سرايا - في تقرير مطول، قالت مجلة إيكونوميست البريطانية إن الجيش الاحتلال متهم بالفشل إستراتيجيا وعسكريا وأخلاقيا في حربه على قطاع غزة، كما اعتبرت أن "إسرائيل" خسرت معركة الرأي العام العالمي.

ففي الساعات الأولى من يوم 7 أبريل/نيسان، انسحبت الفرقة 98 التابعة لجيش الاحتلال من خان يونس، ثانية كبرى مدن قطاع غزة، بعد 6 أشهر بالضبط من هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي الذي سُمي "طوفان الأقصى".



ورغم الدعم الغربي الواسع الذي حظيت به "إسرائيل" بداية الأمر -بحسب إيكونوميست- فإن هذا الدعم تراجع كثيرا بعد الخراب الكبير الذي حل بغزة، واستشهاد أكثر من 33 ألف فلسطيني، والمجاعة التي تكاد تفتك بمن بقي حيا، كما خسرت "إسرائيل" معركة الرأي العام العالمي، حتى من أقرب حلفائها، بما في ذلك الولايات المتحدة التي تُفكّر في الحد من تزويدها بالأسلحة.

ويتركز جزء كبير من الانتقادات على جيش الاحتلال، المتهم الآن بفشلين كارثيين، فضلا عن فشله الأكبر في منع هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول. أولهما: أن العملية العسكرية في غزة لم تحقق أيا من أهدافها. والثاني: أن هذا الجيش تصرف بطريقة غير أخلاقية خرقت قوانين الحرب.

وتشير إيكونوميست إلى أن الآثار المترتبة على "إسرائيل" وجيشها عميقة. وتؤكد في الوقت نفسه أن جيش الاحتلال لم يحقق -في أحسن الأحوال- سوى نصف أهداف الحرب، حيث يزعم أنه قتل حوالي 12 ألف مسلح، وهو ما يُمثّل نحو نصف تقديرات ما قبل الحرب التي تحدثت عن 40 ألف مقاتل لحركة حماس.

ومع تأكيد المجلة البريطانية أن قدرات حماس العسكرية بعيدة عن التدمير، فإنها تشير إلى أن من بين الرجال الثلاثة الذين يعتقد أنهم خططوا لهجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، هناك رجل واحد فقط، وهو مروان عيسى، نائب القائد العام لـكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، يُعتقد أنه قُتل.

فشل إستراتيجي وآخر عملياتي
وبحسب إيكونوميست، فإن الفشل الأول لجيش الاحتلال هو الإستراتيجية، حيث يقع اللوم في المقام الأول على السياسيين "الإسرائيليين"، وتحديدا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذين رفضوا قبول أي قوة فلسطينية بديلة تسيطر على غزة. كما تقع المسؤولية أيضا على عاتق الجنرالات وفهمهم لكيفية قياس النجاح هناك.

أما الفشل الثاني، فهي الطريقة التي خاض بها جيش الاحتلال هذه الحرب، وتحديدا المستويات العالية من الدمار وقتل المدنيين. ويرجع ذلك إلى عاملين رئيسيين. أولا: التوجيهات العملياتية التي تسمح بالضربات حتى عندما يكون احتمال قتل المدنيين كبيرا، وثانيا: عدم الانضباط داخل جيش الاحتلال في الالتزام بهذه القواعد.

وتنقل إيكونوميست عن ضابط احتياط خدم في غزة قوله إنه يمكن لأي قائد كتيبة تقريبا أن يقرر أن كل ما يتحرك في القطاع هو إرهابي أو أنه يجب تدمير المباني لأنه كان من الممكن أن تستخدمها حماس.

ويقول خبير في كتيبة هندسية للمتفجرات إن وجود سلاح، أو حتى منشورات لحماس في مبنى، سبب كافٍ لتدميره.

إخفاق سياسي
أما الفشل الثالث لهذا الجيش فهو دوره في عرقلة الاحتلال لجهود المساعدات لسكان غزة، رغم أن الضباط ألقوا باللوم في ذلك على السياسيين بشكل أساسي.

وتختم إيكونوميست تقريرها بالتأكيد على أن الوضع لا يبشر بالخير، فالحرب في غزة لم تنته بعد، كما أن الخطوة التالية للاحتلال "الاسرائيلي" غير واضحة.
 
إقرأ أيضاً : دول تطالب رعاياها بمغادرة إيران و(إسرائيل) وسط نذر تصعيد وشيكإقرأ أيضاً : منسق أممي: الأمراض المنقولة عبر المياه تتفشى في غزة


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: جیش الاحتلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

إلى أين يتجه الصراع بين إسرائيل وغزة؟ محررون بواشنطن بوست يجيبون

في حوار سياسي وفكري معمّق، ناقش 3 من كتّاب صحيفة واشنطن بوست البارزين، وهم دامير ماروشيك، وماكس بوت، وشادي حميد، مآلات الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وأسباب تعثر وقف إطلاق النار، وخيارات الخروج المتاحة من صراع بات يحمل طابع العبث والمأساة الطويلة.

واستهلت الصحيفة الأميركية تقريرها الذي تناول تفاصيل ما دار في الحوار بين الكُتّاب بالقول إن الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تُظهر أي مؤشرات على قرب نهايتها، في وقت تؤكد فيه تقارير دولية حدوث مجاعة على نطاق واسع في القطاع المحاصر.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليبراسيون: هذه حكاية محتال انتحل صفة وزير دفاع دولة نووية وسرق الملايينlist 2 of 2كاتب إيطالي: لماذا محادثات روسيا وأوكرانيا ليست مفاوضات حقيقية؟end of list

وأضافت أن تلك التقارير دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إصدار أمر بوقف القتال مؤقتا في بعض المناطق لإفساح المجال لوصول المساعدات.

لكن المتحاورين الثلاثة يرون أن هذا التراجع من قبل نتنياهو لا ينطوي على نية إسرائيلية حقيقة لإنهاء الحرب، بل يعكس محاولة للتهدئة أمام ضغط دولي متصاعد.

انهيار المسار السياسي وتفاقم الكارثة الإنسانية

ويؤكد شادي حميد -الذي يعمل أيضا أستاذا باحثا في الدراسات الإسلامية في كلية فولر اللاهوتية بولاية كاليفورنيا- أن دوافع استمرار الحرب لم تعد عسكرية، بل سياسية بحتة، حيث يقاتل نتنياهو من أجل بقائه في السلطة وحتى لا يفقد دعم حلفائه في اليمين المتطرف.

وينتقد حميد الدور الأميركي، معتبرا أن واشنطن -رغم امتلاكها النفوذ الأكبر على إسرائيل- ترفض استخدامه بفعالية. ويرى أن تعليق الرئيس دونالد ترامب على صور الأطفال الجائعين كان لافتا، لكن التعويل على تقلبات مزاجه غير المتوقع ليس إستراتيجية جادة.

لكن ماكس بوت -وهو زميل أول في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي- يقول إنه لا يشعر بالتفاؤل إزاء الصراع لأن ديناميكياته الجوهرية لم تتغير، ذلك أن نتنياهو يعتمد على وزراء متشددين للبقاء في السلطة، وهؤلاء يطالبون باستمرار الحرب في غزة دون رحمة، بغض النظر عن التكلفة البشرية.

إعلان

وأضاف أن معظم الإسرائيليين باتوا مستعدين لإبرام صفقة تنهي الحرب مقابل استعادة الرهائن المتبقين. لكن نتنياهو يرفض ذلك، سعيا وراء "هدف خيالي" يتمثل في القضاء التام على حركة حماس، دون تقديم أي خطة واقعية لما بعد الحرب.

ويُشبّه بوت هذا المسار بسياسات ترامب وأنصاره الجمهوريين في الولايات المتحدة، الذين يتبنون قرارات غير شعبية لترضية قواعدهم الانتخابية. كذلك يفعل نتنياهو، الذي يستمد بقاءه السياسي من دعم قاعدته اليمينية، رغم أن سياساته باتت محل رفض متزايد داخل المجتمع الإسرائيلي.

ويُعقِّب حميد على هذا الحديث بأن المشكلة لم تعد محصورة في الحكومة وحدها، مشيرا إلى نتائج استطلاعات حديثة تُظهر أن غالبية الإسرائيليين اليهود يؤيدون الطرد الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، مما يعكس تحوّلا أكثر تشددا في الرأي العام.

محتجون في إسرائيل يطالبون بإنهاء الحرب وإطلاق الأسرى لدى حماس (رويترز)هل يستطيع نتنياهو إنهاء الحرب والبقاء في السلطة؟

يتساءل دامير ماروشيك، المحرر المسؤول عن تكليف الصحفيين بتغطيات إخبارية في قسم الآراء بواشنطن بوست، عما إذا كان هناك سيناريو يستطيع نتنياهو من خلاله إنهاء الحرب والبقاء بالسلطة في الوقت ذاته، معربا عن اعتقاده بأن ذلك هو أكثر الطرق ترجيحا لوضع حد للصراع في غزة.

ويرى أن السبيل الواقعي الوحيد لإنهاء الحرب هو أن يجد نتنياهو طريقة تُمكّنه من الحفاظ على موقعه السياسي دون الاعتماد على اليمين المتطرف.

بوت: الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين منها، مما قد يفتح الباب أمام تحالف جديد مع الوسط ينهي الحرب دون المساس ببقاء نتنياهو في السلطة

ويلتقط بوت خيط الحوار مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين منها، مما قد يفتح الباب أمام تحالف جديد مع الوسط ينهي الحرب دون المساس ببقاء نتنياهو في السلطة.

لا استسلام من حماس.. ولا بديل جاهز

ويتفق المشاركون على أن الرهان على استسلام حماس أمر غير واقعي. فالحركة، كما يقول بوت، ذات طبيعة عقائدية لا تقبل الهزيمة، لكنها أيضا تستمد مشروعيتها من غياب البدائل السياسية، ومن تصاعد مشاعر الظلم والاضطهاد لدى الفلسطينيين.

ويعرض بوت تصورا لحل انتقالي يتمثل في نشر قوة حفظ سلام عربية، وتأسيس صندوق دولي لإعادة الإعمار، ومنح السلطة الفلسطينية دورا محدودا في إدارة قطاع غزة رغم ما تعانيه من ضعف وفساد. وهو حل لا يعد مثاليا، لكنه أفضل من استمرار الفوضى الحالية، من وجهة نظره.

دامير: حماس تبدو وكأنها نابعة من نسيج الحركة الوطنية الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل لا يزيدها إلا شرعية بين الفلسطينيين

ومن جانبه، يقول دامير إن حماس تبدو وكأنها نابعة من نسيج الحركة الوطنية الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل لا يزيدها إلا شرعية بين الفلسطينيين. ويصفها بوت بأنها قوة كبيرة في غزة، وأن من مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعالم العربي، أن يعملوا على استحداث بديل لها، خصوصا بعد أن بدأت تفقد الدعم العربي، على حد زعمه.

إبادة جماعية وصمة أخلاقية دائمة

وفي أكثر فقرات الحوار إثارة للجدل، يصف شادي حميد النهج الإسرائيلي تجاه غزة بأنه يقترب من تعريف الإبادة الجماعية، قائلا إن القضاء على حماس كما يُصوَّر إسرائيليا يتطلب قتل كل من له أدنى صلة بالحركة، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون حرب مفتوحة بلا نهاية.

ويأمل حميد أن يدرك مؤيدو إسرائيل في الغرب أن ما يجري يُلحق وصمة أخلاقية دائمة بمشروع الدولة الإسرائيلية، ويطالبهم بإعادة النظر في مواقفهم قبل فوات الأوان.

إعلان

واتفق ماكس بوت مع حميد في هذا الرأي، إلا أنه -وهو المعروف بتأييده لإسرائيل- يعبّر عن "اشمئزازه" من أفعال دولة الاحتلال في غزة حاليا، معتبرا أنها تجاوزت حدود الأخلاق والقانون الدولي.

ويختم ماروشيك الحوار بنبرة واقعية، قائلا: "أكره أن أُنهي الحديث بهذا الشكل، لكنه يبدو مناسبا، فلا جدوى من اصطناع أمل أكبر مما تسمح به الوقائع "المأساوية" القائمة، فالمسار للخروج واضح منذ زمن، ولنأمل في أن يُسلك قريبا".

مقالات مشابهة

  • بين الهدنة والانقلاب.. خطة عربية من 22 دولة تربك حماس وتفاجئ إسرائيل
  • مجلة بريطانية تسلط الضوء على حضرموت.. الجانب الآخر من اليمن البعيد عن صخب الحرب والحوثيين (ترجمة خاصة)
  • سقوط المزيد من الشهداء في غزة وسط ضغوط على إسرائيل لإنهاء الحرب
  • ترامب: إسرائيل ترفض حصول حماس على المساعدات التي يتم توزيعها في غزة
  • مجلة بريطانية: اليمن يُدشّن “مرحلة رعب بحرية” عالمية وخسائر جسيمة للشركات المتورطة مع الكيان
  • وزير الجيش الإسرائيلي: هدفنا هو دحر حماس سلطويا وعسكريا
  • تقرير: نتنياهو يدرس ضم أراض في غزة حال فشلت مفاوضات وقف إطلاق النار
  • مجلة بريطانية: القوات اليمنية تفتتح “مرحلة رعب جديدة” في البحر الأحمر
  • مجلة بريطانية: اليمن يفتتح مرحلة رعب جديدة في البحر الأحمر
  • إلى أين يتجه الصراع بين إسرائيل وغزة؟ محررون بواشنطن بوست يجيبون