات متنوعة للنجوم العالميين مثل "جوني ديب"، و"كيرا نايتلي"، و"أورلاندو بلوم".

ذكريات "والتي" في مواقع التصوير لم تفارقه، بل ساعدته لاحقا في أداء وظيفته الجديدة. إذ يعمل حاليا ضمن طاقم السفينة الشراعية "سكاراموش"، التي كانت تُستخدم سابقا كسفينة إمداد خلال تصوير الفيلم الشهير. أما اليوم، فتقوم بنقل ركاب السفينة السياحية "ماين شيف 2" وتصحبهم في رحلة مليئة بالمغامرة على طول ساحل جزيرة "سانت فنسنت".

خلف الجمال الطبيعي الخلاب لمنطقة البحر الكاريبي تكمن قرون من المغامرات والبطولات المثيرة التي نسجها قراصنة في عصور مضت (وكالة الأنباء الألمانية) القراصنة.. عنوان غير رسمي للرحلات البحرية

نظرا لشهرته، أصبح "والتي" نجما محبوبا لدى ركاب السفينة "سكاراموش"، التي أصبحت القرصنة شعارها غير الرسمي خلال الرحلة. يرفع فيها علم القراصنة، ويؤدي دورا محوريا في توجيه السياح عبر مواقع تصوير سلسلة "قراصنة الكاريبي"، مستعرضا معهم تفاصيل المشاهد الشهيرة.

إعلان

ومن بين هذه المواقع، الجسر المعلق بين الصخور الذي شهد هروب "جاك سبارو" من أكلة لحوم البشر الكاريبيين، وسفح الجبل الذي تدحرج عليه القبطان داخل عجلة الماء العملاقة. ويمكن للسياح اليوم رؤية الديكورات القديمة التي ما زالت قائمة في خليج "واليلابو باي"، حيث توجد بقايا من المشاهد السينمائية، تشمل هياكل عظمية عملاقة وتوابيت استخدمت في التصوير.

أجواء القراصنة لا تزال حاضرة

في مقهى صغير يطل على الخليج، يُعرض فيلم "قراصنة الكاريبي" بشكل متواصل في الخلفية. وعند عودة السياح إلى السفينة السياحية، تقدم إحدى الحانات أطباقا تقليدية من الجزيرة، من بينها طبق "جامبالايا"، وهو عبارة عن حساء من الأرز يُطهى ببطء مع اللحم أو المأكولات البحرية، وهو من الأطباق التي يُعتقد أن القراصنة كانوا يتناولونها في زمن مضى.

وأثناء الإبحار بين جزر الأنتيل الصغرى، خصوصا بين "سانت فنسنت" و"سانت كيتس"، قد لا يصادف السياح موضوع القراصنة بشكل مباشر، إلا أن السفينة السياحية "ماين شيف" تقدم تجربة قرصانية متكاملة. فقد أُنشئت "روضة عش القراصنة" على متنها للأطفال، وخلال الحفل المسائي عند المسبح، يشارك ممثل يؤدي شخصية "جاك سبارو"، إلى جانب نسخة طبق الأصل من شخصية "إليزابيث سوان"، بالتقاط الصور مع السياح.

وفي كل ميناء تتوقف فيه السفينة، ينظّم قسم الرحلات جولات سياحية تتضمن زيارات إلى معالم حقيقية للقراصنة القدامى من القرن السابع عشر، الذين بثوا الخوف في أرجاء البحر الكاريبي، وحولوه إلى منطقة غير آمنة لفترة طويلة.

الكوخ المسحور يعد من أبرز المعالم السياحية في جزيرة دومينيكا بالبحر الكاريبي (وكالة الأنباء الألمانية) قراصنة في خدمة ملوك

كان بعض القراصنة يعملون لحسابهم الخاص، بينما خدم آخرون التاج البريطاني أو الفرنسي. واشتهروا بقبعاتهم التي تحمل رموز الجماجم والعظام المتقاطعة. نهبوا مئات السفن الشراعية المحملة بالفضة والأحجار الكريمة والتوابل، وهاجموا قرى ساحلية مسالمة، وسرقوا وقتلوا دون رحمة.

إعلان

بالنسبة لعشاق قصص القراصنة، فإن أسماء مثل "بلاكبيرد" القاسي، و"هنري مورغان" الذكي، الذي أصبح حاكما لجامايكا، أو "الكابتن كيد" الوحشي، تُعد مألوفة. أما المؤرخة المخضرمة كلوديت ليفي فارنوم، فتعرف كثيرا من القصص الأخرى، وترويها للسياح خلال جولاتهم في جزيرة "باربادوس".

من بين هذه القصص، قصة سام لورد، المزارع الماكر الذي لم يبحر يوما، بل استخدم الخداع عبر إشعال أضواء كبيرة على شاطئ مزرعته، ليظن قبطان السفينة أنه يقترب من ميناء، بينما يكون في الحقيقة على مقربة من الشعاب المرجانية، ليقع فريسة سهلة بين يديه.

كما تروي قصة ستيد بونيه، ابن أحد أقطاب زراعة السكر، والذي حُرم من الميراث بعد وفاة والده، فحوّل سفينته "ريفنج" إلى وسيلة للانتقام من التجار الأثرياء. ولا تزال بقايا مزرعته قائمة قرب "بريدج تاون"، كما خصص له معرض صغير في "أرلينغتون هاوس" بمدينة "سبيتستاون".

شلال وادي تيتو يعتبر أبرز معالم جزيرة دومينيكا ويمتاز بتياراته المائية الشديدة (وكالة الأنباء الألمانية)

تشير المؤرخة كلوديت إلى أن الدفاع ضد القراصنة كان في الغالب غير مجدٍ، كما هو الحال في قرية الصيادين "أويستينز" في باربادوس، التي تعرّضت لهجمات متكررة. ومع ذلك، صمدت القرية، واستمرت حاناتها ومطاعمها في جذب السياح من مختلف دول العالم، فيما لا تزال مدافع قديمة مغمورة في البحر تظهَر عند الجزر، شاهدة على تلك الحقبة.

الاسترخاء بعد المغامرة

تتميّز الرحلات البحرية في الكاريبي بروعة الطبيعة وجمال المرافئ. فبعد يوم حافل بالمغامرات على اليابسة، يعود السياح إلى السفينة ليجدوا الراحة في نادٍ صحي أنيق، أو يستلقوا على الكراسي المريحة بجانب المسبح، أو يتناولوا العشاء في مطعم فاخر أو بسيط، في مزيج من الترفيه والهدوء.

ومن أبرز مزايا هذه الرحلات أنها تنقل الزوّار من مكان إلى آخر أثناء نومهم، إذ يغادرون جزيرة مساء ويستيقظون في صباح اليوم التالي على مشارف جزيرة أخرى، جالسين على شرفات غرفهم يتأملون شروق الشمس مع فنجان قهوة، في بداية جديدة لمغامرة لا تُنسى.

إعلان الزمن لا يتحرك في دومينيكا

تشتهر منطقة البحر الكاريبي بالنخيل والشواطئ والغابات والأنهار والشلالات، وتعد جزيرة "دومينيكا" من أبرز جزر الأنتيل الصغرى، وأكثرها تنوعا. لم يطرأ عليها تغيير كبير خلال القرنين الماضيين، ولذلك لم يكن مفاجئا أن يختارها صنّاع أفلام "قراصنة الكاريبي" موقعا لتصوير أعمالهم.

يُقدّم السكان المحليون في نهر "إنديان ريفر" جولات رومانسية عبر الأدغال، باستخدام قوارب التجديف، يتوقفون خلالها عند "الكوخ المسحور" الذي ظهرت فيه شخصية "كاليبسو" وتفاوضت مع "جاك سبارو" في أحد المشاهد.

سحرت منطقة البحر الكاريبي المخيلة البشرية بمياهها الفيروزية الرقراقة وشواطئها الرملية الناعمة وجزرها الخضراء المورقة (وكالة الأنباء الألمانية)

على بُعد 20 كلم، يقع شلال "وادي تيتو"، الذي ظهر في الفيلم أيضا، ويجذب مئات السياح يوميا، الذين يتحدّون تياراته القوية أو يُسحبون على إطارات مطاطية من قبل رجال محليين مقابل رسوم بسيطة.

ويُقال إن القراصنة أخفوا ملايين من عملة البيزو في كهوف جزيرة "دومينيكا"، لم يُعثر عليها حتى اليوم. كما يقال إن "بلاكبيرد" دفن كنزه الذهبي في جزيرة "سونا"، قبالة شواطئ ما يُعرف اليوم بجمهورية الدومينيكان.

لكن السياح لا يأتون بحثا عن الكنوز، بل يأتون لاكتشاف أسرار وغموض هذه الجزر، والاستمتاع بما تبقى من إرث القراصنة الحقيقيين ونُسَخهم السينمائية، وسط أعداد كبيرة من منظمي الرحلات، وسائقي سيارات الأجرة، والمرشدين السياحيين، ومقدّمي عروض القراصنة.

تسعى جماعة "أخوية القراصنة" المغامرين لإعادة بناء قرية قرصانية كاملة في جزيرة "جوادلوب"، لتكون بمثابة نصب تذكاري لزمن السادة البحريين، ورافدا لتنشيط السياحة المحلية، ونافذة على عالم الأساطير الذي لا يزال ينبض بالحياة في البحر الكاريبي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات وکالة الأنباء الألمانیة منطقة البحر الکاریبی قراصنة الکاریبی فی جزیرة من بین

إقرأ أيضاً:

رسميا.. ريال مدريد يكافئ مبابي بقميص الأساطير

منح نادي ريال مدريد مهاجمه الفرنسي كيليان مبابي القميص رقم 10، بعد رحيل نجمه الكرواتي لوكا مودريتش هذا الصيف.

وأعلن ريال مدريد عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتداء مبابي القميص 10 في الموسم المقبل بدلًا من 9.

يأتي هذا بعد الموسم المميز الذي قدمه مبابي مع ريال مدريد في موسمه الأول على المستوى الفردي.

العمايرة: لائحة الدوري تمنح رابطة الأندية صلاحيات إعلامية موسعةفي بيان رسمي.. برشلونة يعلن مفاجأة سارة لجماهيرهرسميًا.. الزمالك يضم أحمد ربيع من البنك الأهلي لمدة خمسة مواسمأول تعليق من محامي رمضان صبحي بعد إخلاء سبيل اللاعبمبابي يسخر من مزاعم رفضه المشاركة في حمل الشعلة الأولمبية 

في سياق آخر، نفى كيليان مبابي صحة التقارير التي تحدثت عن رفضه المشاركة في المرحلة الأخيرة من تتابع الشعلة الأولمبية لـأولمبياد باريس 2024، بسبب استبعاده من شرف إشعال المرجل الأولمبي، ورد على تلك الأنباء بطريقة ساخرة أثارت تفاعلًا واسعًا.

وجّه مبابي ردًا ساخرًا عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، قال فيه:"أموت من الضحك نسيتم أن تضيفوا أنني طلبت أيضًا أن أكون صانع ألعاب منتخب فرنسا لكرة السلة، أليس كذلك؟".

وأضاف مهاجم ريال مدريد موضحًا:"كنت أقضي عطلتي على الجانب الآخر من العالم. لا أملك تاريخًا أولمبيًا، ولم أتوقع أبدًا أن أكون من يختتم مراسم التتابع، ولا يوجد سبب يجعلني آخر من يحمل الشعلة".

جاء رد مبابي بعد أن نشرت صحيفة "لو كانار أونشينيه" الفرنسية تقريرًا ادّعت فيه أن اللاعب رفض تسليم الشعلة للأسطورة زين الدين زيدان، بسبب رغبته في أن يكون هو من يشعل المرجل الأولمبي في ختام التتابع، وهو ما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الفرنسية.

طباعة شارك ريال مدريد مبابي مودريتش كيليان مبابي

مقالات مشابهة

  • تحذيرات تسونامي بعد أقوى زلزال منذ 2011.. ما المناطق التي يشملها؟
  • السياحة تطلق مسابقة لتصوير القطع الأثرية التي تم انتشالها من مياه البحر المتوسط
  • «السياحة والآثار» تطلق مسابقة لتصوير القطع الأثرية التي تم انتشالها من مياه البحر المتوسط
  • ماذا تقدم السعودية لعشاق سياحة المغامرات؟
  • مدينة غارقة.. هل يخفي قاع البحر الكاريبي سرّ حضارة مفقودة؟
  • بعد موجة الحر الشديد التي ضربت لبنان... كيف سيكون طقس الأيام المقبلة؟
  • تضامناً مع غزة.. يونانيون يحتجون على وصول سفينة سياحية “إسرائيلية” إلى جزيرة كريت
  • رسميا.. ريال مدريد يكافئ مبابي بقميص الأساطير
  • في سنغافورة.. مشروع جزيرة من صنع الإنسان لمواجهة خطر البحر المتصاعد
  • امرأة أميركية مكّنت قراصنة كوريا الشمالية من اختراق 300 شركة