خبراء: أهداف إسرائيل في غزة تراجعت وتحرير الأسرى لن يتم دون صفقة
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
يؤكد خبراء سياسيون وعسكريون أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يتمكن أبدا من إطلاق سراح الأسرى الموجودين في قبضة فصائل المقاومة الفلسطينية دون تقديم تنازلات، وإن واصل عملياته العسكرية لتحقيق مزيد من الضغط.
وبثت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -اليوم الاثنين- شريطا مصورا لثلاث من المحتجزات الإسرائيليات وجّهن فيه رسالة لنتنياهو، اتهمنه فيها بالإخفاق السياسي والعسكري، وحمّلنه مسؤولية أسْرهن وبقائهن فيه حتى الآن.
ووصف نتنياهو هذه الرسالة بأنها حرب نفسية قاسية من جانب حماس، لكنه في الوقت نفسه أكد مواصلة العمليات البرية؛ لأنها تدعم استعادة كل الأسرى، كما قال.
لكن الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، قال، إن العملية البرية لن تحرر الأسرى أبدا، في ظل ما تبديه المقاومة على الأرض، بدليل أن شكل وأهداف العملية نفسها قد تراجعا بشكل كبير.
وفي الوقفة التحليلية اليومية "غزة.. ماذا بعد؟"، قال الخبير العسكري، إن إسرائيل تراجعت عن أهدافها الأولى التي كانت تتحدث عن اجتياح كامل لقطاع غزة والقضاء على المقاومة، وتهجير السكان إلى شبه جزيرة سيناء، واكتفت حاليا بتوغلات محدودة، وحديث عن تحرير الأسرى.
وعزا فايز هذا التراجع من جانب إسرائيل إلى المواجهة القوية من جانب المقاومة، التي حالت دون توغل آليات الاحتلال إلى قلب القطاع، وإجبارها على العودة للتخوم، وكذلك نزولا على نصيحة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، والجنرال جيمس غلين "أسهمتا في تغيير شكل العملية البرية الواسعة والاكتفاء بتوغل محدود".
ورغم تزايد الضغوط الداخلية والخارجية بشأن قضية استعادة الأسرى، يعتقد فايز الدويري أن نتنياهو سيواصل عملياته العسكرية، من أجل استعادة كرامة إسرائيل وهيبتها التي سكبت خلال عملية طوفان الأقصى ثم في عملية معبر بيت حانون (إيرز) أمس الأحد، ولتحقيق نجاح شخصي -أيضا- في ظل تحميله المسؤولية كاملة بشكل متزايد.
وبناء على ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي -برأي الخبير العسكري- يريد استعادة هيبته التي فرضها على الدول العربية لسبعة عقود، ثم انهارت في ساعات على يد المقاومة، لكنه في الوقت نفسه ليس قادرا على تحرير الأسرى من خلال عمل عسكري.
وحتى حديث نتنياهو عن تحرير رهينة بالقوة من غزة، فإنه -من وجهة نظر الخبير العسكري- يؤكد إخفاق خطته؛ لأنه يعني تحرير أسير واحد، وقتل 50 آخرين، وفق ما أعلنته حماس.
ومن ثم، يعتقد فايز أن نتنياهو سيحاول فصل الجزء الشمالي من قطاع غزة عن بقية القطاع بطرق عسكرية، لمزيد من الضغط على حماس، لكنه في نهاية الأمر لن يتمكن من تحرير الأسرى بالقوة، وإنما بالتفاوض.
تبادل جزئي وبأثمان مختلفةوعن آلية تبادل الأسرى المتوقعة، قال فايز، إنها ستكون عملية جزئية، بحيث يُطلق سراح المدنيين مزدوجي الجنسية بمقابل، وإطلاق أحاديي الجنسية بمقابل آخر، وغالبا سيتعلق الأمر بالكهرباء والوقود والمساعدات.
أما عن الأسرى العسكريين، فلن يُحرروا -وفق الخبير- إلا من خلال صفقة تشمل كل الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وفي كل الحالات ستواصل إسرائيل عملياتها، برأي فايز.
بدوره، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى، إن رسالة المحتجزات الإسرائيليات أصابت أمرين، الأول أنه سيزيد الضغط الداخلي على نتنياهو -الذي لم يكن يعطي ملف الأسرى أي اهتمام، ثم أصبح الآن يضعه على رأس أولوياته-، والثاني هو تأكيد مسؤولية رئيس الحكومة عما حدث من إخفاق.
ولذا -يضيف مهند- فإن رسالة المحتجزات ستغذي النقاشات الداخلية والخارجية بشأن الأسرى، وهو ما يعني أن نتنياهو سيحاول فعل أي شيء لتحقيق مصالحه الخاصة.
ورغم وجود تناقض كبير داخل إسرائيل بشأن الرغبة في استعادة الأسرى جميعا، وفي الوقت نفسه تنفيذ عملية برية في غزة، فإن تصدّر ملف الأسرى للمشهد حاليا، وتحوله إلى هدف مركزي سيزيد من الضغط السياسي والعسكري على نتنياهو، الذي واجه اتهاما صريحا مباشرا بالمسؤولية عن الإخفاق.
وعن إمكانية مضي الجيش قدما في عملياته البرية من أجل تحرير الأسرى، قال مهند، إن الجميع داخل إسرائيل حاليا يعرف أن هؤلاء لن يعودوا إلا بصفقة، خاصة العائلات التي ستزيد من ضغطها على الحكومة بعد الرسالة الأخيرة، على الأرجح.
واستدل مهند على حديثه بأن حديث ذوي الأسرى عن قبول صفقة الجميع مقابل الجميع، هو الأول من نوعه في إسرائيل، وهذا يعكس حجم الخوف وعدم الثقة في استرداد الأسرى بأي طريق غير التبادل.
ويعتقد الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن أي حديث عن زيادة الحصار، وقطع كل شيء لحين استعادة الأسرى يبدو غير واقعي بالمرة.
الأمر نفسه ذهب إليه أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، خليل العناني، بتأكيد أن ملف الأسرى جاء من آخر سلم الأولويات إلى أولها خلال أسبوع واحد؛ بسبب الضغوط الداخلية والخارجية.
لكن نتنياهو -برأي خليل- لا يزال يرى إمكانية تحرير هؤلاء دون تقديم أي تنازلت سياسية، أي من خلال اجتياح عملية نوعية بمساعدة قوات دلتا الأميركية، أو من خلال مزيد من الضغط العسكري على حماس.
وخلص خليل إلى أن نتنياهو حاليا مطالب بتقديم تنازلات لحماس بشأن إدخال المساعدات، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وتخفيف حدة العمليات، لكنه يحاول إيجاد آلية لأخذ كل شيء دون تقديم أي شيء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الخبیر العسکری تحریر الأسرى أن نتنیاهو من الضغط من خلال
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يقر باعتقال آلاف الفلسطينيين وتصويرهم عراة ويُنكر سياسة التجويع بغزة
أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- باعتقال آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة وتصويرهم عراة بزعم التحقق من عدم حيازتهم متفجرات، نافيا في الوقت ذاته وجود سياسة إسرائيلية ممنهجة لتجويع السكان، رغم تقارير أممية تؤكد وصول سكان القطاع إلى مستويات "غير مسبوقة من المجاعة" بعد أكثر من 600 يوم من الحرب.
وجاءت تصريحات نتنياهو خلال كلمته في "المؤتمر الدولي لمكافحة معاداة السامية" الذي نظمته وزارة الخارجية الإسرائيلية في القدس الغربية أمس الثلاثاء، بحسب ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
وقال نتنياهو "نأخذ آلاف الأسرى ونصورهم ونطلب منهم خلع قمصانهم للتأكد من عدم وجود أحزمة ناسفة. آلاف وآلاف من الأسرى يخلعون قمصانهم، ولا ترى أي واحد منهم هزيلا، بل ترون العكس تماما"، في محاولة لنفي الاتهامات الموجهة لإسرائيل بتجويع سكان غزة كأداة من أدوات الحرب.
لكن تصريحاته أثارت استنكارا واسعا، إذ تتناقض مع تقارير أممية ومنظمات إنسانية تؤكد استخدام إسرائيل سياسة "التجويع كسلاح حرب"، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
فشل توزيع مساعداتوفي خطوة بديلة عن المعابر الإنسانية التي تغلقها منذ شهور، بدأت إسرائيل أمس الثلاثاء توزيع مساعدات "محدودة" عبر ما تُسمى "مناطق عازلة" جنوبي قطاع غزة، بالتنسيق مع "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل والمرفوضة من الأمم المتحدة.
إعلانغير أن العملية قوبلت بالفوضى، إذ اقتحم آلاف الفلسطينيين الجائعين مركز توزيع المساعدات، مما دفع الجيش الإسرائيلي إلى فتح النار عليهم، وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الذي أكد وقوع شهداء وإصابات.
وبررت المؤسسة المدعومة إسرائيليا الحادثة باتهام حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بوضع حواجز ومنع المدنيين من الوصول للمساعدات، في حين فنّد المكتب الإعلامي تلك الرواية في بيان رسمي قائلا "الادعاء بأن المقاومة منعت وصول المواطنين هو محض افتراء، ويهدف للتغطية على فشل إدارة الاحتلال".
وأضاف البيان أن "الفوضى سببها سوء إدارة المؤسسة الإسرائيلية، التي تدير ما تسمى المناطق العازلة، مما أدى إلى تدافع آلاف الجائعين نتيجة الجوع والحصار القاتل".
نتنياهو يتحدى الأمم المتحدةورغم مشاهد الانهيار الإنساني والمجاعة التي وثقتها الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، وسط مطالبات دولية بوقف المجازر، واصل نتنياهو إنكار الوقائع قائلا "الكذبة هي أننا نتبع سياسة تجويع في غزة".
وزعم أن حماس "تحاول سرقة طرود المساعدات، ونحن نقوم بتأمينها"، وأن "عدة حوادث" وقعت خلال توزيع المساعدات، نتج عنها "فقدان مؤقت للسيطرة لكننا استعدنا السيطرة"، على حد قوله.
في المقابل، حمّل رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" المعارض أفيغدور ليبرمان حكومة نتنياهو مسؤولية ما حدث، وكتب عبر منصة إكس "الفوضى في مركز توزيع المساعدات هي نتيجة مباشرة لحكومة فاشلة".
صفقة تبادل الأسرىوحول ملف تبادل الأسرى، قال نتنياهو إن "إسرائيل حررت حتى الآن 197 رهينة، منهم 147 على قيد الحياة، وما نعرفه يقينا هو أن هناك 20 رهينة أحياء من أصل 255".
لكن تقارير إسرائيلية قدرت عدد الأسرى الإسرائيليين المتبقين في غزة بـ58، في المقابل يقبع أكثر من 10 آلاف و100 فلسطيني في السجون الإسرائيلية، يعانون من التعذيب والإهمال الطبي، مما أدى إلى استشهاد العشرات، وفق منظمات حقوقية.
إعلانمن جانبها، أعلنت حركة حماس مرارا استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة مقابل وقف الحرب والانسحاب من غزة وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، لكن الحكومة الإسرائيلية ترفض ذلك وتتمسك بشروط من مثل نزع سلاح الفصائل وإعادة احتلال القطاع.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن استشهاد وإصابة نحو 177 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود.
ويعاني سكان غزة من ظروف كارثية نتيجة تدمير البنية التحتية وانهيار النظام الصحي ونقص الغذاء والمياه، حيث أصبح نحو 1.5 مليون فلسطيني بلا مأوى، وسط دمار طال أكثر من 70% من مباني القطاع، بحسب تقديرات أممية.
وتخضع غزة لحصار إسرائيلي خانق منذ 18 عاما وتزايدت شدته منذ اندلاع الحرب، مما حوّل القطاع إلى "منطقة كوارث" مغلقة، وسط تحذيرات من استمرار الانهيار الإنساني إذا لم يتم التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية.