أظهرت دراسة حديثة أن روتينات العناية بالبشرة التي تروّج لها فتيات مراهقات على تطبيق تيك توك لا تعود بأي فائدة تُذكر، بل على العكس، تزيد من خطر الإصابة بتحسس جلدي دائم قد يرافقهن طيلة حياتهن. اعلان

وقد لاحظ فريق البحث الذي أجرى الدراسة ازدياداً في عدد الفتيات الصغيرات اللواتي ينشرن مقاطع فيديو تُظهر روتينات معقدة تشمل مرطبات، وتونر، وعلاجات حب الشباب، وحتى مستحضرات مقاومة للتجاعيد.

وفي أول دراسة من نوعها، قام الباحثون بتحليل محتوى هذه الفيديوهات، وخلصوا إلى أن هذه الروتينات ليست فقط مرهقة، إذ تستيقظ بعض الفتيات في الرابعة والنصف صباحًا لتطبيقها، بل مكلفة وغير ضرورية، بل وقد تكون ضارّة.

وقالت الدكتورة مولي هيلز، الباحثة الرئيسية من جامعة نورث ويسترن: "المخاطر المرتبطة باستخدام هذه المنتجات، خاصةً عند الفتيات الصغيرات، تفوق بفارق كبير أي فائدة ضئيلة قد تجنيها من المكونات الفعالة".

روتينات العناية بالبشرة لدى المراهقات على تيك توك تُلحق الضرر ببشرتهن

وأضافت أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون مساحة للتعبير والمرح، لكن لا حاجة للفتيات الصغيرات لمثل هذه الروتينات. وأوضحت: "يكمن الخطر في إيصال رسالة مفادها أن العناية بالبشرة أمر ضروري لحماية الصحة. فالحقيقة أن هذه المنتجات لا تحسّن صحة الجلد، بل على الأرجح تضعف بنيته بمرور الوقت".

وشددت على أن غسولاً لطيفًا يُستخدم مرة أو مرتين يوميًا مع واقٍ شمسي يكفي تمامًا.

وقد أوضحت الدراسة، التي نُشرت في مجلة بدياتركس (Pediatrics)، أن الباحثين أنشأوا حسابين مزيفين على تيك توك يُفترضان لفتيات بعمر 13 عامًا، وراقبوا 100 فيديو لروتينات عناية بالبشرة من إنتاج أطفال ومراهقين.

ووجد الفريق أن 81 من أصل 82 منشئ محتوى كانوا من الفتيات، تتراوح أعمارهن بين 7 و18 عامًا. وكتب الباحثون: "غالبية الفتيات يظهرن ببشرة صافية وفاتحة وخالية من العيوب"، لافتين إلى أن هذه الفيديوهات تكرّر مفاهيم الجمال المرتبطة بالبشرة البيضاء.

سكارليت جودارد ستراهان (11 عامًا) تلتقط صورة في منزلها في ساكرامنتو، كاليفورنيا، الثلاثاء 20 آب/أغسطس 2024، في إطار تقرير عن هوس العناية بالبشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.Juliana Yamada/Copyright 2024 The AP. All rights reserved

وتبين أن الروتين الواحد يتضمن في المتوسط ستة منتجات، وغالبًا ما تكون من العلامة التجارية نفسها، بتكلفة إجمالية تقارب 168 دولارًا (124 جنيهًا إسترلينيًا). إلا أن بعض الروتينات تضمنت أكثر من 12 منتجًا، بكلفة تجاوزت 500 دولار (369 جنيهًا إسترلينيًا).

وغالبًا ما جاءت الفيديوهات على شكل "استعدي معي" أو "روتين العناية بالبشرة" أو "روتين بعد المدرسة".

وبحسب الدراسة، فإن العديد من المنتجات تحتوي على مكونات مثل حمض الستريك، المعروف بتسببه بتحسس البشرة وزيادة حساسيتها لأشعة الشمس، ما يعزز خطر الحروق والتلف. ورغم ذلك، أظهرت النتائج أن 26% فقط من فيديوهات روتينات العناية النهارية تضمنت استخدام واقي الشمس، وهو ما وصفه الباحثون بأنه "فرصة ضائعة بشكل كبير".

وأشارت هيلز إلى أن استخدام منتجات تحتوي على مكونات نشطة متعددة، أو استخدام عدة منتجات تحتوي على نفس المكوّن النشط، يعزز احتمالية التهيج الجلدي.

كما وجد الباحثون أن 76% من الفيديوهات الـ25 الأعلى مشاهدة احتوت على مكون واحد على الأقل من مسببات الحساسية الجلدية المحتملة، وغالبًا ما تكون العطور.

بدورها، قالت الدكتورة تيس ماكفيرسون، من الجمعية البريطانية لأطباء الجلدية – والتي لم تشارك في الدراسة – إن النتائج تدعم ملاحظات ميدانية سابقة حول زيادة عدد الزيارات لعيادات الجلدية بسبب التهيجات بين الأطفال والمراهقين. وأضافت: "نشهد زيادة كبيرة في الرغبة بالحصول على بشرة مثالية أو خالية من العيوب، وهو مفهوم غير واقعي ولا يُشعر الناس بالسعادة".

وأشارت إلى أن بعض الأطفال يطلبون أموالًا كهدايا أعياد ميلادهم لشراء منتجات العناية بالبشرة باهظة الثمن، والتي تُسوّق بقوة للفتيات الصغيرات من خلال تغليف جذاب.

Relatedمانويل نوير يطلق منتج للعناية بالبشرة ويكشف عن إصابته السابقة بسرطان الجلدشركات مستحضرات التجميل تزيل من قاموسها عبارات "تبييض" و"تفتيح" البشرة خبراء يربطون بين مستحضرات ترطيب البشرة واشتعال الحرائق

وحذرت ماكفيرسون من أن هذه الفيديوهات تسهم في تعميق الوصمة المرتبطة بمشاكل مثل حب الشباب والإكزيما، وتغذي الخوف من الشيخوخة، وهو ما تعززه صور النساء اللواتي يستخدمن البوتوكس والفيلر.

وختمت قائلة: "الأطفال يلجأون بشكل متزايد إلى منتجات لا يحتاجونها، ولا تفيدهم. هذا يعكس نظرة مقلقة للغاية في المجتمع تجاه مفهوم الجمال".

من جهته، قال متحدث باسم تيك توك: "هذا النوع من المحتوى شائع في جميع وسائل الإعلام، وقد أقرّ الباحثون بأنهم لم يقيموا تأثيره الفعلي على رفاه المراهقين. إلا أنهم وجدوا فوائد حقيقية مثل التعبير عن الذات، وتعزيز الروابط بين الوالدين والأبناء، وبناء مجتمع داعم على المنصة".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل إسبانيا روسيا تكنولوجيا فرنسا دونالد ترامب إسرائيل إسبانيا روسيا تكنولوجيا فرنسا مراهقون تيك توك صناعة مستحضرات التجميل منوعات علوم طبية دراسة دونالد ترامب إسرائيل إسبانيا روسيا تكنولوجيا فرنسا فلاديمير بوتين غزة أوروبا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي العنایة بالبشرة تیک توک أن هذه إلى أن

إقرأ أيضاً:

دراسة لجامعة نزوى: 4% من أراضي سلطنة عمان صالحة لزراعة القمح حتى عام 2080

في إطار الجهود البحثية الرامية إلى فهم تداعيات تغير المناخ على الأمن الغذائي أجرى فريق بحثي من جامعة نزوى دراسة علمية متقدمة حول تأثير تغير المناخ على إنتاج القمح في سلطنة عمان، باستخدام خوارزمية «MaxEnt» وتقنيات تعلم الآلة لتحليل ملاءمة الأراضي الزراعية خلال فترات زمنية مختلفة تمتد حتى عام 2080، وتهدف الدراسة إلى توفير قاعدة بيانات علمية دقيقة تسهم في دعم الخطط الوطنية لتحقيق الأمن الغذائي، واستشراف التغيرات البيئية المحتملة التي قد تؤثر على استدامة زراعة المحاصيل الاستراتيجية، لاسيما القمح، في بيئة مناخية تتسم بالتقلب والندرة المائية، وقد أظهرت النتائج العديد من المؤشرات المهمة التي يمكن أن تُسهم في صياغة السياسات الزراعية وتعزيز مفهوم الزراعة الذكية والمستدامة في سلطنة عمان.

وقال الدكتور خليفة بن محمد بن ساعد الكندي، أستاذ مساعد في كرسي جامعة نزوى لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وأحد الباحثين المشاركين في الدراسة: إن الدراسة العلمية كشفت عن تأثيرات تغير المناخ على إنتاج القمح في سلطنة عُمان، مركّزة على تحديد المناطق المثلى لزراعته خلال فترات زمنية مختلفة باستخدام خوارزمية «MaxEnt»، حيث أظهرت نتائج الدراسة، ومن خلال التحليل الزمني لمناطق ملاءمة زراعة القمح، أن المناطق ذات الملاءمة العالية جدا ظلت محدودة للغاية طوال الفترات الزمنية الممتدة بين 1970 و2080، حيث لم تتجاوز نسبتها 3 إلى 4% من إجمالي مساحة سلطنة عمان، أي ما يعادل نحو 9,285 إلى 12,380 كيلومترا مربعا فقط، وعلى الرغم من التحسن الطفيف في المساحة المصنفة كعالية جدا، إلا أن هذه المناطق بقيت نادرة، مما يؤكد ضرورة تركيز الجهود الزراعية والتقنيات الحديثة لتعظيم الاستفادة من هذه الرقعة المحدودة وضمان الاستدامة الإنتاجية فيها.

أما عن المناطق المصنفة بملاءمة عالية فقال الدكتور خليفة الكندي: إن هذه المناطق حافظت على استقرار ملحوظ خلال مختلف الفترات، لتغطي حوالي 8% من إجمالي مساحة الأراضي (حوالي 24,760 كيلومترا مربعا) حيث يشير هذا الثبات إلى وجود قاعدة بيئية مناسبة يمكن البناء عليها في تطوير الإنتاج الزراعي، شريطة تطبيق إدارة رشيدة للموارد المائية والتربة لتعزيز الإنتاجية والاستدامة في هذه المناطق، وفي المقابل، شهدت المناطق متوسطة الملاءمة تذبذبا ملحوظا خلال الفترة المدروسة، حيث سجلت ارتفاعا مؤقتا في منتصف القرن ثم عاودت الانخفاض بنهاية الفترة، ويعكس ذلك هشاشة هذه المناطق أمام التغيرات المناخية، ويدعو إلى ضرورة تبنّي استراتيجيات زراعية مرنة تعتمد على استحداث أصناف قمح مقاومة للجفاف واستخدام تقنيات الزراعة الذكية للتكيّف مع الظروف المتغيرة، وفيما يتعلق بالمناطق منخفضة الملاءمة فقد ظلت مسيطرة على المساحة الأكبر من الأراضي الزراعية بنسبة تتراوح بين 40% و43% طوال الفترات الزمنية المدروسة، ويدل استمرار هذه النسبة العالية على محدودية القطاعات الزراعية الفعّالة للقمح ووجوب الاستثمار في تحسين الخصائص البيئية والتقنيات الزراعية من أجل تعزيز الإنتاج في هذه المناطق ذات الإمكانيات المحدودة، وعلى ضوء هذه النتائج، يتبين أن المساحة الفعّالة لإنتاج القمح في سلطنة عمان تظل محدودة نسبيا مقارنة بالطلب الوطني، مما يستوجب إعطاء الأولوية لاستثمار المناطق الأكثر ملاءمة وتكثيف الجهود البحثية والتقنية لمواكبة تحديات التغير المناخي وتحقيق الأمن الغذائي المستدام في سلطنة عمان.

دعم الأمن الغذائي

وفيما يتعلق بكيفية إسهام خوارزمية «MaxEnt» وتقنيات تعلم الآلة في دعم خطط الأمن الغذائي في ظل التحديات المناخية المتوقعة، أوضح الدكتور الكندي أن هذه الأدوات المتقدمة تتيح تعزيز قدرة قطاع الزراعة على مواجهة التحديات المناخية المتزايدة واستدامة الأمن الغذائي، حيث تتجلى أهميتها من خلال عدة محاور وظيفية وعملية تدعم التخطيط الاستراتيجي والإنتاج الزراعي، فمن ناحية، تقوم خوارزمية «MaxEnt» على تحليل العوامل البيئية الرئيسية مثل درجات الحرارة، الأمطار ونوعية التربة بهدف تحديد المناطق الأكثر ملاءمة لزراعة المحاصيل، ما يمكّن المخططين من توجيه الاستثمارات والموارد الزراعية إلى المناطق ذات الإنتاجية المرتفعة والمستدامة، ويسهم في رفع الكفاءة الزراعية في مواجهة التقلبات المناخية، ومن ناحية أخرى، تُسهم تقنيات تعلم الآلة في رصد وتحليل سيناريوهات التغيرات المناخية المستقبلية وتأثيراتها على المحاصيل الزراعية، وعبر بناء نماذج محاكاة دقيقة، يمكن استنباط الحلول الفعالة للتكيف مثل تطوير أصناف جديدة مقاومة للجفاف أو الحرارة، وتحسين أنظمة الري الذكية بما يتلاءم مع التوقعات المناخية.. كما تتيح خوارزمية «MaxEnt» وأدوات تعلم الآلة إنتاج بيانات دقيقة وحلول مبنية على معطيات واقعية، ما يعزز من جودة قرارات صناع السياسات الزراعية، حيث يمكن للمخططين توقع توزيع المخاطر وتحديد الأولويات في استغلال الموارد، مما يساعد على تطوير خطط استباقية لضمان الأمن الغذائي في الفترات الحرجة، ومن جانب آخر، تمكّن الخوارزميات الحديثة من الاعتماد على كميات ضخمة من بيانات الاستشعار عن بعد وتحليلها باستمرار، وذلك لتحسين أداء النماذج والتنبؤات الزراعية، وتسهم هذه التقنيات في ابتكار حلول مثل الزراعة الدقيقة والمراقبة الميدانية المستمرة، مما يرفع من كفاءة الموارد ويقلل من الهدر، وتوفر النماذج المعتمدة على «MaxEnt» وتعلم الآلة مرونة أكبر للنظم الزراعية لمواجهة تأثيرات الظروف المناخية غير المتوقعة، حيث تساعد هذه الأدوات في اختبار مدى فعالية السياسات والتقنيات الزراعية قبل تطبيقها الفعلي، مما يقلل من المخاطر ويعزز من استدامة الأمن الغذائي على المدى الطويل.

توقعات مستقبلية قوية

وأكد الدكتور الكندي أن تحقيق نموذج «MaxEnt» لقيم AUC تتجاوز 0.8 يعكس مستوى عاليا من الدقة والموثوقية في تصنيف المناطق الملائمة وغير الملائمة لزراعة القمح خلال الفترات الزمنية المختلفة، وهو ما يعزز من قدرة النموذج على تقديم توقعات مستقبلية قوية تدعم عمليات التخطيط الزراعي وتعزيز استراتيجيات الأمن الغذائي في ظل التغيرات المناخية، ورغم هذه الدقة المرتفعة، فإن مدى موثوقية التوقعات المستقبلية يظل مرتبطا بجودة البيانات البيئية والمناخية المستخدمة، وبمدى واقعية السيناريوهات المفترضة في النمذجة، مما يتطلب الحرص على تحديث هذه البيانات باستمرار لمواكبة التغيرات الفعلية في البيئة المحلية، ومع ذلك، فإن تطبيق نتائج النموذج على أرض الواقع يواجه عددا من التحديات الجوهرية، من أبرزها عدم اليقين الملازم لتنبؤات السيناريوهات المناخية طويلة الأمد، حيث تؤثر التداخلات المعقدة للعوامل البيئية وتغير استخدامات الأراضي بشكل كبير على موثوقية التوقعات، علاوة على ذلك، قد تؤدي محدودية البيانات المحلية الدقيقة، مثل خصائص التربة وتوزع المياه الجوفية، إلى حدوث فجوة بين النتائج النظرية والتطبيق العملي، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في البنية الأساسية البحثية والتقنية.. كما تلعب الظروف المفاجئة، سواء كانت مناخية متطرفة أو ناتجة عن تغيرات في السياسات أو توافر الموارد، دورا في إعادة تشكيل الواقع الزراعي بشكل أسرع من قدرة النماذج على التنبؤ بذلك، وهو ما يستدعي المرونة في التكيف وسياسات المتابعة المستمرة. وبناءً على ما سبق، يمكن القول: إن توقعات نموذج MaxEnt تُعد أداة فعّالة لدعم التخطيط الزراعي الاستراتيجي، لكنها تتطلب تكاملها مع الرصد الميداني المستمر وتحديث النماذج بشكل دوري لتحقيق أعلى استفادة عملية، وضمان مواكبة التغيرات السريعة ضمن خطط الأمن الغذائي المستدام في سلطنة عمان.

مفهوم الزراعة المستدامة

وأوضح أن نتائج هذه الدراسة حول التحليل الزمني لمناطق ملاءمة زراعة القمح في سلطنة عمان تُعد ركيزة أساسية تدعم التوجّه الوطني نحو الزراعة المستدامة، إذ وفرت بيانات علمية دقيقة حول المناطق المثلى للزراعة واحتمالات تغيّرها بفعل المناخ، ما انعكس بشكل مباشر على رسم السياسات الزراعية في سلطنة عمان، فقد أضحت مثل هذه الدراسات عنصرا مركزيا في بناء الاستراتيجيات التطويرية للقطاع الزراعي، حيث عززت من قدرة الجهات المختصة على توجيه الاستثمارات نحو المناطق الزراعية الأكثر جدوى، وتحسين التخطيط المستقبلي للمحاصيل الاستراتيجية، والاستفادة الأمثل من الموارد الطبيعية، مع الارتقاء بكفاءة إدارة المياه والتربة استنادا إلى مستجدات البيئة المناخية. وانطلاقا من هذه الأسس العلمية، أطلقت الحكومة العمانية والجهات الزراعية عددا من المبادرات الفعلية الداعمة للزراعة المستدامة، من بينها الاستراتيجية الوطنية للزراعة المستدامة التي تركز على رفع كفاءة الإنتاج واستدامة الموارد، مع إيلاء اهتمام بالغ لإدارة المياه وحماية التنوع الزراعي. كما وضعت خططا لدعم إنتاج القمح المحلي من خلال توفير البذور المحسنة والدعمين المالي والفني للمزارعين، بالإضافة إلى تعزيز تسويق الإنتاج بالتعاون مع القطاع الخاص، وتتجسد الجهود كذلك في تبني مشاريع المدن الزراعية وتطبيق تقنيات الزراعة الذكية مثل الزراعة المائية وأنظمة الري الذكي، فضلا عن اعتماد ممارسات الزراعة الذكية مناخيا، من خلال تنويع المحاصيل وتطوير الأصناف المقاومة للجفاف وجدولة مواعيد الزراعة حسب توقعات التغير المناخي. إضافة إلى ذلك، تعتمد الجهات المختصة على نتائج الأبحاث العلمية في رسم السياسات الوطنية، كما هو واضح في استراتيجية التكيّف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية للفترة 2020–2040، الهادفة إلى تقليل المخاطر المناخية وتعزيز استدامة الإنتاج الزراعي بتطبيق خطط عملية واقعية، وخلاصة القول: تؤكد هذه الدراسة الدور الحيوي للمعطيات العلمية ونماذج التنبؤ البيئي في توجيه السياسات والاستراتيجيات الحكومية الرامية إلى تحقيق الزراعة المستدامة في سلطنة عمان، مع ترجمتها في صورة استجابات عملية ومشاريع نوعية تعكس مدى التفاعل المؤسسي مع التحديات المناخية واستغلال الفرص المتاحة في المناطق الأكثر ملاءمة، مما يعزز من فعالية رسم خطط الأمن الغذائي وتطوير إدارة الموارد الطبيعية على المدى البعيد.

وتطرق الدكتور خليفة الكندي إلى أن هذه الدراسة تلعب دورا محوريا في مساعدة سلطنة عمان على رسم خارطة طريق واضحة نحو تحقيق الأمن الغذائي في ظل التحديات البيئية والمناخية المتسارعة، فمن خلال تحليل علمي دقيق لمناطق ملاءمة زراعة القمح، أصبحت الجهات المختصة تملك بيانات حديثة وموضوعية تساعدها على تحديد الأراضي الأكثر كفاءة للإنتاج الزراعي، مما يوجه الاستثمارات والجهود نحو المناطق ذات العائد الأعلى، ويقلل من المخاطرة والهدر في الموارد الشحيحة بطبيعة البيئة العمانية. وتكمن أهمية الدراسة في أنها لم تكتفِ بتشخيص الوضع الحالي، بل قدمت توقعات مستقبلية تأخذ في الاعتبار سيناريوهات التغير المناخي حتى نهاية القرن، مما يسمح بوضع خطط وتدابير استباقية للتكيف مع ارتفاع درجات الحرارة، تغير معدلات الأمطار، أو ندرة الموارد. وقد انعكس ذلك بشكل عملي على قدرة صناع القرار في تطوير استراتيجيات تدعم استدامة القطاع الزراعي، عبر تعزيز الابتكار، وتبني الأنظمة الذكية في الري وإدارة التربة، وتشجيع تطوير أصناف قمح مقاومة للجفاف والظروف القاسية. كما أسهمت نتائج الدراسة في رفد السياسات الوطنية للمياه والزراعة، ودعم مبادرات مثل الاستراتيجية الوطنية للزراعة المستدامة، وشجعت على دمج العلم الحديث في برامج التدريب والإرشاد للمزارعين المحليين. هذا التكامل بين التخطيط العلمي والمجتمعي يرفع من جاهزية المجتمع الزراعي لمواجهة المفاجآت المناخية ويزيد من مرونته، بما يضمن استقرار الإمداد الغذائي للبلاد ويقلل من الاعتماد على الخارج في فترات الأزمات. وباختصار، فإن هذه الدراسة تمثل ركيزة علمية ضرورية لتوجيه السياسات والابتكارات في الزراعة العمانية، وهي ترجمة عملية لإرادة السلطنة في بناء منظومة أمن غذائي أكثر قوة ومرونة، مهما بلغت حدة التحديات المناخية المقبلة.

تأثيرات التغير المناخي

من جانبه قال الدكتور علي اللواتي أستاذ مساعد، علم الوراثة النباتية مركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية في جامعة نزوى واحد المشاركين في مشروع الدراسة: تهدف هذه الدراسة إلى متابعة تأثير التغير المناخي على إنتاج القمح في سلطنة عمان من خلال تحديد المناطق الأنسب للزراعة عبر أربع فترات زمنية مختلفة تشمل الفترة المرجعية (1970 ـ 2020)، والفترات المستقبلية «2021 ـ 2040»، و«2041 ـ 2060»، و«2061 ـ 2080»، وقد أظهرت نتائج الدراسة دقة تنبؤية عالية لنموذج «MaxEnt»، حيث سجل متوسط أداء النموذج AUC حوالي 0.82 في الفترة المرجعية، وانخفض بشكل طفيف إلى 0.81 للفترة «2021 ـ 2040»، قبل أن يرتفع مجددًا إلى 0.82 و0.83 للفترتين اللاحقتين، على التوالي، مما يدل على موثوقية التنبؤات المستخلصة، كما أشارت النتائج إلى أن العوامل البيئية التي تؤثر على زراعة القمح تشمل درجات الحرارة الموسمية وتغير درجات الحرارة في فصل الشتاء، وطول فترة هطول الأمطار، ومن بين الشروط البيئية المثلى للزراعة تجاوز التغير الحراري الموسمي لـ 300، وارتفاع درجات الحرارة الشتوية إلى أكثر من 17 ـ 18 درجة مئوية، وهطول أمطار يتجاوز 100 ملم في أبرد فصل، و75 ملم في أكثر الشهور مطرًا، وفي المقابل، فإن طول فترة هطول الأمطار قد يكون له تأثير سلبي على الإنتاج، نظرًا لاعتماد الأصناف المحلية على الري، وهو ما قد يعرض المحصول للفقد.

وأكد أن الدراسة أوصت بدمج النماذج التنبؤية في خطط التخطيط الزراعي لتحديد المناطق المثلى للزراعة، وتحقيق الأمن الغذائي في ظل التغيرات المناخية .. كما تدعو إلى دراسة خصائص التربة، وتوظيف مصادر بيانات خارجية والتوقعات المناخية بعيدة المدى، بهدف بناء إطار زراعي مرن وقادر على التكيف مع تغير المناخ.

مقالات مشابهة

  • دراسة تحذيرية: منتجات غذائية شائعة للأطفال تساهم في السمنة المبكرة
  • دراسة علمية: الإمارات تمثل انطلاقة لتحول جذري في مستقبل الزراعة
  • تسارع شيخوخة الدماغ خلال جائحة كوفيد-19.. دراسة بريطانية تكشف التأثيرات المخفية
  • دراسة تكشف حقائق مذهلة عن السعال المزمن
  • دراسة على 17 دولة تكشف ارتباط ارتفاع درجات الحرارة بالسرطان - تفاصيل
  • دراسة تؤكد خطورة استخدام مستحضرات التجميل للأطفال ومغردون يدعون لمنعها
  • التدهور المعرفي ليس حتميًا مع التقدم في السن.. وفق دراسة جديدة
  • دراسة تحذر من اقتناء الأطفال دون 13 عاما للهواتف الذكية
  • سهير جودة تكشف تطورات حالة لطفي لبيب: في العناية المركزة
  • دراسة لجامعة نزوى: 4% من أراضي سلطنة عمان صالحة لزراعة القمح حتى عام 2080