تمكن علماء في مركز علوم الصحة بجامعة تكساس في سان أنطونيو، في إنشاء نموذج فأر بشري بنظام مناعي بشري وميكروبيوم معوي يشبه الإنسان، وقادر على تحفيز استجابات أجسام مضادة محددة، وذلك وفقًا لما نشره موقع Medical Express.

كان هدف المشروع المتعدد السنوات، والذي ظهر في عدد أغسطس 2024 من مجلة Nature Immunology، هو التغلب على قيود النماذج البشرية الحية المتاحة حاليًا من خلال إنشاء فأر مؤنسن بنظام مناعي بشري متطور وعملي بالكامل.

وتُستخدم الفئران على نطاق واسع في الأبحاث البيولوجية والطبية الحيوية لأنها صغيرة وسهلة التعامل وتشترك في العديد من العناصر المناعية والخصائص البيولوجية مع البشر ويمكن تعديلها وراثيًا بسهولة.

جينات الفئران

ولكن العديد من الجينات المسئولة عن الاستجابة المناعية لدى الفئران، والتي يزيد عددها على 1600 جين، لا تتفق مع نظيراتها لدى البشر، الأمر الذي يؤدي إلى اختلافات أو أوجه قصور في قدرة الفئران على التنبؤ بالاستجابات المناعية لدى البشر، وهذا جعل من توافر نموذج "مؤنسن" للفأر قادر على إعادة إنتاج الاستجابات المناعية لدى البشر بأمانة أولوية قصوى.

فأرتاريخ إنشاء أول فئران متحولة إلى فئران بشرية

تم إنشاء أول فئران متحولة إلى فئران بشرية في ثمانينيات القرن العشرين لمحاكاة عدوى فيروس نقص المناعة البشرية والاستجابة المناعية البشرية لفيروس نقص المناعة البشرية، وتم إنشاء الفئران المتحولة إلى فئران بشرية، ولا تزال تُصنع منذ ذلك الحين، عن طريق حقن فئران تعاني من نقص المناعة بخلايا ليمفاوية محيطية بشرية أو خلايا جذعية مكونة للدم أو خلايا بشرية أخرى.

ولكن النماذج السابقة والحالية لا تعمل على تطوير نظام مناعي بشري يعمل بكامل طاقته، كما أن عمرها قصير ولا تنتج استجابات مناعية فعّالة، وهذا يجعلها غير مناسبة لتطوير علاجات مناعية بشرية حية، أو نمذجة الأمراض البشرية، أو تطوير لقاحات بشرية.

بدأ فريق العلماء بقيادة الدكتور باولو كاسالي، أستاذ أشبيل سميث بجامعة تكساس وأستاذ الأبحاث المتميز في قسم علم الأحياء الدقيقة والمناعة والوراثة الجزيئية في كلية جو آر وتيريزا لوزانو للطب، حيث يتمتع كاسالي بخبرة 5 سنوات عقود من الخبرة في مجال البحوث الطبية الحيوية في علم المناعة وعلم الأحياء الدقيقة وهو باحث رائد في علم الوراثة الجزيئي وعلم الوراثة فوق الجينية لاستجابة الأجسام المضادة، بحقن الفئران الطافرة NSG W41 المصابة بنقص المناعة داخل القلب «البطين الأيسر» بخلايا جذعية بشرية تم تنقيتها من دم الحبل السري.

بعد بضعة أسابيع، بمجرد إنشاء الطعم، يتم تجهيز الفئران هرمونيًا باستخدام 17b-estradiol (E2)، وهو الشكل الأكثر فعالية ووفرة من هرمون الاستروجين في الجسم، وقد تم تحفيز التجهيز الهرموني بواسطة هرمون الاستروجين من خلال أبحاث سابقة أجراها كاسالي وآخرون تشير إلى أن هرمون الاستروجين يعزز بقاء الخلايا الجذعية البشرية، ويعزز تمايز الخلايا الليمفاوية البائية وإنتاج الأجسام المضادة للفيروسات والبكتيريا.

خواص الفئران

وتتمتع الفئران المأهولة الناتجة، والتي تسمى TruHuX للإنسان الحقيقي، أو «THX1K، بنظام مناعي بشري متطور بالكامل ويعمل بكامل طاقته، بما في ذلك العقد الليمفاوية، والمراكز الجرثومية، وخلايا الظهارة البشرية في الغدة الزعترية، والخلايا الليمفاوية التائية والبائية البشرية، والخلايا الليمفاوية البائية للذاكرة، والخلايا البلازمية التي تنتج أجسامًا مضادة ذاتية وأجسامًا مضادة عالية التحديد مطابقة لتلك الموجودة في البشر.

أوضحت فئران THX استجابات أجسام مضادة محايدة ناضجة لـ Salmonella Typhimurium وفيروس كورونا بعد التطعيم ولقاح كورونا من شركة فايزر الكعتمد على تقنية mRNA كما أن فئران THX المؤنسنة قابلة أيضًا لتطوير مناعة ذاتية كاملة لمرض الذئبة الجهازية بعد حقنة من pristane، وهو زيت يحفز الاستجابة الالتهابية.

وقال كاسالي إن اكتشاف فأر مؤنسن THX يفتح الباب أمام إجراء تجارب على البشر في الجسم الحي، وتطوير العلاجات المناعية مثل مثبطات نقاط التفتيش للسرطان، وتطوير لقاحات بكتيرية وفيروسية للبشر، فضلاً عن نمذجة العديد من الأمراض البشرية، كما يأمل أن يجعل النهج الجديد استخدام الرئيسيات غير البشرية في الأبحاث الطبية الحيوية المناعية والميكروبيولوجية أمراً عتيقاً.

وبما أن الأبحاث السابقة حول تأثير هرمون الاستروجين والجهاز المناعي نادرة، يأمل كاسالي أن يحفز هذا الاكتشاف المزيد من الأبحاث في هذا الموضوع.

فأر

وذكر كاسالي: «من خلال الاستفادة بشكل حاسم من نشاط هرمون الاستروجين لدعم الخلايا الجذعية البشرية وتمايز الخلايا المناعية البشرية واستجابات الأجسام المضادة، توفر فئران THX منصة لدراسات الجهاز المناعي البشري وتطوير اللقاحات البشرية واختبار العلاجات».

باستخدام نموذج الفأر المؤنسن THX، يقوم مختبر Casali الآن بالتحقيق في الاستجابة المناعية البشرية الحية لفيروس كورونا على المستويين الجهازي والمحلي، وخلايا الذاكرة البشرية B، والاعتماد على المستقبل النووي RORα لتوليدها والأحداث التي تؤدي إلى التعبير عن RORα واختلال التنظيم.

كما يقومون باستكشاف العوامل والآليات الجينية التي تتوسط في توليد الخلايا البلازمية البشرية، وهي مصانع الخلايا التي تنتج الأجسام المضادة - حرفيًا الآلاف في الثانية - للبكتيريا أو الفيروسات أو الخلايا السرطانية.

اقرأ أيضاًجنود الاحتلال يصابون بـ الرعب بسبب فأر خرج عليهم من إحدى بنايات غزة (فيديو)

متلازمة النفق الرسغي.. تحذير لمستخدمي فأرة الكمبيوتر ساعات طويلة

قبل عيد الحب.. فأر يسرق «سلسلة ألماس» في 30 ثانية فقط والشرطة مازالت تبحث عنه (فيديو)

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: هرمون الاستروجین الأجسام المضادة

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الكذب عارض بشري والسكوت لا يعني دائما الرضا

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان من العوارض البشرية الكذب: وهو خطأ متعمد عن سوء نية، لذلك هو خطيئة ويكون لحقد أو تدبير سيء أو خجل أو نحو ذلك.

واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه من الكذب ايضا الذهول ويكون عن عدم تركيز الأمر وقلة العناية به، ويكون عن دهشة من أمر طارئ، ومن العوارض البشرية الإكراه من الغير سواء أكان أدبياً أو مادياً.

أجمل دعاء فى الصباح.. ردده يسخر الله لك من يقضي حاجتك ويفرج كربتكهل يُجدّد السحر في شهر صفر؟.. انتبه لـ7 حقائق واحتمي بـ 3 أدعية

واشار الى ان كل هذه العوارض التي تعتري الإنسان تجعل الأصل أنه "لا ينسب لساكت قول"، فالناقل قد يقع في شيء من العوارض البشرية، فإذا سكت المنقول عنه لا ينسب له قول ذلك القائل ولا بد من التحري ومن هنا اخترع المسلمون علوم التوثيق في جانب القرآن، وضبطوا المسألة غاية الضبط ليس فقط على مستوى الآية أو الكلمة أو الشكلة، بل على مستوى الأداء الصوتي وفي جانب السنة أبدوا أكثر من عشرين علما لضبط الرواية، والنبي ﷺ يحذر من هذا فيقول : « من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار ».

وفي جانب العلوم المختلفة أوجدوا أسانيد الدفاتر أي الكتب في العلوم جميعًا، ونراهم في جانب القضاء يؤكدون على العدالة والضبط في الشاهد، فليس كل أحد تقبل شهادته، بل لابد من حالة نأمن فيها تقليل العوارض البشرية، وضبط النقل متمثلا بالحديث النبوي الشريف فعن ابن عباس قال : « سُئل النبي ﷺ عن الشهادة. قال : هل ترى الشمس ؟ قال : نعم.  قال : على مثلها فاشهد ».

أما إذا لم يكن قد صدر عنه القول أو الفعل أصلا فهو أشد من الحالة الأولى، ولا يكلف قطعا برد كل بهتان عليه، ويذكر الإمام السخاوي في الضوء اللامع أبياتا عن شيخه يلخص فيها تلك الحالة : 
كم من لئيم مشى بالزور ينقله   ** لا يتقي الله لا يخشى من العار 

يود لو أنه للمرء يهلكه**ولم ينله سوى إثم وأوزار 

فإن سمعت كلاما فيك جاوزه ** وخل قائله في غيه ساري 

فما تبالي السما يوما إذا نبحت

** كل الكلاب وحق الواحد الباري 

وقد وقعت ببيت نظمه درر  **قد صاغه حاذق في نظمه داري 

لو كل كلب عوى ألقمته حجرا   ** لأصبح الصخر مثقالا بدينار

وعلى الرغم من تقرر هذه القاعدة في الشرع نقلا وشهادة وقضاء وعلماً فإن الشرع استثنى منها شأن كل قاعدة ما يستوجب الاستثناء لغرض صحيح أخر فقال رسول الله ﷺ: « البكر تستأمر فتستحي فتسكت. قال : سكاتها إذنها ».

فأيام ما كانت الناس تستحي وكان الحياء خلقا كريماً كانت البنت تخجل عندما يتقدم لها خاطب فإذا سألها أبوها استحت فقدر الشرع هذا الحياء، والنبي ﷺ يقول : « الحياء خير كله ». فاكتفى بصمتها عن إذنها، وهي أيضًا إذا كرهته أو رفضته لا تخجل من إبداء رأيها والجهر به، ومن هنا جاء في الثقافة الشائعة (السكوت علامة الرضا) وهو علامة قاصرة على البكر التي تستحي فتعميم هذه العلامة ليس بسديد.

هل لنا أن نواصل أصولاً لحياتنا الثقافية نرجع إليها جميعا وتكون بمثابة الدستور أو بمثابة ميثاق الشرف الثقافي أو إننا سنظل هكذا في متاهة حوار الطرشان نسير من غير أصول نسعى في حياتنا الثقافية على غير هدى.

طباعة شارك الكذب عقاب من يكذب علي جمعة

مقالات مشابهة

  • ثورة طبية جديدة في علاج باركنسون: التحفيز الضوئي يُعيد إحياء الخلايا العصبية المدمرة
  • علي جمعة: الكذب عارض بشري والسكوت لا يعني دائما الرضا
  • وزير “الموارد البشرية” يُشيد بتكامل الجهود الوطنية في مكافحة الإتجار بالأشخاص
  • انهيار سقف غرفة نوم وحمام في عقار بالدقي دون خسائر بشرية
  • الخلايا الجذعية تعالج “السكري من النوع الأول”
  • السيطرة على حريق نشب بكابينة كهرباء بالخصوص دون خسائر بشرية
  • إصابة طفل بحالة تسمم بعد تناوله سم فئران عن طريق الخطأ بإحدى قرى الفرافرة
  • هل تتحول أفريقيا إلى مكبّ بشري للمبعدين من أميركا؟
  • الحاسة السادسة بالأمعاء المتحكمة في الشهية
  • سقوط شجرة معمرة في أحد شوارع العقبة دون أضرار بشرية / فيديو