مشروع "نيمبوس".. "جوجل" و"أمازون" تقدمان "التكنولوجيا المدمّرة" على طبق من ذهب للاحتلال الإسرائيلي
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
الرؤية - سارة العبرية
توظف حكومة الاحتلال الإسرائيلي كافة الوسائل لإحكام سيطرتها على جميع الأراضي الفلسطينية، وتستخدم التكنولوجيا المتطورة والذكاء الاصطناعي للتوسع في بناء المستوطنات وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، مستعينين بشركات عالمية لتنفيذ المشاريع التقنية التي تساعدهم في حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية، وإجبارهم على ترك منازلهم والاعتداء عليهم.
ومن بين هذه المشاريع، مشروع "نيمبوس" للذكاء الاصطناعي، وهو مشروع إسرائيلي يهدف إلى توفير خدمات سحابية متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
وبموجب العقد الذي بلغت قيمته 1.2 مليار دولار، تم اختيار شركتي التكنولوجيا جوجل (Google Cloud Platform) وأمازون (Amazon Web Services) لتزويد وكالات الاحتلال الحكومية بخدمات الحوسبة السحابية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، بحسب ما جاء في صحيفة "جيروساليم بوست" الإسرائيلية.
وفي أكتوبر 2021، وقع أكثر من 90 عاملاً في شركة أمازون و300 آخرون في شركة جوجل، على رسالة داخلية تطالب إدارتي الشركتين بالانسحاب من مشروع "نيمبوس"، الذي يهدف إلى تزويد الجيش الإسرائيلي بـ"تكنولوجيا خطيرة" تستخدم في "الفتك بالفلسطينيين".
وجاءت الرسالة التي نشرتها صحيفة "الجارديان" البريطانية بعنوان "نحن موظفون في جوجل وأمازون.. ندين مشروع نيمبوس"، ولم يفصح الموظفون عن أسمائهم خشية التنكيل بهم، وقالوا في رسالتهم: "نحن مجهولون لأننا نخشى الانتقام".
ودعا العاملون، المسؤولين في جوجل وأمازون إلى قطع العلاقات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، معتبرين أنَّ العقود "نمط مقلق من العسكرة".
وأفادت موظفة أمريكية في "جوجل" بأنها تلقت تهديداً بنقلها إلى البرازيل أو فقدان وظيفتها؛ نتيجة لموقفها ضد مشروع "نيمبوس".
مشروع "نيمبوس"
يتضمن مشروع نيمبوس 4 مراحل رئيسية؛ حيث تبدأ المرحلة الأولى بشراء المعدات والمستلزمات الضرورية لبنية السحابة، وتتمثل المرحلة الثانية في الحصول على اتفاقية حكومية لبدء تشغيل السحابة وتشغيلها، بينما تكمن المرحلة الثالثة في تشغيل البنية السحابية نفسها، أما المرحلة الرابعة فتتضمن تحسين العمليات التي تتم على السحابة وتعزيزها بتقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الذاتي.
ويقول سعيد بن محمد الكلباني أخصائي خدمات رقمية، إن مشروع نيمبوس ظهر للعلن في عام 2018 عندما أراد دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق أن يراقب الحدود المكسيكية الأمريكية، للسيطرة على المتسللين وتهريب المخدرات وغيرها، موضحًا أن شركة جوجل لاقت انتقادات ومُعارضة قوية بسبب هذا المشروع، وتوقفت مساعي الاتفاق مع إدارة ترامب.
ويوضح في تصريحات لـ"الرؤية"، أن المشروع عبارة عن عملية ربط سحابي لمجموعة من الخدمات والأدوات، بهدف جمع البيانات من مصادر مختلفة مثل الكاميرات على الأعمدة والدرون وهوائيات الرادار والليزر وأجهزة الاستشعار والمكالمات الصوتية وتحليلها بأدوات الذكاء الاصطناعي لإصدار نتائج حول ما تم مراقبته من أفراد ومركبات، مبيناً أن هذه التقنية لها القدرة على تحليل تعابير الوجه وبالتالي كشف المشاعر والعواطف، مما يتيح للمراقبين التنبؤ بكثير من التصرفات والتوجهات للأفراد.
ويشير الكلباني إلى أن الرقابة أو ما يعرف برؤية الذكاء الاصطناعي، تقوم على فكرة ربط الكاميرات بالذكاء الاصطناعي، لتتمكن من جمع البيانات وتصنيف الأشخاص والأشياء والتعرف عليهم من خلال مطابقة الصور والبيانات التي جمعت حولهم، لافتاً إلى أن هذا المشروع يستخدم إنترنت الأشياء من خلال ربط الأجهزة ببعضها البعض بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لجمع البيانات وتحليلها.
استفادة الاحتلال من "نيمبوس"
تسمح خدمات نيمبوس لجيش الاحتلال الإسرائيلي بالتقاط صور للفلسطينيين ثم مطابقتها مع قواعد البيانات الاستخباراتية لتسهيل عمليات التجسس والاستهداف، إذ يمكن استخدام هذه التكنولوجيا للكشف عن الوجه وتحليل المشاعر وتتبع الأشياء، وهو أحد أشكال التعلم الآلي الذي يدعي المطورون أنه قادر على تمييز مشاعر شخص ما من دراسة وجهه وكلامه.
وساعدت خوارزميات "أمازون" إسرائيل على التعرف على ما لا يقل عن 60 شخصًا مفقودا وذلك عن طريق تحليل الصور ومقاطع الفيديو المأخوذة من مواقع التواصل الاجتماعي بعد هجمات طوفان الأقصى.
و"أمازون" ليست الوحيدة في سباق تسلح إسرائيل الرقمي، فعلى سبيل المثال كان لدى شركة "هيوليت باكارد" عقد حصري لتوفير خوادم منذ عام 2017 إلى عام 2020 لقاعدة بيانات السكان في فلسطين والتي استخدمتها إسرائيل في إبعاد الفلسطينيين وتحديدا سكان القدس الشرقية.
ويرى محللون أن تعاون مثل هذه الشركات الضخمة مع إسرائيل نظرا لقيمة المبالغ المالية المدفوعة في مثل هذه المشاريع، إذ أوضحت دراسة نشرتها مجلة "موندووايس" أن جوجل تستفيد من الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وأنها تستحوذ على العديد من الشركات الإسرائيلية الناشئة المتخصصة في تقنيات المراقبة والسيطرة، بما في ذلك ويز وسليكلوجإن وإيلاستايفايل وألووما، كما تستثمر جوجل في شركات إسرائيلية أخرى تستفيد من أدوات الدولة المحتلة للمراقبة والسيطرة.
علاوة على ذلك، تستفيد جوجل من استمرار سرقة الأراضي الفلسطينية، فقد وافقت الشركة مؤخرًا على دمج خدمة الدفع الإلكتروني Google Pay في بنك لئومي، وهو بنك إسرائيلي يشتهر بتمويل المستوطنات اليهودية.
وعلى الرغم من أن مجموعة متنوعة من الوزارات الحكومية الإسرائيلية ستستفيد من التقنيات الحاسوبية الحديثة وتخزين البيانات، إلا أن تعاون شركتي "جوجل" و"أمازون" قد أثار قلقاً لدى مراقبي حقوق الإنسان ومهندسي الشركتين.
خبايا "نيمبوس"
ويؤكد خالد صافي الاستشاري الإعلامي والخبير في أمن المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي بتركيا أن "نيمبوس" يتيح التنصت على النشطاء وأماكن وجودهم إلى جانب الاطلاع على كل ما يجري في قطاع غزة وحدود الضفة الغربية.
ويلفت إلى أن إسرائيل طلبت أن يكون المشروع على الأراضي المحتلة بمساحة 10 آلاف متر مربع على هيئة مبنيين يفصل بينهما أكثر من 25 كيلومترًا تعمل ضمنها 3 خوادم servers- حسب قوله.
وفي عام 2019، قامت شركة أمازون بتوسيع نشاطاتها في مجال التجارة الإلكترونية في إسرائيل، حيث بدأت بتقديم خدمة التوصيل المجاني للطلبات التي تزيد عن 49 دولارًا. وأفادت صحيفة "فاينانشال تايمز" في تقريرها أن أمازون تقدم خدمات التوصيل في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة.
وتشير التقارير إلى أن مشروع "نيمبوس" قد يواجه صعوبات بسبب شروط عقود الحكومة الإسرائيلية، التي تمنع شركتي أمازون وجوجل من وقف الخدمات بناءً على ضغوط المقاطعة، وهذه الخطوة تعكس معرفة إسرائيل بتزايد حركات المُقاطعة في العالم، والتي يزيد زخمها ضد الشركات المرتبطة بالمستوطنات غير القانونية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كيف ينبغي للشركات ــ ولا ينبغي لها ــ توظيف الذكاء الاصطناعي
فينسيان بوشين ـ أليسون بيلي
برغم أن ما يقرب من نصف العاملين في المكاتب الآن يستفيدون من الذكاء الاصطناعي التوليدي في عملهم اليومي، فإن أقل من واحد من كل أربعة رؤساء تنفيذيين يصرحون بأن هذه التكنولوجيا نجحت في تحقيق قيمتها الموعودة على نطاق واسع. تُـرى ما الذي يحدث؟
قد تكمن الإجابة في حقيقة مفادها أن الذكاء الاصطناعي التوليدي جرى تقديمه في البداية كأداة لتعظيم الإنتاجية، الأمر الذي أدى إلى ربطه بقوة بخفض التكاليف وتقليص قوة العمل. في ضوء هذا الخطر، أعرب نحو 42% من الموظفين الذين شملهم استطلاع في عام 2024 عن قلقهم من أن وظائفهم قد لا يكون لها وجود في العقد القادم. في غياب التدريب وصقل المهارات للاستفادة من إمكانات التكنولوجيا، ليس من المستغرب أن تكون المقاومة أعظم من الحماس. فمثل الأجسام المضادة التي تقاوم جسما غريبا، ربما تحدث «استجابة مناعية» داخل المؤسسات، حيث يقاوم الموظفون والمديرون على حد سواء التغيير ويبحثون عن أسباب «عدم نجاح» الذكاء الاصطناعي معهم.
وبالإضافة إلى إبطاء عملية التبني، حالت هذه المقاومة دون الاستكشاف الأكثر اكتمالا لفوائد محتملة أخرى، مثل تحسين عملية اتخاذ القرار، وتعزيز الإبداع، والتخلص من المهام الروتينية، وزيادة الرضا الوظيفي. نتيجة لهذا، كانت دراسة كيفية «إعادة استثمار» الوقت الذي قد يوفره الذكاء الاصطناعي متواضعة. مع ذلك، وجد بحثنا أن الموظفين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي التوليدي بانتظام يمكنهم بالفعل توفير خمس ساعات في الأسبوع، وهذا يسمح لهم بمتابعة مهام جديدة، أو إجراء مزيد من التجريب مع التكنولوجيا، أو التعاون بطرق جديدة مع زملاء العمل، أو ببساطة إنهاء العمل في وقت مبكر.
يتمثل التحدي الذي يواجه قادة الأعمال إذن في التأكيد على هذه الفوائد المحتملة وتقديم التوجيه والإرشاد حول مواضع إعادة تركيز وقت المرء لتعظيم خلق القيمة. لنتأمل هنا مثال إحدى شركات الرعاية الصحية العالمية التي قامت مؤخرا بنشر الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) عبر موظفيها الذين يبلغ عددهم 100 ألف موظف.. أنشأت الشركة برنامجا قابلا للتطوير لتعلم الذكاء الاصطناعي مع ثلاثة أهداف: إلمام عال بالذكاء الاصطناعي في مختلف أقسام المنظمة، حتى يتسنى لجميع الموظفين تحقيق أعظم قدر من الاستفادة من التكنولوجيا؛ ومجموعة واسعة من أدوات الذكاء الاصطناعي لكل سيناريو عمل؛ والاستخدام المتوافق. وبفضل هذا النهج الشامل، سرعان ما نجحت الشركة في تحسين رضا الموظفين وإنتاجيتهم في الوقت ذاته.
لكن تبني الذكاء الاصطناعي لا يتعلق بتوفير الدقائق، إنه يدور حول إعادة اختراع العمل لصالح الموظفين والمنظمة. عندما تتعامل أي شركة مع الذكاء الاصطناعي التوليدي على أنه مجرد أداة لتوفير الوقت، فسوف تلاحق في الأرجح حالات الاستخدام المجزأة ــ توفير عشر دقائق هنا، و30 دقيقة هناك ــ والتي لن تخلف تأثيرا ملموسا على الأعمال في عموم الأمر. ففي نهاية المطاف، من الصعب إعادة استثمار تطبيقات الذكاء الاصطناعي الصغيرة النطاق التي تحقق مكاسب إنتاجية مُـوَزَّعة أو تسجيلها في بيان الأرباح والخسائر.
في غياب استراتيجية شاملة لإعادة تصميم عملياتها الأساسية حول الذكاء الاصطناعي، تخاطر المنظمات بتحسين مهام معزولة بدلا من تحسين كيفية إنجاز العمل بشكل جوهري والنتيجة، في كثير من الأحيان، هي ببساطة انتقال الاختناقات إلى أجزاء أخرى من العملية أو سلسلة القيمة، على النحو الذي يحد من مكاسب الإنتاجية الإجمالية. على سبيل المثال، في مجال تطوير البرمجيات، من الممكن أن يؤدي الذكاء الاصطناعي الذي يسرع عملية الترميز إلى مزيد من التأخير الشاق في تصحيح الأخطاء أو غير ذلك من أشكال التأخير، وهذا يلغي أي مكاسب في الكفاءة. إن القيمة الحقيقية تأتي من دمج الذكاء الاصطناعي عبر دورة حياة التطوير بأكملها.
يطرح هذا المثال أيضا مشكلة أكبر: حيث تسعى منظمات عديدة إلى التوسع دون أن تقدم أولا إعادة تصور للهياكل وتدفقات العمل اللازمة للاستفادة من المكاسب التراكمية. والنتيجة المعتادة هي فرصة ضائعة، لأن الوقت الـمُـوَفَّـر الذي لا يُعاد استثماره بشكل استراتيجي يميل إلى التبدد. فبدلا من تبني نهج يسمح بتفتح مائة زهرة، ينبغي للمؤسسات أن تسعى إلى تنفيذ بعض المبادرات التحويلية الكبرى التي تركز على إعادة تصور العمل من طَـرَف إلى الطَـرَف الآخر. يكمن وعد الذكاء الاصطناعي التوليدي الحقيقي في إطلاق ما نسميه المثلث الذهبي للقيمة: الإنتاجية، والجودة، والمشاركة/البهجة. يجب أن تعيد استراتيجية الذكاء الاصطناعي تخيل سير العمل للقضاء على أوجه القصور؛ وتكميل عملية صنع القرار وعمليات تشجيع الابتكار والإبداع؛ وتعزيز العمل وليس ميكنته. يصبح الموظفون أكثر ميلا إلى تبني الذكاء الاصطناعي بحماس عندما يقضي على الكدح، ويغذي الإبداع، ويسرع عملية التعلم. والاهتمام اللائق بترقية المهارات من شأنه أن يضمن عمل التكنولوجيا على زيادة الإمكانات البشرية، على النحو الذي يعزز المشاركة في محل العمل والرضا الوظيفي.
بالتركيز على المشاركة وجودة التجربة إلى جانب الإنتاجية، يصبح بوسع المنظمات تجاوز المنظور القائم على التكلفة إلى منظور يخلق مزيدا من القيمة لصالح الشركة وموظفيها وعملائها، فالذكاء الاصطناعي أكثر من مجرد آلية للتشغيل الآلي(الأتمتة)، شريطة أن تتبنى الشركات استراتيجية شاملة لنشره وتوظيفه.
ينبغي لقادة الأعمال أن يضعوا خمس حتميات في الاعتبار، الأولى التركيز على أكبر مجمعات القيمة مع أفضل حالات الأعمال تحديدا لدمج الذكاء الاصطناعي. والثانية إعادة تصور العمل، بدلا من الاكتفاء بتحسينه ببساطة، يجب أن يُـسـتَـخـدَم الذكاء الاصطناعي لتحويل سير العمل بالكامل، وليس فقط أتمتة بعض الخطوات. ثالثا، يتعين على المديرين الاستثمار في رفع مستوى المهارات، بحيث يفهم الجميع التكنولوجيا وإمكاناتها. رابعا، يجب أن يكون المثلث الذهبي، بالتوازن الذي يوجده بين الإنتاجية والجودة ومشاركة/بهجة الموظفين، القاعدة الذهبية للشركات.
أخيرا، ينبغي للمنظمات أن تقيس القيمة بما يتجاوز التوفير في التكاليف. فالشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل أكثر فاعلية يجب أن تتتبع تأثيراته على تمكين قوة العمل، وخفة الحركة، وتدفقات الإيرادات الجديدة، وليس التكاليف التشغيلية فحسب. وبمراعاة هذه الضرورات، يصبح بوسع الشركات استخدام الذكاء الاصطناعي كقوة لإعادة الاختراع، بدلا من كونه مجرد أداة لزيادة الإنتاجية.
في هذه العملية، تحدد الشركات وتيرة الحقبة القادمة من الأعمال.
فينسيان بوشين المديرة الإدارية والشريكة في BCG، حيث تعمل كقائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي البشري.
أليسون بيلي شريك أول ومدير عام في مجموعة بوسطن الاستشارية، وتشغل منصب نائب الرئيس العالمي لممارسات الأفراد والمنظمات.
خدمة بروجيكت سنديكيت