الموصل (العراق) "رويترز": دفع أمر بسيط، مثل ري الزهور في المساء بأحد شوارع البلدة القديمة بالموصل، صقر زكريا إلى أن يتوقف ويفكر كم ينعم بالأمان الآن بعد أن كانت المدينة آخر معاقل تنظيم داعش قبل تحريرها في 2017.

وقال زكريا الذي ترك المدينة في 2005 -وعاد لتأسيس مركز ثقافي وهو مؤسسة بيتنا في 2018- عندما كانت آلاف الجثث ما زالت تنتشل من بين الأنقاض "فكرت للحظة.

. أين أنا؟".

وتابع قائلا "أنا جيت باسترخاء أمسك الزرع وأسقيه فصفنت (فشردت) يعني معقولة؟ هذا الأمان؟"

قبل عشر سنوات أعلن التنظيم المتشدد قيام "الخلافة" من جامع النوري الكبير في المدينة، وهو موقع قريب من حيث يقيم زكريا الآن، وسيطر على الموصل وفرض وقتها تفسيره المتشدد للشريعة الإسلامية وقتل بعض أفراد الأقليات وحرم الموسيقى ودمر مواقع أثرية.

متاهة الأزقة الضيقة في هذا الجزء من المدينة على الضفة الغربية لنهر دجلة كانت موقعا لعمليات متكررة من القتل والخطف وجرائم أخرى مع صعود المتشددين الإسلاميين بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003.

وقد تحول أغلبها إلى ركام وقتل آلاف المدنيين في معارك لتحرير المدينة من قبضة تنظيم داعش.

لكن على الرغم من الصراعات السياسية الداخلية واتهامات بالفساد وتأخر إعادة الإعمار، تعود الحياة للمدينة على ضفتي النهر.

وقال كثيرون من بين ما يزيد عن 20 شخصا تحدثوا إلى مراسل رويترز خلال زيارة للمدينة استمرت أربعة أيام إنهم يشعرون بالأمان اليوم أكثر من أي وقت مضى خلال العقدين الماضيين.

وقال زكريا عن الحياة وقت سيطرة التنظيم "الحياة عبارة عن أكل ونوم وإغلاق بابك بالقفل حتى لا تتعرض للخطف أو القتل أو التفجير. كنا محرومين واليوم نعوض ما فاتنا".

وأصبحت مؤسسته التي تقع في بيت من بيوت الموصل التقليدية يتوسطه فناء داخلي نقطة جذب للزوار من العراق وخارجه ومن بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 2021.

وبعد وقت قصير من حديثه، دخل رجل كبير في السن إلى الفناء وذرفت عيناه بالدموع عند رؤية الصور المعلقة على الجدار لمن كانوا يمثلون يوما النخبة الفكرية والثقافية في المدينة.

وقال نزار الخياط، مدير مدرسة سابق وفي السبعينات من عمره، بصوت يرتجف "هذه هي ذات الموصل ... غصب عنهم مدينة مدنية حضرية".

ويقول مسؤولون وسكان بالمدينة إن الطريق لا يزال طويلا قبل أن تتخلص مدينتهم من إرث التنظيم المتشدد.

ولا تزال جهود إزالة الأنقاض مستمرة رغم مرور سبع سنوات على تحرير المدينة. كما لا يزال من الممكن رؤية ثقوب في جدران مبان بأرضيات مهدمة إلى جانب قضبان حديدية مكشوفة تتدلى من منشآت في أنحاء المدينة، فيما لا يزال الدمار الواسع على حاله بالبلدة القديمة.

لكن جرى تشييد جسور وافتتاح مطاعم جديدة يستمتع زوارها بالمأكولات اللبنانية ويتمايلون على أنغام القدود الحلبية السورية التي تحيي فيهم الحنين للماضي.

وتضج السوق والمقاهي الواقعة على جانب النهر بالحياة حتى وقت متأخر من الليل، وهو ما لم يكن من الممكن تصوره في السابق عندما كان الناس يحبسون أنفسهم في دورهم من قبل غروب الشمس.

وقال فراس السلطان معاون مدير بلدية الموصل للشؤون الفنية إنه بينما تعمل المدينة على ترميم البنية التحتية الأساسية فإنها تركز أيضا على توسيع المساحات الخضراء والمعالم السياحية مثل الكورنيش الجديد على ضفاف النهر.

كما تجري إعادة ترميم وإصلاح المعالم الأثرية لتاريخ المدينة الغني متعدد الأديان، مثل جامع النوري الكبير وكنيسة الطاهرة التي زارها البابا فرنسيس بابا الفاتيكان عام 2021.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يدرس إعادة مخيمات في الضفة إلى سيطرة السلطة الفلسطينية

يدرس الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ خطوة استثنائية تتمثل في "إعادة السيطرة على مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية إلى قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية"، وسط مساعٍ إسرائيلية متواصلة لضم الضفة الغربية إلى "إسرائيل" رسميا تحت مُمسى "يهودا والسامرة".

وقال موقع قناة "i24NEWS" الإسرائيلية إن ذلك يأتي لأول مرة منذ بدء العمليات الموسعة في الضفة الغربية، وأنه تمت دراسة الخطوة كجزء من الاستعدادات لإنهاء عملية "السور الحديدي" التي أطلقها جيش الاحتلال في كانون الثاني/ يناير الماضي.

وأضاف الموقع أنه "في قيادة المنطقة الوسطى يتم حاليا بلورة عدة بدائل بشأن انتشار قوات الجيش الإسرائيلي بعد استكمال العملية، وأحد الخيارات المركزية هو عودة تدريجية لقوات السلطة الفلسطينية إلى المنطقة".


وذكر أنه "من المتوقع أن يكون نور شمس بمثابة تجربة أولى، سيتم من خلالها اختبار قدرة أجهزة الأمن الفلسطينية على فرض النظام والسيطرة الداخلية".

وأوضح أن "الجيش الإسرائيلي يضع مجموعة شروط للمضي قدمًا في هذه الخطوة، أبرزها الحفاظ على حرية عمل قوات الأمن الإسرائيلية في المنطقة، أي إمكانية تنفيذ اعتقالات وعمليات اعتراض محددة حتى بعد نقل السيطرة الأمنية الداخلية إلى السلطة الفلسطينية".

ونقل أن "المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تؤكد أن أي خطوة من هذا القبيل ستُدرس بناءً على النتائج الميدانية".

وقال إن "واشنطن تراقب الوضع عن كثب، وتسعى سرًا لتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، مُدركةً أن الفراغ الحكومي في مخيمات اللاجئين قد يُهيئ بيئةً خصبةً لاستيلاء حماس والجهاد الإسلامي مجددًا على السلطة".


وأكد أنه "حاليًا لا تزال هذه الخطوة في مراحلها التجريبية الأولى، ولكن وفقًا لمصادر أمنية، إذا أثبتت التجربة جدارتها، فسيتم النظر في توسيعها لتشمل مخيمات إضافية في شمال ووسط الضفة الغربية".

وبالتوازي مع الإبادة بقطاع غزة، صعد جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس، ما أدى إلى استشهاد 994 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال أكثر من 18 ألفا آخرين، وفق معطيات فلسطينية.

يأتي ذلك بينما ترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي مطلق إبادة جماعية في غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، خلفت أكثر من 195 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 ألف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.

مقالات مشابهة

  • يعلن زكريا السياني عن فقدان وثيقة سجل واسم تجاري مؤقت برقم 202464.
  • السوداني في الموصل نهاية الأسبوع لافتتاح المطار ومشاريع عمرانية
  • اكتشاف كوكب جديد أكبر من الأرض وغني بالماء.. أين يوجد وهل يصلح للحياة؟
  • بعد أيام من البحث… أمن السواحل ينتشل جثمان «زكريا البركة»
  • انخفاض حاد في خزين سد الموصل وتحذيرات من أزمة مائية خطيرة
  • واشنطن تحذر.. حزب الله لا يزال منظمة خطيرة ويسعى للحفاظ على وجوده الخارجي
  • مسؤول أمريكي: وقف إطلاق النار مع الحوثيين ما يزال قائماً
  • عاجل| مسؤول أميركي: تفاهمنا مع الحوثيين بشأن حرية الملاحة لا يزال قائما
  • سيطرة الحزن على أحمد حلمي في جنازة المخرج سامح عبد العزيز
  • الاحتلال يدرس إعادة مخيمات في الضفة إلى سيطرة السلطة الفلسطينية