أحفاد صلاح الدين.. حملة كردية غير مسبوقة لإغاثة غزة
تاريخ النشر: 1st, August 2025 GMT
أربيل- في وقت تخنق فيه غزة تحت وطأة التجويع والحصار ودوامة القصف المتواصل، انطلقت في إقليم كردستان العراق واحدة من أوسع حملات التبرع الشعبية لمساندة الشعب الفلسطيني بالقطاع الفلسطيني نقلتها الشاشات ومنصات التواصل الاجتماعي.
وتولّت منظمات خيرية محلية، بينها "بخشین" و"بختوري" و"الرابطة الإسلامية" تنسيق جهود جمع التبرعات وتحويلها إلى دعم حقيقي على الأرض.
فقبل تشديد الحصار في مارس/آذار الماضي، نجحت هذه الجمعيات في إرسال طرود غذائية ودوائية عبر مؤسسات وسيطة في المناطق الحدودية، وهي تقدم الدعم اليوم عبر الحوالات المالية بالتنسيق مع جمعيات إنسانية داخل القطاع.
وفي أربيل، يقول حاجي كاروان رئيس منظمة "بختوري" الخيرية التي جمعت نحو 6 ملايين دولار منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة -للجزيرة نت- إن حجم التفاعل الشعبي فاق كل التوقعات، سواء في قيمة التبرعات أو تنوع مصادرها.
ويشير كاروان إلى أن المساهمات جاءت من مختلف فئات المجتمع: فقد تبرع فلاحون بعائدات محاصيلهم، وباع شباب سياراتهم، وسجناء شاركوا بما لديهم، كما قدم البعض أقل من دولار واحد مقابل متبرع واحد قدم مئة ألف دولار، وأرملة تبرعت بخاتم زوجها المتوفى، في مشاهد إنسانية بالغة التأثير.
ويضيف أن التبرعات اليومية -التي تصل أحيانا إلى 30 ألف دولار- مكّنت المنظمة من تنفيذ مشاريع إيواء وتوزيع وجبات غذائية في غزة، بينها إنشاء مخيمين للنازحين باسم "أحفاد صلاح الدين" يضم أحدهما أكثر من 250 خيمة، إضافة إلى مساجد مؤقتة وشبكات مياه بالتعاون مع بلدية غزة.
أما المتبرع حاجي محمد خوشناو، فيوضح للجزيرة نت أن شعوره بالمسؤولية الأخلاقية أمام المأساة الإنسانية في غزة كان دافعه الأول للتبرع، مؤكدا أن التفاعل الشعبي جاء بدافع الضمير لا السياسة.
ويضيف خوشناو أن تضامن الكرد مع غزة يتجاوز الدين إلى مشاعر إنسانية مرتبطة بتجاربهم السابقة مع الحصار والاضطهاد.
إعلانوردا على انتقادات بعض الأصوات التي طالبت بتوجيه الأموال لفقراء كردستان أولا، يقول خوشناو إن التضامن مع غزة لا يتعارض مع دعم الداخل، مشيرا إلى أن هذه الحملة جمعت مكونات المجتمع الكردي على موقف موحد، مما شجعه على المساهمة.
ومن جانبه، أفاد رحيم حاجي خضر، أحد وجهاء عشيرة نورديني -للجزيرة نت- بأن العشيرة جمعت نحو 100 مليون دينار عراقي (الدولار الأميركي يساوي 1405 دنانير).
ويقول إن مشاهد القصف والمعاناة حرّكت ضمائر الناس، مؤكدا أن التبرعات نابعة من قناعة داخلية وليست استعراضا إعلاميا، وأن واجبهم الأخلاقي يحتم عليهم الوقوف مع أي مظلوم، خصوصا من لا يجد قوت يومه.
وشهدت محافظات أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة تفاعلا واسعا، خصوصا بين الشباب وطلبة الجامعات الذين نظموا حملات مستقلة وأخرى بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، كما شاركت المساجد في إطلاق مبادرات تبرع عقب صلاة الجمعة ركزت على الدعم النقدي.
ويؤكد الدكتور محمد شيخ لطيف، مسؤول العلاقات في منظمة "بهخشین" -للجزيرة نت- أن الحملة استقطبت مختلف شرائح المجتمع، حتى الأطفال والمرضى والفقراء، وبعضهم تبرع بممتلكاته الشخصية، في مشاهد إنسانية مؤثرة.
ورغم هذه الجهود، يتفق القائمون على الحملات أن الكارثة الإنسانية في غزة تتجاوز إمكانيات الأفراد والمنظمات. ويقول شيخ لطيف "نحاول توفير وجبة يوميا لبعض الأسر حتى لا يموتوا جوعا، لكن المجاعة في غزة أعمق وأخطر، ولا يمكن إنهاؤها بالمبادرات الفردية فقط. وهناك حاجة ملحة لتدخل الدول الإسلامية والمجتمع الدولي قبل أن تكون العواقب كارثية".
ويشير كاروان إلى أن منظمته توثق كل عملية تحويل بالأرقام والفيديوهات وتنشر تقارير دورية على منصات التواصل لضمان الشفافية، لكنه يقر بصعوبة التحديات في ظل القصف المستمر ونقص الموارد لدى الشركاء المحليين.
ويرى مراقبون أن هذه المبادرات، التي جمعت بين التبرعات الفردية والحملات العشائرية والمواقف الوجدانية، تعكس نزعة إنسانية تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، وتؤكد قدرة المجتمعات المحلية على إحداث فارق حين تتحرك بدافع الضمير والمسؤولية الأخلاقية تجاه قضايا الأمة الإسلامية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات للجزیرة نت فی غزة
إقرأ أيضاً:
الإمارات تواصل إنزال المساعدات جواً لإغاثة سكان غزة
حازم الخطايبة (غزة)
واصلت دولة الإمارات العربية المتحدة، بالتنسيق مع المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية والإغاثية فوق قطاع غزة، ضمن مبادرة «طيور الخير»، حيث تم أمس تنفيذ عملية الإسقاط رقم 57، لليوم الرابع على التوالي، مستهدفة المناطق الأكثر تضرراً وتعقيداً من حيث الوصول البري.
ورافقت «الاتحاد» عملية «الإنزال الجوي» التي نفذتها «طيور الخير»، حيث انطلق من قاعدة الملك عبدالله الثاني الجوية، سرب من قوات وصقور سلاحي الجو الإماراتي والأردني، في مهمة إنسانية تحمل الأمل والإغاثة إلى أهلنا في غزة، ضمن واحدة من أكبر عمليات الإغاثة الجوية التي يشهدها القطاع.
وتندرج هذه الجهود ضمن إطار عملية «الفارس الشهم 3»، التي تجسد التزام دولة الإمارات الثابت بدعم الأشقاء في فلسطين، والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية التي يعاني منها المدنيون في قطاع غزة، خاصة في ظل استمرار التحديات الأمنية التي تحول دون إيصال المساعدات براً.
ووسط وابل الأزمات، ومن بين أنقاض الحياة اليومية، لا تنتظر الإمارات فتح المعابر، ولا هدوء الميدان، بل تخترق السماء جنباً إلى جنب مع الأشقاء الأردنيين، في عمليات إنزال دقيقة. وتحمل الطائرات الإماراتية آلاف الأطنان من المواد الغذائية والإغاثية، إلى واحدة من أكثر مناطق العالم صعوبةً في الوصول.
وبذلك، ارتفع إجمالي ما تم إنزاله من مساعدات منذ انطلاق المبادرة إلى نحو 3775 طناً من المواد الغذائية والإغاثية، باستخدام 196 طائرة متخصصة لضمان الدقة والوصول إلى الفئات الأكثر حاجة.
وفي سياق متصل، دخلت، أمس، 58 شاحنة إماراتية إلى قطاع غزة من مختلف المعابر البرية في إطار الدعم الإغاثي و استكمال مشروع تمديد خط المياه من محطات التحلية وذلك لتحسين الظروف المعيشية للشعب الفلسطيني في غزة.
وتواصل الإمارات جهودها الحثيثة للتخفيف من معاناة الجوع والعطش الذي يرزح تحت وطأتها الأشقاء الفلسطينيون في قطاع غزة منذ نحو عام ونصف، وذلك عبر إيصال أكبر قدر ممكن من المساعدات الغذائية إلى داخل القطاع بمختلف الطرق البرية والجوية والبحرية، فضلاً عن المبادرات المستدامة في هذا المجال مثل توفير المخابز الأوتوماتيكية وإقامة المطابخ الميدانية، هذا إلى جانب تنفيذ عدد من المشروعات الهادفة إلى تأمين مياه الشرب العذبة للسكان المحليين.
وتأتي هذه الجهود في ظل التفاقم الحاد لأزمة الغذاء والماء مؤخراً في قطاع غزة،
حيث أفادت مصادر طبية فلسطينية، أول أمس، بأن 154 فلسطينياً، بينهم 89 طفلاً، لاقوا حتفهم بسبب سوء التغذية، وسط تحذيرات دولية من أن القطاع يعيش أسوأ سيناريو للمجاعة في العالم.
وفي حين أظهرت بيانات حديثة صادرة عن برنامج الأغذية العالمي ومنظمة يونيسيف التابعين للأمم المتحدة أن أكثر من واحد من كل ثلاثة أشخاص، أي ما نسبته 39 في المئة، يقضون أياماً متواصلة من دون طعام ويعاني أكثر من 500 ألف شخص، أي ما يقرب من ربع سكان غزة، من ظروف أشبه بالمجاعة بينما يواجه باقي السكان مستويات طوارئ من الجوع. ورغم قساوة المشهد داخل قطاع غزة بسبب معاناة الجوع والعطش، إلا أن الأمور كانت لتصبح أكثر مأساوية لولا الدعم الإماراتي الذي لم ينقطع عن الأشقاء الفلسطينيين منذ إطلاق «عملية الفارس الشهم 3»، إذ تؤكد التقارير الأممية أن المساعدات الإماراتية شكلت نسبة 44 في المئة من إجمالي المساعدات الدولية إلى غزة إلى الآن.
وعلى صعيد المساعدات الغذائية، نجحت دولة الإمارات في إيصال عشرات آلاف الأطنان من المواد الغذائية إلى سكان قطاع غزة، سواء عبر القوافل التي دخلت القطاع من المعابر البرية، أو عبر عمليات الإسقاط الجوي من خلال عملية «طيور الخير، أو عبر البحر، وذلك من خلال إرسال عدد من سفن المساعدات كان آخرها سفينة خليفة التي بلغت حمولتها الإجمالية 7166 طناً من ضمنها 4372 طناً من المواد الغذائية.
وتصدت دولة الإمارات بكل الوسائل الممكنة للأزمة الناجمة عن النقص الحاد في مادة الخبز التي لاحت في الأفق مبكراً بعد اندلاع الأزمة في قطاع غزة، حيث أرسلت في فبراير 2024 عدداً من المخابز الأوتوماتيكية إلى داخل القطاع، فضلاً عن توفير الطحين وغيرها من المتطلبات لتشغيل أكثر من 21 مخبزاً ميدانياً لإنتاج الخبز يومياً.
وأسهمت دولة الإمارات في تشغيل عدد من المطابخ الميدانية، إضافة إلى ما يزيد على 50 تكية خيرية تعمل على تقديم الوجبات الساخنة يومياً للعائلات المتضررة في قطاع غزة.
ونفذت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي خلال شهر رمضان الماضي، برامج إفطار الصائم في قطاع غزة التي تضمنت توزيع 13 مليون وجبة إفطار خلال الشهر الفضيل، وتوفير احتياجات 44 تكية طوال الشهر استفاد منها أكثر من مليوني شخص، إضافة إلى توفير احتياجات 17 مخبزاً تخدم 3 ملايين و120 ألف شخص.
وبالتوازي، تحركت دولة الإمارات سريعاً لمواجهة أزمة العطش، التي تهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني في غزة، خاصة بعد الأضرار الفادحة التي لحقت بمحطات ضخ المياه وشبكات التوزيع نتيجة الحرب.
وبادرت دولة الإمارات بعد أيام قليلة من إطلاق «عملية الفارس الشهم 3» إلى إنشاء 6 محطات تحلية تنتج مليوني غالون مياه يومياً يجري ضخها إلى قطاع غزة، ويستفيد منها أكثر من 600 ألف نسمة. وأعلنت عملية «الفارس الشهم 3» الإماراتية في 15 يوليو الجاري، عن بدء تنفيذ مشروع إنساني لإمداد المياه المحلاة من الجانب المصري إلى جنوب قطاع غزة، عبر خط ناقل جديد يُعد الأكبر من نوعه، في إطار التدخلات العاجلة لمعالجة الكارثة المائية التي تعصف بالقطاع المحاصر.
ويتضمن المشروع إنشاء خط مياه ناقل 315 ملم وطول 6.7 كيلومتر، يربط بين محطة التحلية التي أنشأتها الإمارات في الجانب المصري، ومنطقة النزوح الواقعة بين محافظتي خان يونس ورفح.
ويهدف المشروع إلى خدمة نحو 600 ألف نسمة من السكان المتضررين، بتوفير 15 لتراً من المياه المحلاة لكل فرد يومياً، في ظل تدمير أكثر من 80 في المئة من مرافق المياه بفعل الأحداث الصعبة في قطاع غزة. كما أطلقت دولة الإمارات مجموعة من المشروعات لتنفيذ أعمال حفر وصيانة آبار المياه الصالحة للشرب في قطاع غزة، كما نفذت مجموعة من مشاريع صيانة شبكات الصرف الصحي في عدد من المناطق، هذا إلى جانب إرسالها لعشرات الصهاريج المخصصة لنقل المياه العذبة.