باتت جدوى المقترح الذي تدعمه الولايات المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ 8 أشهر في غزة موضع شك جديد، الاثنين، بعد أن قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إنه سيكون على استعداد فقط للموافقة على اتفاق وقف إطلاق نار "جزئي" لا ينهي الحرب، في تصريحات أثارت ضجة بأوساط عائلات الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس.

وفي مقابلة بثتها القناة 14 على التلفزيون الإسرائيلي، وهي محطة مؤيدة لنتانياهو، في وقت متأخر الأحد، قال رئيس الوزراء إنه "مستعد لعقد صفقة جزئية - وهذا ليس سرا - ستعيد إلينا بعض الأشخاص"، في إشارة إلى ما يقرب من 120 رهينة ما زالوا محتجزين في قطاع غزة.

مضيفا "لكننا ملتزمون بمواصلة الحرب بعد توقف، من أجل استكمال هدف القضاء على حماس. أنا لست على استعداد للتخلي عن ذلك".

ولم تختلف تصريحات نتانياهو بشكل كبير عما قاله سابقا بشأن شروطه للتوصل إلى اتفاق.

لكنها تأتي في وقت حساس، إذ يبدو أن إسرائيل وحماس تتباعدان أكثر بشأن المقترح الأخير لوقف إطلاق النار، ويمكن أن تمثل انتكاسة أخرى للوسطاء الذين يحاولون إنهاء الحرب.

وتتناقض تعليقات نتانياهو بشكل حاد مع الخطوط العريضة للاتفاق التي أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن أواخر الشهر الماضي، الذي طرح الخطة على أنها خطة إسرائيلية، والتي يشير إليها البعض في إسرائيل باسم "صفقة نتانياهو".

وقد تؤدي تصريحاته الأخيرة إلى زيادة توتر علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة، التي أطلقت حملة دبلوماسية كبيرة من أجل أحدث مقترح لوقف إطلاق النار.

وتقضي الخطة المكونة من ثلاث مراحل بإطلاق سراح الرهائن المتبقين مقابل إطلاق سراح مئات الفلسطينيين الأسرى لدى إسرائيل. ولكن لا تزال الخلافات وانعدام الثقة قائمة بين إسرائيل وحماس بشأن كيفية تنفيذ الاتفاق.

وتصر حماس على أنها لن تطلق سراح الرهائن المتبقين ما لم يكن هناك وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة. وعندما أعلن بايدن عن المقترح الأخير الشهر الماضي، قال إنه يشمل كليهما.

بيد أن نتانياهو يقول إن إسرائيل لا تزال ملتزمة بتدمير القدرات العسكرية وتلك المتعلقة بحكم حماس، وضمان عدم قدرتها على تنفيذ هجوم على غرار ما حدث في 7 أكتوبر.

ويكاد يكون من المؤكد أن الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة، حيث لا تزال القيادة العليا لحماس وقسم كبير من قواتها فاعلة، سيجعل الحركة تسيطر على القطاع مجددا وقادرة على إعادة تسليحها.

وفي المقابلة، قال نتانياهو إن المرحلة الحالية من القتال انتهت، لكن هذا لا يعني أن الحرب قد انتهت.

وناقش وزير الدفاع يوآف غالانت، الاثنين، التوترات على الحدود مع لبنان خلال زيارته إلى واشنطن مع عاموس هوكستين، أحد كبار مستشاري الرئيس جو بايدن. وكرر تصريحات نتانياهو بأن الحرب في غزة تنتقل إلى مرحلة جديدة، مما قد يؤثر على صراعات أخرى، بما في ذلك الصراع مع حزب الله.

وخلال المرحلة الأولية من الاتفاق، التي تستمر ستة أسابيع، من المفترض أن يتفاوض الجانبان على اتفاق بشأن المرحلة الثانية، التي قال بايدن إنها ستشمل إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء المتبقين، وبينهم الجنود الذكور، وانسحاب إسرائيل الكامل من غزة. وسيصبح وقف إطلاق النار المؤقت دائما.

يبدو أن حماس تشعر بالقلق إزاء استئناف إسرائيل الحرب بمجرد إعادة رهائنها الأكثر ضعفا.

وحتى لو لم يحدث ذلك، يمكن لإسرائيل أن تتقدم بمطالب في تلك المرحلة من المفاوضات لم تكن جزءا من الاتفاق الأولي وغير مقبولة بالنسبة لحماس، ثم تستأنف الحرب عندما ترفضها الحركة.

وعززت تصريحات نتانياهو هذا القلق. وبعد بثها، قالت حماس إنها تمثل "تأكيدا لا لبس فيه على رفضه" للاتفاق الذي تدعمه الولايات المتحدة، الذي حظي أيضا بدعم مجلس الأمن الدولي.

وفي بيان صدر في وقت متأخر، الأحد، بعد المقابلة التلفزيونية المطولة مع نتانياهو، قالت الحركة المدرجة إرهابية على قوائم دول عدة إن موقفه "يتناقض" مع ما قالت الإدارة الأميركية إن إسرائيل وافقت عليه.

وأضافت حماس أن إصرارها على أن يتضمن أي اتفاق وقفا دائما لإطلاق النار وانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من كامل قطاع غزة كان ضرورة حتمية لصد محاولات نتانياهو للتهرب والخداع وإدامة العدوان والحرب والإبادة بحق الشعب الفلسطيني، على حد وصفها.

ورد نتانياهو في بيان صادر عن مكتبه بقوله إن حماس تعارض الاتفاق. وشدد على أن إسرائيل لن تنسحب من غزة حتى تتم إعادة جميع الرهائن البالغ عددهم 120.

ورحبت حماس بالخطوط العريضة للخطة الأميركية في وقت سابق، لكنها اقترحت ما قالت إنها "تعديلات".

وفي السياق، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال زيارة للمنطقة في وقت سابق من الشهر الجاري، إن بعض مطالب حماس "قابلة للتنفيذ" والبعض الآخر ليس كذلك، دون الخوض في تفاصيل.

ولدى كل من نتانياهو وحماس حوافز لمواصلة الحرب المدمرة، بالرغم من الخسائر الكارثية التي ألحقتها بالمدنيين في غزة والغضب المتزايد في إسرائيل لأنه بعد أشهر عديدة لم تحقق إسرائيل أهدافها المتمثلة في إعادة الرهائن وهزيمة حماس.

ونفد صبر أفراد عائلات الرهائن بشكل متزايد مع نتانياهو، حيث رأوا أن تردده في المضي قدما في الاتفاق ملوث باعتبارات سياسية.

ودانت مجموعة تمثل العائلات تصريحات نتانياهو، التي اعتبرتها رفضا إسرائيليا لمقترح وقف إطلاق النار الأخير.

وأضافت "هذا تخلي عن الرهائن الـ120، وانتهاك لواجب الدولة الأخلاقي تجاه مواطنيها"، مشيرة إلى أنها تحمل نتانياهو مسؤولية إعادة جميع الرهائن.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: تصریحات نتانیاهو وقف إطلاق النار فی وقت من غزة فی غزة على أن

إقرأ أيضاً:

بين الهدنة والانقلاب.. خطة عربية من 22 دولة تربك حماس وتفاجئ إسرائيل

الوثيقة الصادرة عن المؤتمر دعت إلى إعادة السلطة الفلسطينية للسيطرة الكاملة على كافة الأراضي، مع دعم دولي لتأمين الحوكمة والأمن، مشددة على ضرورة إنهاء الحرب في غزة عبر “تفكيك منظومة حماس” وتسليمها للسلاح، في مشهد بدا أقرب إلى صفقة سياسية معقدة الأبعاد.

المثير أن الإعلان اقترح نشر بعثة استقرار دولية مؤقتة في غزة، بإشراف الأمم المتحدة وبدعوة من السلطة الفلسطينية، وهي خطوة قد تعيد تشكيل الواقع الأمني والسياسي للقطاع بشكل كامل، وربما تمهد لمرحلة انتقالية غير معلنة.

ولأول مرة، تتحدث جهات عربية عن "إدانة مباشرة" لهجوم السابع من أكتوبر، وتعبّر عن استعدادها للمساهمة بقوات على الأرض، ما فسّره مراقبون بأنه بداية تحوّل جذري في التعاطي العربي مع الحركة الفلسطينية المسلحة.

فرنسا وصفت الإعلان بأنه "خطوة تاريخية"، فيما أكد وزير خارجيتها أمام الجمعية العامة أن بعض الدول العربية مستعدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل "عند توفر الظروف المناسبة"، أي بعد نزع سلاح حماس.

التطور اللافت تزامن مع ضغوط أوروبية متزايدة، حيث أعلنت باريس ولندن استعدادهما للاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر القادم، ما لم توافق إسرائيل على وقف الحرب، وسط رفض إسرائيلي وأمريكي شديد.

ورغم كل هذه التحركات، لا تزال مواقف حماس متضاربة، ولم تصدر عنها حتى الآن أي إشارات رسمية لقبول المبادرة، بينما تصر إسرائيل على رفض حل الدولتين جملة وتفصيلاً.

فهل نحن أمام تسوية دولية شاملة تُطبخ على نار هادئة؟ أم أن العاصفة لم تبدأ بعد؟

مقالات مشابهة

  • مصدر: إسرائيل وأمريكا قد تغيران استراتيجيتهما بشأن غزة بعد انسحاب حماس من المفاوضات
  • في ظل زيارة ويتكوف إلى إسرائيل.. مصدران مطلعان لـCNN: حماس توقفت عن الانخراط في المفاوضات
  • تزامناً مع لقاء نتنياهو وويتكوف.. أهالي الأسرى لدى حماس يتظاهرون في القدس للمطالبة باتفاق لإعادتهم
  • بين الهدنة والانقلاب.. خطة عربية من 22 دولة تربك حماس وتفاجئ إسرائيل
  • إسرائيل تهاجم قرار كندا المرتقب بالاعتراف بفلسطين
  • ماذا يعني إعلان الحوثيين مرحلة جديدة من التصعيد ضد إسرائيل؟
  • سقوط المزيد من الشهداء في غزة وسط ضغوط على إسرائيل لإنهاء الحرب
  • ويتكوف يسافر إلى إسرائيل.. وزيارة محتملة إلى قطاع غزة
  • تحفظات إسرائيلية جديدة تعرقل تقدم صفقة التبادل ووقف إطلاق النار في غزة
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل تستخدم التجويع في غزة كأداة ضغط سياسي