إسرائيل: ما قصة مدرّس التاريخ الذي بات سجينا شديد الخطورة لتنديده بالحرب في غزة؟
تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
لم تكتف السلطات الإسرائيلية بطرد مُدرس التاريخ مئير باروشين من المدرسة الثانوية حيث كان يعمل قرب تل أبيب، بل وزجت به في السجن واعتبرته "سجينا شديد الخطورة" بسبب إثارته بلبلة بنشره صورة تؤشر إلى تنديد بالحرب في غزة، عقب هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وفي الوقت الحالي، سمحت المحاكم لباروشين بتدريس طلابه موقتا في مدرسة إسحق شامير الثانوية في مدينة بيتاح تكفا، ولكن من خلال دروس مسجّلة لتجنب المشاكل.
وأثار هجوم حماس صدمة في المجتمع الإسرائيلي الذي يؤكد على ضرورة عودة الرهائن والوحدة الوطنية. ويُجمع غالبية الإسرائيليين على تأييد الجيش المرتبط ارتباطا وثيقا بالأمة منذ قيام دولتهم في 1948، والذي طلبت منه حكومة بنيامين نتانياهو "القضاء على حماس".
وشنت إسرائيل حملة قصف دامية أتبعتها بهجوم بري واسع في قطاع غزة ما أسفر عن مقتل 27940 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
"كإسرائيليين، نتحمل مسؤولية. حكومتي تجعلني قاتلا"يقول مئير باروشين إن في إسرائيل "هناك من يقول: نحن لا نهتم بمقتل مدنيين أبرياء في غزة بعد ما فعلته حماس بنا، إنهم يستحقون ذلك. ويقول آخرون: من المؤسف قتل مدنيين أبرياء، لكنه خطأ حماس، وإسرائيل ليست مسؤولة". وأضاف المدرس وهو عضو في منظمة "النظر في عيون الاحتلال" التي تندد بوضع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة قائلا: "بالنسبة إلي، هذا غير مقبول. كإسرائيليين، نتحمل مسؤولية. حكومتي تجعلني قاتلا".
وأكد باروشين بصوت متهدج أن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول جعله "مصدوما ومُرَوَّعاً". وشدّد هذا الأب لتوأمين يبلغان 19 عاما وتم تجنيدهما في الجيش في ديسمبر/كانون الأول على أن العملية العسكرية في غزة "لا تخدم أمن إسرائيل. بل على العكس، الأيام (التي نمر بها) تخلق الكراهية لأجيال". ويدافع باروشين عن فكرة التوصل إلى حل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
متهم بـ"الفتنة" و"التحريض على الإرهاب"واتهمت بلدية بيتاح تكفا التي يترأسها عضو في حزب نتانياهو، باروشين بـ "الفتنة" و"التحريض على الإرهاب" بعد نشره صورة لعائلة فلسطينية مقتولة تضم أطفالا، على صفحته على فيس بوك.
وأوقفت الشرطة الإسرائيلية باروشين في 18 أكتوبر/تشرين الأول. وطردته المدرسة حيث يعمل في اليوم التالي. وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني، وُضع في حبس انفرادي في القدس، بدون نوافذ وبدون ساعة، بتهمة "نية ارتكاب خيانة" و"نية الإخلال بالنظام العام".
في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، أسقطت المحكمة هذه الاتهامات، وأذنت لباروشين باستئناف عمله في التدريس، في انتظار قرار من محكمة العمل في نهاية مارس/آذار.
وعندما عاد إلى المدرسة في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، رفض تلاميذه الدخول إلى الصف. وقال: "يرون أنني مؤيد لحماس".
وقدّم زملاء باروشين من المعلمين دعما خجولا له. وأضاف: "صاروا يقولون لي: +مئير، أنا معك تماما ولكن لدي ارتباط+، أو +لدي عرس ابنتي+، أو +لدي عمل في المنزل+... إنهم يخشون التحدث".
"لإسكات أي انتقادات ضد السياسة الإسرائيلية"واعتبرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية اليسارية في افتتاحية أن القضية "استُخدمت لتوجيه رسالة سياسية. وكان الهدف من توقيفه هو الردع، لإسكات أي انتقادات أو تلميح باحتجاجات ضد السياسة الإسرائيلية".
من جهتها، تُدير يائيل نوي منظمة "رود تو ريكوفيري" (الطريق إلى التعافي) غير الحكومية وتضم متطوعين إسرائيليين ينقلون مرضى فلسطينيين، ومعظمهم من الأطفال، من نقاط التفتيش في الضفة الغربية المحتلة، أو من قطاع غزة قبل الحرب، إلى مستشفيات إسرائيلية لتلقي العلاج.
وتواصل يائيل نوي التصرف وفقا لقناعاتها، ولكن بتكتم.
وتُتّهم المنظمة في محيطها بـ "العمل مع العدو". وكانت تضم 1300 متطوع قبل هجوم حماس على إسرائيل، ولم يبق فيها حاليا سوى 400.
وقالت نوي: "أصبحت أكثر حذرا عندما أتحدث لأنني أعتقد أن ذلك قد يكون خطيرا". وأكدت وهي على وشك البكاء أنها في حين ترفض "تغيير تفكيرها" إلا أنها لا ترغب بتوسيع عملها، لعدم "مفاقمة آلام الإسرائيليين".
فرانس24/ أ ف ب
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: كأس الأمم الأفريقية 2024 الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج هجوم حركة حماس إسرائيل سجون مدارس تعليم الحرب بين حماس وإسرائيل غزة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني للمزيد كأس الأمم الأفريقية 2024 منتخب نيجيريا منتخب جنوب أفريقيا كرة القدم الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
تدرس المؤسسة الأمنية الإسرائيلية خيارات عدة بعد انتهاء عملية "عربات جدعون"، التي لم تنجح في إحداث تحول في قضية الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، وفق هيئة البث الإسرائيلية، ومن هذه البدائل ما وصفته بـ"خيار متطرف" إلى جانب ضم أراضٍ أو الحكم العسكري.
وأوضحت الهيئة، أن الخيار المتطرف هو فرض حصار على التجمعات السكانية في غزة، ومنع دخول أي مساعدات أو طعام أو ماء، سواء عبر الشاحنات برا أو بالإسقاط جوا، وذلك لإجبار الفلسطينيين على التوجه جنوبا.
وحسب هيئة البث، فإن من يغادر المناطق المحاصرة سيحصل على مساعدات دون قيود.
وفي هذا السياق، يرى المحلل العسكري العميد حسن جوني، أن المؤسسة الأمنية تبحث هذه الخيارات مع المستوى السياسي، لكن "لا يعني بالضرورة أن تكون فكرة المستوى العسكري".
ووصف جوني -في حديثه للجزيرة- هذه البدائل بأنها جرائم حرب وليست خيارات عسكرية، معربا عن قناعته بأن التهجير القسري والتغيير الديموغرافي "غير قابل للتنفيذ عمليا في غزة"، في ظل وجود دور للمقاومة واستمرار تحركاتها وعملياتها وكمائنها المركبة.
وحسب جوني، فإن جزءا من أهداف عملية "عربات جدعون" كان تهجير سكان شمالي القطاع بشكل كامل للتعامل مع المقاومين في المنطقة بشكل ساحق، في وقت لا تزال فيه المقاومة تفرض نفسها في الميدان ومنها مناطق أقصى الشمال.
وشدد الخبير العسكري على أن المستوى العسكري في إسرائيل يبحث خيارات عسكرية "قابلة للتنفيذ"، خاصة أن أهداف الحرب متضاربة، وهو ما أظهر خللا كبيرا في التخطيط الإستراتيجي في بداية الحرب.
ووفق جوني، فإن جيش الاحتلال أخذ 22 شهرا لتنفيذ عملية عسكرية في غزة أهدافها متضاربة، مما أدى إلى سقوط خسائر بشرية أكبر.
وبناء على هذا المشهد الميداني، فإن جيش الاحتلال وصل إلى نقطة الذروة، وهو ما يدركه رئيس الأركان إيال زامير، الذي صار يدعو إلى حل سياسي في قطاع غزة، بعدما "لم يعد بمقدور الجيش تحقيق أشياء إضافية".
إعلانوأشار الخبير العسكري إلى أن جيش الاحتلال لم يحقق أهداف الحرب طيلة المدة التي تمتع فيها بالطاقة القصوى لقدراته، لافتا إلى أنه يستحيل عليه حاليا تحقيق هذه الأهداف بعدما تناقصت هذه القدرات العسكرية بشكل كبير.
ومنذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قُتل 898 عسكريا إسرائيليا، وفق إحصائيات جيش الاحتلال المعلنة، في وقت تؤكد فيه فصائل المقاومة أن الأرقام المعلنة أقل بكثير من الخسائر الحقيقية.