قال الدكتور القس إكرام لمعي أستاذ مقارنة الأديان، عندما يتحول الدين من وسيلة تنظم علاقة الإنسان بالله، إلى غاية في حد ذاته يكون معرضًا لمن يحوله إلي وسيلة لتحقيق أهداف نفعية سواء كانت سياسية أو اقتصادية وهذا يعد اختراقا للدين، ونحن لا نعني بهذا أن الدين يجب أن يكون بعيدا عن السياسة أو الاقتصاد بل العكس فنحن نؤمن أن الدين يقدم المبادئ الأخلاقية العامة لكل نشاط إنساني.

وأضاف في حواره لـ"البوابة نيوز"، أن المشكلة عندما يستخدم الإنسان الدين لتحقيق أهداف ونفع من ورائه ، فيصبح الدين وسيلة لا غاية.وهذا يجسد عملية فكرة اختراق الدين. وإلي نص الحوار الذي يتحدث فيه عن استخدام الدين في دعم الحروب أو حتى إشعال الصراعات باسم الدين وعيد الميلاد والعديد من القضايا الأخري.

■ ماذا عن ميلاد السيد المسيح؟
ولد السيد المسيح فى فلسطين ونشأ فى ظل بيئة يهودية تقليدية لها آلاف السنين. وقد وضح من تعليمه أنه ضد تفسير المعلمين اليهود للتوراة ولكتب الأنبياء فى ذلك الوقت، لذلك قاومه العلماء اليهود ورجال الدين رافضين ما يقوله ويفعله.
■ ماذا عن المفهوم المسيحي للمسيا؟
المفهوم المسيحي للمسيا ‏لقد كان الخلاف الرئيسي بين التلاميذ والمسيح هو في مفهوم "المسيا "فقد كان التلاميذ ينظرون إلى المسيح كالمسيا العسكري الذي سوف يقوم بقيادة جيش نظامي عسكري لتحرير فلسطين من الرومان، وبقوته المعجزية سوف يقوم بتحطيم أعدائه، ويعلي قومية وعنصرية ‏شعب إسرائيل، في الوقت الذي فيه رفض المسيح هذا الفكر تماما، وبقدر ما كان المسيح معرضا أيضا للصراع الداخلي بين رفضه القيام بهذا الدور وبين القيام به. ‏ولقد حسم المسيح هذا الصراع برفضه تأسيس ملك أرضي، وهو ما دعا الشعب لأن يرفضه لأنهم ظنوا أن تأسيس الدولة العنصرية هو من الله .
وفي موقف من المواقف الخطيرة في حياة المسيح ، بدأ يصارح تلاميذه بأنه سوف ينبذ من رؤساء شعبه ، ويموت..
ولقد كان التطلع إلي دولة عنصرية وتحقيقها بالعنف والدم هو دستور لإحدي الجماعات المتطرفة في ذلك الوقت والتي تدعي “الغيوريون”، وكانت هذه الجماعة تقوم بأعمال إرهابية بغرض التمهيد لإقامة مملكة قومية لله في فلسطين .
■ ما الأسباب التي دفعتك إلى كتابة كتاب تحت مسمى “ الاختراق الصهيوني للمسيحية”؟
قصدت من هذا الكتاب تقديم القضية من أكثر من زاوية، الأولى: الزاوية التاريخية حيث تناولت تاريخ اليهود والشتات الذي مروا به، والصراع الذي عاشوا في أوروبا، واضطهاد هتلر لهم، وأفران الغاز التي استخدمها اليهود فكانت السبب الحقيقي وراء تعاطف الأوروبيين معهم، ثم مرحلة لجوئهم إلى الدول العربية للعيش فيها، وخاصة مصر، وحتى عام ١٩٤٨، وعودتهم إلى فلسطين، بنفس طريقة الغزو التى عرفها شعوب العالم، وثانيًا تناولت الزاوية العقائدية لليهود، وتطرقت لمفاهيم ومصطلحات “الشعب والعهد والأرض” ، حيث شعب إسرائيل، والأرض من نهر مصر إلى الفرات والعهد مع الله.
وتوضيح كيف أن ادعاءات اليهود كاذبة ومضللة قائلًا: المسيح أوضح أنه ليس هناك ما يسمى بشعب مختار من الله، وقال: “طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض، وأن من يرث هذه الأرض هم كل الودعاء من كل جنس ولون” مشيرًا إلى أن الأرض التي تحدث عنها المسيح هي أرض فلسطين.
■ كيف يتم هذا الاختراق؟
يتم اختراق الدين كمنهج إنساني من داخله، أى من بعض الذين ينتسبون إليه، والذين تغلبهم السلطة، وينحرف بهم الهوى عن النقاء الديني، فتراهم يتاجرون بالدين لتحقيق كسب مادى أو معنوي، وأحيانًا أخرى يخترق من خارجه، وذلك عندما يلقى أعداء دين معين بطُعم مسموم إلى أتباعه فيبتلعونه، ويحولون منهج هذا الدين لخدمة فلسفة أعدائه، ولا يتم الاختراق من الخارج إلا إذا وجد من يتجاوبون معه من الداخل.
■ هل الصهيونية اخترقت الديانة اليهودية؟
اليهودية اخترقت أكثر من مرة، كان من أهمها تلك النزعة إلى أن الله باختيارهم قد جعل منهم نسلًا متميزًا، أسيادًا للعالم، وأنه يجب على كل الدول أن تأتى وتركع عند أقدامهم، ونتيجة لهذا فقد اعتبروا كل الأمم المحيطة بهم (كلابًا) وحيوانات وجهلة، ذلك فى الوقت الذى كان يجب فيه أن يكونوا نورًا للأمم، فإذا كان الله قد ميزهم برسالته وأنبيائه، فإنما ذلك لكى يخدموا العالم، ويقدموا الإله الواحد لباقى الشعوب، لا عن عجرفة وتسيد بل باتضاع وحب. وإذ بهم وبدلًا من أن يتسع أفقهم باتساع الله رب العالمين، الذى خلق كل الأمم والأجناس ويرعاها، اختزلوا الله فى إله قبيلة أو جماعة. 
ولقد كانت هذه النظرية الفاسدة سببًا فى أن عوملوا معاملة سيئة على طول تاريخهم القديم والحديث أيضًا. وكان نتيجة هذه المعاملة القاسية من شعوب العالم أن تيقن فى داخلهم عدم قدرتهم على التعايش مع أى شعب أو جنس آخر، وتكونت نفسياتهم من الإحساس الدائم بعدم الاستقرار والطمأنينة، فعاشوا فى وسط البلاد فى حارات مغلقة ومخنوقة، لهم حياتهم الخاصة، رافضين الذوبان فى وسط أى شعب من الشعوب، وتحولت دولة إسرائيل الحديثة إلى حارة كبري، يتقاربون فيها من بعضهم البعض. يخافون الشعوب المحيطة، يكدسون الأسلحة، ويعيشون القلق ولا يثقون بأحد.
■ ماذا عن اختراق الصهيونية للمسيحية؟
الاختراق الخارجى للمسيحية، جاء من ناحية اليهود، وازداد وضوحًا فى العصر الحديث، وفكرة هذا الاختراق أن بعض المسيحيين فى أمريكا وأوروبا أرادوا أن يتبنوا فكرة وجود دولة إسرائيل الحديثة على أساس أنها تحقيق لنبوءات الكتاب المقدس، علامة على قرب عودة المسيح إلى الأرض ثانية. ولقد حدث هذا الاختراق بذكاء شديد لكى تتبنى الكنيسة فكرة الدولة الصهيونية، والمرفوضة تمامًا من الكتاب المقدس، حيث يحول هذا الاختراق المسيحية لطائفة يهودية ظهرت كإحدى الطوائف فى القرن الأول، وتعود إلى الدين الأصلى فى نهاية التاريخ، هذا فضلًا عن أن اليهود سوف يقبلون من الله، رغم رفضهم للمسيح ورسالته، وذلك بعد عودة المسيح بقوة، وهذا الفكر ضد كل التعاليم المسيحية التى تؤكد أن الباب سيغلق ولن يقبل أحد بعد المجئ الثانى للمسيح، والكتاب المقدس يوضح أنه لا مجال لليهود فى العودة إلى الله إلا بعودتهم كأفراد، واعترافهم بالمسيح، ولكن لظروف سياسية واقتصادية كثيرة، ولإحساس الكثيرين من الأوروبيين بالذنب بسبب تعذيب اليهود، ابتلعوا الطعم، وبدأوا يتحدثون عن إسرائيل الحالية كتحقيق نبوءات الكتاب المقدس ويمولونها بالأموال والأسلحة، هذا الاختراق للفكر المسيحى هو ما جعلنا نناقش هذا الأمر ونوضح كيف أن البشر فى كثير من الأحيان يسخرون الدين لأجل أغراضهم السياسية والاجتماعية.
■ ماذا عن رؤية الكتاب المقدس لدولة فلسطين؟
رؤية الكتاب المقدس للقدس، إن القدس عاصمة فلسطين وهى من أقدم العواصم في الشرق الأوسط وتوجد رسائل مرسلة من ملك فلسطين إلى أخناتون ملك مصر في القرن الرابع عشر قبل الميلادى. وقد بدأت قصة الشعب اليهودى كما اتفقت عليها جميع الأديان بخروج أبينا إبراهيم من وطنه الأصلى بمدينة أور الكلدانيين بجنوب العراق ليستقر في بلد أجنبي وكان الله هو سبب خروج إبراهيم وقال له: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِى أُرِيكَ.٢ فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً».
و بعد دخول إبراهيم إلى الأرض أصبح الوعد بالأرض محددا، وقد كان مفهوم إبراهيم لتملك الأرض أنه لم يمتلك أى قطعة من الأرض التى وعده الله بها حتى ماتت سارة زوجته وعندما أراد أصحاب تلك الأرض إعطاءه مقبرة لدفن زوجته كهدية رفض وأصر على شرائها ودفنها في مغارة المكفيلة وهذا يعطينا انطباعا بأن إبراهيم عندما أخذ الوعد من الله لم يفهمه على أنه تصريح من الله بسرقة الأرض من ملكها واعتبارها حقا له بل أصر على دفع الثمن كاملا وتوقيع عقد قانونى متكامل الأركان أمام شهود «تك ٢٣».
المسيحيين يؤمنون أن وعد الله لإبراهيم لم يكن في يوم من الأيام عنصريا أو مقتصرا على شعب معين لكنه وعد يشمل جميع الأمم، وأن إسرائيل أساءت فهم الوعد وتطبيقه في الوقت الذى استمر فيه الوعد لكل الأمم الأخرى. وقول السيد المسيح «طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ». المقصود بها أرض فلسطين فقد أخذ المسيح هذه الجملة من مزمور ٣٧ «اسْكُنِ الأَرْضَ وَارْعَ الأَمَانَةَ»، لأنَّ عَامِلِى الشَّرِّ يُقْطَعُونَ وَالَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ هُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ». وفى عدد ١١ من نفس المزمور يقول «أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ وَيَتَلَذَّذُونَ فِى كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ». وكاتب المزمور يقصد أرض فلسطين، والسيد المسيح يقصد بالودعاء المساكين وصانعى السلام من أى شعب.
أن أرض الميعاد الحقيقية في مفهوم المسيح هى الأرض بكاملها والتى يدعوها الله أن تتحول إلى ملكوته أى إلى عائلة واحدة على اختلاف الأمم والألسنة، إذ يملك الله عليها ويوحدها بروحه أفرادًا وشعوبا، مع تأكيد الفرادة والتمايز بينهم، فأرض الميعاد الجديدة لا حدود لها، لأنها المسكونة كلها إذ يتحقق فيها وعد الله بأن تتبارك بذرية إبراهيم، فتتحول جميع قبائل الأرض وشعوبها إلى شعب واحد لله يؤول تنوع عناصره لا إلى صراع واقتتال بل إلى تناغم وتكامل.
وفى سفر الرؤيا آخر أسفار العهد الجديد بالكتاب المقدس نرى الوعد بالأرض لم يعد وعدا بأرض فلسطين بل أصبحت الأرض كلها لشعب الله الذين يقبلونه.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأديان الجماعات المتطرفة السيد المسيح جنوب العراق دين رؤساء شعب الله المختار القدس فلسطين الکتاب المقدس هذا الاختراق السید المسیح أرض فلسطین من الله ماذا عن الأ ر ض

إقرأ أيضاً:

خالد الجندي: ليس من الصحيح تخويف الناس من الدين وتعقيد العبادة

قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين والتيسير على الناس، دون تعقيد أو إرهاق في التعبد والدعاء.

وروى الشيخ خالد الجندي، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء، قصة رجل عربي دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: "يا رسول الله، ما كنت تقول في صلاتك؟ فإني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ"، فابتسم النبي وأجابه: "ما تقول أنت؟"، فقال: "أقول اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار"، فقال له النبي: "حولهما ندندن"، موضحًا أن المقصود بالدندنة هو الصوت الخافت.

خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي لا يُفتي.. والفتوى تحتاج لعقل راجحربنا يستر.. خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي بيجاوب بفهلوة في المسائل الدينيةخالد الجندي: 5 مقاصد و3 مصالح لتحديد الحكم الصحيح في الفتوىالشيخ خالد الجندي: قاعدة الضرر يزال مفتاح استقرار المجتمع

خالد الجندي: ليس من الصحيح تخويف الناس من الدين

وشدد الشيخ خالد الجندي على أن هذه القصة تمثل درسًا عظيمًا في رحمة النبي وتيسيره، مضيفًا: "ليس من الصحيح أن نخوّف الناس أو نثقل عليهم الدين أو شروط التوبة والرجوع إلى الله، إذا أراد أحدهم أن يستغفر، فليقل ببساطة: أستغفر الله العظيم، دون أن يُشترط عليه حفظ أدعية طويلة أو ألفاظ معقدة". 

وأضاف عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن الدعاء، وإن تنوعت ألفاظه، فإن معانيه ومقاصده تتجه جميعها إلى الله عز وجل، متابعًا: "مش لازم كل الناس تحفظ صيغة سيد الاستغفار، يكفي أن يخاطب العبد ربه بإخلاص وصدق، وأن يسأله الهداية والمغفرة".

خالد الجندي: فضّ قلبك مما سوى الله حتى يملأه الله لك سكينة وراحة 

وكان الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، قال إن الإنسان يمر يوميًا بعشرات المشاهد والصور في الطريق، مشيرًا إلى أن كل مشهد منها قد يكون سببًا لدخوله الجنة أو النار، مستشهدًا بقول النبي محمد ﷺ: "كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها".

وأوضح الجندي أن على الإنسان أن يتأمل في كل ما يشاهده في يومه ويسأل نفسه: "هل هذا المشهد يدخلك الجنة أم يقودك إلى النار؟"، مؤكدًا أن الحياة مليئة بالمواقف التي قد تكون طريقًا للخير أو الشر، والقرار بيد الإنسان وحده.

وفي معرض حديثه عن "التفرغ للعبادة"، قدّم الجندي تشبيهًا بليغًا، قائلًا: "القلب مثل كوب ممتلئ بالأرز، لا يمكن ملؤه بالسكر إلا بعد إفراغه"، وأضاف: "فضّ قلبك مما سوى الله حتى يملأه الله لك سكينة وراحة".

وشدد على ضرورة الدخول في العبادة بقلب خالٍ من الانشغالات الدنيوية، مستشهدًا بقوله تعالى: "فإذا فرغت فانصب، وإلى ربك فارغب"، مؤكدًا أن الانشغال أثناء الصلاة بالمشاكل أو الشئون المادية يفقد الإنسان روح العبادة.

طباعة شارك الشيخ خالد الجندي خالد الجندي النبي تبسيط الدين تبسيط الدين والتيسير على الناس الدين

مقالات مشابهة

  • عندما يكون هناك «خداع بصري وتلوث صوتي»!
  • السيد القائد يشيد بأجل العبارات على خروج الجمعة الماضية
  • السيد القائد يدعو الشعب اليمني للخروج الواسع غدًا الجمعة في العاصمة صنعاء والمحافظات
  • رئيس الوزراء الموريتاني يصل إلى المدينة المنورة
  • ماذا ينتظر الأقصى فيما يسمى يوم خراب الهيكل؟
  • خالد الجندي: ليس من الصحيح تخويف الناس من الدين وتعقيد العبادة
  • الخارجية الفلسطينية: إعلان مؤتمر نيويورك لحظة تاريخية فارقة للاعتراف بـ دولة فلسطين
  • ممنوع دخول اليهود (2)
  • الخارجية الفلسطينية: هناك حراك دولي لإنهاء العدوان على الشعب الفلسطيني
  • أمريكا للبنان: نريد فعل وليس كلام بمصادرة سلاح حزب الله