ختام قمة الويب 2023.. المناخ ودور التقنية في الحد من تدهوره
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
بعيدا عن الذكاء الاصطناعي ومواضيعه التي حفلت بها فعاليات قمة الويب 2023 كان اليوم الأخير للقمة -التي اختتمت أمس الخميس في العاصمة البرتغالية لشبونة- أكثر جدية في مواضيعه، حيث طُرحت فيها أزمة المناخ ودور شركات التكنولوجيا في إحداث تغيير.
التكنولوجيا وتغير المناخففي ندوة بعنوان "كيف يمكن للتكنولوجيا تغيير أزمة المناخ؟" تحدثت سيتا تشانترامونكلاسري المؤسسة والمديرة لشركة "سيام كابيتال" الاستثمارية وربيكا بارسونز كبيرة مسؤولي التكنولوجيا في شركة "ثوتووركس" وحاورهما أندرو فشمان الشريك المؤسس والرئيس للموقع الإخباري "ذي إنترسبت البرازيل".
في البداية قال فشمان إن الشركات الكبرى -التي بعضها ممثَّلة في القمة- تعتبر من أكثر الملوثين للبيئة، لكن أيضا لديها قوة عظيمة لإحداث تغيير إيجابي.
وأضاف أنه وفقا للأمم المتحدة فإن صناعة التكنولوجيا مسؤولة عما بين 2 و3% من جميع الانبعاثات الضارة بالمناخ، لكنه يرى أن بإمكان التكنولوجيا أيضا أن تُحدث تغييرا ثوريا في هذا الأمر، وقال "أن تكون مدافعا عن البيئة لم يعد خيارا بل أصبح التزاما".
بدورها، قالت تشانترامونكلاسري إن أكبر التحديات على مدار حياتنا هو التحول إلى الاستدامة، لكنه في الوقت ذاته أحد أعظم فرص خلق الثروة.
وأضافت أنها لهذا تعتقد أن الموضوع مهم جدا، وأنه -حسب رأيها- ليس قضية بيئية بقدر ما هو قضية اقتصادية، والصناعة بدأت تتحول بالفعل لأن الناس أصبحوا يدركون ذلك.
وقالت إن شركات التقنية يجب أن تنظر إلى الأمر على أنه تجارة لكن يجب أن تكون مستدامة ومربحة، فلا يمكن أن تكون هناك حلول مستدامة طويلة الأجل إن لم تكن في نهاية المطاف فعالة من حيث التكلفة.
وترى أيضا أن المستهلكين يتمتعون على نطاق واسع بتأثيرات جماعية كبيرة، لكن سيتعين عليهم تغيير كل جانب من جوانب حياتهم -سواء كان ذلك تغييرات تنظيمية أو ضغوطا بيئية- لإجبار الشركات على تغيير الطريقة التي تقوم بها في أعمالها التجارية.
من جهتها، عبرت بارسونز عن اعتقادها بأن هناك جهودا حقيقية تبذل، وأن الميزة التي يتمتع بها كبار مقدمي التكنولوجيا إلى حد ما في هذا الأمر هي أن وجود سلسلة توريد أمر أبسط بكثير من تجارة السلع الاستهلاكية، مشيرة إلى أن المسألة مرتبطة بالتكلفة، فإن كانت الاستدامة مرتبطة بتكلفة أقل أمكن تحقيقها، مؤكدة هنا على أهمية شفافية البيانات حيث إن على الشركات الكشف عن مبادراتها وما ادخرته كنتيجة لما قامت به.
وأضافت أن بعض الصناعات سيتحتم عليها إجراء تغيير جذري كي تواجه مسائل المناخ، وستكون هناك صناعات جديدة تنهض لتملأ الفجوات التي ربما يتم إنشاؤها بفعل أشياء كان يتعين علينا القيام بها بشكل مختلف.
وقالت إن علينا أن نعلّم الناس أن هناك تأثيرات لتغير المناخ، مشيرة إلى أن هذا الأمر تواجهه بعض الشركات التي تحاول تقديم الاستدامة، حيث إن الناس لا يفهمون كيف سيؤثر ذلك على حياتهم اليومية، فالأمر لا يتعلق فقط بتغير المناخ ولكن بالصحة الطويلة الأجل لعائلاتهم، وتغيير الطريقة التي نتحدث بها يمكن أن تُحدث فرقا حقيقيا.
الصناعات القذرةوفي ندوة أخرى بعنوان "كيف يمكننا إزالة الكربون من إحدى أكثر الصناعات قذارة في العالم؟" قال المدير التنفيذي لشركة "إتش 2 غرين ستيل" الناشئة هنريك هنريكسون ردا على سؤال عن صناعة الفولاذ وعلاقتها بتغير المناخ ودور شركته في هذا المجال إن الفولاذ مسؤول عن نحو 9% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية ولهذا فإنه ملوِّث حقيقي، وهو من المواد التي نستخدمها في حياتنا اليومية، سواء في البنية التحتية أو المنتجات التي نستهلكها وما إلى ذلك.
لكن الفولاذ أيضا من تلك المنتجات التي يمكن فعليا إنتاجها بسهولة نسبية بدون انبعاثات كربونية، لأنه لا يتطلب إعادة البصمة الصناعية بأكملها، فإذا استخدمت مثلا فولاذا بنيا أو أخضر فإنه بإمكانك استخدام الآلات والأدوات ذاتها تماما للحامه أو ضغطه.
وأضاف أنه إذا نظرنا إلى السيارة الكهربائية على سبيل المثال فإن نحو 600 كيلوغرام تقريبا من وزنها فولاذ، وعندما نشتري سيارة كهربائية فإنه يتم تسويقها على أنها منتج محايد لثاني أكسيد الكربون، وما تحاول الشركات فعله هو الحصول على مواد مستدامة قدر الإمكان، أما الجزء المتبقي -وهو كثير- فتشتري له شهادات ثاني أكسيد الكربون، والتي يتم تداولها على "نظام تجارة الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي" (إي يو- إي تي إس)، والتي تكلف اليوم نحو 100 يورو لكل طن من ثاني أكسيد الكربون.
وتابع أن الشركات تعوض عن المواد المستدامة بشراء تلك الشهادات، وتبلغ الفاتورة الإجمالية للقيام بذلك نحو 500 أو 600 يورو، وتعتقد شركات السيارات أننا كمستهلكين على استعداد لدفعها، لأنه عندما نشتري سيارة كهربائية فإن لدينا وعيا وبعض الأجندة البيئية.
وقال إن شركة "إتش 2 غرين ستيل" تأتي بالبديل لشركات السيارات، فبدلا من شراء تلك الشهادات يمكنها الحصول على الفولاذ الأخضر الذي يكلف أقل من الشهادات، فمثلا طن واحد من الفولاذ يتسبب بانبعاث طنين من ثاني أكسيد الكربون عندما يتم إنتاجه حاليا، وما تقوم شركته بفعله هو أنه بدلا من دفع 200 يورو للتخلص من طنين من ثاني أكسيد الكربون تدفع 150 يوروا لتحصل على مواد أفضل بكثير.
واختتم قمة الويب 2023 وزير الاقتصاد والشؤون البحرية في حكومة البرتغال أنطونيو كوستا سيلفا الذي استعرض أبرز الأرقام في القمة، مثل حضور 70 ألفا و236 شخصا من 153 دولة، ومشاركة 2608 شركات ناشئة، و900 متحدث و321 شريكا وأكثر من 900 مستثمر، كما قال إن 43% من الحضور و38% من المتحدثين هم من النساء.
وحث الوزير أصحاب الطموح من الشباب على عدم اليأس من تحقيق أحلامهم، وقال إن الأفكار البسيطة غيرت العالم، مستذكرا مثالا على ذلك بالسوق العالمي للتصوير الفوتوغرافي والسينمائي في الستينيات والسبعينيات، حيث طورت الشركات كاميرات الأنالوغ (التناظرية) التي هيمنت على السوق، لكن كان هناك مهندس شاب لامع يدعى ستيفن ساسون الذي اخترع أول كاميرا رقمية سنة 1975 وقدمها إلى مجلس إدارة شركته كوداك، وتقريبا تم طرده من الغرفة بحجة أن اختراعه بدون قيمة وأن السوق يدعم كاميرات الأنالوغ، لكن ما حدث بعد ذلك بسنوات هو أن الكاميرات الرقمية هيمنت على السوق وأفلست كوداك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ثانی أکسید الکربون قمة الویب 2023
إقرأ أيضاً:
وزير النفط: العراق ماضٍ في خفض الانبعاثات وتحويل الكربون إلى فرصة اقتصادية
الاقتصاد نيوز _ بغداد
أكد نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط، حيان عبد الغني، اليوم الأربعاء، أن العراق ماضٍ نحو التحول في مفهوم الطاقة التقليدي إلى رؤية أكثر شمولاً تستند إلى الاستدامة البيئية والتوازن الاقتصادي والمسؤولية الاجتماعية ،فيما أشار إلى أن خفض الانبعاثات الكربونية يمثل خياراً وطنياً وضرورة اقتصادية.
وقال عبد الغني في كلمته خلال أعمال المؤتمر الدولي الأول لاقتصاديات الكربون الذي نظمته الشركة العامة لاقتصاديات الكربون في بغداد، وتابعته "الاقتصاد نيوز"، إن "هذا المؤتمر المهم الذي تنظمه الشركة العامة لاقتصاديات الكربون، يأتي في توقيت مفصلي من تاريخ الطاقة في العراق والعالم"، مبيناً أن "العراق ممثلاً بوزارة البيئة ووزارة النفط والبنك المركزي العراقي، أدرك حجم التحدي المناخي العالمي وسرعة التغيرات الاقتصادية والتقنية التي تفرض نفسها على مشهد الطاقة".
وأضاف: "انطلقنا من هذا الإدراك نحو التحول من المفهوم التقليدي للطاقة إلى رؤية أكثر شمولاً تستند إلى الاستدامة البيئية والتوازن الاقتصادي والمسؤولية الاجتماعية"، لافتاً إلى أن "خفض الانبعاثات الكربونية يعد خياراً بل ضرورة مناخية واقتصادية، ويمكن تحويله إلى فرصة حقيقية لجلب التمويل والاستثمار وتطوير التكنولوجيا من خلال آليات سوق الكربون وسندات الكربون".
وأوضح أن "الوزارة بدأت جدياً بتنفيذ مشاريع لتقليل حرق الغاز المصاحب والوصول إلى تصفير الحرق الروتيني بحلول عام 2029، فضلاً عن إعداد مشاريع لخفض انبعاث الميثان، والانفتاح على أسواق الكربون الدولية، والتعاون الثنائي مع الشركاء الدوليين من خلال برامج مشتركة للتدريب وتمويل المشاريع الكربونية، بالإضافة إلى إدخال الطاقة المتجددة في العمليات النفطية كما هو الحال في مشاريع الطاقة الشمسية في حقول أرطاوي والشيبة والفيحاء وحقول البصرة المختلفة".
وبين أننا "ننظر اليوم إلى البصمة الكربونية لا كمصدر للعبء أو التقييد، بل فرصة اقتصادية إذ يمكن أن يتحول فيها الكربون من ضريبة بيئية إلى أصل مالي عبر سندات الكربون، ما يساهم في تمويل مشاريع استراتيجية من دون إرهاق الموازنة العامة للدولة".
مقدماً الشكر الى "رئيس مجلس الوزراء لدعمه المستمر لهذا التوجه، وتخويل وزارة النفط ووزارة البيئة بوضع آليات العمل بسندات الكربون والتفاوض مع الشركات المتخصصة، وهو ما أتاح لنا المضي في دراسة مشاريع التمويل الكربوني قبل تحويل الصلاحيات إلى الشركة العامة لاقتصاديات الكربون بعد تأسيسها"، مشيرا إلى أن "هذا المؤتمر يمثل حلقة مهمة في سلسلة الجهود الوطنية لبناء اقتصاد منخفض الكربون ورفع جاهزية العراق للانخراط في آليات الحياد المناخي، بما ينسجم مع التزاماتنا في اتفاق باريس للمناخ، وطموحه في تنويع مصادر الدخل وتعظيم الكفاءة البيئية".
وأكد أن "دعم وزارة النفط لقطاع الكهرباء يأتي كجزء أصيل من رؤية وطنية أشمل لخفض الانبعاثات وتحقيق التحول الطاقي"، لافتا إلى أن "أي تخفيض فعال في البصمة الكربونية يجب أن يبدأ من كهرباء نظيفة وكفوءة قائمة على تنويع المصادر وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري التقليدي".
وبين أن "الوزارة سعت إلى تسريع كهربة عمليات الإنتاج النفطي عبر ربطها بمحطات الطاقة الشمسية، مما يقلل من استخدام المولدات التي تعتمد على الوقود السائل عالي الانبعاثات، بالإضافة إلى تمويل مشاريع طاقة لصالح وزارة الكهرباء عبر آلية الدفع بالنفط الخام، وهي خطوة مبتكرة أسهمت في تنفيذ مشاريع طاقة نظيفة من دون الضغط على الموازنة"، موضحا أن "الوزارة تسعى إلى التكامل مع وزارة الكهرباء لإعداد وتنفيذ خطة الطاقة المتجددة التي تستهدف إنتاج أكثر من 12 جيجا واط من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، وهي خطوة محورية في خفض الانبعاثات من قطاع الكهرباء".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام