في ظل اتساع الصراع داخل قطاع غزة الفلسطيني، واستهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي المجمعات السكنية، وقتل الأطفال والنساء في جميع مدن قطاع غزة، يهرب الفلسطينيون إلى مأوى يبعدهم عن الصراع بين حماس وإسرائيل، وهو ما دفع الفلسطينيين إلى النزوح بمئات الآلاف إلى مدينة رفح، حيث تكدست المدينة الصغيرة بنحو مليون شخص، متواجدين داخل خيام، ووسط درجات حرارة منخفضة، وظروف صعبة وبالغة القسوة.

نزوح إلى رفح

واشتكت أم لسبعة أطفال تدعى أم محمد مهني، وهي امرأة فلسطينية من غزة، وصلت أخيرا إلى مدينة رفح في الطرف الجنوبي من قطاع غزة، وهو المأوى المؤقت الخامس لها بعد اندلاع الصراع بين حماس وإسرائيل قبل شهرين.

ومن داخل خيمتها جنوب رفح، قالت أم محمد: «أجبرنا جيش الاحتلال الإسرائيلي على التهجير خمس مرات من منزلي في مدينة غزة إلى مدينة دير البلح وسط القطاع، وإلى شرق خان يونس، ومن ثم إلى غرب خان يونس حتى الوصول إلى رفح».

وخلال رحلة نزوحها، فقدت أم محمد مهني، زوجها وثلاثة أبناء وابنتين وعشرة من أحفادها، في هجوم إسرائيلي استهدف مجمعهم السكني في مدينة خان يونس قبل أيام.

وأضافت: «في كل مرة وصلنا إلى مكان ما، ظننا أنه سيكون آمنًا، ولكن في كل مرة وجدنا أننا عالقون في مكان خطير آخر، عندما هاجم الجيش الإسرائيلي الأماكن القريبة".

وأكدت: «لقد فقدت كل شيء، ولا يوجد ماء ولا طعام ولا كهرباء ولا حمامات».

ومنذ أن بدأ الجيش الإسرائيلي عمليته البرية في مدينة خان يونس قبل أيام قليلة، أصبحت مدينة رفح الملاذ الأخير لعشرات الآلاف من المدنيين في ظل الهجمات الإسرائيلية المستمرة.

وفي ظل نقص أماكن الإقامة، اضطرت آلاف العائلات إلى نصب خيم في الشوارع والمدارس والمناطق المفتوحة دون توفر متطلبات السكن الضرورية.

لا توجد أماكن آمنة في غزة

كان إبراهيم الصواف، وهو فلسطيني من سكان خان يونس، مشغولاً بنصب خيمة لعائلته المكونة من 20 فرداً في رفح، وقال الأب لستة أطفال البالغ من العمر 56 عاما، إنه جاء إلى رفح بعد أن استنفد كل وسائله للعثور على سكن مناسب لعائلته.

وأضاف: «الجيش الإسرائيلي أرسلنا من مكان خطير إلى آخر دون أن يبالي بمعاناتنا على الإطلاق، ولا توجد أماكن آمنة في غزة».

تحذيرات من كارثة إنسانية

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أنه مع تدفق المزيد من الناس إلى رفح، فإن الملاجئ المتاحة الآن لا تستطيع تلبية الطلب المتزايد، مما أجبر معظم الوافدين الجدد على الاستقرار في الشوارع دون مأوى.

وتشير التقديرات إلى أن حوالي 1.9 مليون شخص في غزة، أو حوالي 85% من السكان، أصبحوا نازحين داخلياً.

الدفع نحو الحدود المصرية

كما ذكرت القناة الـ 13 الإسرائيلية في ساعات مبكرة من اليوم أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب تعبئة جنود الاحتياط، من أجل الاستعداد للاجتياح العسكري لرفح الفلسطينية.

من جانبه، حذر السفير سامح شكري، وزير الخارجية، من أن أى زيادة لرقعة العمليات العسكرية سوف تكون له آثار وخيمة.

كما أدانت الخارجية القطرية بأشد العبارات التهديدات الإسرائيلية باقتحام مدينة رفح، محذرة من كارثة إنسانية باعتبار المدينة ملاذًا للمئات من آلاف النازحين.

فيما أكدت الخارجية السعودية على ضرورة انعقاد مجلس الأمن الدولي بشكل عاجل، لمنع إسرائيل من التسبب بكارثة إنسانية وشيكة، يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: رفح قطاع غزة غزة مدينة غزة قصف غزة حرب غزة غزة الان غزة اليوم غزة مباشر الحرب على غزة صواريخ غزة غزة الآن أخبار غزة محيط غزة المقاومة في غزة أطفال غزة أنفاق غزة غزة لحظة بلحظة حكم غزة حرب غزة الان مخيمات رفح مدینة رفح خان یونس إلى رفح

إقرأ أيضاً:

صباح غالب فقدت ولديها على جبهتي الحرب في اليمن

تركت العشرية السوداء للحرب الطاحنة التي اندلعت في اليمن في مارس/ آذار 2015 قصصاً وندوباً داخل كل بيت، بعدما طاولت نارها كل تفاصيل الحياة. وتكاد تكون قصة الستينية صباح غالب خلاصة الجرح، إذ فقدت ولديها على جبهتين مختلفتين من الحرب، علماً أن الفقد هو عنوان هذه القصة التي تتلخص بكون صباح من بين أكبر الخاسرين في حرب لا تعرف سببها، ولا أطرافها.

 

تعيش غالب في قرية ذي عنقب، بجبل صبر، التابع لمحافظة تعز، جنوب غربي اليمن، وعملت في الفلاحة بمساعدة زوجها الذي كان بائعاً للقات، إلى جانب كونه مزارعاً. وعاشا حياتهما في كفاح دائم من أجل توفير لقمة عيش كريمة.

 

عام 2012 فُجعت صباح وزوجها بوفاة ابنهما الشاب ماهر الذي كان يوشك أن يحتفل بزواجه، ما خلق جرحاً كبيراً في حياتهما.

 

في مارس 2015 اندلعت الحرب في اليمن، وتضررت أسرة صباح مثل بقية الأسر اليمنية، خاصة أن الاشتباكات المسلحة وصلت إلى مدينة تعز التي تبعد أقل من 10 كيلومترات فقط عن القرية التي تقيم فيها مع زوجها وأبنائها. تقول لـ"العربي الجديد": "نحن فلاحون لم نقرأ ولم نتعلم، ولا نجيد سوى عمل الزراعة في حقول القات وبيعه. عشنا من هذه المهنة، ولا علاقة لنا بأحزاب سياسية ولا بصراعات حول الحكم والسلطة".

 

ورغم أن عائلة غالب لا علاقة لها بالشأن السياسي، فقد استقطب قياديون من جماعة أنصار الله (الحوثيين) أحد أبنائها، ويدعى طلال الذي قاتل في صفوفها. وحصل ذلك عبر أشخاص من قرية مجاورة انتموا إلى الجماعة، وعُرفوا باسم "متحوثين". وأغرى هؤلاء طلال بضمه جندياً في صفوف الجيش الموالي للحوثيين، ومنحه راتباً شهرياً في وقت كان فيه وضعه المالي متردياً كونه بلا وظيفة.

 

قاتل طلال، من دون أن يعرف كثيرون من أقاربه ورفاقه، في صفوف الحوثيين ضد أبناء مدينته الذين قاوموا زحف الحوثيين، مع عناصر من الجيش الموالي للرئيس السابق علي عبد الله صالح، ضمن تحالف تشكّل بين الطرفين، قبل أن ينفض في ديسمبر/ كانون الأول 2017.

 

وفي 27 مايو/ أيار 2015 اندلعت اشتباكات عنيفة شارك فيها طلال مع مجموعة تابعة للمقاومة الشعبية بتعز، وقتِل مع عدد من الحوثيين. تقول غالب: "لم أعرف أن طلال كان يقاتل في صفوف الحوثيين. اعتقدت بأنه يعمل سائق دراجة نارية في المدينة، وهي المهنة التي مارسها قبل الحرب. كنا نسمع عن اندلاع اشتباكات مسلحة داخل المدينة بين الحوثيين والمقاومة، ووصلني فجأة خبر مقتل طلال خلال قتاله مع الحوثيين". تضيف: "شعرت بصدمة كبيرة حين سمعت الخبر. كنت أتمنى أن يكون الأمر مجرد حلم، لكن الخبر تأكد، وشعرت بأن قطعة من قلبي قد انتُزعت".

 

وباعتبار أن جميع أبناء قرية غالب وقفوا في صف المقاومة الشعبية ضد مليشيا الحوثي وقوات صالح، أحست الأم بحمل مضاعف نتيجة قتال ابنها في صفوف الحوثيين.

 

وفي 15 يوليو/ تموز من العام نفسه وصلت الحرب إلى القرية، وشارك كل أبناء القرية في مواجهة الزحف الحوثي، وانضم كل من يقدر على حمل السلاح إلى صفوف المقاومة الشعبية التي خاضت الحرب بإمكانيات بسيطة، وكان بكر، الابن الأصغر لصباح ضمن صفوف الشباب الذين انضموا إلى المقاومة.

 

تقول غالب: "كرهت الحرب لأنها أخذت مني ابني، وكرهت كل دعاتها. أملت أن تنتهي الحرب ويعود الأمن والأمان إلى البلاد، لكن الأوضاع زادت سوءاً، ووصلت الحرب إلى القرية، وخرج الناس للمقاومة، ومن بينهم ابني بكر الذي أردت أن أمنعه لأنني خفت أن أخسره بعد أخيه".

 

استمرت الحرب في المنطقة شهراً كاملاً، وحسمتها المقاومة الشعبية لصالحها. وعام 2016 صدر قرار جمهوري بدمج أفراد المقاومة الشعبية في صفوف الجيش الوطني، وكان أحدهم بكر الذي مُنح رقماً عسكرياً.

 

وبعدما كانت سنوات الحرب صعبة على صباح غالب وزوجها، فقدت عام 2020 شريك حياتها الذي لم تفارقه يوماً، وفيما استمر بكر في التنقل بين جبهات مختلفة في مدينة تعز، قتِل داخل ثكنة عسكرية، في جبل هان، غرب تعز، في 5 مايو 2025، بعدما استهدفه مسلحو جماعة الحوثي.

 

تتحدث غالب عن تلقيها خبر مقتل بكر، ولدها الثاني: "قتلت الحرب ولديّ واحداً بعد الآخر. من جاء بهذه الحرب، ولماذا يتقاتل الناس؟ أولادنا ضحايا حرب لا نعرف سببها، يتقاتل الناس على الحكم وندفع نحن الضريبة. فقدت ولديّ وأصبحت وحيدة أنتظر الموت، أردت أن أفرح بزواجهما وألعب مع أحفادي".


مقالات مشابهة

  • صباح غالب فقدت ولديها على جبهتي الحرب في اليمن
  • جريمة التجويع في غزة .. كارثة إنسانية بصمت العالم
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة نتنياهو تقودنا إلى كارثة سياسية
  • غوتيريش: سكان غزة يواجهون كارثة إنسانية بأبعاد مروعة
  • المعارضة الإسرائيلية تهاجم حكومة نتنياهو: قادتنا إلى كارثة سياسية ويجب وقف الحرب
  • المجلس النرويجي: شح المياه يضع اليمن على شفا كارثة إنسانية جديدة
  • جوتيريش يحذر من كارثة إنسانية مروّعة في غزة
  • غوتيريش: سكان غزة يعانون كارثة إنسانية لها أبعاد مروعة
  • غوتيريش: سكان غزة يعانون من كارثة إنسانية لها أبعاد مروّعة
  • مطالبات دولية بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وإقامة الدولة الفلسطينية