سودانايل:
2024-06-12@10:21:23 GMT

البرهان والفرعنة الفارغة!

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

عبدالله مكاوي

abdullahaliabdullah1424@gmail.com

بسم الله الرحمن الرحيم

السودانيون وهم يكابدون رهق العيش ويفتقدون للأمن والامان وابسط مقومات الحياة، ويتراءى لهم المستقبل حالك القتامة، ويمر عليهم العيد بطعم الحريق والرماد، فاشد ما يحتاجونه المواساة وبعث رسائل الاطمئنان باقتراب بشريات السلام، وانتهاء الكابوس الدموي الذي يستهدف وجودهم وبقاء دولتهم.

وبعيدا عن كل ذلك، ابت فرعنة البرهان الخرقاء إلا ان ترسل لهم شواظ الوعيد باستمرار المعارك، والتهديد لمعارضيها، والتخوين للمختلفين، وبث بشريات كاذبة باقتراب النصر. أي باختصار نفس سياسة الانقاذ (خليط الاكاذيب والتهديدات والوعود الجوفاء) التي اوردتنا المهالك.
وعموما صعب ان يتوقع احد غير ذلك من البرهان، الذي خبرناه منذ وصوله (وهو المغمور/ التافه) الي سدة السلطة مصادفة، والاصح كغطاء للمؤامرة علي الثورة والقوي السياسية وطموحات التغيير الديمقراطية. والبرهان الذي عهدناه كغادر لم يكن يوما قدر التحدي، او جدير بالرتبة التي نالها بمكرمة من البشير. لأنه وكالعهد به، يفتقر لشخصية وثقافة ومؤهلات القائد، وعلي الاخص من جهة الحكمة والتدبير والرؤية الشاملة والتحلي بالمصداقية وروح المسؤولية. بل حتي من الوجهة العسكرية الصرفة، فهو يخلو من الكارزما والانضباط والرجولة، التي تفرض هيبة المنصب واحترام المرؤوسين. وهو ما حدا بحميدتي الغمز (بانو ما كارب قاشو، وهو ما التقطه بعد ذلك وبحسه الفني المرهف، الكاركاتيرست عمر دفع الله وجعله ملازم لصورة البرهان في ابداعاته). بل يبدو ان العكس هو ما حدث، اي ان فرعنة حميدتي وسطوته ابان الشراكة بينهما، مردها إنكسار وهوان وخوار البرهان امامه. خاصة وهو يكيل لحميدتي المديح بمناسبة وغالبا من غير مناسبة، لدرجة احترنا معها منْ يراس الآخر!
والبرهان في كل خطاباته، اذا جاز تسميتها بذلك، يحاول الهروب الي الامام بالحديث عن المستقبل علي هواه. للالتفاف علي واقعة انه المتسبب الاساس في ما حاق بالبلاد من دمار واهلها من انتهاكات يندي لها الجبين. أي هي ليست اخطاء وجرائم بسيطة يمكن التغاضي عنها، او هي بعيدة يمكن التغطية عليها بالنسيان والمغالطة حولها بالاكاذيب، ولكنها جرائم كبري بدأت بالتآمر علي الثورة واجهاض المرحلة الانتقالية، ولم تنتهِ بالتآمر علي الدولة وامنها القومي، من خلال التواطؤ مع قائد مليشيا الدعم السريع، وتمكين قواته الهمجية من مفاصل الدولة والمواقع الاستراتيجية (بما فيها مقرات الجيش كسلاح المظلات، وبعض جنودهم يُقال بانهم ينشرن سراولهم علي جدران القصر الجمهوري، تخيلوا !!) والسماح لها بالانفتاح علي اهم المواقع العسكرية بالبلاد، وهذا ناهيك عن زيادة مقدراتها العسكرية بما يتفوق علي الجيش! وبما في ذلك التسليح والاجهزة الالكترونية والتدريب والامتيازات والقدرات الاستخباراتية، لدرجة اصبح الانتماء لهذا المليشيات اكثر اغراء من الانتماء للجيش! الشيء الذي جعل منتسبي هذه المليشيا يميلون لاستفزاز والتحرش بمنتسبي الجيش!!
والغرض من ذكر كل هذه المعلومات المعلومة بالضرورة، حتي لا يظن البرهان ان هنالك فرصة للتنصل من مسؤوليته عن كل الدمار والانتهاكات التي طالت البلاد واهلها، وهذا ناهيك عن الطريقة السيئة في ادارة هذه الحرب من قبل البرهان وكبار القادة، رغم ان ارهاصات قيامها كانت مبذولة لكل صاحب ادني حس امني! وهي سوء ادارة ترقي للسبهللية، بل من شدة بؤسها، مكنت مليشيا الدعم السريع الهمجية وبسهولة محيرة من الحاق هزائم مذلة بالجيش، لدرجة انتقاصها من هيبته ومكانته! والاسوأ من ذلك سمحت لمليشيا الدعم السريع بمقاتليها من قطاع الطرق واللصوص والقتلة والمرتزقة من استباحة كل بقعة يحتلونها وعلي الاخص ولايات غرب دارفور والخرطوم والجزيرة. وهذا غير الاساءة التي يكيلها هؤلاء الاوباش للجيش ومستشاروهم للدولة ككل، ويصرون علي كيل التهم الجزافية لعام الاستقلال 56 الذي ينسبون له دولة مرذولة، من مخيلتهم المريضة ونفوسهم الحاقدة، وكأن التاريخ بدأ منها، ويتجاهلون عن عمد فترة حكم التعايشي التي يستنسخونها بذات الهمجية! وكأن افضل بديل عن الدولة ولو كانت ضعيفة، هي الفوضى والهمجية، التي لا يعلمون ولا يمارسون غيرها. وهذا ليس إلقاء للتهم علي عوهنها، ولكنه واقع غياب الدولة والنظام وحلول الفوضي والهمجية التي تعيشها كل بقعة تعيسة تطأها اقدامهم النجسة، وتتوجس منها كل بقع طاهرة لم يصلوا اليها. وهو واقع ووقائع موثقة لا يجدي معها الانكار والمغالطة علي الطريقة الكيزانية البجحة.
كما ان مسيرة مليشيا الجنجويد لم تبدأ يوم 15 ابريل، وهذا غير الفرص العديدة التي اتتهم بعد الثورة حتي يغيروا من سلوكياتهم الاجرامية ويكفرون عن اخطاءهم الفاحشة. ولكنها كما هو معلوم جزء من تكوينهم الاجرامي الذي ينجم عن التخلي عنه ذهاب ريحهم (فماذا يسوي الجاهل المجرم حميدتي دون سلاحه ومرتزقته وما نهبه من موارد الدولة؟). ولذلك تأتي اعتذارات وتعهدات حميدتي اللفظية التي تكذبها الممارسات علي الارض، في سياق تبرير هذه الحرب الهمجية من اجل السلطة. وكذلك يندرج في ذات الاطار فرية حربهم ضد الفلول التي صدعونا بها، في حين انهم الوجه الاسوأ للفلول، من جهة انتهاكاتهم التي ينزلونها بالأبرياء والتي تتسم بالتخلف والحقد والوحشية. وبدل ان تجد هذه الممارسات الادانة من الجميع، وبصورة اخص ممن ينتمي للقبائل والجهات التي يأتي منها هؤلاء الرباطة، إذا ما كانواحقا اوفيا للثورة وشعاراتها والدولة المدنية وموجباتها، إلا ان ما يحدث فعليا، اما الصمت المريب او الانكار والاختباء خلف فرية الكيزان السالفة الذكر، سواء من اجل عصبية عرقية ومناطقية او اطماع سلطوية مرتغبة او فش غبينة تاريخية، وكل ذلك ما لا يبني دولة او ينهض بامة، قبل ان يكشف زيف شعارتهم ومواقفهم وقيمهم ما قبل هذه الحرب. الشيء الذي يؤكد انهم الأسوأ والاخطر علي مستقبل البلاد، اذا ما دانت لهم السطوة. اما ما جمع بين البرهان وهذه المليشيات ووطد حلفهما الشيطاني، فهو التكوين الاجرامي، والاستعداد لاقتراف كافة الموبقات بضمير مرتاح، أي بوصف رسالتهم في الحياة هي تدمير الحياة والانتشاء بالخراب.
والحال ان واحدة من مهازل واستهتار البرهان وكبار القادة التي لا يمكن تصورها حتي في افلام التسلية والرعب والفنتازيا، هو السماح لمليشيا الدعم السريع دخول ولاية الجزيرة بكل اريحية، وبعد خراب مالطة، اتوا ليحدثونا عن تحرير الولاية كبشريات عيد، وانجاز يُنتظر الي متي الله اعلم! بل والعهدة علي الضابط الكاتب خليل محمد سليمان، ان المقدم البيشي الذي ينتسب لمليشيا الدعم السريع ويصول ويجول في ولاية الجزيرة وقبلها في ولاية الخرطوم، كان معتقل في الدمازين بعد اندلاع الحرب الهوجاء، وسُمح له بكامل قواته الذهاب الي الخرطوم بأوامر من قيادات عليا في الجيش (فهل بعد ذلك بمستطاع احد ان يفسر ما يجري علي الارض او وجهة هذه الحرب وغايتها او من يديرها، او هل هي تحت السيطرة ام خرجت من ايديهم؟!).
وهل نسي البرهان او تناسي ان الشعب الذي يعاني الامرين (شظف العيش في مناطق سيطرة الجيش، والانتهاكات في مناطق احتلال مليشيا الدعم السريع) ويدفع الثمن من حياته ومستقبل ابنائه، هو ذات الشعب الذي يسمع بأسي خبر شراء ذات البرهان فيلا في تركيا لرفاه اسرته، وتخيُّره افضل المدارس والجامعات لتعليم ابنائه! وهو من يفترض انه قدوة للجميع ناهيك عن الضباط اثناء الحرب، بمشاركتهم المعاناة، طالما مقتنع انها حرب كرامة! ولسوء حظه تفاجأ الجميع بخبر استهداف الإسرائيليين (اصدقائه) لأسرة القائد اسماعيل هنية داخل قطاع غزة، استكمالا لسلسة جرائمها في حق اهلها. وغض النظر عن الموقف من هنية او توجهه السياسي، إلا انه ضرب المثل المشرف للقائد الشجاع والصادق والمقتنع بقضية حربه. ولذلك هو علي كامل الاستعداد للمخاطرة بعائلته، مع توافر الفرصة والامكانات للذهاب بهم للمناطق الآمنة في قطر او تركيا. خاصة وهم مستهدفون عكس اسرة البرهان الآمنة المطمئنة، والتي اقلاه كان يمكن لها الاقامة في بورتسودان معززة مكرمة. ولكنه الفارق بين القيادة الذي ذكرناه سابقا، والذي يتخطى الكلام كيفما اتفق شراءً للوقت الي الافعال البطولية.
المهم، الشعب لا يحتاج من البرهان التصريحات العنترية والوعود الجوفاء، بقدر ما يحتاج منه، ابسط قدر لتحمل المسؤولية، والعمل بجد علي وضع حد لهذه الحرب الهمجية. اي التوجه بنية صادقة للتفاوض مع مجرمي الدعم السريع والوصول لاتفاق مناسب لوقف اطلاق النار، ومعالجة آثار الحرب الانسانية. ولو امكن وضع خارطة طريق لإيقاف الحرب، والتقدم قدما لمرحلة علاج فوضي حمل السلاح، والخروج من الحياة السياسية والعملية الاقتصاديةلكافة المسلحين،وذلك خلال مرحلة انتقالية جادة بمشاركة فاعلة للمدنيين، واستفادة من كل اخطاء الفترات السابقة.
اما ما يحتاجه الشعب حقا ومن واقع معاناته ومن تسبب فيها، فهو اختفاء البرهان من المشهد نهائيا، بوصفه احد اركان هذه الحرب السلطوية وسبب استمرارها ورفض وقفها، رغبة منه في البقاء في منصبه المغتصب، ولو علي انقاض البلاد وهلاك شعبها. واذا كان جادا في الحديث عن المستقبل، فالمؤكد انه لا مستقبل لهذه البلاد إلا بالخلاص من البرهان وامثاله وحكم العسكر وسطوتهم بصفة عامة. وهو للأسف اصبح مطلب صعب المنال، بسبب وجود الاسلامويين اولا، وتمكن مليشيا الدعم السريع ثانيا، وانزلاق البلاد لهذه الحرب المدمرة ثالثا. لتنحدر الطموحات الواقعية الي مجرد الحفاظ علي بقاء الدولة والمحافظة علي حياة المواطنين، وهي نفسها طموحات علي كف عفريت بسبب اطماع ومصالح ومخاوف مشعلي وداعمي هذه الحرب القذرة.
وعموما اذا كان هنالك شخص في هذه الحياة غير جدير بالثقة ولا يمكن تصديقه فهو البرهان نفسه، وذلك ليس بوصفه يفوق مسيلمة كذبا ونفاقا فهذه سمة كافة الاسلامويين، ولكن لخفة عقله وطيشه وطموحاته التي لا تناسب امكاناته، والاهم عدم اكتراثه لأقواله وتعهداته غض النظر عن تأثير ذلك علي احترامه. فهو من شدة غبائه ارتكب نفس خطأ قوش والبشير برهانه علي حميدتي في الاحتفاظ بالسلطة، رغم ان ما حدث للبشير من حاميه حميدتي وقبله ما اصاب ابن عمه موسي هلال، كانت دروس مجانية ولم يجف مدادها بعد. وكذلك محاولته اعادة سيناريو السيسي في مصر بذات الاسلوب، وبما في ذلك الرواية الطفولية الممجوجة عن حلم والده، رغم فارق الامكانات واختلاف الظروف وتعقيدات الاوضاع في السودان وشدة خطورتها (انتشار السلاح خارج سيطرة الجيش)!
وبعيدا عن الوعود الكاذبة التي قدمها للسياسيين والثوار، فقد تعهد بعد اندلاع الحرب ان لا يغادر القيادة العامة الا منتصرا او محمولا علي محفة الشهداء، ولكن بمجرد ان وجد فرصة للفرار اطلق ساقيه للريح، تاركا صغار الضباط والجنود الشجعان ينوبون عن طموحاته. اما مشاهد الخفة وهو مرتديا فنلة وبرنيطة وحاملا كلاش علي ايام تواجده في البدروم او بعدها، وهو فرحا منتشيا وكأنه حرر البلاد من دنس المليشيا. فهي تدعو للرثاء، قبل ان تذكر بممثلي الدرجة الثالثة الذين يثيرون الملل والسخرية. وهذا ان دل علي شيء فهو يدل علي ان رداء الفرعنة الذي يرتديه لا يناسبه، فهو اوسع من قدراته، بدلالة ان مجمل تصريحاته لا تستند علي سلطة يملكها او قوة تحميها، بعد فقدانه نصف البلاد ومعظم حاميات الجيش ومقر السلطة نفسه! بل اصبح كل ما يملكه هو التلاعب بمشاعر المواطنين ومخاوفهم من وجود وتقدم مليشيا الدعم السريع الوحشية.
وعموما، حالة الفرعنة التي تتلبس البرهان رغم عدم احتكامه علي مصادرها، هي حالة عامة تتلبس العسكر، وبصفة خاصة الانقلابيين عندما يعيشون دور نصف الآلهة، الذين بيدهم كل شيء. أي هي خليط الجهل والعنجهية وجنون العظمة والوسواس القهري والجبروت الذي يتصل بالسلطة المطلقة التي يغتصبونها. وهذا يفسر حديثه عن السلطة وكأنه ورثها عن ابيه، وعن الدولة وكأنها مزرعته الخاصة. لذلك هو يتحدث بلغة هذا مسموح وذاك ممنوع وهذا مقبول وذاك مرفوض. اما ما يجهله هؤلاء المعتوهون امثال البرهان وحميدتي والبشير وقوش ومن لف لفهم واستن سنتهم، والذين يدمرون الدول ويهلكون الحرث والنسل دون ان يطرف لهم جفن او نامة احساس بالذنب. ان مرحلة وجود فرعون كالشمس تدور حوله الكواكب، او يعيش دور انا الدولة والدولة انا، هي مرحلة عفا عليها الزمن، ولا ينجر عن اعادة انتاجها إلا كوارث لا حصر لها، قبل ان يخسر فيها الجميع.
والحال كذلك، مشكلة البرهان انه فرعون لا يملك من امره شيئا، أي فرعون مزيف كالوعاء الفارغ. والسبب ان البرهان يريد كل شيء ولا يعرف اي شئ. لذلك تجده متخبطا كحاطب ليل، مرة متحالف مع اسرائيل ومرة في حضن الامارات ومليشيا الدعم السريع، ليعود ويتحالف مع المصريين دون ان ينسي حلفه الاساس مع الاسلامويين! وهذا دون قول شئ عن التحالفات التي تنشأ فقط لمعاداة قوي الثورة، كتحالف الموز الانتهازي الذي يأتي علي مقاس احتياجاته! وعليه، لا يعلم إلا الله اين سيستقر به المطاف في نهايته، اذا كُتب له عمر، وترك له الجيش الحبل علي الغارب. ولكن المؤكد انه كفاوست مستعد لعقد حلف مع الشيطان نظير بقائه في سدة السلطة. ولكن ما فات علي البرهان، انه في توهانه اصبح مطية للكيزان والمصريين، كما كان من قبل مطية للاماراتيين والاسرائيلين ومليشيا الدعم السريع، وكل اعداء الثورة والتغيير. اما عاقبة هذه الخفة والغباء والاطماع والمخاوف البرهانية، فهي هذه الحرب الكارثية، التي ادخلت الجميع في ورطة وجودية لا يعلم إلا الله كيفية الخروج منها؟!
وبعيدا عن كل الملابسات والاغاليط يظل البرهان وحميدتي محط السُبة واللعنة، ويتحملان كامل المسؤولية عما حاق بالبلاد والعباد. ولابد ان يُحاكما في أي زمان تتعدل فيه موازين القوي وتستقيم الاوضاع لصالح شعارات الثورة في العدالة والحرية والسلام. اما ما زاد الطين بلة والكوارث محنة، فهو افتقارهما للمؤهلات والاخلاق، ناهيك عن المعرفة بادارة الدولة والاحاطة بتعقيدات العلاقات الدولية! الشئ الذي جعلهما مجرد ادوات او ارجوزات في لعبة تفوق امكاناتهما، ويتحكم فيها من يسيطر عليهما خلف الكواليس لمآرب تخصهم، وهي غالبا تتعارض مع المصلحة العامة، ولذلك تدار في جُنح الظلام وتحت لوائح الاحكام التعسفية.
وبما ان السلطات الاستبدادية والعلاقات الدولية تحركها موازين القوي والمصالح وليس الامنيات الطيبة او المطالب الشرعية، وكذلك بما ان الجيش ومليشيا الدعم السريع خاضع لقادتها، وتأثير من يدعمها ويسيطر عليها. فهنالك حاجة ماسة للتعامل مع البرهان وحميدتي رغم انهما مجرمان يستحقان الاحكام المشددة. وبذات القدر يمثل الاسلامويون والاماراتيون والمصريون، اكبر اعداء الثورة والتغيير والتحول الديمقراطي، ورغم ذلك لا يمكن اغفال تأثيرهما الحاسم في أي مساعٍ جادة لايقاف الحرب، بل وللأسف تشكيل المستقبل القريب. وهذا بالطبع اذا ما اردنا لهذه المحرقة الإنطفاء، وانقاذ ما يمكن انقاذه من انفس وبني تحتية وموارد ومقومات دولة وبصيص امل في المستقبل.
وقد يكون ما ذكر سابقا محبطا لانصار الثورة والتغيير والتحول الديمقراطي، بوصف مطالبهم مستحقة وتحمل خلاص البلاد وشعبها من براثن الفقر والتخلف والانتهاكات، وهذا غير ان هنالك كم من التضحيات والخسائر تم دفعها سلفا. ولكن من خداع الذات عدم اخذ العظة والاعتبار مما حدث للثورات العربية مجتمعة، من اجهاض متعمد. يقف خلفه رسوخ الانظمة المستبدة وتشعب مصالحها وتطوير ادوات بقاءها العنفية الارهابية الامنية، وذلك بالتواطؤ مع دول خليجية ثرية ومؤثرة وتملك نفوذ وسطوة علي قادة تلك الانظمة، وكل ذلك يندرج تحت مظلة توازن مصالح عابر لخصومات الدول الكبري، التي يمكن ان تختلف حول كل شئ إلا حماية امن اسرائيل وبقاء انظمة مستبدة تعمل كوكيل لحماية مصالحها. وامام اوضاع كهذه تدعو للياس، ليس المطلوب التخلي عن المطالب المشروعة، ولكن معرفة الواقع ومحركاته ومحدداته، وحدود الامكانات المتاحة، وما يمكن نيله عاجلا والعمل المثابر علي ما يمكن نيله آجلا، من دون رفع سقف المطالب والانخراط في مواجهات غير متكافئة، تؤدي نتائجها ليس لخسران المطالب المشروعة ولكن البلاد نفسها، وذلك بعد فيضان من الدماء والدمار الشامل.
واخيرا
يا برهان انت المشكلة ذاتها وليس جزء منها، وطالما الامر كذلك فوجودك غير المرغوب فيه، يعني المزيد من الموت والدمار والانتهاكات. ولذلك وكما يقول الشباب (اقطع وشك) يقطع دابرك. وكل عام وانتم بخير، وبلادنا ترفل في الامان والرخاء، وشعبها ينعم بالإلفة وراحة البال.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع هذه الحرب اما ما

إقرأ أيضاً:

بروفيسر فضيل في دِروة سهام دعاة استمرار الحرب

صديق امبده

"الكضب من قلٍة الأكيدة". سمعت هذا المثل من إحدي قريباتي وأنا في المرحلة المتوسطة أو الثانوية لا أذكر ولكنه علِق بذهني. والرسالة واضحة: لا تخوض في أمر لست متأكدا من صحته، أو إحذر "قول قالوا". وفي الوقت الراهن يمكن ترجمة ذلك في الحذرمن أخذ كل ما يرد في وسائل التواصل الاجتماعي أنه حقائق مسلم بها. الواتساب اصبح مثل (البار) كما جاء في قول منسوب للروائي الإيطالي امبرتو ايكو، أو (الانداية) كما في التراث الشعبي لمجالس الشرب في السودان في وقت مضي، حيث يكثر اللًغو كمصاحب طبيعي لعدم الوعي. وسبب هذه المقدمة في ذم "لفح الاخبار" من الواتسب هو ما ورد أخيرا في الحملة الجائرة في حق البروفيسير سليمان صالح فضيل الطبيب المعروف، وعميد كلية الطب جامعة الخرطوم الأسبق، وصاحب مستشفي فضيل المشهور، وأحد رموز الطب الباطني في السودان وربما في المنطقة بأكملها، إذ تم اختيارة عام 2009 ضمن أفضل عشرة أطباء في الجهازالهضمي في العالم، وبذلك وحده يصير أحد الرموز الوطنية البارزة في السودان.
الخبر هو أن بروفيسير فضيل قد ذهب الي بورتسودان في مسعي حميد للتوسط في إيقاف الحرب، ورغم نبل المسعي فقد اتضح أن د. فضيل لم يذهب أصلا لبورتسودان أو غيرها، وأن الخبر غير صحيح. ورغم الخبر الكذوب فقد أعمل دعاة الحرب أسنة اقلامهم الصدئة ضد الرجل. ولما لم يجدوا عليه ما يعيبه في أدائه المهني أو سلوكه الشخصي، عابوا عليه أن تحركه (المزعوم) من أجل إيقاف الحرب قد تم بدوافع قبلية. نعلم نحن، الجيل الوسيط، ومن أتي بعدنا في مراحل التعليم ربما حتي ثمانينيات القرن الماضي، أننا لم نعرف ولم نسأل أحدا عن قبيلته، وقد كان ذلك، إن لم يكن من المحرمات الإجتماعية، فهو عُرف قد تم التواثق عليه منذ دعوة مؤتمر الخريجين للتلاميذ والسودانيين جميعا رفض كتابة القبيلة في المكان المخصص في الاستمارات، زمن الاستعمار،وكتابة سوداني بدلا عنها ، وذلك حتي أعادها نظام الانقاذ سئ السمعة، خدمة لأهدافه في "إعادة صياغة المجتمع السوداني" أو تقسيمه وفق ما يريد. وعلي كل فإن انتماء الرجل لقبيلة الرزيقات لم يشفع له، فقد تم نهب منزله وعرباته وتم ضرب ابنه ونهبت مخازن الأدوية والمعدات الخاصة بمستشفي فضيل الخ. فماذا بعد ذلك ، وعلما بأن البروفيسر فضيل غير معرف عنه تعاطي السياسة أصلا.
و بمناسبة رفض مسعي السلام الذي لم يكن ، و أثار ثائرة البعض علي البروفيسر فضيل، دعونا نتذكر ما نعايشه وما عرف عن الحرب بالضرورة. ليس هنالك ملائكة وشياطين في الحرب، كلهم شياطين. يرتكبون أفظع الجرائم والانتهاكات بمختلف مسمياتها، والفرق بين أطرافها ، في ارتكاب تلك الجرائم فرق درجة ومقدار. في كل الأحوال كما في حالة السودان الحالية يجب علينا إدانة تلك الجرائم البشعة والانتهاكات في حق المدنيين الأبرياء بأشد ما يمكن، سواء كان مصدرها الدعم السريع أو الجيش وبراميل المتفجرات التي تسقطها طائراته الحربية عشوائيا. الحرب هي الدمارالشامل للبشر والأصول المادية للدولة من مرافق عامة مثل محطات الكهرباء والمياه والطرق والجسوروالمستشفيات والمدارس والجامعات والمصانع، الخاص منها والعام. هذه الأصول تم تشييدها بمليارات الدولارات من أموال وموارد الشعب السوداني، و عبر عقود من الزمان. السؤال لدعاة الحرب، هو كيف يبني السودانيون او من تبقي منهم بعد الحرب، هذه الاصول من جديد، فقط لتعود الي حالها قبل الحرب؟ كم نحتاج من الموارد والزمن، بالسنين وليس بالشهور؟ وكلما طال أمد الحرب كلما زاد الدمار وازدادت تكلفة إعادة الإعمار.

لماذا تريدون دمارا أكثر للسودان؟
هل يعلم دعاة استمرار الحرب أن الوطن الخارج لتوه من الحرب مثخننا بالجراح يكون ضعيفا قليل الحيلة و القوة التفاوضية مع ممولي إعادة الإعمار، و بسبب ذلك ربما ترتفع تكلفته اضعافا مضاعفة و تصبح مواردنا مرهونة للدول ذات الفوائض المالية التي تتلمظ للإستيلاء على مواردنا لأننا حينها سنكون بلا خيارات، و غالبا بلا أصدقاء، قياسا بما نراه الآن من المجتمع الدولي تجاه الحرب في السودان.
إن دعاة إستمرار الحرب ليسوا أغبياء ولا يعوزهم التعبير الفصيح في إغتيال شخصيات الرموز الوطنية الذين قد يسعون لإيقافها، مثلما حدث للبروفيسر فضيل، ولكنهم يلزمون الصمت تجاه بشاعاتها ويريدونها أن تستمر، و ذلك هو المحّير. فماذا يريدون اذن؟ فقط نريد أن نعرف. إن إستمرار الحرب يعني المزيد من موت الأبرياء، يعني تيتم أطفال و يعني مزيدا من الأرامل رجالاً و نساءاً. تقول الأرقام إن عدد من حصدتهم الحرب من الأبرياء قد زاد عن الثمانية عشر الفاً ، و لكن الأرحج أن العدد ربما كان أضعاف ذلك، لأنه ليس ثمة جهة موكلة برصد عدد ضحايا الحرب، إضافة الي صعوبة ذلك عمليا. فهناك من أصيبوا في الطرقات ولم يجدوا من يستطيع المخاطرة بدفنهم فصاروا جثثاً متخثرة تنهشها الكلاب و الضواري الأخري . تلك الارقام قلًت أو كثرت ، حقيقتها ، إنهم بشر، لهم أسر و أرحام و ليس لهم علاقة بأطراف الحرب و لاالمتسببين فيها. كانوا فقط في المكان الخطأ في الوقت الخطأ.
السؤال الأخلاقي المهم لدعاة الحرب واستمرارها ورافضي مساعي الصلح والتفاوض، هل أنتم و أسركم في مأمن من ويلاتها في دول اللجؤ والولايات التي ما زالت بعيدة عن لهيبها، أم أنتم في مرمى نيرانها عرضه للرصاص الطائش والدانات العشوائية و براميل المتفجرات التي يلقيها الطيران الحربي عشوائياً؟ إن الداعي للحرب و إستمرارها هومُحرض عليها و عليه وزرها مثلما على الجندي الذي يخوضها. و المسؤلية كذلك في (رقبة) الذين يدبجون الخطب الحماسية المليئة بالأحاديث الشريفة والايات الكريمة لتحشيد الشباب بما فيما سمى بالنفرة الشعبية، و يقدمونهم وقودا لمعارك لا يشاركون هم فيها، بل و يختفون (فص ملح و ذاب) بجلاليبهم الناصعة البياض وعممهم وشالاتهم النظيفه، في الوقت المناسب ، قبل بدء المعركة. وما حدث في قرية "ود النوره" خير شاهد. يا هؤلاء كيف تدعون لإستمرار الحرب وانتم إما لستم في مرمى نيرانها، و في مأمن منها ، وإما في عرباتكم الفارهة ذوات الدفع الرباعي تنهب بكم الأرض هربا من معاركها، بعد أن تكونوا قد جيًشتم المستنفرين لخوضها ؟
دعني أكرر، إذا كنتم في مأمن وتدعون لاستمرارالحرب وتستأسدون في الأسافيرعلي من يسعون لإيقافها، فتذكروا أبناءكم علي الأقل. لا تستهينوا باسئلتهم الصامتة فهم يفهمون التناقض بين عيشتهم في أماكن آمنة ، وهم يشاهدون الأطفال الأبرياء الذين هم في مثل أعمارهم يموتون ، فقط لأنهم في مرمي الحرب، وبين دعوة آبائهم لاستمرارها. هذاجيل مختلف والتلفونات الذكية في كل يد. وتذكروا أنه ولذات السبب قادت الفطرة السليمة كثير من أبناء الاسلاميين للمشاركة في تظاهرات ثورة ديسمبر المجيدة ضد النظام الغاشم الذي كان آباؤهم من قادته، وفي ذلك عظة وعبرة.
إن الجيش السوداني ليس به مشاة أو العدد الكافي منهم لخوض الحرب بالندية المطلوبة كما أشار الي ذلك كثير من المعلقين من معاشيي الجيش. وبالمقابل فإن الدعوة للإستنفارلسد النقص لم تنتج الأثر المطلوب، كما أن استمرار الحرب قد أدي الي المزيد من موت المستنفرين والمزيد من خسارة الجيش للمعارك، مما أضعفه أكثر وزاد من عدم ثقه المواطنين فيه. وبالامس، وفي تسجيل لأحد أبناء قرية "ود النورة" قال " الجيش خانًا. مافي جيش". صحيح أنه باستمرار الحرب سيرتكب الدعم السريع المزيد من الإنتهاكات والجرائم، وستسوء سمعته أكثر - إذا كان ذلك هو المقصود- و لكن الثمن الباهظ الذي ندفعه لكل ذلك واضح ؛ مزيد من الضحايا ومزيد من المعاناة. ورغم الاستنفار لم نر حتي الآن مکاسب حقيقية في الميدان للجيش وكتائبه إلا في وسائل التواصل الإجتماعي وأخبارها (المفبركة) في غالبها . وحيث أنه لا يصح الا الصحيح ، فإن الشعب ليس بغافل ويستطيع أن يفرق بين الاكاذيب والحقائق .
كل الخبراء والمعلقون السياسيون والعسكريون يجمعون علي أن كل الحروب في الغالب تنتهي بالتفاوض. وليس من المتوقع في حالة مثل الحرب الحالية أن تنتهي بانتصار أحد أطرافها ، وعليه فإن السياسة العقلانية الوحيدة هي الجنوح نحو السلم والتفاوض. مرة أخري أين العقلانية في رفض مساعي السلام والصلح. إن رفض مساعي السلام و السعي نحو ايقاف الحرب من قبل دعاة استمرارها ، يدخل فى باب اللامعقول. وإذا كان القصد من ذلك أن " يلعبوا بينا سياسية" ،كما في قول منسوب لاحمد هارون ، فلعنة الله علي السياسة، إن كانت تعتبر حتي اللعب بمستقبل الوطن سياسة.
كفى بالحرب سوءا أنها مهدد حقيقي لوحدة الوطن، ونسيجه الاجتماعى، بما تفعله بالجميع و بالدعوات الفطيرة لتقسيمه ، وبارتفاع وتيرة خطاب الكراهية ضد مكوناته الاجتماعية. الخطاب الذي يجب علينا جميعا شجبه ومعه الفجور في الخصومة المستحل لتجريح واغتيال شخصيات كل من لم يتفق معهم سياسيا. أيها الداعون لاستمرار الحرب والرافضون للسلام اتقوا الله في الوطن و في مواطنيه.
وعودة للحملة ضد بروفسير فضيل، فإنه لم يذهب إلى بورتسودان أصلا كما أشرنا من قبل، وقد نفى ذلك ، من بين آخرين ، الفريق ابراهيم سليمان رئيس الاركان الاسبق ووزير الدفاع الاسبق وحاكم دارفور الأسبق في عهد البشير، إذ قال( لم يذهب معي لا د. فضيل ولا صافى النور). ولكن لنفترض أن د فصيل قد ذهب فعلا في مسعى للتوسط بين الدعم السريع والجيش هل في ذلك مسبًة؟ علما ان الصلح خير كما في الموروث الديني والاجتماعي. لقد نبح دعاة استمرار الحرب بروفسير في لاشئ تقريبا.
أولا ، إن السعي نحو ايقاف الحرب و تحقيق السلام يجب أن يكون مدعاة للشكر في تقديرى وليس العكس. ثانيا اتضح أن الخبر غير صحيح، وفي عجلة ظاهرة بدأت الحملة ضده قبل التأكد من حقيقة الخبر نفسه. ثالثا كان الركن الأساسي في الحملة ضد بروفيسير فضيل ، هو أن دافعه في المسعى كان لانقاذ الموقف الحرج لقوات الدعم السريع في الميدان - باتفاق للسلام - لأنه ينتمى قبليا لمجموعة الزريقات التى ينتسب إليها العدد الأكبر من قوات الدعم السريع كما يذهب الزعم، ولأن أخاه الأصغر اللواء عصام فضيل أحد كبار قادته. أولا بالنسبة للواء عصام فضيل، الضابط السابق في القوات المسلحة، فقد تم إعفاؤه وهو عقيد، ثم أعيد الي العمل وانتدب لقوات الدعم السريع عندما كانت اليد الباطشة للجيش ومرضي عنها، فما علاقة الدكتورفضيل بذلك، وهل نسي هؤلاء الآية الكريمة (ولا تزِر وازرةٌ وزر أخرى). وأما أن الدعم السريع في موقف حرج وضعيف امام الجيش ميدانيا حتي يطلب من أبناء الرزيقات التوسط، فهو قول مشكوك فيه إن لم يكن غير صحيح تماماً. وما دامت الحقيقية في هذا الأمر تقديرية اذ يستقى الجميع الأخبار من مصادر الأطراف المتحاربة فصاحب " العقل " يميِز" . وأما عن الإنتماء القبلي فهو فرد وليس زعيم القبيلة، كما أن الصحيح أن مجموعة الرزيقات وعدد من قبائل الغرب كانوا تأريخيا يشكلون جزءا معتبرا من مشاة الجيش، وحتي الان ما زالت أعداد كبيرة منهم يحاربون في صفوف الجيش، رغم وجود أعداد كبيرة منهم في الدعم السريع. فأين موقع بروفيسر فضيل في كل هذا وما ذنبه؟ يا هؤلاء اتقوا الله. ربنا يهدينا ويهديكم.

صديق امبده
9 يونيو 2024

sumbadda@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الملازم أول (م) محمد صديق إبراهيم: لا يبالي على أي شق كان للوطن مصرعه
  • أين الفاعلون الدوليون من مخاطر إبادة جماعية في السودان؟
  • معارك متفرقة في السودان والأمم المتحدة تحذر من “كارثة لا نهاية لها”
  • قوات الدعم السريع تعلن التوغل في الفاشر... ومستشفى المدينة يتوقف
  • بروفيسر فضيل في دِروة سهام دعاة استمرار الحرب
  • هل صنع التنظيم الكيزاني الحرب انتقاما من شعبنا وثورته؟
  • جماعة تقدم يؤكدون للجميع يوما بعد يوم، أنهم دعم سريع أكثر من الدعم السريع نفسه
  • ماذا بعد؟ البرهان: تنسيقية تقدم بدعم قوات الدعم السريع والانتقادات تطاله بعد التصريح
  • الدعم السريع يتوغل في الفاشر… ومستشفى المدينة يتوقف وقوات «حميدتي» تتهم الجيش بقتل 50 مدنياً في أم درمان
  • متى يعتدل الكيزان ويتأدبون مع الله وخلقه؟