اتفاق ثلاثي جزائري تونسي ليبي لتنسيق أُطر الشراكة والتعاون
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
الجزائر- أعلنت الرئاسة الجزائرية في بيان لها، الأحد الماضي، أن الرئيس عبد المجيد تبون، ونظيره التونسي قيس سعيد، رفقة رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي، عقدوا لقاء ثلاثيا لاستعراض مخرجات القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات منتدى البلدان المصدرة للغاز.
كما تدارس الرؤساء الأوضاع السائدة في المنطقة المغاربية، وخلص اللقاء إلى ضرورة تكثيف الجهود وتوحيدها لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية بما يعود على شعوب البلدان الثلاثة بالإيجاب، وفق المصدر ذاته.
وتقرّر عقد لقاء قمّة مغاربي ثلاثي على مستوى الرؤساء كل 3 أشهر "لتنسيق أُطر الشراكة والتعاون" على أن يكون الأول في تونس بعد شهر رمضان المبارك.
ويثير هذا القرار أسئلة المراقبين فيما يتعلق بدواعي القمة المستحدثة بين الدول الثلاث والملفات ذات الأولوية في مباحثاتها المنتظرة قريبا، وهل هي محاولة عمليّة لصياغة جديدة للاتحاد المغاربي أم رغبة محايدة في تعميق التكامل؟
تبعية متبادلةوفي قراءته لخلفيات هذا القرار الإقليمي، قال حمزة حسام أستاذ العلاقات الدولية جامعة الجزائر- 1 "قد نكون بصدد مشروع لشراكة تصبو إلى تكامل إقليمي يعزز من ثقل الدول الثلاث وقوتها في المستقبل، خاصة أمام الشركاء الدوليين، لاسيما الأوروبيين منهم".
وأوضح حسام -في تصريح للجزيرة نت- أن كل شراكة فعلية بين الدول المغاربية من شأنها أن تزيد مناعتها في وجه مساعي الاختراق وتوتير العلاقات البينيّة وصرفها عن مسارها التعاوني. ويعتقد أنّ المحرك الأساسي للمبادرة الثلاثية هو حالة التبعية الأمنية المتبادلة، والناشئة عن تجاورها الجغرافي المباشر.
ويضيف أن تلك الحالة كونت ترابطا أمنيّا وتشابها في التحديات التي تواجهها الجزائر وتونس وليبيا، ويبدو أن إدراكا ما فتئ يتعزز لدى صناع قرارها بوجوب تعزيز الاستجابة لهذا الواقع على نحو مشترك، وفق رؤى متقاربة قد تتوحد مستقبلا.
ويتوقع المحلل السياسي أن تؤدي هذه الرؤية مع الوقت إلى نتيجتين منشودتين هما: بناء الثقة بشكل أكثر صلابة، ومد جسور التعاون بين البلدان الثلاث إلى المجال التجاري وفتح الأسواق، بحثا عن تأسيس مشروع تكاملي مغاربي حقيقي.
وقال حسام إنّ هذا المنحى هو ما تتطلع الجزائر إلى بنائه، من خلال مناطق التجارة الحرة التي أعلنت عن تأسيسها مع تونس وليبيا.
ويرى أن تصريح وزير الداخلية الليبي، لدى لقائه نظيره الجزائري بمناسبة اجتماع وزراء داخلية الدول العربية في تونس الأسبوع المنصرم، يؤكد أيضا رغبة لدى ليبيا من أجل التحكم في أمن حدودها، وتوفير الشروط اللازمة لإطلاق مشروع منطقة التبادل الحر مع الجزائر.
تحدياتبيد أنّ التحديات الأمنية التي تواجهها ليبيا، وحالة عدم الاستقرار شبه المزمنة التي تعاني منها، فضلا عن عدم وجود معادلة اقتصادية واضحة للفوائض والنواقص بين اقتصادات الدول الثلاث، ستشكل أول وأكبر تحد أمام هذا المشروع، برأي الأكاديمي حسام.
وبالموازاة، يشدد المتحدث ذاته على أن الرهانات الأمنيّة التي ستواجهها تونس والجزائر -بسبب الوضع الليبي- هو ما ينبغي دراسته وتحديد عواقبه بدقة.
من جهته، أكّد خبير العلاقات المغاربية والأفريقية بوحنيّة قوي أن قادة الجزائر وتونس وليبيا لا يزالون مؤمنين بالاتحاد المغاربي كتكتل إقليمي.
وأضاف -في تصريح للجزيرة نت- أن بنود الاتحاد المغاربي تشجع تماما التعاون الجماعي، وبالتالي فإنّ هذه الخطوة الثلاثية من شأنها أن "تحيي الأمل في العمل المغاربي المشترك رغم وجود اختلافات سياسية وتاريخية".
ويعتقد بوحنيّة أنّ الجزائر تسير نحو توثيق العلاقات بين هذه الدول الثلاث دون إغفال تطوير العلاقات الجزائرية الموريتانية، خاصة بعد فتح المعبر البري، مما يجعل الاجتماع الثلاثي خطوة مهمة جدا في تعزيز التعاون المغاربي. ويوضح أن التعاون بين أي دولتين مغاربيتين يأتي في حد ذاته ضمن مسعى لدعم التكتل المغاربي.
ويستدلّ على ذلك بوضع دول الاتحاد الأوروبي، حيث هناك تباين في حجم التجارة بين مكوناته في ظل تكتل أوروبي واحد، لأنّ التعاون بين دولتين يختلف عن التعاون الإجمالي، وأيضا وجود تحالف أوروبي خارجي رغم وجود اختلافات ما بين الدول في إستراتيجياتها.
وينظر بوحنيّة إلى تعزيز التعاون بين الجزائر وجارتيها الشرقيتين نظرة إيجابية، خاصة عندما يتم تطويره في شكل تكتل اقتصادي فعلي يلغي التعريفات الجمركية وينشئ مناطق حرة حقيقية، مما يؤدي في النهاية إلى تفعيل التبادل والتعاون الإقليمي المغاربي، ولو في حده الأدنى بين هذه الدول الثلاث.
شروط النجاحومن جانب آخر، يرى عبد السلام فيلالي، أستاذ علم الاجتماع السياسي جامعة عنابة -ونظرا لطبيعة المرحلة- أنّ الملف الأمني يبرز كأولوية قصوى ضمن التحديات التي تواجه هذه الدول.
وقال فيلالي -للجزيرة نت- إنّ ما يحصل في دول الساحل يعني ثلاثي المبادرة، وكذلك الوضع الأمني الليبي الداخلي مع استمرار حالة الانقسام وعدم تحكم مؤسسات المركز فيه بالشكل المطلوب، مثلما أشار إلى ذلك مجلس الأمن مؤخرا حين أعرب عن قلقه من التوترات المتزايدة التي حدد بعضها بـ "انتشار المليشيات المسلحة".
ويوضح أن أولوية الملف الأمني الكبيرة تدفع إلى طرح مبادرات على شكل أرضية وفاق وطني -في تقديره- رغم الصعوبة القائمة منذ فترة طويلة جرّاء تدخل قوى دولية وإقليمية بالشأن الليبي، مما يجعل من البديهي مصلحة ليبيا أقرب إلى مصالح دول الجوار.
ثم يأتي الملف السياسي وهو جد مهم لتوطيد العلاقات وتكريس سياسة تعاون جديدة في ظل ما تشهده المنطقة من تحديات إقليمية ودولية، يضيف فيلالي. وعن شروط نجاح هذه الآلية الثلاثية، أكد أن توفر إرادة سياسية للتنسيق مهم جدا لتقريب وجهات النظر وتحقيق الأهداف المشتركة.
ويجزم المتحدث نفسه بتوفّر تلك العزيمة بشكل كبير خاصة بين الجزائر وتونس، إلى حد وصفه بـ"وجود تقارب غير مسبوق بينهما" سيتعزز بكل تأكيد السنوات القادمة من خلال مبادرات الجزائر الاقتصادية نحو دول الجوار.
أما الرهان الحقيقي لهذه الآلية، من وجهة نظر أستاذ علم الاجتماع السياسي، فهو النجاح في حلحلة الأوضاع داخل ليبيا، كي تستعيد دورها الوازن في المنطقة، بالنظر إلى الإمكانات التي تتوفر عليها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الدول الثلاث التعاون بین ة التی
إقرأ أيضاً:
الجزائر تتوعد فرنسا برد حازم
أعلنت الجزائر أنها سترد بحزم على إجراءات فرنسا الأخيرة المتعلقة بتجميد أو تعليق العمل باتفاق عام 2013 الخاص بإعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة من التأشيرة.
وقالت الخارجية الجزائرية في بيان يوم الاثنين، "إن الجزائر ستطبق مبدأ المعاملة بالمثل بدقة وصرامة بما يعادل مقدار إخلال الجانب الفرنسي بالتزاماته وتعهداته".
وأوضحت "أن السلطات الفرنسية تتجه نحو تعليق هذا الاتفاق بطريقة مخالفة للأعراف الدبلوماسية والقانونية عبر تسريبات إعلامية غير رسمية من وزارة الداخلية والمديرية العامة للشرطة الفرنسية، دون إشعار رسمي للجزائر عبر القنوات الدبلوماسية المعتمدة".
وحملت الجزائر فرنسا المسؤولية الكاملة عن خرق الاتفاق ورفضت مزاعم الجانب الفرنسي بأن الجزائر هي الطرف المخالف، مؤكدة أن هذه الادعاءات لا تستند إلى أي حقائق.
كما ذكرت أن إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية كان مبادرة فرنسية رفضتها الجزائر في البداية ولم توافق عليها إلا في 2007، ثم تم توسيع الإعفاء في اتفاق 2013 بمبادرة فرنسية أيضا.
وألغت السلطات الفرنسية الاتفاق الذي وقعته في 2007 مع الجزائر بشأن دخول حاملي جوازات السفر الدبلوماسية دون تأشيرات.
وأصدرت المديرية العامة للشرطة الفرنسية تعميما لكافة ضباط الحدود على كافة المنافذ الحدودية نشرته صحيفة "لو فيغارو"، يقضي بأن "كل الرعايا الجزائريين الحاملين جواز السفر الدبلوماسي أو جواز مهمة، وغير الحاصلين على تأشيرة دخول، يتعين منعهم وعدم السماح لهم بالدخول وإعادتهم قسرا".
ووفقا للصحيفة، رافق التعميم عبارة "فوري ويشمل جميع النقاط الحدودية".
وحسب "لو فيغارو"، طلبت السلطات الفرنسية "التطبيق الصارم لهذا القرار الجديد وإبلاغ الحكومة بأية صعوبات عند التطبيق".
وجاء القرار الذي دخل حيز التنفيذ في 17 مايو، في إطار ما وصفته باريس بـ "الرد التدريجي" على قرارات الجزائر التي اعتبرتها "غير مبررة".
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو قد وصف قرار الجزائر الأخير بترحيل 15 موظفا فرنسيا بأنه "غير مبرر"، مؤكدا أن فرنسا سترد بطريقة "قوية ومناسبة" وذلك في ظل تدهور العلاقات بين البلدين.
وطلبت السلطات الجزائرية من القائم بأعمال السفارة الفرنسية لدى الجزائر خلال استقباله بمقر وزارة الشؤون الخارجية "الترحيل الفوري لجميع الموظفين الفرنسيين الذين تم تعيينهم في ظروف مخالفة للإجراءات المعمول بها".
وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية أن المصالح المختصة رصدت خلال الفترة الأخيرة تعيين ما لا يقل عن 15 موظفا فرنسيا لمباشرة مهام دبلوماسية أو قنصلية فوق التراب الجزائري، دون أن تستوفى بشأنهم الإجراءات الواجبة.
وردا على ذلك، استدعت فرنسا في منتصف أبريل سفيرها لدى الجزائر للتشاور وطردت 12 موظفا يعملون في الشبكة القنصلية والدبلوماسية الجزائرية في فرنسا.
وتدهورت العلاقات الجزائرية الفرنسية في الفترة الأخيرة بسبب قضايا عدة، أبرزها قرار السلطات الفرنسية ترحيل عدد من المهاجرين الجزائريين، متهمة إياهم بـ "التحريض على العنف" و"المساس بالنظام العام"، وهو ما رفضته الجزائر. كما ساهمت في تصعيد الأزمة قضية سجن الكاتب بوعلام صنصال.
وشهدت العلاقات بين البلدين تحسنا قصير الأمد في شهر أبريل بعد زيارة بارو للجزائر، لكن بعد أسبوع واحد تسبب الطرد المتبادل لدبلوماسيين لتتوتر العلاقات مجددا