تقرير لرويترز: الحرب على غزة تدفع الاقتصاد الإسرائيلي إلى المجهول
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
قوة عاملة مستنزفة، صفارات إنذار مستمرة تحذر من خطر الصواريخ، شعور بالصدمة بسبب الهجوم غير المتوقع، كلها عوامل تسهم في حجم التكلفة التي سيتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة للحرب مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ويُتوقع أن تكون مختلفة عن أي شيء آخر تعرض له الاقتصاد منذ عقود.
فقد توقفت منذ عدة أيام الرافعات التي تنتشر في أفق تل أبيب بعد أن أغلقت المدينة مواقع البناء.
وقال راؤول ساروجو، رئيس جمعية بناة إسرائيل "هذه ليست ضربة للمقاولين أو رجال الصناعة وحدهم.. إنها ضربة لكل أسرة في إسرائيل".
واهتزت إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عندما شنت المقاومة الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى"، ومنذ ذلك التاريخ ترد إسرائيل بتنفيذ غارات مستمرة على قطاع غزة وتحشد قواتها استعدادا لهجوم بري.
وكان اقتصاد إسرائيل وحجمه نحو 500 مليار دولار -وهو الأكثر تطورا في الشرق الأوسط بفضل نقاط القوة الكامنة في التكنولوجيا والسياحة- سليما معافى على مدار معظم عام 2023. كما كان النمو في طريقه للوصول إلى 3% هذا العام مع انخفاض البطالة.
لكن مع احتمال حدوث حرب برية وشيكة لغزة واحتمال تحول الحرب إلى صراع إقليمي، أصبح الإسرائيليون يتحصنون بالمخابئ وقلَ إنفاقهم على كل شيء باستثناء الغذاء، بينما حذرت وكالات التصنيف بالفعل من أنها قد تخفض تقييمها للجدارة الائتمانية لإسرائيل.
فجوة كبيرة بالقوى العاملةتم استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط في الجيش، مما تسبب في فجوة كبيرة في القوى العاملة وتعطيل سلاسل التوريد من الموانئ البحرية إلى متاجر التجزئة، في حين يقوم تجار التجزئة بمنح إجازات للموظفين، وسط انخفاض قيمة الشيكل.
وأدى الصراع أيضا إلى وقف حركة آلاف العمال الفلسطينيين من غزة إلى إسرائيل وتقليص تدفقهم من الضفة الغربية المحتلة.
وكانت السلالم المتحركة والممرات في مركز التسوق الرئيسي في القدس خالية خلال الأسبوعين الأولين من الحرب، على الرغم من عودة الزبائن ببطء.
وقال نتانيل شراجا، مدير متجر كولومبيا للملابس الرياضية، "هناك انخفاض كبير في الحركة والتنقل". وأضاف أن بعض موظفيه تم استدعاؤهم للخدمة العسكرية. أما البعض الآخر فيشعرون بخوف شديد من القدوم إلى العمل.
التكنولوجيا العالية
وأصبحت الفنادق نصف ممتلئة بالإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من المناطق الحدودية، وباقي الغرف فارغة في أغلب الأحيان.
وما زال العمل مستمرا في المصانع، حتى تلك القريبة من غزة، لكن هناك مشكلة على الدوام تتعلق بعدم كفاية سائقي الشاحنات الذين يقومون بأعمال التسليم المنتظمة.
وانخفضت مشتريات بطاقات الائتمان بنسبة 12% في الأسبوع الماضي مقارنة بالفترة ذاتها قبل عام، مع تراجع حاد في جميع القطاعات تقريبا باستثناء الارتفاع الكبير في التسوق بمتاجر التجزئة.
وتتعرض صناعة التكنولوجيا الفائقة -التي ازدهرت خلال جائحة كوفيد- لصعوبات. وعادة ما تمثل هذه الصناعة 18% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل ونصف إجمالي الصادرات.
وقال باراك كلاين، المدير المالي بشركة ثيتاراي للتكنولوجيا المالية "تنخفض الإنتاجية بشكل كبير، لأن من الصعب التركيز على العمل اليومي عندما تكون لديك مخاوف تتعلق بوجودك".
وتم تجنيد 12 من موظفي الشركة الـ 80 المقيمين في إسرائيل ضمن قوات الاحتياط. وبقي آخرون -لديهم أطفال- بالمنازل، بينما لا يزال الخوف المستمر من إطلاق الصواريخ قائما.
وأنشأت شركة ثيتاراي مركزا للرعاية النهارية للموظفين الذين يحتاجون إلى اصطحاب أطفالهم معهم، واعتمدت على مكاتبها في الخارج لتحمل جزء من عبء العمل.
وقال درور بن، الرئيس التنفيذي لهيئة الابتكار الإسرائيلية التي تمولها الدولة، إنه تم استدعاء ما يُقدّر بنحو 10 إلى 15% من القوى العاملة في مجال التكنولوجيا الفائقة للخدمة في صفوف قوات الاحتياط.
وأضاف "نحن على اتصال بمئات من شركات التكنولوجيا، وخاصة المشاريع في المراحل المبكرة"، موضحا أن العديد منها في منتصف دورة التمويل وبدأت أموالها في النفاد.
وبهدف تقديم المساعدة، أنشأت هيئة الابتكار صندوقا بقيمة 100 مليون شيكل (نحو 25 مليون دولار) لمساعدة 100 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا على الصمود في وجه العاصفة.
وأنشأت وزارة الاقتصاد غرفة عمليات في وقت الحرب ووجهت نداء للمساعدة. وتطابقت قاعدة بياناتها حتى الآن مع ما لا يقل عن 8550 شخصا بالشركات المتعثرة.
وعندما تعرض مركز لوجستي لسلسلة متاجر كبرى لضغوط شديدة، تم إرسال 38 شخصا لملء الفراغ في نوبة العمل الليلية.
أزمة نفسية
وعدت الحكومة "بعدم وضع حدود" للإنفاق على تمويل الحرب وتعويض الأسر والشركات المتضررة، وهو ما يعني عجزا أكبر في الميزانية ومزيدا من الديون.
وقد لا تكون صراعات الماضي دليلا صحيحا لمسار الاقتصاد. فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي بما يصل إلى 0.5% في الحرب التي استمرت 34 يوما مع حزب الله اللبناني في عام 2006 مع انخفاض الصادرات وتباطؤ التصنيع، لكن التعافي الذي أعقب ذلك جاء سريعا.
ويقول المسؤولون إن ما يحدث اليوم أمر مختلف.
وقال ليو ليدرمان، كبير المستشارين الاقتصاديين لبنك هبوعليم -أحد أكبر البنوك في إسرائيل- إن هناك "أزمة نفسية" لدى الجمهور الإسرائيلي وإن تأثيراتها السلبية بدأت بالفعل.
وأضاف "سيقلل الناس الإنفاق الاستهلاكي بسبب حالة عدم اليقين والأجواء" السائدة.
وبما أن الإنفاق الاستهلاكي يمثل أكثر من نصف النشاط الاقتصادي، فقد يكون الضرر الذي يلحق بالاقتصاد كبيرا.
وقال مسؤول كبير بوزارة المالية الإسرائيلية لرويترز "استطاعت إسرائيل أن تتعافى بشكل ملحوظ من كل الأعمال القتالية الأخيرة.. يبدو أن هذا الحدث أكثر إثارة، رغم أن من المبكر جدا التأكد من ذلك".
وقلّص بنك إسرائيل المركزي الاثنين تقديراته للنمو الاقتصادي لعام 2023 إلى 2.3% انخفاضا من 3% وإلى 2.8% هبوطا من 3% العام 2024 على افتراض احتواء الحرب في غزة.
ويتوقع محافظ البنك أمير يارون -الذي يعارض خفض أسعار الفائدة في الوقت الحالي- حدوث انتعاش. وقال "لقد عرفنا كيفية التعافي من خلال الفترات الصعبة في الماضي و(عرفنا كيفية) العودة للرخاء سريعا.. ليس لدي أدنى شك في حدوث ذلك هذه المرة أيضا".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
عاجل- السيسي يتابع مستجدات مبادرة "الرواد الرقميون" ويؤكد على أهمية تطوير الكوادر البشرية في مجال التكنولوجيا
عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، اجتماعًا مع الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والفريق أشرف سالم زاهر، مدير الأكاديمية العسكرية المصرية، لمتابعة آخر المستجدات المتعلقة بمبادرة "الرواد الرقميون" (Digilians)، التي تستهدف تأهيل كوادر شابة متخصصة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
الرئيس السيسي يوجه بالإسراع في تنفيذ مبادرة "الرواد الرقميون"وصرح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس السيسي اطلع خلال الاجتماع على تفاصيل مبادرة "الرواد الرقميون"، خاصة فيما يتعلق بالإجراءات التنفيذية للالتحاق بالمبادرة، والتي من المقرر بدء العمل بها في سبتمبر 2025.
نائب برلماني: ما أنجزه الرئيس السيسي في 10 سنوات لم يتحقق خلال 100 عام عاجل- الرئيس السيسي يتابع تنفيذ مبادرة "الرواد الرقميون" استعدادًا لانطلاقها في سبتمبر 2025واستعرض وزير الاتصالات ما تم إنجازه حتى الآن، بما في ذلك إنشاء منصة إلكترونية مخصصة للتسجيل، وجهود تجهيز البنية التحتية اللازمة للمبادرة من الناحية التكنولوجية والهندسية لضمان انطلاقها في موعدها المحدد.
مبادرة "الرواد الرقميون" مفتوحة للجميع وتقدم برامج دراسية مجانية بالكاملوأوضح الدكتور عمرو طلعت، أن المبادرة متاحة لكافة الشباب من الجنسين، ومن جميع المحافظات والتخصصات الأكاديمية والمهنية، مشيرًا إلى أن عملية الاختيار ستتم وفقًا لمعايير موضوعية تضمن تكافؤ الفرص.
كما أشار إلى أن البرامج الدراسية تشمل الدبلوم المكثف، الدبلوم المتخصص، الماجستير المهني، والماجستير الأكاديمي، وستقدم هذه البرامج مجانًا بالكامل، بما في ذلك الإقامة، الإعاشة، والتدريب العملي.
وتتضمن المناهج الدراسية مجموعة متنوعة من المهارات التقنية، والشخصية، واللغوية، والحياتية، والقيادية، إلى جانب دعم مهارات العمل الحر (Freelancing)، في إطار تمكين الشباب المصري من المنافسة في سوق العمل المحلي والدولي.
التعاون مع شركات عالمية لتوفير التدريب العملي للمشاركين في المبادرةكما استعرض وزير الاتصالات جهود التعاون مع عدد كبير من الشركات العالمية والمحلية العاملة في مصر، والتي ستستقبل المتدربين في المبادرة بعد انتهاء الدراسة النظرية، لتزويدهم بالتدريب العملي وصقل مهاراتهم التكنولوجية.
وأكد أن المبادرة تهدف أيضًا إلى تشجيع المتدربين على تقديم أفكار لمشروعات رقمية ذات جدوى اقتصادية، والمشاركة في مشروعات "مصر الرقمية"، بالإضافة إلى مساعدة المشاركين على إنشاء حسابات على منصات العمل الحر، مما يساهم في توفير فرص عمل لهم في مجالات متعددة.
الرئيس السيسي: ضرورة توسيع قاعدة المستفيدين من المبادرة لتحقيق نقلة نوعية في القطاعوأكد السفير محمد الشناوي أن الرئيس السيسي شدد على ضرورة مواصلة العمل للانتهاء من جميع الإجراءات التنفيذية المتعلقة بالمبادرة في التوقيت المحدد، مع دراسة سبل توسيع قاعدة المستفيدين لتحقيق نقلة نوعية في عدد ومهارات الكوادر المدربة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
كما وجه الرئيس بضرورة التعاون مع الجهات المتخصصة في العلوم التكنولوجية المختلفة، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، لتنمية المهارات اللغوية والحياتية والقيادية للشباب المصري، وذلك في ضوء استراتيجية الدولة لبناء القدرات الرقمية والكوادر المتخصصة في التكنولوجيا.
الاستمرار في تنفيذ خطط التحول الرقمي وتطوير البنية التكنولوجية للدولةوفي ختام الاجتماع، شدد الرئيس السيسي على أهمية استمرار تنفيذ خطط التحول الرقمي وتطوير البنية التكنولوجية للدولة، بما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ويسهم في بناء اقتصاد رقمي قوي يدعم جهود التنمية المستدامة.