السفن الأوروبية تدفع ملايين الدولارات للحوثيين للمرور بأمان في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
أفاد مصدر دبلوماسي غربي نقلته وكالة شيبا انتيليجانس، أن شركات أوروبية تدفع رسوماً لجماعة أنصار الله (الحوثيين) مقابل المرور الآمن لسفنها في البحر الأحمر منذ نحو شهر.
ويبلغ متوسط المدفوعات، التي يتم توجيهها إلى حسابات مصرفية خارجية مرتبطة بالمتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، حوالي نصف مليون دولار لكل سفينة، ويدفع البعض ما يقرب من مليون دولار.
أدى هذا الترتيب إلى انخفاض كبير في حركة السفن عبر البحر الأحمر، حيث تمت ملاحظة حوالي 20٪ فقط من الأحجام السابقة.
وقبل التصعيد في البحر الأحمر، كانت تعبر مضيق باب المندب يوميا نحو 60 سفينة، لكن الآن انخفض هذا العدد إلى ما يقرب من 12 سفينة يوميا.
ويترجم هذا التراجع إلى أرباح كبيرة للحوثيين تقدر بنحو ستة ملايين دولار يوميا، وربما تصل إلى أكثر من ملياري دولار سنويا إذا استمر الوضع الحالي.
ومع ذلك، يدعي المسؤولون الحوثيون أن جميع السفن آمنة باستثناء تلك المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وهي الدول التي يتهمونها بدعم الأعمال الإسرائيلية في غزة. في المقابل، نأت السلطات الأوروبية بنفسها عن تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين منظمة إرهابية، مؤكدة أنها لا تشاركها هذا التصنيف.
وردا على التوترات المتصاعدة، أطلق الاتحاد الأوروبي مهمة بحرية "ASPEDS" لحماية سفن الشحن في البحر الأحمر. وتهدف هذه المهمة إلى استعادة الأمن البحري وحرية الملاحة في الممرات البحرية الاستراتيجية، بما في ذلك مضيق باب المندب ومضيق هرمز والممرات المائية الرئيسية الأخرى. ويؤكد الاتحاد الأوروبي على الطبيعة الدفاعية للعملية، مع التركيز على توفير الوعي بالوضع البحري وحماية السفن من الهجمات المحتملة في البحر.
وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على أهمية إطلاق هذه المهمة كدليل على التضامن الدولي في مواجهة التهديدات التي تتعرض لها الحرية والأمن البحري.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
سفينة “مادلين” .. رسالة أمل وتضامن وصلت رغم المنع والاعتقال
الثورة / متابعات
في زمن باتت فيه الإنسانية مرهونة بمصالح الكبار، كسرت سفينة “مادلين” الحصار – ولو لحظة – على مستوى المعنى، لتعيد إلى البحر هيبته كفضاء للحرية، لا كمسرحٍ للقرصنة الحديثة.
السفينة، التي أقلّت على متنها 12 ناشطًا أبرزهم السويدية غريتا ثونبرغ وعضو البرلمان الأوروبي ريما حسن، كانت متجهة نحو غزة بكميات رمزية من المساعدات، لكن بقيمة رمزية هائلة: أن لا يُترك المحاصرون وحدهم، وأن العالم لا يزال يملك ما يكفي من الضمير للخروج عن صمته.
«إذا كنتم تشاهدون هذا الفيديو فقد تم اختطافنا من قبل الجيش الإسرائيلي أو القوات المتواطئة».. 12 رسالة وجهها ناشطو سفينة «مادلين» التي اعترضها واختطفها الاحتلال في المياه الدولية أثناء محاولتها كسر الحصار عن قطاع .
قرصنة في وضح القانون
لم يكن الاتصال المباشر مع “مادلين” ممكنًا حتى مساء أول أمس، وسط تضارب في الروايات ومصيرٍ غامض للطاقم، إلى أن كشفت مصادر عبرية أن السفينة تم اعتراضها “بسلاسة”، وتم اقتيادها إلى ميناء أسدود المحتل، تمهيدًا لنقل الناشطين إلى مركز احتجاز في الرملة.
غير أن “السلاسة” التي تتفاخر بها قوات الاحتلال، ليست سوى قرصنة بحرية مكتملة الأركان، تمت في المياه الدولية، وأثارت عاصفة من الإدانات الدولية.
هذه هي «مادلين» والتي تم تسمية قارب الحرية على أسمها
وهي سيدة من غزة كانت تمتلك قارب وتعمل عليه لتعيل نفسها وأسرتها، فقام الاحتلال بتدمير قاربها ولكنها رفضت الاستسلام واستمرت بعملها.
الخارجية التركية وصفت ما حدث بأنه “انتهاك صارخ للقانون الدولي”، واتهمت إسرائيل بـ”اختطاف الطاقم”، مشيرة إلى أن هذا الفعل يعكس نهج الدولة الإرهابية.
أما إسبانيا، فقد استدعت القائم بالأعمال الإسرائيلي للاحتجاج رسميًا، خاصة مع وجود أحد مواطنيها، سيرجيو توريبيو، على متن السفينة.
“مادلين” تفضح هشاشة السردية الإسرائيلية
في تل أبيب، حاول مسؤولو الاحتلال تحويل الضحية إلى متهم، وزير الأمن يسرائيل كاتس هدد بعرض مشاهد من هجوم 7 أكتوبر على الناشطين، في خطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة بائسة لتبرير السطو والاختطاف عبر ترويج دعايات سياسية ممجوجة.
مادلين سفينة صغيرة أسقطت أقنعة النفاق، وعلّمت أمة معنى الكرامة؛ شراعها الحق، ورياحها العزة، ومرفأها الأمل، تبحر بثبات نحو #غزة الجريحة .
أما المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ديفيد مينسر، فقلل من أهمية الشحنة على متن السفينة، واصفًا إياها بـ”الهزيلة”، رغم أن هدف الحملة لم يكن كميًا بقدر ما كان إعلاميًا وضميريًا، وهو ما أثبت فاعليته بالفعل، مع تحول “مادلين” إلى رمز عالمي جديد ضد الحصار.
بين الترحاب والقمع
قبل وصولها إلى مشهد القرصنة، كانت “مادلين” قد انطلقت من سواحل جزيرة صقلية وسط دعم شعبي ورسمي نادر من السلطات الإيطالية، الذين فهموا أن السفينة ليست تحديًا عسكريًا، بل مبادرة إنسانية بحتة، في صقلية، فُتحت الأبواب أمام النشطاء، وفي أسدود، فتحت الزنازين.
نحتوا اسمها بالرمل.. غزيون يتضامنون مع نشطاء سفينة مادلين بعد اعتقالهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم محاولات حكومة نتنياهو التهوين من شأن المبادرة، واجهت هذه الرواية الرسمية فشلًا ذريعًا في إقناع العالم.
عدد من المنظمات الإنسانية وصفوا ما جرى بـ”الإرهاب المنظّم”، فيما ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي برسوم ساخرة تُصوّر الكيان الإسرائيلي على هيئة قراصنة البحر الذين يسرقون المساعدات ويعاقبون المتطوعين.
فرنسا، ورغم لغتها الدبلوماسية المتحفظة، أكّدت عبر خارجيتها أنها تتابع وضع المتطوعين، فيما طالب نواب يساريون بالإفراج الفوري عنهم، واعتبر حزب “فرنسا الأبية” أن ما حصل “انتهاك سافر للقانون الدولي”.
الفلسطينيون: “أنتم لستم وحدكم”
في غزة، لم تمر العملية بصمت، “حماس” و”الجهاد الإسلامي” ندّدتا بعملية الاعتراض، واعتبرت “حماس” ما جرى “إرهاب دولة” وهجومًا على متطوعين مدنيين تحركوا بدافع إنساني خالص.
الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي: استغرب عدم صدور أي إدانات عربية للإجرام والقرصنة التي قامت بها إسرائيل في المياه الدولية واعتدائها على سفينة «مادلين»، لكنها فشلت لأن السفينة أوصلت رسالتها ونقلت حقيقة ما يجري في #غزة للعالم بأسره.
وجاء في بيانها أن “محاولة كسر الحصار تُظهر أن غزة ليست وحدها، وأن ضمير الإنسانية لا يزال حيًّا في مواجهة الاحتلال الفاشي”.
قافلة الصمود: البر يتّحد مع البحر
في موازاة هذه المشاهد، تتأهب قافلة الصمود للانطلاق برًا من تونس، عابرة حدود ليبيا ومصر، نحو غزة، حاملة معها أطنانًا من المساعدات وآلاف المتطوعين من دول المغرب العربي وأوروبا وأمريكا، في مشهد يعلن بوضوح: الحصار لم يعد مقبولًا، والسكوت خيانة.
قد تكون “مادلين” قد أُسرت في البحر، لكن رسالتها وصلت إلى كل ميناء ضمير في هذا العالم. لقد أثبتت أن كسر الحصار عن غزة لا يتم فقط بالشحنات، بل بكشف وجه الاحتلال للعالم، وبإحياء فكرة أن التضامن فعل، لا شعار. وبين بحر مفتوح وقيدٍ مفروض، يواصل الأحرار مسيرتهم، لأنهم يعلمون أن الحرية لا تغرق… وأن غزة، وإن حوصرت، لن تُحاصر في الوجدان العالمي.