جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-01@08:54:54 GMT

الإنتاجية.. نحو اقتصاد مستدام

تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT

الإنتاجية.. نحو اقتصاد مستدام

 

د. يوسف بن حمد البلوشي

[email protected]

 

أحدث التقارير الصادرة عن منظمة العمل الدولية تشكف لنا أرقامًا وإحصائيات مُقلقة عن مستويات الإنتاجية في الدول العربية، وخاصةً في دول مجلس التعاون الخليجي؛ إذ لم تشهد أي تطورات إيجابية ملحوظة خلال الأربعة العقود الماضية، وفي حد ذاته مدعاة للدراسة العاجلة والمتفحّصة؛ حيث إن التراجع في مستويات الإنتاجية الكلية مرده إلى تدني مستويات إنتاجية العمالة!!

التقرير كشف النقاب عن أن مؤشر إنتاجية العمالة سجل تراجعًا ملحوظًا خلال العقد الماضي في أغلب دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء الإمارات العربية المتحدة والإمارات؛ حيث بلغت نسبة التراجع في دول المجلس حوالي (-0.

83%)، بينما في سلطنة عُمان انخفض المؤشر بوتيرة أعلى وبنسبة (-4.7%)!

إضافة إلى ذلك، تظهر أحدث التقارير الصادرة عن منظمة "كونفرنس بورد" أن إنتاجية العوامل الكُليَّة سجّلت نموًا سالبًا يقدر بنحو -2.5% في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العقد الماضي. وفي سلطنة عُمان يشير التقرير إلى أنَّ مستوى التراجع في الإنتاجية الكلية قد بلغ حوالي -3.7% خلال العقد الماضي. وبدا واضحًا أن مستويات التراجع في الإنتاجية الكلية كانت متقاربة في مُعظم دول مجلس التعاون الخليجي.

هنا يجب التأكيد على أنَّ الإنتاجية تعد أحد المؤشرات الرئيسية في تقييم كفاءة الموارد الاقتصادية؛ حيث تعكس مدى قدرة الدولة على توظيف مواردها وإمكاناتها بكفاءة وفعالية. وتمثل الإنتاجية ركيزة أساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ إذ تُعزِّز من مستوى الرفاه الاجتماعي وتساهم في زيادة الدخل القومي. كما أنها تعكس بشكل أساسي مستويات التقدم الاقتصادي بين الدول؛ حيث يعتمد النمو الاقتصادي بشكل أساسي على التقدم التكنولوجي والتقني والبحث العلمي.

 

ويأخذ مؤشر الإنتاجية في عين الاعتبار كلًا من رأس المال المستثمر ومهارات قوة العمل ضمن اقتصاد معين؛ حيث يقيس كفاءة دمج رأس المال والعمالة في عملية الإنتاج. وهناك اهتمام كبير بمساهمة عوامل الإنتاج المختلفة في دفع قاطرات النمو الاقتصادي؛ حيث إن الزيادة في الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج تؤثر بشكل إيجابي وجوهري على النمو الاقتصادي. إضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي عوامل إضافية دورًا مهمًا في تعزيز الإنتاجية وتحفيز النمو الاقتصادي، مثل التكنولوجيا والابتكار. كما يُمكن أن تسهم سياسات الحكومة التي تعزز البنية الأساسية وتوفر بيئة أعمال مشجعة في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحسين الإنتاجية. وبالتالي، يُصبح من الضروري تحليل ديناميكية تفاعل هذه العوامل معًا لتعزيز الإنتاجية وتحفيز النمو الاقتصادي للوصول إلى وضع استراتيجيات النمو والتنمية الاقتصادي.

وتعكس الإنتاجية في أوسع معانيها درجة نجاح القطاع الخاص والعام في الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة لإنتاج السلع والخدمات المطلوبة. والدول التي تمكنت من زيادة الانتاجية، نجحت بالفعل في الاستفادة من مشاريع البنية الأساسية وتشغيلها بكفاءة؛ حيث تساهم البنية الأساسية المُتقدِّمة في تسهيل حركة الصادرات والواردات؛ مما يُؤدي إلى زيادة الإنتاجية في قطاعات مثل: الزراعة والصناعة والخدمات. وزيادة وتحسين الناتج المحلي الإجمالي قد يتأتى من خلال أساليب الإدارة والتقنية الحديثة، ورفع درجة استغلال الموارد الطبيعية والبشرية والبنية الأساسية.

وتُعدّ الكفاءة الاقتصادية وتحسين الإنتاجية من أهم العوامل التي تُساهم في تحقيق النمو والازدهار لأي دولة. ولتحقيق ذلك، يجب التركيز على 4 نقاط أساسية:

أولًا: الاستخدام الأمثل للموارد. ويُقصَد به استغلال جميع الطاقات الإنتاجية المتاحة؛ سواء كانت عمالة أو معدات أو مواد خام، وتجنب الهدر في جميع مراحل الإنتاج والاستهلاك.

ثانيًا: التخصيص الكُفء للموارد. ويشمل ذلك تخصيص جزء من الموارد للاستهلاك الحالي وجزء آخر للاستثمار في المستقبل، وتخصيص الموارد بين القطاعات المختلفة للاقتصاد الوطني، وتخصيصها بين المناطق المختلفة داخل المحافظات.

ثالثًا: الكفاءة الإنتاجية. وتتضمن زيادة الإنتاج وتحسين جودة السلع والخدمات، مع تقليل كمية المدخلات المستخدمة في الإنتاج.

رابعًا: الكفاءة الاستثمارية. وتتضمن اختيار المشاريع الاستثمارية ذات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية المؤكدة، واختيار الوقت المناسب لإنجازها، واختيار الطاقة الإنتاجية المناسبة.

وفي هذا السياق، تُظهر أحدث التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية والتي تناولت الإنتاجية في دول مجلس التعاون الخليجي، إلى أن مستويات النمو الاقتصادي في هذه الدول تعزى بشكل أساسي إلى تراكم عناصر الإنتاج بشقيه عنصر العمالة ورأس المال. ويعزى ذلك في واقع الحال إلى هيكلية الاقتصادات الخليجية والمعتمدة بشكل أساسي على القطاع النفطي في تراكم رأس المال، إلى جانب الاعتماد على العمالة الوافدة غير الماهرة، فضلًا عن الاعتماد المتزايد على الواردات، وضعف القاعدة التصديرية غير النفطية.

والمؤشرات التي ذكرناها في بداية المقال، تؤكد وجود عدة عوامل تُعرقل نمو الإنتاجية بالشكل المطلوب، لعل من أهمها: تركيبة سوق العمل القائم على العمالة الوافدة ذات مستوى تعليمي متدنٍ. فضلًا عن ضعف المُكوِّن التكنولوجي في الصادرات؛ فمعظم الصادرات سلع خام وأولية، بجانب الاعتماد على الاستيراد من الخارج للسلع والخدمات، علاوة على أسباب تُعزى إلى ضعف قدرات المؤسسات المحلية في المنافسة في الأسواق المحلية والإقليمية. ويُعد تحفيز مستويات الانتاجية عاملًا مهمًا؛ نظرًا لارتباطه بثقافة المجتمع، كما إنه وليد سلوك طويل الأجل، وقد يصعب التأثير فيه في الأجل القصير. ولذلك من المهم في سلطنة عُمان إيجاد آلية يُمكن من خلالها التأثير في إنتاجية الأفراد؛ الأمر الذي سينعكس إيجابًا في نمو الاقتصاد الوطني بوتيرة أسرع، وفي توفير الكثير من الأموال والطاقات والتي نحن في أمسِّ الحاجة إليها.

وفي الختام.. من الضروري دراسة العوامل الدافعة لمستويات الإنتاجية في سلطنة عُمان، وكيفية تحفيزها، ومحاولة الإجابة على عدد من التساؤلات في هذا الشأن، والتي من بينها: هل رأس المال البشري مُستغَل بالشكل المطلوب لإحداث تغيير على أنماط الإنتاجية؟ وهل مخرجات التعليم متوائمة مع متطلبات سوق العمل؟ هل يرجع تدني الانتاجية إلى طبيعة الوظائف التي يُولِّدها الاقتصاد العماني؟ أم إلى درجة التعقيد في المُكوِّن التكنولوجي في عملية الإنتاج؟ وهل تتركز الوظائف في قطاعات ذات قيمة مضافة عالية أم متدنية؟ وهل لدينا الحوافز الكافية لجذب وتوظيف الموارد البشرية ذات المهارة العالية؟ وغير ذلك من التساؤلات.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير قطاع الاعمال: تطوير المعمورة لتكون منطقة جذب سياحي واستثماري مستدام

في إطار خطة وزارة قطاع الأعمال العام لتعظيم العوائد الاستثمارية من الأصول المملوكة للشركات التابعة والارتقاء بجودة ومستوى الخدمات، أجرى المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، يرافقه الفريق أحمد خالد حسن سعيد، محافظ الإسكندرية، جولة ميدانية موسعة في منطقة المعمورة بمحافظة الإسكندرية.

الجولة شملت عددًا من المواقع الحيوية بمنطقة المعمورة التابعة لشركة المعمورة للتعمير والتنمية السياحية، إحدى شركات الشركة القابضة للسياحة والفنادق التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، حيث تم تفقد منطقة المعمورة الشاطئ، والممشى السياحي، وعدد من الشاليهات المطورة المملوكة للشركة، إلى جانب تفقد فندق "بارادايز إن"، وعدد من الأصول العقارية المقترحة للتطوير السياحي والسكني والتجاري والترفيهي.

وزير قطاع الأعمال ومحافظ الإسكندرية يبدأن جولة تفقدية بالمعمورةجولة لوزير قطاع الأعمال ومحافظ الإسكندرية بالمعمورة لبحث تطويرهاوزير قطاع الأعمال: إعادة تشغيل مصنع بلوكات الأنود بالسخنة يوفر عوائد دولارية

أكد المهندس محمد شيمي خلال الجولة أن "المعمورة تمثل أحد المواقع المتميزة على ساحل البحر المتوسط، ونعمل على تقديمها بصورة تليق بتاريخها ومكانتها، وتحويلها إلى وجهة سياحية واستثمارية دائمة، وتنفيذ أعمال تطوير بأعلى معايير الجودة والاستدامة البيئية"، في إطار توجه الدولة واستراتيجية الوزارة لتحقيق الاستفادة القصوى من الأصول وتعظيم عوائدها.

ووجّه الوزير بسرعة تنفيذ خطة تحسين وتطوير الخدمات المقدمة لزوار المعمورة وأهالي الإسكندرية، بما يشمل رفع كفاءة الشاطئ، وتطوير البوابات الرئيسية، بالتكامل مع مرافق ترفيهية وسياحية جاذبة، مشيرا إلى أن المعمورة تملك مقومات تؤهلها لأن تكون منطقة جذب سياحي واستثماري مستدام، تتكامل فيها المقومات الطبيعية مع جودة البنية التحتية والخدمات.

من جانبه، أشاد الفريق أحمد خالد حسن سعيد بحجم الجهود المبذولة لتطوير المنطقة، مؤكدًا دعم المحافظة الكامل لتسهيل الإجراءات وتوفير المرافق والخدمات اللازمة لضمان إنجاح المشروعات وجذب المزيد من الاستثمارات التي تعود بالنفع على المواطنين والمستثمرين.

خلال الزيارة، تم استعراض مؤشرات الأداء وخطط التوسع المستقبلية لشركة المعمورة، حيث تم عرض عدد من المشروعات السكنية والتجارية التي تم تنفيذها بالفعل، من أبرزها: "المعمورة لافي"، "المعمورة ريفيه" في قلب منطقة المعمورة الشاطئ. كما تم استعراض مشروع "أبهى حياة" بمدينة 6 أكتوبر، والذي يضم 45 عمارة سكنية، بالإضافة إلى إنشاء مول خدمي متكامل ضمن المشروع في امتداد التوسعات الشمالية للمدينة، بالإضافة إلى عدد من المشروعات الجديدة، منها: مشروع "راقية الإبراهيمية" بالتعاون مع شركة الإسكندرية للاستثمارات والتنمية العمرانية (سكني – تجاري – إداري)، مشروع "رابيه باي" بالساحل الشمالي.

حضر الجولة، المحاسب عمرو عطيه العضو المنتدب التنفيذي للشركة القابضة للسياحة والفنادق، والمهندس سالم جابر العضو المنتدب التنفيذي لشركة المعمورة، وأحمد العسقلاني العضو المنتدب لشركة مصر للسياحة، وياسر سرور رئيس شركة ميجوتاك، وهشام الدميري العضو المنتدب لشركة إيجوث، وعدد من قيادات الوزارة والمحافظة.

تأتي هذه الزيارة ضمن جهود وزارة قطاع الأعمال العام لتعظيم العوائد من الأصول، وتحفيز الاستثمار في القطاعات السياحية والعقارية، بما يتماشى مع رؤية "مصر 2030" للتنمية المستدامة.

طباعة شارك وزارة قطاع الاعمال اخبار مصر مال واعمال محافظ الاسكندرية الشركة القابضة للسياحة والفنادق المهندس محمد الشيمي شركة المعمورة الاستدامة البيئية

مقالات مشابهة

  • باحثون يطورون علاجا مستداما لهشاشة العظام
  • احتياطي البنك المركزي التركي يقترب من مستويات قياسية
  • وزير قطاع الاعمال: تطوير المعمورة لتكون منطقة جذب سياحي واستثماري مستدام
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الغاز الطبيعي الأذربيجاني سيؤدي دوراً استراتيجياً في رفع القدرات الإنتاجية من الكهرباء في سوريا بما يبشر بمزيد من الانتعاش الاقتصادي
  • "الأغذية العالمي": 75% من سكان غزة يواجهون مستويات جوع طارئة
  • اليمن: الوضع في غزة بلغ مستويات كارثية
  • الإمارات: حل الدولتين هو الخيار الوحيد من أجل سلام مستدام
  • الثامن عالميا.. اقتصاد تكساس قوة ظاهرية تُخفي فقرًا وهشاشة
  • مجلس الوزراء يشيد بنتائج زيارة الوفد السعودي إلى سوريا ويؤكد على موقف المملكة الراسخ الداعم لمسيرتها نحو النمو الاقتصادي
  • الخارجية الروسية: الإنفاق العسكري لدول الناتو بلغ مستويات هائلة