الجدار والاستيطان: الاحتلال استولى على نحو 40 ألف دونم منذ مطلع العام الجاري
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
رام الله - صفا
قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، إن سلطات الاحتلال الاسرائيلي استولت منذ مطلع العام الجاري على نحو 40 ألف دونم من أراضي المواطنين.
وأوضح شعبان خلال مؤتمر صحفي، يوم الأربعاء، أن 24 ألف دونم من الأراضي التي تم الاستيلاء عليها أعلنها الاحتلال تحت مسمى "أراضي دولة"، في أكبر عملية استيلاء على الأراضي منذ أكثر من 30 عامًا تحت هذا المسمى.
وأشار شعبان إلى أن سلطات الاحتلال استهدفت المحميات الطبيعية بشكل ممنهج لتستولي ما مجموعه أكثر من 15 ألف دونم في إطار نزع الملكية والاستيلاء، كما أقامت في ذات الفترة 20 بؤرة استعمارية جديدة، وقدمت للدراسة لأكثر من 19 ألف وحدة استعماري جديدة، وحولت 11 بؤرة إلى مستوطنة، ومنحت صلاحيات جديدة بتكثيف عمليات الهدم في المناطق المصنفة "ب" و"ج".
ولفت إلى أن الاحتلال حرض المستوطنين لتنفيذ مخططات التهجير القسري، عبر تهجير 26 تجمعا بدويا وتنفيذ أكثر من 1300 اعتداء و23 محرقة في القرى والبلدات، كما قدمت سلطات الاحتلال "للكنيست الاسرائيلية" مجموعة من القوانين العنصرية بغرض السيطرة على الأغوار وعلى مستوطنات جنوب الضفة والمواقع الأثرية والعودة بالاستيطان إلى شمال الضفة، والتي تندرج كلها في إطار الضم الشامل والكامل للأرض الفلسطينية، الذي لم يعد ضمًا صامتًا بل أصبح صارخًا ومعلنًا على مرأى ومسمع العالم أجمع، لتضاف إلى المعطيات الخطيرة التي تؤشر إلى سيطرة الاحتلال على أكثر من 43% من مجمل مساحة الضفة الغربية.
وتابع شعبان: "هذه الإجراءات وغيرها لم تعد تهدد حل الدولتين بل قضت تمامًا، كما لم تعد تسعى إلى فصل شمال الضفة عن وسطها وجنوبها، بل فصلت الضفة وقطعت أوصالها، وأحالتها إلى كانتونات ومعازل، في قصدية كبيرة ومباشرة لفرض ذلك أمام الجميع".
وقال، إن اللافت اليوم أن سلوك الكيان الإسرائيلي لم يعد يستهدف المناطق المصنفة "ج" وحسب، بل تمددت الإجراءات لتطال المناطق المصنفة "ب"، بإعلانات تلغي ما بقي من اتفاقيات سياسية، وتتحدى من خلال ذلك الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن والموقف الموحد للعالم الذي يدين الاستيطان ويدين سلوك الدولة القائمة بالاحتلال في الأرض الفلسطينية.
وأردف شعبان، أن "إسرائيل" وهي تمارس البلطجة على الأرض الفلسطينية، لا تعتدي على المقدرات الوطنية الفلسطينية وحسب، بل تعتدي على الموقف الدولي، والشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، الأمر الذي يجعل مسؤوليتها مضاعفة إزاء ما يحدث.
وطالب، بضرورة توفير حماية دولية تضمن ردع وحشية الاحتلال ولجم إرهاب المستوطنين المرعي من مؤسسات الكيان الإسرائيلي الرسمية.
وأكد شعبان، أن الهيئة ستواصل مع كافة الشركاء جهودها في تقديم الملفات والتقارير والوثائق اللازمة لكل منظمات ومجالس وهيئات ومحاكم العالم، لا سيما المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، من أجل كشف اللثام عن وجه الاحتلال القبيح.
وشدد على أن ثبات المواطن في الأرض هو الكفيل بإفشال كل مخططات الاحتلال، مشيرًا إلى أن الهيئة ستسعى إلى تحقيق قفزة كبيرة في برامج دعم صمود المواطنين في المناطق المهددة بالإجراءات الاستيطانية واعتداءات المستوطنين.
وأكمل: "الهيئة ستركز جهودها في المستقبل على فضح تواطؤ النظام القضائي مع المستوى السياسي في "إسرائيل"، لا سيما جريمة الاحتلال في جبل صبيح، الأمر الذي يجعل ويؤشر إلى أن كل الأرض في مرمى أطماع المشروع الاستعماري".
وأشار شعبنا إلى أن الكيان الإسرائيلي يسعى إلى محاصرة البناء والنمو الطبيعي الفلسطيني بشكل ممنهج تدفع اليوم بمجموعة من القرارات والإجراءات التي تنذر بتكثيف عمليات الهدم في المستقبل، في معظم أراضي الضفة الغربية، مرة بادعاءات عدم وجود التراخيص التي تحجبها عن المواطنين قصدا، ومرة بادعاء حماية المواقع الأثرية المزورة، الأمر الذي يتطلب وقفة من كافة المؤسسات القانونية سواء الوطنية أو الدولية لوضع حد امام المجزرة الوشكية.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: استيلاء على الاراضي انتهاكات استيطان الاحتلال ألف دونم أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
أين اختفت المحكمة الجنائية الدولية؟
لا تغرنك كثرة حديث المسؤولين الدوليين عن المأساة الإنسانية في غزة، وضرورة وقف النزيف وإيصال المساعدات الإنسانية بأقصى سرعة، دون عوائق، فحقيقة الأمور مختلفة. يعطوننا كلاما ناعما، ويصفون التطورات بشيء من الدقة والتفاصيل، لكنهم يتغافلون عن ذكر مسألتين أساسيتين: إدانة هذه الجرائم الشنيعة من جهة، وتصنيفها كجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية من جهة أخرى.
عندما وقعت حادثة قتل الدبلوماسيين الإسرائيليين في واشنطن العاصمة، لم يبق مسؤول أممي أو دولي إلا وأصدر بيانا شديد اللهجة يدينه، بأقسى العبارات، ويربط الحادث فورا بمعاداة السامية، وليس بما يجري في غزة، علما أن المنفذ المتهم إلياس رودريغز لم يشر في صرخاته إلى قضية السامية، ولم يصرخ الموت لليهود، بل أفصح عن غضبه لما يجري في فلسطين وحرية فلسطين.
ترك كل ذلك وتم تسليط الضوء على معاداة السامية سواء في بيان الأمين العام أنطونيو غوتيريش، أو بيان ميغيل أنخيل موراتينوس، الممثل السامي للأمم المتحدة لحوار الحضارات، والمبعوث الخاص للإسلاموفوبيا، وبيان فرجينيا غامبا، ممثلة الأمين العام للأطفال والصراعات المسلحة، ومستشارة الأمم المتحدة بالإنابة لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي خرجت عن إطار ولايتها في الموضوعين، وأصدرت بيانا شديدا لإدانة الجريمة وربطها باتفاقية منع جريمة الإبادة، بل ذكرت أسماء الضحيتين في بيانها.
لكن أصوات هؤلاء المسؤولين لم نسمعها عندما ارتكبت القوات الإسرائيلية جريمة بشعة استهدفت الطبيبة آلاء النجار، وقتلت تسعة من أطفالها وأصابت زوجها وطفلها الوحيد الذي بقي على قيد الحياة، هل هناك أبشع من هذه الجريمة، التي تقع في صلب مهام فرجينا غامبا، بالإضافة إلى كاثرين راسل المديرة التنفيذية لليونسيف، ناهيك من مسؤولية الأمين العام التي يجب أن تشمل كل القضايا. هذا هو الوضع الذي نتابعه يوميا، والمتعلق بمواقف المسؤولين الدوليين ونفاقهم ومعاييرهم المزدوجة وخيانة ولايتهم، ولكني سأركز في هذا المقال على غياب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وقضاتها ودوائرها.
المحكمة الجنائية الدولية غياب أم تغييب؟
لم نسمع صوت كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية منذ نحو تسعة شهور. آخر مرة سمعنا منه عندما طلب من قضاة الدائرة التمهيدية في المحكمة يوم 24 أغسطس 2024 عدم تأجيل إصدار مذكرات الاعتقال، التي أشار إليها يوم 20 مايو، وتضمنت إصدار مذكرات اعتقال اثنين من القيادات الإسرائيلية: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، وثلاثة قياديين فلسطينيين من حركة حماس، يحيى السنوار ومحمد ضيف وإسماعيل هنية. وكان إسماعيل هنية قد اغتيل على يد إسرائيل وهو في طهران يوم 31 يوليو 2024.
ثم تم الإعلان عن مقتل يحيى السنوار يوم 16 أكتوبر 2024 ثم أعلن خلال هدنة 19 يناير 2025 عن مقتل محمد الضيف. أي أن عجلة المحكمة توقفت تماما عند إصدار مذكرتي اعتقال ضد رئيس الوزراء ووزير الحرب الإسرائيليين.
وهذا يعني بكل بساطة أن مسلسل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية توقف عند ما وقع قبل 20 مايو 2024 وأن أحدا من الإسرائيليين لم يرتكب بعدها أي جريمة من اختصاص المحكمة، ولا حرض على القتل ولا استخدم أسلحة محرمة ولا استهدف المنشآت الحيوية المدنية، ولا قتل المسعفين الصحيين والعاملين في المجال الإنساني، ولا الصحافيين ولا الموظفين الدوليين، ولا الأطفال وهم في بيوتهم أو في دور الإيواء. وهذا ما نبهنا له مرارا وتكرارا حول انحياز كريم خان لرواية المجرم لا الضحية، منذ أن توجه إلى إسرائيل بناء على دعوة من المجتمع المدني، وليس من الحكومة، وقضى ثلاثة أيام وزار منطقة غلاف غزة ومكان الحفل الموسيقى والتقى بأهالي الأسرى وأصدر بيانات تعاطف لا مثيل لها، مؤكدا أنه سيتابع تلك الجرائم.
بدأ صمت كريم خان المطبق عندما قامت موظفة في المحكمة في أكتوبر 2024 باتهامه بالتحرش بها. وقبل خان فكرة التحقيق معه في هذه التهمة التي نفاها جملة وتفصيلا. وبدل أن يركز المدعي العام والمحكمة على ما يجري في غزة من مجازر ترى بالعين يوميا، تم حرف الأنظار إلى قضة التحرش والتحقيق، ما اضطر خان أن يعلن يوم 16 مايو 2025 التنحي مؤقتا عن مهامه، بانتظار نتائج التحقيق، التي تعقدت أكثر. وقد كلف خان القاضيين مامي مندياي نيانغ ونزهات شميم خان قيادة مكتبه خلال هذه الفترة.
قضية مجرمي الحرب الإسرائيليين، الذين يعدون بالآلاف لن يمثل أحد منهم أمام القضاء الدولي،
هذا الصمت تبعه شيء من الخوف والحذر بعد قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بإصدار أمر تنفيذي يوم 6 فبراير 2025 بفرض عقوبات على المحكمة وأصولها وموظفيها وقضاتها وسحب الحصانة عنها. بعد إصدار المذكرتين اليتيمتين باعتقال رئيس الوزراء ووزير الدفاع، واللتين تعودان إلى 20 مايو 2024 غابت المحكمة لسنة كاملة. ومن المفروض، حسب ولاية المحكمة أن تتابع كل ما يرتكب من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة الجماعية وجريمة العدوان.
فكيف يمكن للمدعي العام وقضاة المحكمة والدائرة التمهيدية أن تتغافل عن الجرائم الكبرى التي تنتهكها إسرائيل ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
– جريمة التجويع المتعمد لنحو مليوني إنسان، ومنع دخول الغذاء والماء والدواء والمحروقات – جريمة حرب
– التهجير القسري لكل سكان غزة مرة وراء مرة ـ جريمة حرب
– قصف المدارس ودور الإيواء والمخيمات التي تأوي مئات الآلاف من المدنيين- جريمة ضد الإنسانية
– استهداف الصحافيين حيث زاد عدد الذين قتلوا عن 220 صحافيا ـ جريمة حرب
– استخدام العنف الجنسي والتعذيب ـ جريمة ضد الإنسانية
– خطف واعتقال آلاف المواطنين وحجزهم في ظروف غير إنسانية دون توجيه تهم أو محاكمة – جريمة ضد الإنسانية
– استهداف عمال الإغاثة والمسعفين الطبيين وسيارات الإسعاف ودفنهم في قبور جماعية – جريمة حرب
– استهداف المستشفيات والعيادات وآبار المياه والمخابز والمولدات – جرائم ضد الإنسانية
– مقتل اكثر من 54 ألف مواطن من بينهم نحو 28 ألف امرأة وفتاة ونحو 16500 طفل (عدا عن المدفونين تحت الركام) وجرح نحو 120 ألف إنسان من مجموع سكان بحدود مليونين ـ جريمة إبادة (قيد البحث في محكمة العدل الدولية).
والسؤال من ارتكب هذه الجرائم؟ هل ارتكبها شخصان فقط؟ أم أن رئاسة الأركان وقادة الألوية والكتائب والفصائل والشاباك والموساد وقادة وضباط الأجهزة الأخرى؟ وبما أن اختصاص المحكمة الأفراد وليس الدول فأين قائمة الأشخاص الذين مارسوا هذه الجرائم؟ لماذا اختبأ قضاة المحكمة؟
قلة من الناس تابعوا موضوع التحرك الإسرائيلي ضد المحكمة، وضد مذكرات الاعتقال التي صدرت يوم 21 نوفمبر 2024. إسرائيل رفضت الاتهامات واعتبرت المحكمة ليست ذات اختصاص، بحجة أن إسرائيل ليست عضوا في المحكمة، متجاهلة اعتراف المحكمة بفلسطين كدولة وقبولها عضوا كامل العضوية منذ نهاية 2014.
وقامت إسرائيل بتقديم طلب رسمي للمحكمة بتاريخ 9 مايو 2025 يطالب بسحب مذكرتي الاعتقال، ووقف أي تحقيقات تجري في هذا المجال، مدعية أنها هي التي تقوم بالتحقيقات ويجب احترام مبدأ التكامل، أي أن البلد المعني، إذا قام بالتحقيقات المناسبة يتوقف دور المحكمة.
من ناحية رسمية قبلت المحكمة الطلب. لكن قضاة المحكمة صاغوا ردا على الطلب الإسرائيلي يرفضون وقف التحقيقات.
أكاد أجزم أن قضية مجرمي الحرب الإسرائيليين، الذين يعدون بالآلاف لن يمثل أحد منهم أمام القضاء الدولي، وسيتم تجاهل القضية وطيها في ملفات النسيان، كما حدث في تحقيقات سابقة في مجازر بيت حانون 2007 وتقرير ديزموند توتو، ومجازر 2008-2009 وتقرير غولدستون، ومجازر 2014 وتقرير وليام شاباس، وتقرير جرائم مسيرات العودة 2018-2019 وتقرير مجلس حقوق الإنسان. هذه الشكوك مبينة على قاعدتين أساسيتين: قوة ضغط اللوبي الصهيوأمريكي من جهة، ورخاوة وتخاذل الموقف الرسمي الفلسطيني.
القدس العربي