لا تذكّروني بابني الشهيد.. نيويورك تايمز تحكي قصة أبو طه في مستشفى غزة
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
لأسابيع، كان مصطفى أبو طه (47 عاما) يتجول في قاعات أحد المستشفيات القليلة العاملة في غزة ويملأ أيامه بالتطوع للقيام بكل ما هو مطلوب، من كنس الأرضيات وطهي الخبز وتضميد المرضى المصابين إلى تقديم التمر أو شرائح الطماطم لأولئك الذين لا يستطيعون إطعام أنفسهم، وكل ذلك لتجنب التفكير في ابنه محمد الذي فقده.
بهذه الجملة لخصت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير مشترك بين راشيل أبرامز وآرون بوكسرمان وبن هوبارد قصة أبو طه الذي تعرض منزل عائلته في خان يونس للقصف وهو في زيارة لأحد الجيران، فقتل شقيقه وأصيب 3 من أبنائه الخمسة، وتم العثور على ابنه محمد (18 عاما) بلا حراك.
بعد فترة وجيزة من الغارة فر أبو طه وعائلته إلى مجمع ناصر الطبي في خان يونس، لكن القوات الإسرائيلية داهمت المستشفى أمس الخميس وأجلت آلاف المدنيين الذين لجؤوا إليه في وقت سابق من هذا الأسبوع، وكان المئات من المرضى والموظفين والفلسطينيين النازحين قد فروا بالفعل، ومن بينهم أبو طه.
ومنذ أن لجأ أبو طه أستاذ اللغة الإنجليزية إلى المستشفى وهو يسجل يوميا حياته هناك، وقد أرسل منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي عشرات الرسائل الصوتية والمرئية إلى "نيويورك تايمز"، مما يوفر نافذة مباشرة غير عادية على الكفاح من أجل البقاء داخل مستشفى غزة المحاصر.
متطوع بالمستشفى
ومع عدم وجود مكان يذهب إليه بعد الغارة على منزله تطوع أبو طه في المستشفى، حيث استفاد من شبكة الإنترنت الموثوقة نسبيا للتواصل مع الصحيفة، وربط المراسلين بموظفي المستشفى والمرضى وشارك مقاطع الفيديو والمذكرات الصوتية والنصوص التي توضح الظروف القاتمة، حيث الأطباء يعانون من نقص الإمدادات، والنازحون ينامون في الممرات، والجوع ينخر مع ندرة الغذاء، والجرحى يتدفقون إلى أجنحة المستشفى.
وتتهم إسرائيل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) باستخدام المستشفيات في عملياتها العسكرية، وهو ما تنفيه "حماس" ومديرو المستشفيات، ولم تقدم إسرائيل -كما تؤكد "نيويورك تايمز"- ما يرقى إلى مستوى إثبات ادعاءاتها.
وفي رسائله العديدة من مستشفى ناصر أدان أبو طه إسرائيل بسبب عدوانها على غزة، حيث دمرت الحرب حياته كما فعلت مع كثيرين آخرين في قطاع غزة، وقال "وضعنا لا يطاق، لا يمكننا التحمل بعد الآن".
وأوضح أبو طه أن زوجته تمكنت من نقل أطفاله الباقين على قيد الحياة إلى مصر لتلقي العلاج الطبي، ولكنه لا يعرف هل سيتعافون تماما، كما أن ابنه الخامس والأكبر غادر البلاد قبل الحرب، وهو لا يعلم متى سيراهم مرة أخرى رغم أنه حاول الانضمام إليهم ولكن إسرائيل ومصر جعلتا من الصعب المغادرة.
النسيان نعمة
وكان أبو طه يقول "إذا أرسل لي شخص ما صورته (محمد) فإنني أصرخ عليه وأقول من فضلك لا تذكرني بابني، لقد مات بالفعل، من فضلك لا أريد استعادة الذكريات، النسيان نعمة من الله".
وروى أبو طه كيف كان يدخر المال لسنوات لبناء منزله المكون من 4 طوابق في خان يونس، وكيف استضاف الغربيين الذين جاؤوا إلى غزة في مهام إنسانية، مضيفا أن المنزل الآن عبارة عن ركام.
وفي كل مرة يتحدث أبو طه مع زوجته في مصر تتوسل إليه أن يأتي لمساعدتها في رعاية أطفالهما، ويقول لها إنه يحاول، وفي الشهر الماضي وخوفا على سلامته مع اقتراب الجيش الإسرائيلي من المستشفى فر مع مجموعة من الأطباء، وهو يعيش الآن بخيمة في المواصي، وهي منطقة ذات بنية تحتية ضعيفة وأصبحت مكتظة بالنازحين من سكان غزة.
أصيب أبو طه بسعال شديد، وقد لجأ إلى السباحة في البحر وفرك جسده بالرمال للحصول على النظافة، وقال إنه لا يزال يحاول أن يظل مشغولا، ولكنه لا يجد الكثير مما يقوم به، وبالتالي فإن الذكريات تستمر في العودة إليه، ويصف ذلك بقوله "لا أستطيع أن أنسى".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: نیویورک تایمز أبو طه
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: الشرق الأوسط يخشى ما قد ينتظره بعد الحرب ضد إيران
أفاد تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز أن الخبراء يرون أن الغارات التي شنتها الولايات المتحدة أمس السبت على المنشآت النووية الإيرانية يمكن أن تدفع إيران إلى الانتقام.
وأوضح التقرير -الذي أعده بن هوبارد مدير مكتب الصحيفة في إسطنبول- أن هذا الانتقام ربما يكون بالهجوم على القواعد العسكرية التابعة لأميركا أو حلفائها في الشرق الأوسط، أو حث قوات بالوكالة -مثل الحوثيين في اليمن- لعرقلة طرق التجارة أو الإضرار بالبنية التحتية النفطية، مما يضر بالاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بضربة عسكرية تجنبها سابقوه ترامب يخوض مغامرة هائلةlist 2 of 2كاتب أميركي: إنها حرب ترامب ومقامرته وحده هذه المرةend of listونقل -عن نرجس باجوغلي الأستاذة المشاركة في دراسات الشرق الأوسط جامعة جونز هوبكنز- القول إن واشنطن تفتح صندوق الشرور لكن إيران لن ترفع راية الاستسلام البيضاء.
وجاء تصريح باجوغلي هذا قبل أن يكشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الغارات التي شنتها بلاده على المنشآت النووية المذكورة.
هياكل القوةوأشار هوبارد في تقريره إلى أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية تعكس مدى التحول الكبير الذي طرأ على هياكل القوة في الشرق الأوسط السنوات الأخيرة.
وقال إن إسرائيل ظلت لأكثر من نصف عقد من الزمن بقليل تركز إلى حد كبير على صراعها مع الفلسطينيين بينما كانت تشن حربا خفية مع إيران من خلال عمليات الاغتيال وغيرها من الهجمات السرية التي تشنها في أوقات متفرقة.
وأضاف أن إسرائيل لطالما تجنبت الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران، وعزا أحد أسباب ذلك إلى خوفها من أن تنتقم منها المليشيات التي تدعمها طهران في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن.
ووفقا للتقرير، فقد كانت معظم الدول العربية في ذلك الوقت تنبذ إسرائيل بسبب سوء معاملتها للفلسطينيين، وكان العديد منهم مستاء من إيران لما اعتبروه تدخلا مدمرا من جانبها في العالم العربي.
لكن منذ ذلك الحين، بدأت بعض الدول العربية ترى في إسرائيل شريكا محتملا فأقامت علاقات دبلوماسية رسمية معها في ظل مخاوفها من إيران، على حد تعبير هوبارد.
إعلان ازدياد عدوانية إسرائيلوبعد الهجوم المفاجئ والفتاك الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ازداد شعور إسرائيل بالضعف، فأصبحت أكثر عدوانية في شن هجمات ضد التهديدات المتصورة خارج حدودها، كما يقول التقرير.
أما بالنسبة لإيران، فقد زادت عزلتها -برأي هوبارد- بعد حربي إسرائيل في قطاع غزة ولبنان، وسقوط النظام السوري العام الماضي.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن قلة من الناس تتوقع أن يتعرض طرفا الصراع الجديد -إسرائيل وإيران- إلى المحاسبة على قتل المدنيين أو ضرب المستشفيات، مثلما تفعل إسرائيل مرارا وتكرارا في غزة و"كما فعلت طهران في إسرائيل الخميس الماضي".
نحن ندلف إلى حقبة دولية جديدة في نظام عالمي جديد، ويبدو أنه في بعض النواحي نظام عالمي قديم يستند إلى القوة وشريعة الغاب، ولكن بتكنولوجيا وأسلحة القرن الــ21
شريعة الغابوأشارت الصحيفة إلى "خفض" التوقعات بأن يتخذ مجلس الأمن الدولي أي إجراء لوقف الحرب، لأسباب ليس أقلها أن الولايات المتحدة ستستخدم بشكل شبه مؤكد حق النقض (الفيتو) ضد أي مشروع قرار يدعو إلى إنهاء الحرب.
وتعتقد باجوغلي أن عدم اتخاذ أي إجراء دولي لوقف الحرب ترك لترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حرية التصرف كما يشاءان.
وقالت "نحن ندلف إلى حقبة دولية جديدة في نظام عالمي جديد، ويبدو أنه في بعض النواحي نظام عالمي قديم يستند إلى القوة وشريعة الغاب، ولكن بتكنولوجيا وأسلحة القرن الـ21".