لجريدة عمان:
2025-05-28@16:14:18 GMT

نضال مشاة الرصيف.. كيف ندافع عن فلسطين ثقافيا؟

تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT

كيف ندافع عن فلسطين الإنسان والمكان، الشعب والوطن؟ هذا هو السؤال الشعبي العام الذي تصبح مواجهته أصعب مع مرور الساعات والأيام على مشهد الإبادة الجماعية العلنية والمفتوحة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

يستمر قتل الفلسطينيين بينما تضيق خيارات الإرادة الإنسانية المكبلة إما بالقمع أو التضليل، عاجزة عن وقف جرائم العدو الصهيوني المتواصلة بحق المدنيين في قطاع غزة طوال شهر كامل، فضلا عن تصاعد وتيرة الهجمات الشرسة التي تشنها قوات الاحتلال على سكَّان الضفة الغربية.

وطبعا، وفي كل مرة، لا مفرَّ من التأكيد على تلك العبارة المكرورة، والضرورية في الوقت نفسه كونها تؤسس لما بعدها من استنتاجات سياسية وخلاصات فكرية أكثر عمقا: يحدث ما يحدث في ظل صمت دولي غربي وعربي يتجاوز حدود التخاذل إلى التواطؤ الفعلي في دعم استمرار المذبحة بسلاح إسرائيلي أمريكي. مع التفاتة مضحكة مبكية مفادها أن هذا التنديد بات حرفيا أهزوجة دارجة يُعاد تدويرها في خطابات الساسة المتهمين، عينهم، وذلك من باب رفع العتب عن أنفسهم، مختطفين هذه العبارة «الشعبوية» من الجماهير، مشاة الرصيف الذين لا يملكون- أو يظنون أنهم لا يملكون- قولا ولا عملا سوى أضعف الإيمان أمام مشهد الباطل الذي يمرون عليه يوميا، ذهابا وإيابا.

لقد بات واضحا للفلسطينيين ما لا أظن بأنهم في حاجة لأن يذكرهم به أحدٌ منذ اللحظة الأولى؛ فقد تأكد لهم مجدداً بأنهم وحيدون جداً منذ اليوم كما كانوا وحيدين جداً منذ الأمس أمام آلة القتل الإسرائيلية، مواصلين لثمانية عقود تحت الاحتلال رحلة الصمود الموحشة على ما تبقى لهم من تراب آبائهم وأجدادهم. ولكن ما نحن بحاجة لمن يذكرنا به هو أننا نحن كشعوب آخر الحلفاء الحقيقيين للشعب الفلسطيني في الخارج. نحن إذن مشاةُ الرصيف الذين إن لم تكن لنا اليد في التغيير المباشر، المحتكر من قِبل قلةٌ قليلة من الساسة، كانت قوتنا الحقيقية في التأثير. ولذلك فإننا وإن لم نكن مغيرين لا ينبغي أن نهمل دورنا كمؤثرين. وعليه، فإن هذه المادة تحاول أن تذهب للاشتباك البنَّاء مع خيارات الواقع لتوسيع هوامش الممكن، بدلاً من أن تسقط هذه اللغة نفسها في البِرك الراكدة للشجب والمزايدة أو اللطم والرثاء.

كيف ندافع عن فلسطين ثقافيا؟ ربما يكون هذا هو السؤال الأهم الذي أصادفه في أي مناسبة يدور الحديث فيها عن فلسطين، وتحديدا خلال الأيام الأخيرة. ولذا أجد من الواجب علي أن أقترح بعض الإجابات والاجتهادات الشخصية، غير النهائية بالتأكيد، لرسم صورة عامة للنضال في سبيل القضية الفلسطينية من خلال مقاربة ثقافية في ثلاثة أبعاد؛ وهي المعرفة والمقاطعة والمناصرة:

المعرفة أولاً؛ إذ لا يمكن تأسيس ثقافة مقاومة إلا على أسس صلبة من البناء المعرفي التراكمي. وتأتي قراءة تاريخ القضية الفلسطينية في طليعة أنواع القراءة التي يمكن من خلالها الاقتراب أكثر من مراحل السؤال الفلسطيني الطويل، كما أن أهمية التاريخ تأتي من ضرورته في الربط بين مفاصل الأحداث والشخصيات والأماكن؛ أي أن التاريخ باختصار هو المادة التي تنسجم فيها كل العناصر المكونة للقضية بوصفها قضية تاريخية. وكما أقول دائما إنه لا يمكن لمحامٍ - مهما كان موهوبا - أن يدافع عن قضية لا يعرف تاريخها.

المُقاطعة ثانياً؛ والتي ليست مجرد ردة فعل فحسب، بل هي أسلوب حضاري متقدم ينبع من ممانعة ثقافية جادة وموقف أخلاقي متأصل ضد المؤسسات الداعمة للعدو، ومن خلال ذلك كله فإن ثقافة المقاطعة تأتي كأسلوب يعيد الاعتبار إلى سلطة المستهلك الفرد وحقه في الاختيار والتفضيل والتمييز دون أن يكون ضحية لإغراءات التسويق، وهكذا تعبر المقاطعة بمعناها الأوسع عن مقاومة فردية ضد طغيان الرأسمالية التي لا تعترف إلا بمبدأ الربح.

ثالثاً: المناصرة، وهي الميدان الأرحب الذي تلتقي فيه أشكال وأساليب من الإبداع في التعبير الثقافي والفني عن أي قضية أو مبدأ، اعتمادا على المواهب والأدوات المطوَّرة فرديا. ولعل القضية الفلسطينية اليوم هي من أهم القضايا الإنسانية الكبرى التي تعيد الإبداع من جنوح ما بعد الحداثة إلى واقع الناس وإلى جوهر الألم البشري، وهي بالنسبة للمثقف الحقيقي منطقة للفعل والمشاركة والتفاعل خارج سلطة الأكاديميات ووهم النخبوية.

سالم الرحبي شاعر وكاتب عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: عن فلسطین

إقرأ أيضاً:

ما سر الجسم المجنح الذي ظهر أعلى الشمس في صور ناسا؟

انتشرت مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي العربية والعالمية صورا للشمس، التقطت من مراصد فضائية خاصة مرصد الشمس وغلافها التابع لوكالتي الفضاء الأميركية والأوروبية، تبين جرما مجنحا كبيرا يقف إلى جوار الشمس، مما أثار الجدل حول الأمر.

في الصور الملتقطة من مرصد الشمس وغلافها، تظهر الشمس مغطاة تماما بأداة تسمى الإكليلوغراف، وهي مصممة خصيصا لحجب قرص الشمس الساطع حتى يتمكن العلماء من رؤية الهالة الشمسية، وهي الطبقة الخارجية من الغلاف الجوي للشمس.

وذلك يشبه أن تمد يديك أمامك لتحجب عن عينيك ضوء الشمس في يوم مشرق، كي تستطيع أن ترى أمامك، فقرص الشمس ساطع جدا، وإذا لم يُحجب، لن يستطيع التلسكوب رؤية الهالة الشمسية الرقيقة التي تحيط به، لأنها ستكون مغمورة في وهج الضوء.

على سبيل المثال في واحدة من أشهر صور مرصد الشمس وغلافها يُرى مذنبان يتحركان حول الشمس متجهين جنبا إلى جنب نحو هالة الشمس، وأحد هذين المذنبين بالأسفل قد تشوهت صورته ليصبح بشكل مجنح، هذه الظاهرة تتكرر كثيرا ويمكن لك بمتابعة صور المرصد أن ترى كثيرا منها.

لاحظ كذلك أن هناك عديدا من النقاط التي يظهر بعضها تشوها شبيها بسبب طبيعة الكاميرا.

صورة من مرصد الشمس وغلافها تظهر جرما آخر مجنحا (ناسا) تشبع الصور

ولكن كثيرا ما تظهر الصور الملتقطة بهذه الطريقة نقاطا غريبة الشكل، فقد تظهر مجنحة أو مشوهة، تعود هذه الأشكال إلى ظاهرة تُعرف باسم "تشبع جهاز اقتران الشحنة".

إعلان

عندما يدخل جسم شديد السطوع، مثل كوكب الزهرة أو المشتري، مجال رؤية منظار التاج الخاص بمرصد سوهو، فإنه قد يُغرق مستشعر الكاميرا. يؤدي هذا إلى تسرب الشحنة الزائدة من البكسلات المشبعة إلى البكسلات المجاورة، مما يُشكل خطوطا أفقية أو "أجنحة" تمتد من المصدر الساطع. هذا أمر شائع في أجهزة استشعار التصوير الرقمي عند تصوير أجسام شديدة السطوع.

وتلتقط أجهزة المرصد صورا متكررة للكواكب والنجوم التي تمر عبر مجال رؤيتها. على سبيل المثال، غالبا ما يظهر كوكب الزهرة كجسم ساطع في هذه الصور، مما يؤدي إلى مظهره "المجنح" المميز بسبب تشبع جهاز اقتران الشحنات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك كثيرا من المؤثرات على حساسات كاميرا هذا النوع من المراصد، التي قد تظهر تشوهات أخرى في الصور، مثل اصطدامات الأشعة الكونية، حيث يمكن أن تصطدم الجسيمات عالية الطاقة بجهاز اقتران الشحنات، مما يُنتج بقعا أو خطوطا ساطعة لا علاقة لها بالأجرام السماوية الفعلية.

وقد تؤدي مشاكل نقل البيانات إلى فقدان أو تلف كتل الصور، مما يؤدي إلى أنماط أو أشكال غير عادية في الصور.

وكذلك يمكن أن تُنتج الانعكاسات الداخلية داخل الجهاز صورا شبحية أو شذوذا أخرى، خاصة عند إغلاق باب الحماية الخاص بالجهاز في أثناء إجراءات المعايرة.

صورة أخرى من المرصد نفسه التقطت عام 2001 (ناسا) نظرية المؤامرة

ويجدر بنا في هذا السياق توضيح أن الأمر ليس جديدا، إذ لا تمر عدة أعوام إلا ويخرج أحدهم ليتحدث عن هذه الأجرام المجنحة ثم ينتقل للحديث عن نهاية العالم.

بدأ الأمر من جديد عام 2017، حينما ربط أحد منظري المؤامرة في الولايات المتحدة الأميركية، ويسمى ديفيد ميد بين نصوص دينية ونهاية العالم، وقال إنه تمكن من معرفة الموعد الدقيق لنهاية العالم، والذي سيكون في أكتوبر/تشرين الأول 2017، لكنه راجع التاريخ لاحقا وقال إن التاريخ هو 23 سبتمبر/أيلول.

إعلان

لم ينته العالم، ومن هنا تم ابتكار تبريرات إضافية، وفي هذا السياق، ادعى ميد أنه استخدم هندسة أهرامات الجيزة للتنبؤ بالموعد الدقيق لوصول كوكب مدمر إلى الأرض، الأمر الذي أدخل الحضارة المصرية القديمة في الحكاية.

في هذا السياق، ربط بعض منظري المؤامرة حول العالم بين الأجرام المجنحة في صور ناسا ورمز "الشمس المجنحة" في النقوش المصرية القديمة، والذي يظهر أجنحة حورس، الذي يمثل السلطة المطلقة لإله الشمس.

جاء ذلك كله في سياق خرافة علمية شهيرة تدعي اقتراب جرم أو كوكب ضخم من الأرض بغرض تدميرها، إذ قال زكريا سيتيشن، وهو كاتب أميركي من أصول روسية قبل نحو 20 سنة، إن الفضائيين زاروا الأرض قبل آلاف السنين، وأخبروا السومريين بأسرار علم الفلك، ومنها أن كوكبا يدعى "نيبيرو" يقترب من الأرض وقد يصطدم به قريبا، وفقا لتفسير سيتيشن للنصوص الدينية القديمة لبلاد ما بين النهرين، فإن نيبيرو يمر كل 3600 عام.

كان سيتيشن يرى أن الكائنات الفضائية هي من وضعت البشر على سطح الأرض، وأن آلهة بلاد ما بين النهرين القديمة كانوا رواد فضاء من كوكب "نيبيرو".

خرافة نيبرو

مع انتشار الإنترنت، انتقلت هذه الخرافات العلمية إلى العالم العربي، وتحول "كوكب نيبرو" إلى أسماء أخرى، مثل "النجم الطارق" و"كوكب سقر"، بغرض جمع اهتمام الناس.

ومن وجهة نظر فلكية، لا يمكن أن يقترب أحد الكواكب بهذا الشكل من الأرض من دون أن ندرك وجوده، حيث سيكون منيرا في السماء لعدة أشهر أو حتى سنوات قبل وصوله، مثلما تفعل كواكب مثل المشتري أو زحل طوال العام.

يعني ذلك أن كوكب نيبرو كان ليُرى في تلسكوبات هواة الفلك في العالم أجمع، وليس الوكالات الفضائية فقط، فأي شخص يمتلك تلسكوبا متوسطا، مثل كاتب هذا الكلام وآلاف مثله في الوطن العربي فقط، يمكن ببساطة أن يلاحظ وجوده.

من جانب آخر، فإن مرور كوكب كبير نسبيا بين الكواكب الأخرى كان ليؤثر بوضوح شديد في مداراتها، بحيث يتمكن الفلكيين وهواة الفلك في كل العالم من ملاحظة ذلك من مسافات بعيدة جدا، وبالتالي فإن "نيبيرو" من المؤكد أنه ليس حتّى ضمن الكواكب الثمانية للمجموعة الشمسية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • السيد القائد: نسعى لموقف أقوى إلى جانب فلسطين في معاناتها التي لم يسبق لها مثيل
  • جمعية حقوقية تتحرك بعد الحكم المثير للجدل في قضية خديجة التي خاطوا وجهها بـ”88 غرزة”
  • “يقاتلون صفا واحدا مع القوات المسلحة”.. والي القضارف يستقبل قوات العمل الخاص العائدة من مناطق العمليات
  • من الرصيف العائم إلى حكم العشائر والفقاعات.. فشل للاحتلال بملف المساعدات في غزة
  • شيخ الأزهر: قضية فلسطين أولوية يجب ألّا تغيب عن الخطاب الإعلامي العربي
  • هل على نتنياهو أن يخشى من جيل الأطفال الذي شهد الإبادة؟
  • ما سر الجسم المجنح الذي ظهر أعلى الشمس في صور ناسا؟
  • تشغيل المرحلة الأولى من مشروع الأتوبيس الترددي BRT بطول 35 كم لخدمة المواطنين
  • الجميع يعلم بأنه كاذب ومن يصدق مبارك الفاضل؟
  • ما وراء الخبر.. ما الذي يقوله الهجوم الروسي الواسع على أوكرانيا؟