[email protected]
كما يبدو من المعنى الضمني الذي يحمله العنوان؛ أن هناك مقاربة موضوعية بين أربعة أطراف رئيسية في هذا المعنى: الإساءة، الحياة، الموت، الإنسان، فهناك حالة من الاشتباك والالتحام ما بين هذه الأطراف، ولا بد أن تكون مجتمعة أيضا، فالإساءة لا يقوم بها إلا الإنسان الحي، وعندما يغيبه الموت ينتهي مشروع الإساءة، والمعضلة هنا أكثر أن الإساءة حاصلة حاصلة، حيث ليس من اليسير تجاوزها، حتى وإن حاول الفرد منا أن يتجاوزها، نعم؛ قد يخفف من وطأة تأثيرها على الطرف الآخر، ولكن أن يقضي عليها نهائيا فهذا من المستحيل، وإلا ما كان إنسان تتجاذبه مجموعة من المشاعر، والعواطف، والضعف، والقوة، والنفس اللوامة، وبالتالي فالنزوع عن الإساءة - سواء الإساءة على الآخر، أو الإساءة على النفس – يبقى من أحلام اليقظة، وسيظل الإنسان يسيء إلى نفسه، وإلى الآخرين من حوله إلى أن يغيبه الموت.
يأتي الاشتباك في هذه المسألة من باب وجود صراع أزلي بين الإنسان ونفسه، وبين الإنسان والآخر، فالآخر بالنسبة للفرد قضية محورية فلا يتحرك أحدنا إلا من خلال النظر إلى الآخر، ماذا يفعل؟ ماذا يقول؟ أين يذهب؟ ماذا يأكل؟ لماذا لم يذهب؟ كيف له ذلك؟ وقس على ذلك الكثير من الأسئلة الاستنكارية التي تتقصى مختلف جوانب تحركات هذا الآخر، هل ثمة ضرورة إلى ذلك؟ الإجابة تكون نسبية، فالتطفل حالة فطرية عند كل فرد، ولا يستطيع أن يتحرر منها، لأنها من الفطرة، ولأن التطفل قائم؛ فمعنى ذلك أن الإساءة؛ هي الآخر قائمة، لأن التطفل على الآخر، هي وظيفة أخرى نقوم بها، وهي حالة استثنائية غير مدرجة ضمن الحالات الرئيسية التي يتوجب القيام بها، فماذا يهم أن أعرف عن فلان من الناس، ماذا يأكل، وإلى أين يذهب، ولماذا فعل كذا، ولم يفعل العكس؟ ولذلك كان التشديد؛ وفق النص القرآني؛ على خطورة التجسس، فمن المهم أن تسأل فلانا عن حالته الصحية؛ على سبيل المثال؛ ولكن ما الضرورة لأن تسأله عن نوع المرض الذي يعانيه، فاختزال الفهم العام وإسقاطه على الفهم الخاص للحالة الفردية هو نوع من الإساءة، لأن أحدنا لا يضمن أن يتحدث عن مرض فلان، وعن حالته المادية، وعن مواقف الخطأ التي وقع فيها، وقس على ذلك أمثلة أخرى، وهذا كله يدرج ضمن حاضنة الإساءة.
فهنا نحن؛ لا نقدم حلولا للآخر، أو مساعدات، وإنما نشتبك معه لتقصي حالات ضعفه، وفي حالات خاصة قد نستخدم هذا الاشتباك للإساءة إليه أكثر وأكثر، فيما يسمى بـ «لي الذراع» حيث نتباهى بأننا نمسك على فلان من الناس موقفا يجبره على كسر إرادته وحريته، مقابل أن لا نسيء إليه، وبالتالي؛ ففي خضم هذا النزاع الداخلي الذي نمارسه على الآخرين من حولنا، نحن نلتحم معهم شعوريا، حتى ليكاد الأمر يصل إلى مشاركتهم الكره والحزن، نفكر عنهم، ونغضب عليهم، وليس لهم، وقد ننكر عليهم سعادتهم، فأي إفراط في الإساءة أكثر من ذلك؟ هناك وجه مشرق في مختلف العلاقات مع الآخر، وهذا أمر غير منكور، ولكن لأن وجه الإساءة ثقيل ومؤلم على النفس، فإنه يتبادر على وجه العلاقات على أنه الأكثر اكتساحا من ضده، وكما قال أبو الطيب المتنبي: «والضد يظهر حسنه الضد؛ وبضدها تتميز الأشياء» فالحسن دائما مشوق، ومرغوب فيه، ولأنه بهذا الموضع المرحب به، فإنه سريعا ما يتلاشى؛ حيث تظل النفس تنزع إلى تكراره، والشوق إليه.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مجازر لا تنتهي .. قصف متواصل وشهداء وجرحى ومجزرة في المواصي
تواصل طائرات الاحتلال وقطع المدفعية ارتكاب #المجازر بحق #الفلسطينيين في قطاع #غزة، حيث أسفرت الغارات المتواصلة عن استشهاد 19 فلسطينيًا على الأقل منذ الفجر، وسقوط عشرات #الجرحى، في سلسلة من #الغارات التي استهدفت مناطق سكنية ومراكز إيواء للنازحين في مختلف مناطق القطاع.
في جنوب قطاع #غزة، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة مروعة باستهداف #خيام #نازحين في منطقة #المواصي غرب مدينة خان يونس، ما أدى إلى استشهاد سبعة فلسطينيين وإصابة أكثر من عشرة، بحسب ما أفاد به مجمع ناصر الطبي
كما أدى قصف آخر استهدف خيمة بالقرب من مسجد حنين في ذات المنطقة إلى اندلاع حريق، بينما استُشهد الشاب أحمد رياض حامد العقاد (30 عامًا) متأثرًا بجراحه التي أصيب بها في وقت سابق إثر قصف استهدف خيمة نازحين في نفس المنطقة.
وتواصل القصف الجوي الإسرائيلي على منطقة المواصي بعدة غارات متتالية، استهدفت خيام نازحين قرب مخيم البركة للأيتام، ما أسفر عن استشهاد فلسطينيَين وصلا إلى مجمع ناصر الطبي.
مقالات ذات صلةكما استشهد الدكتور موسى خفاجة نتيجة استهداف آخر لنفس المنطقة، إلى جانب استشهاد الشاب أسامة أبو عكر برفقة ابنه الوحيد يعقوب جراء قصف غربي خان يونس. https://t.me/QudsN/590615?embed=1
وأفادت مصادر طبية بوصول إصابتين خطيرتين جراء إلقاء طائرة استطلاع إسرائيلية قنبلة على مجموعة من الفلسطينيين قرب مدينة أصداء شمال غرب خان يونس.
في وسط قطاع غزة، استُشهد فلسطينيان وجرح عدد آخر نتيجة قصف طائرات الاحتلال منزلاً في مخيم المغازي. كما تعرض مخيم النصيرات لغارة جوية عنيفة، أدت لاحقًا إلى استشهاد الشاب محمد شريم، الذي فارق الحياة متأثرًا بجراحه التي أُصيب بها في قصف سابق.
كما استُشهد شاب آخر، أحمد عبد الحميد قطايف، متأثرًا بإصابته قرب مركز توزيع المساعدات الأمريكية في منطقة نتساريم وسط القطاع.
وفي قصف آخر، استُشهد فلسطينيان إثر استهداف منزل بمخيم البريج. كما تعرضت المناطق الشرقية لمدينة دير البلح لقصف مدفعي عنيف، ضمن الهجمات المتواصلة.
أما في شمال قطاع غزة، فقد أسفر قصف جوي على حي الشيخ رضوان بمدينة غزة عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين، واستهداف مباشر لمنزل مقابل مدرسة “الموهوبين” أدى إلى وقوع شهداء وجرحى. كما استُشهد فلسطينيون وأُصيب عدد من الأطفال جراء استهداف شقة سكنية في نفس الحي، نُقلوا إلى مستشفى الشفاء للعلاج.
كما تعرض حي الزيتون جنوب شرقي غزة لغارات متكررة، إحداها استهدفت مدرسة “الشافعي”، ما تسبب في سقوط شهداء وجرحى، فيما تعرضت منطقة الزرقاء شرق مدينة غزة لغارات جوية متكررة، أسفرت عن إصابات.
واستهدفت المدفعية محيط مفترق الشجاعية والمناطق الشرقية من حي التفاح شرق مدينة غزة، مع تواصل عمليات قصف مدفعي متكرر على مناطق الزرقاء جنوب غرب جباليا.
وتشهد مدينة غزة انفجارات ضخمة جراء قيام جيش الاحتلال بنسف منازل الفلسطينيين في الأحياء الشرقية، لا سيما حي التفاح، حيث امتدت عمليات النسف إلى شرقي جباليا البلد شمال القطاع، ما أدى إلى تدمير منازل عدة. كما نفذ جيش الاحتلال عمليات مماثلة شرقي مدينة خان يونس.
وأفاد الدفاع المدني بأن طواقمه أنقذت 11 إصابة بينهم أطفال من تحت أنقاض منزل لعائلة الزيناتي في حي الشيخ رضوان، حيث تم التعامل مع الحالات ميدانيًا في ظل القصف المتواصل.
في الأثناء، تواصل طائرات الاحتلال الحربية والمروحية شن غارات على أحياء متعددة من مدينة غزة وخان يونس، وسط تحليق مكثف في أجواء القطاع.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن الاحتلال الإسرائيلي بدعم أميركي حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، تشمل القتل، التجويع، التهجير القسري، وتدمير البنية التحتية، وسط تجاهل تام لأوامر محكمة العدل الدولية وللنداءات الدولية المطالبة بوقف العدوان.