الخروج من المسجد بعد الأذان.. حرام أم مكروه؟ تعرف إلى آراء الفقهاء
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
هل يشرع الخروج من المسجد بعد الأذان لعذر؟ سؤال يكثر البحث عنه من خلال محركات البحث المختلفة، حيث يقول سائل: هل يجوز لي أن أخرج من المسجد بعد الأذان لعذر قهري؟
الخروج من المسجد بعد الأذانوقالت دار الإفتاء، في بيان حكم الخروج من المسجد بعد الأذان لعذر: إذا بادر المسلم إلى المسجد لأداء الصلاة؛ امتثالًا للأمر ورجاءً في الفضل، فلا ينبغي له أن يخرج منه بعد الأذان وقبل الشروع في الإقامة؛ لما ثبت عن أبي الشعثاء رضي الله عنه أنه قال: "كنا قعودًا في المسجد مع أبي هريرة رضي الله عنه، فأذَّن المؤذِّن، فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتَّى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة: "أَمَّا هَذَا، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ" رواه مسلم في "صحيحه".
وأخرجه الإمام الترمذي في "السنن" عن أبي الشعثاء رضي الله عنه بلفظ: "خرج رجل مِن المسجد بعد ما أذن فيه بالعصر"، فقال أبو هريرة رضي الله عنه: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وآله وسلم"، وقال عَقِبه: [وعلى هذا العمل عند أهل العلم مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومَن بعدهم: ألَّا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان، إلَّا من عذر: أن يكون على غير وضوءٍ، أو أمرٍ لا بد منه. ويروى عن إبراهيم النخعي، أنه قال: "يخرج ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة"، وهذا عندنا لمَن له عذرٌ في الخروج منه] اهـ.
وفي رواية شريك عن المسعودي رضي الله عنه، ثم قال: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كُنْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَخْرُجْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُصَلِّيَ»" أخرجها الإمام أحمد في "مسنده".
قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد" (24/ 213، ط. أوقاف المغرب): [أجمعوا على القول بهذا الحديث لمن لم يُصَلِّ وكان على طهارة، وكذلك إذا كان قد صلَّى وحده إلَّا لما لا يعاد من الصلوات.. فلا يحلُّ له الخروج من المسجد بإجماع إلَّا أن يخرج للوضوء وينوي الرجوع] اهـ.
وقال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (1/ 518، ط. دار الكتب العلمية): [والحديث يدل على أنه لا يجوز الخروج من المسجد بعد ما أُذِّنَ فيه؛ لكنه مخصوص بمن ليس له ضرورة؛ يدل عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج وقد أُقِيمَتِ الصلاة وَعُدِّلَتِ الصفوف حتى إذا قام في مصلاه انتظرنا أن يُكَبِّرَ انصرف قال: (على مكانكم)؛ فمكثنا على هيئتنا حتى خرج إلينا يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً وقد اغتسل. رواه البخاري وغيره. فهذا الحديث يدل على أن حديث الباب مخصوص بمن ليس له ضرورة؛ فيلتحق بالجنب المحدث والراعف والحاقن ونحوهم، وكذا مَن يكون إمامًا لمسجد آخر ومَن في معناه] اهـ.
فيما بينت الإفتاء أنه إن لم يكن هناك ثمة ضرورة للخروج من المسجد بعد الأذان فقد اختلف الفقهاء في حكم الخروج من المسجد حينئذٍ، هل هو للتحريم أو الكراهة؟ ومبنى خلافهم هو حقيقة النهي الوارد في الأحاديث السابقة.
فذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، وبعض الحنابلة إلى كراهة الخروج من المسجد في غير الحالات والأعذار المسموح بها شرعًا؛ وهو ما ذهب إليه الحنفية غير أنهم رفعوا درجة الكراهة حيث جعلوها كراهة تحريمية، إلَّا إذا كان الخروج لعذرٍ أو حاجةٍ، وأن عندهم -أي: الحنفية- لا يكره الخروج بعد الأذان لمَن كان صلَّى وحده في جميع الصلوات إلا في الظهر والعشاء فإنه يكره الخروج عند الشروع في الإقامة فقط لا قبله.
قال العلامة الحصكفي في "الدر المختار" (2/ 54-55، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية ابن عابدين"): [(وكره) تحريمًا للنهي (خروج مَن لم يُصَلِّ من مسجد أُذِّنَ فيه) جرى على الغالب، والمراد دخول الوقت أُذِّنَ فيه أو لا (إلا لمَن ينتظم به أمرُ جماعةٍ أخرى) أو كان الخروج لمسجدِ حيِّه ولم يُصَلُّوا فيه، أو لأستاذه لدرسه، أو لسماعِ الوعظ، أو لحاجةٍ، ومَن عزمه أن يعود. "نهر" (و) إلَّا (لمَن صلى الظهر والعشاء) وحده (مرة) فلا يكره خروجه؛ بل تركه للجماعة (إلَّا عند) الشروع في (الإقامة) فيكره لمخالفته الجماعة بلا عذرٍ؛ بل يقتدي متنفلًا لما مر (و) إلا (لمَن صلى الفجر والعصر والمغرب مرة) فيخرج مطلقًا (وإن أقيمت) لكراهة النفل بعد الأوليين، وفي المغرب أحد المحظورين البتيراء أو مخالفة الإمام بالإتمام] اهـ، و"البتيراء": الركعة الواحدة.
قال العلامة ابن عابدين محشِّيًا عليه: [والحاصل أنه لا يكره الخروج بعد الأذان لمَن كان صلى وحده في جميع الصلوات إلَّا في الظهر والعشاء فإنه يكره الخروج عند الشروع في الإقامة فقط لا قبله. تنبيه: المراد بالإقامة هنا شروع المؤذن في الإقامة كما في "الهداية" لا بمعنى الشروع في الصلاة] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الأذان صلى الله علیه رضی الله عنه فی الإقامة الشروع فی ى الله ع
إقرأ أيضاً:
تعلموا مناسك الحج .. خطيب المسجد النبوي: الله لا يعبد بالهوى بل بالعلم
أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة، الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان، المسلمين بتقوى الله ومراقبته، فهي منبع الفضائل، ومجمع الشمائل، وأمنع المعاقل، من تمسك بأسبابها نجا.
وقال البعيجان، في خطبة الجمعة من المسجد النبوي اليوم: "إنكم في شهر حرام، وفي بلد حرام، ومقبلين على ركن من أركان الإسلام، وهو فريضة الحج إلى بيت الله الحرام، وإن من الاستعداد لأداء هذا النسك تعلم ما يتعلق به من الأحكام، فيتعين على المسلم المقبل على الحج أن يتعلم طريقة وكيفية أداء نسكه بإتقان وإحكام، وأن يعرف الأركان والواجبات والمحظورات وما يترتب عليها من أحكام.
وأكد الدكتور عبدالله البعيجان، أن العلم مقدم على العمل، والله لا يعبد بالهوى، وإنما يعبد بالعلم والبصيرة، وقد قال الله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ)، فقدم العلم على القول والعمل".
ومضى الدكتور عبدالله البعيجان، قائلًا: "تعلم العلم خشية، وطلبه عبادة، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، ولا يتقرب إلى الله بشيء أحب إليه من علم يهتدي به العبد في عبادته، وقد سخر الله لكم الوسائل، وهيأ لكم الظروف المناسبة، فلا عذر لأحد في عدم تحصيل العلم، فكل الوسائل متاحة، والحجة قائمة".
وبين الدكتور عبدالله البعيجان، أن تعلم أحكام الحج جزء من أدائه، بل هو شرط في صحته واستيفائه، فاحرصوا على تعلمها على الوجه الصحيح، من العلماء المعتبرين، ومن الجهات المعتمدة؛ حتى تؤدوا مناسككم على الوجه المشروع.
وأشار إلى أن الله يسر لكم ما لم ييسر لمن قبلكم من وسائل التعليم، ومنصات التوجيه والإرشادات المصورة، بلغات متعددة، فهل بعد هذا من عذر، وهل بقي لأحد حجة في الجهل، فاغتنموا فرصة زمانكم، وتعلموا مناسككم، وخدمة لضيوف الرحمن فإن الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ووزارة الحج والعمرة قد أطلقتا عبر منصاتهما التوعوية جميع الخدمات التي يحتاجها الحاج والزائر، من التوجيهات العلمية، المعتمدة على الكتاب والسنة النبوية، والإرشادات الأمنية والصحية، والوسائل المساعدة، والإجراءات النظامية، وغير ذلك، فاستفيدوا منها، واعتمدوا عليها.
وقال: "لقد أكرمكم الله ومن عليكم بزيارة المدينة المنورة، طيبة الطيبة، الدار والإيمان، مهاجر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومأواه، ومقامه ومسكنه ومثواه، أفضل البقاع، وأحب البلاد إلى الله بعد مكة، فاعرفوا قدرها وفضلها، وعظموا شأنها، وراعوا حرمتها، واستشعروا عظمتها، وتأدبوا فيها بأحسن الآداب، واحذروا من انتهاك حرمتها، ومن الإحداث فيها، وتذكروا أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (الْمَدِينَةُ حَرَمٌ فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ وَلاَ صَرْفٌ)".
وتابع قائلًا: "ألا وإن الله أكرمكم بزيارة مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الذي أسس على التقوى من أول يوم، وهو أعظم وأفضل بيوت الله في الأرض، والعبادة فيه مضاعفة على العبادة في ما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، فعن ابْنِ عُمَرَرضي الله عنه أن النَّبِىّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِى هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ )، متفق عليه".
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان خطبته بحث المسلمين وزوار المدينة المنورة إستشعار شرف المكان، واحترام قدسيته، والتأدب فيه بالآداب الشرعية، والحفاظ على الهدوء والسكينة والوقار، والحرص على عدم الإزعاج والتشويش على المصلين، وعدم أذيتهم وتخطي رقابهم، والرفق بالزوار وبضيوف الرحمن، وتجنب التدافع أثناء الزحام، مبينًا أن هذا المكان مخصص للعبادة، فتجنب فيه كل ما يخالف الشرع من بدع ومخالفات، وفتن ومنكرات، ولا تكن سببًا في صرف الناس عن الخشوع وعن الطاعات.