طلاب الشهادة الثانوية في غزة… أحلام مؤجلة حتى انتهاء حرب الإبادة
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
القدس المحتلة-سانا
“أعيش اليوم في مدرسة في صف كان من المفترض أن أقدم فيه امتحانات الشهادة الثانوية التي بدأت قبل يومين.. لكن بسبب حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو تسعة أشهر لم نقدم أنا وجميع طلاب الثانوية في قطاع غزة الامتحانات.. قارب هذا العام الدراسي على الانتهاء وبعد شهرين سيبدأ عام دراسي جديد ولم تنته الحرب”، تحاول دعاء أكرم جاهدة حبس دموعها لكن الغصة تبقى واضحة كتعبير صارخ عن الحسرة على حلم اجتياز الثانوية الذي ينتظره جميع الطلاب بفارغ الصبر، وعلى كل الأحلام التي دمرها الاحتلال كما دمر كل شيء في القطاع.
وتضيف دعاء في مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي: “بسبب فقدان الغاز والحطب مرت علي أوقات أجبرت فيها للأسف على حرق عدد من كتبي.. خسرت بعضها وأرجو ألا تجبرني الظروف على خسارة ما تبقى.. أنا حزينة جداً، فزملائي في الضفة الغربية يقدمون امتحاناتهم، وأنا هنا في مكاني لا أستطيع تقديمها.. لا يوجد الآن طموح.. لكن قبل الحرب كنت آمل أن أدرس الطب خارج القطاع.. اليوم لا أستطيع إلا الانتظار.. بعد الحرب لن أسافر وقد أغير التخصص لأن غزة تحتاج من يبنيها.. سأحاول بكل طاقتي أن أساعدها”.
طالب آخر يقول: “في هذه الفترة كان يفترض أن أقدم الامتحانات لكنني محروم من تقديمها.. أستيقظ كل يوم صباحاً أبحث عن مياه تصلح لاستخداماتنا اليومية، ثم يأتي دور البحث عن مياه الشرب، وتالياً عن مصدر لشحن الجوالات، وعندما أنتهي أتابع الأخبار بحثاً عن أي شيء يبعث على الأمل.. أنا محبط جداً الآن، منذ بدء الحرب ورغم النزوح كنت أدرس على أمل أن أقدم الامتحان، فالشهادة الثانوية كما يقولون تفصل بين حياة الطفولة والشباب، هي بداية المستقبل.. كنت أريد أن أتعلم وأريد الكثير من الأشياء.. اليوم خسرت كل شيء والآن أتكيف مع كوني أعيش في خيمة تحت القصف”.
“أمر مروع ومحزن”… هكذا وصفت وكالة الأونروا حرمان الاحتلال 39 ألف طالب ثانوية في القطاع من الامتحانات، حيث أشار مدير التخطيط فيها سام روز إلى أن الحرب تسببت بحرمان أكثر من نصف مليون طفل في القطاع من التعليم على مدى 8 أشهر، مضيفاً: “هذا الأمر يضاعف حزننا.. من المروع أن هؤلاء الأطفال علاوة على كل شيء آخر، محرومون من فرصة التعلم”.
المكتب الإعلامي في غزة أوضح أن الدورة الأولى لامتحانات الثانوية انطلقت في فلسطين السبت الماضي في الوقت الذي يحرم فيه أكثر من 800 ألف طالب وطالبة من مختلف المراحل التعليمية في القطاع من حقهم في التعليم، بعد انقطاعهم عن الدراسة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على القطاع، من ضمنهم 39 ألف طالب وطالبة في الثانوية بفروعها المختلفة، لن يتمكنوا من الالتحاق بالدورة الأولى للامتحانات، ما يمثل سابقة وانتهاكاً خطيراً يتهدد مستقبلهم ويقوض فرص التحاقهم بالجامعات.
وأشار المكتب إلى أن الاحتلال تعمد منذ بداية الحرب استهداف جميع أهالي القطاع، فاستشهد وأصيب واعتقل عشرات الآلاف من بينهم آلاف الطلبة وعاملون في مجال التعليم، بينما خرجت أكثر من 85 بالمئة من المنشآت التعليمية من الخدمة نتيجة لاستهدافها المباشر والمتعمد ما يشكل تحدياً كبيراً لجهود استئناف العملية التعليمية بعد انتهاء العدوان.
وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أوضحت أن امتحانات الثانوية انطلقت في الضفة الغربية فقط دون قطاع غزة وفي ظروف غاية في التعقيد، حيث حرم الاحتلال طلبة القطاع من تقديم الامتحانات، مشيرة إلى أن 450 طالباً كان من المفترض أن يتقدموا لامتحانات الثانوية، لكنهم استشهدوا بنيران الاحتلال بينهم 430 طالباً في القطاع، و20 في الضفة، فيما يواصل الاحتلال اعتقال 55 طالباً من الضفة ويحرمهم من تقديم الامتحانات.
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى لفت إلى أن انطلاق امتحانات الثانوية رسالة بأن التعليم هو السلاح الأول في مواجهة الاحتلال وتحقيق الاستقلال، وأن التمسك به هو حبل النجاة الذي يستطيع الشعب الفلسطيني من خلاله تحدي جميع الصعاب، مبيناً أن وزارة التربية والتعليم تبذل جهوداً كبيرة من أجل تعويض طلاب القطاع خلال الفترة القادمة عما فاتهم سابقاً.
39 ألف طالب ثانوية لم تحرمهم حرب الإبادة الجماعية المتواصلة من حقهم في التعليم فقط، بل حرمت كثيراً منهم من عدد من ذويهم وأصدقائهم.. من بيوتهم.. من حقهم في الغذاء وتلقي العلاج.. حولتهم إلى مهجرين قسراً من خيمة إلى أخرى، بحثاً عن الأمان رغم أنه لا مكان آمناً في القطاع.. بدلاً من التفرغ للدراسة باتوا معيلين لأسرهم يساعدون في تأمين احتياجاتها، لكنهم ورغم كل شيء ورغم تقاعس المجتمع الدولي عن إلزام الاحتلال بوقف العدوان، ورغم مواصلة الولايات المتحدة إمداده بالسلاح لحصد المزيد من الأرواح وإلحاق دمار أوسع بالقطاع، ما زالوا متمسكين بأحلامهم التي يشددون على أنهم أجلوها فقط، فرغم الحرب والدمار وقسوة العيش سيواصلون الحلم من أجل إعادة إعمار ما دمره الاحتلال.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: حرب الإبادة فی القطاع القطاع من ألف طالب إلى أن کل شیء
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يتجه لـتوسيع العملية العسكرية في غزة.. ومجازر متواصلة
أوعز رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير، بـ"توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة، بحيث تشمل مناطق إضافية في شماله وجنوبه"، ضمن حرب الإبادة المستمرة للشهر الـ20.
وأفاد جيش الاحتلال بأن زامير، "أوعز خلال مشاركته، الأحد، في جلسة تقدير موقف وجولة ميدانية في جنوبي قطاع غزة، بتوسيع المناورة إلى مناطق أخرى هناك"، زاعما أن "هدف توسيع العملية العسكرية هو خلق الظروف المناسبة لإعادة المختطفين، وحسم حماس"، وفق تعبيره.
ووفق ادعاء بيان الجيش أمر رئيس الأركان الإسرائيلي بإقامة مراكز أخرى لتوزيع المساعدات الإنسانية بالقطاع، بحسب ما نقلت وكالة "الأناضول".
وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، وفق الأمم المتحدة، دفعت "إسرائيل" 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة إلى المجاعة، بإغلاقها المعابر لأكثر من 90 يوما بوجه المساعدات الإنسانية ولاسيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 أيار/ مايو الماضي، تنفيذ خطة توزيع مساعدات إنسانية عبر ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأمريكيا، لكنها مرفوضة من قبل الأمم المتحدة.
ويجري توزيع المساعدات في ما تسمى "المناطق العازلة" جنوبي غزة، وسط مؤشرات متزايدة على فشل هذا المخطط؛ إذ توقفت عمليات التوزيع بشكل متكرر بسبب تدفق أعداد كبيرة من الجائعين، فضلا عن إطلاق القوات الإسرائيلية النار على الحشود، ما خلف قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.
وبعد إطلاق جيش الاحتلال النار، فجر الأحد، على آلاف المُجوّعين الفلسطينيين في مركز لتوزيع المساعدات بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في بيان استشهاد 32 فلسطينيا وإصابة أكثر من 250 آخرين، منذ فجر الأحد، بينهم عشرات الحالات الخطيرة، في مدينة رفح ووسط القطاع.
وتأتي الأوامر الإسرائيلية العسكرية وسط استمرار الإبادة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتصريحات الإسرائيلية التي تتحدث عن توسيع الحرب في إطار عملية "عربات جدعون".
ومن المرجح أن تستمر هذه العملية لأشهر، وتتضمن "الإخلاء الشامل لسكان غزة بالكامل من مناطق القتال، بما في ذلك شمال غزة، إلى مناطق في جنوب القطاع"، على أن "يبقى" الجيش في أي منطقة "يحتلها"، وفق إعلام عبري.
وفي 22 أيار/ مايو المنصرم، تحدثت وسائل إعلام عبرية عن مخطط جيش الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على 75 بالمئة من غزة خلال الشهرين القادمين.
في اليوم الـ76 من استئناف حرب الإبادة على غزة، واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفها على مناطق مختلفة، وعصر الأحد، استشهد 3 فلسطينيين، بينهم طفلة من ذوي الإعاقة، وأصيب أكثر من 20 آخرين في قصف مدفعي إسرائيلي على منطقة المواصي غرب خانيونس.
وعملت قوات الاحتلال الإسرائيلي على نسف مركز مخصص لمرضى الكلى في شمال قطاع غزة، كما استشهد مواطن فلسطيني وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي استهدف محيط مفرق ضبيط غربي مدينة غزة وسط قطاع غزة.
وفي وقت سابق، أكدت وزارة الصحة وصول 37 شهيدا (منهم 5 شهيد انتشال)، و 136 إصابة خلال 24 ساعة الماضية، إلى مستشفيات قطاع غزة.
وأوضحت أن عددا من الضحايا لازال تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الاسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
ويعاني قطاع غزة أزمة إنسانية وإغاثية كارثية منذ أن أغلقت إسرائيل المعابر في 2 آذار/ مارس الماضي، مانعة دخول الغذاء والدواء والمساعدات والوقود، بينما يصعد جيشها حدة الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق فلسطينيي القطاع.
وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 178 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.
وتحاصر "إسرائيل" القطاع منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ويعاني القطاع مجاعة قاسية جراء إغلاقها المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.