الإنتخابات النيابية القادمة 2024 … أحسنوا الإختيار .
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
#الإنتخابات_النيابية القادمة 2024 … أحسنوا الإختيار .
بقلم / احمد عبدالفتاح الكايد ابو هزيم .
جهات رسمية وشعبية تنشط هذه الأيام لحث المواطنين على ممارسة حقهم الدستوري ” يوم العاشر من أيلول ” في إنتخاب ممثلي دوائرهم المحلية ، والدائرة الوطنية القائمة على التمثيل الحزبي ، ويُعتبر هذا الإستحقاق فصل جديد في مسيرة الحياة النيابية التي قارب عمرها على المائة عام ، منذ إنتخاب أول مجلس تشريعي قبل الإستقلال في العام 1929م من القرن الماضي ، إبان عهد إمارة شرق الأردن وما تلاها من مجالس نيابية في عهد الممالك الأربعة وحتى اليوم .
عشرات من قوانين الإنتخاب وما طرأ عليها من تعديلات دخلت حقل التجارب في دوائر صنع القرار منذ إنشاء الدولة وحتى اليوم ، لم تستطع بحسب مراقبين من إنتاج مجلس نيابي يحوز على رضى كافة أطراف المعادلة السياسية و الحواضن الشعبية ، وفي كل فترة من عهد تلك المجالس النيابية المتعاقبة تصتدم الأغلبية الصامتة من المواطنين بواقع مغاير لما طمحت له من تغيير في بنية حياتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية ، بسبب تغول السلطة التنفيذية في كثير من الأحيان ، وضعف الأداء النيابي الجمعي ، وتغليب المصالح الشخصية لدى بعض النواب .
تعاطي النواب المنتخبين ” افتراضاً ” من قبل الناخبين مع القضايا الأساسية التي تهمهم ، لم يكن بحجم الآمال التي عُقدت عليهم ، بالعكس كان هناك تناغم ” أحياناً ” بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في بعض القضايا المفصلية ، عكس ما تشتهي وترغب الأغلبية الصامتة التي أعياها الصبر من طول إنتظار القادم الأجمل ، والخروج الآمن من عنق الزجاجة التي ادخلهم في جوفها السياسيين الذين تولوا المسؤولية من كلا التيارات ، محافظين ، تكنوقراط ، ليبراليين ، يمين ويسار ، وكلما جاء منهم تيار لعن الآخر وقال فيهم ما لم يقل مالك في الخمر ، لتستمر مسيرة الخاسر الأكبر من اختلافاتهم و توافقاتهم السياسية والإقتصادية والإجتماعية ، الوطن والمواطن والأجيال القادمة .
في آخر إنتخابات برلمانية جرت لدورتين عام 2016 و 2020 ، كانت نسب التصويت في كافة محافظات المملكة ما يقارب من 37./. و 30./. على التوالي ، وهي نسب متدنية ” مبررة ” تعكس مستوى الإحباط وعدم ثقة الناخب في المشاركة في العملية الإنتخابية نتيجة الأداء ” الضعيف ” للمجالس النيابية السابقة وبعض النواب ، ولولا التصويت الإجتماعي من العشيرة وذوي القربى والأصدقاء ، وصوت المال الأسود مدفوع الثمن من بعض مرشحي ” البزنس ” وضعاف النفوس من الناخبين ، لكانت نسب التصويت في ” الباي باي ” .
نسب مشاركة شعبية متدنية دقت ناقوس الخطر لدى الحكومة ، وقرعت أجراس العودة للحقيقة لدى أقطاب الدولة العميقة ، فكان لا بد من النزول عن الشجرة و مغادرة مربع التصلب في الرأي وإنهاء تفرد احتكار إدارة البلاد والعباد من قبل حكومات متعاقبة أثبت الواقع فشلها في إدارة بعض الملفات المهمة ، في ظل وجود مجالس نيابية ضعيفة لا تقوى على تصحيح مسارها ، وما نتج عن هذه الممارسة الطويلة من تغول السلطة التنفيذية المتمثل بالحكومات المتعاقبة في صناعة القرار وفرض ما تريد على حساب التمثيل الشعبي ، وبالطبع قادت هذه الثنائية الغير متوازنة إلى مزيد من التراجع في بعض المجالات التي أثرت سلباً على حياة المواطن .
الحكومة الحالية تُراهن على الطبقة الوسطى في رفع مستوى المشاركة الشعبية في الإنتخابات النيابية القادمة ، للدفاع عن مصالحها كما يقول أحد وزرائها !!! ، وهنا تقفز عدة أسئلة ” من لون واحد ” برسم الحيرة في ذهن أي مواطن ، هل حافظت الحكومة الحالية ومن سبقها على الطبقة الوسطى ” صمام أمان المجتمعات ” من انقراضها و اندثارها ، و إنخفاض نسب مساهمتها في التنمية من جراء إرتفاع التضخم وتآكل الدخول ، و اتساع دوائر الفقر والبطالة بفعل سياساتهم القاصرة من وجهة نظر البعض في مواجهة الأزمات الإقتصادية والإجتماعية المحلية ؟ ، وهل حصنتها من التبعات الإرتدادية للمشاكل الدولية والإقليمية ” خصوصاً أن الأردن يقع في محيط ملتهب وواقع جيوسياسي متغير ” ؟ ، وهل ادخرت و استثمرت في الحفاظ على هذه الطبقة لمثل هذا الإستحقاق ؟ .
بقرار سيادي تحت عنوان ” لا بد من التغيير ” بهدف توسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار ، إنتخابات 2024 يراد لها أن تكون باكورة تشكيل المستقبل السياسي للدولة الأردنية في المئوية الثانية ضمن منظور رؤية منظومة التحديث السياسي ، قرار ملكي حكيم في الدعوة وتبني مشروع الدولة للتحديث السياسي لمرحلة جديدة رافعتها الأساسية قانونا إنتخاب وأحزاب جديدين يُعيدان تموضع مناسب لجميع الأطراف ، مبني على مصلحة الوطن أولاً ، و يؤسسان لعلاقة تشاركية مبنية على الثقة ما بين أقطاب ثنائية القرار ” حكومة ونواب ” .
ينظر بعض المراقبين إلى قانون الإنتخاب الحالي على إعتبار أنه خطوة إصلاحية بضمانة وازنة من رأس الدولة يسعى إلى معالجة أي تشوهات سابقة .
المشاركة الشعبية في صناعة القرار تأتي من خلال إختيار الناخب من يمثله في السلطة التشريعية بدون أي تأثير مادي أو معنوي ، تحت رقابة مؤسسات تضمن نزاهة وعدالة وسير إجراءات العملية الإنتخابية ، وهذه المرحلة تُعتبر مظهر متقدم من مظاهر المشاركة السياسية في النظم الديمقراطية التي تعتبر المواطن محور الوعي ومحرك الإدراك وأساس التنمية .
مجلس النواب القادم مختلف من حيث الشكل والتركيبة السياسية عن المجالس النيابية السابقة ، ويضمن تمثيل أكبر للشباب والمرأة والأحزاب السياسية ، وسوف يتعزز وجودهم في المجالس القادمة بناءً على رؤية منظومة التحديث السياسي ، أما المضمون فلا نستطيع الحكم على مخرجاته إلا بعد أن نرى النتائج تحت القبة ، أحسنوا إختيار من يمثلكم حتى لا يستمر مسلسل الندم .
حمى الله الأردن واحة أمن واستقرار .
وعلى أرضه ما يستحق الحياة .
أحمد عبدالفتاح الكايد أبو هزيم
أبو المهند
كاتب أردني
ناشط سياسي ، إجتماعي
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
قوة مصر الصامتة ونهضتها القادمة
في خضم عالم يضج بالصراعات الجيوسياسية وتقلبات سلاسل الإمداد العالمية، تتجه أنظار الدول إلى ما هو أبعد من حدودها البرية، إلى البحار والمضائق والممرات المائية، حيث تكمن القوة الصامتة الحقيقية. قوة لا يُسلَّط عليها الضوء كثيرًا، لكنها تصنع الفارق في لحظات الحسم.. إنها قوة الأسطول البحري التجاري الوطني، التي أدركت القيادة السياسية في مصر أهميتها جيدًا، وجعلت منها ملفًا استراتيجيًا من الدرجة الأولى.
الدكتور أيمن النحراوي، أستاذ ومستشار الاقتصاد الدولي واللوجيستيات، تناول هذا الملف بعمق في تصريحاته الخاصة لنا، مشددًا على أن مصر لا يمكن أن تحقق نهضتها الاقتصادية أو تفرض سيادتها السياسية دون امتلاك ذراع بحري قوي، يضمن استقلال القرار الاقتصادي، ويؤمّن حركة التجارة الخارجية للدولة في مختلف الظروف.
إن النقل البحري اليوم لم يعد مجرد قطاع خَدَميّ، بل تحوّل إلى أداة سيادة وطنية وركيزة أمن قومي. وفي عالم لا يعترف إلا بالأقوياء، تبرز أهمية أن تمتلك الدول أساطيلها، لا أن تعتمد على أساطيل الآخرين لنقل احتياجاتها أو لتصدير إنتاجها.
من هنا، يؤكد الدكتور النحراوي أن مصر دولة بحرية أصيلة، تمتلك أكثر من 2500 كيلومتر من السواحل على البحرين الأحمر والمتوسط، وتملك في قلبها قناة السويس، أحد أهم وأخطر الممرات الملاحية على مستوى العالم. لكن هذا الامتياز الطبيعي، كما يوضح النحراوي، لا يساوي شيئًا إذا لم يدعمه أسطول وطني تجاري حديث قادر على المنافسة، يحمل علم الدولة، وينقل بضائعها، ويدعم صناعتها، ويُعبّر عن سيادتها في المحيطات المفتوحة.
الأسطول التجاري، كما يراه النحراوي، ليس مجرد مجموعة من السفن، بل سلاح اقتصادي صامت، يتقدم في الأوقات الصعبة حين تتراجع الخيارات الأخرى، فهو الذي يضمن استمرار تدفق السلع الاستراتيجية، وينقل المعدات والإمدادات العسكرية وقت الحروب، ويُساهم في تأمين الغذاء والدواء في أوقات الأزمات، ناهيك عن مساهمته الجوهرية في تخفيض فاتورة النقل، وتعزيز الميزان التجاري، وتوفير آلاف فرص العمل المباشرة في أنشطة الشحن والتفريغ والتخزين والتصنيع البحري.
ولم تقف الدولة المصرية مكتوفة الأيدي أمام هذا الملف، بل أطلقت مشروعًا وطنيًا طموحًا لإعادة بناء وتحديث الأسطول التجاري من الجذور. ويشير الدكتور النحراوي إلى أن الدولة تواجه تحديات حقيقية، تبدأ من تحديث البنية التحتية، وتمر بتمويل شراء السفن، ولا تنتهي عند مراجعة التشريعات القديمة وتكييفها مع واقع الصناعة البحرية الحديثة.
لكن الرؤية واضحة، والخطوات متسارعة، فقد بدأت الدولة المصرية بالفعل في تجديد الوحدات القائمة، وإدخال 36 سفينة جديدة إلى الخدمة بحلول عام 2030، إلى جانب منح تسهيلات ضريبية وقروض ميسّرة لشركات الملاحة الوطنية، وفتح الباب واسعًا أمام القطاع الخاص المصري للمشاركة في بناء صناعة نقل بحري وطنية قوية.
ويؤكد النحراوي أن هذا التوجه يُعبّر عن إرادة سياسية عميقة ورؤية اقتصادية بعيدة المدى، تسعى إلى تمكين مصر من استعادة دورها التاريخي كمركز لوجستي بحري محوري بين الشرق والغرب.
في هذا الزمن الذي تتغير فيه معادلات القوة، لم يعُد البحر مجرد امتداد أزرق على أطراف الخريطة، بل أصبح ساحة نفوذ ومصدر قرار، ومن يملك أسطوله، يملك مصيره.
من لا يملك أسطولًا بحريًا.. لا يملك قراره التجاري.. ولا يملك مفاتيح الاستقلالأن قوة مصر الصامتة تكمن في بحرها، وفي سواعد أبنائها الذين يبنون السفن، لا يستوردونها، ويحملون علم الوطن في أعالي الأمواج لا في مؤخرات السفن الأجنبية.
وهكذا، تمضي مصر بخطى واثقة ثابته ذات عزيمة وإصرار، لا تُسابق الزمن فقط، بل تُعيد تعريفه، بسفن تحمل اسمها، وأهدافها، وأحلامها في مستقبل لا تصنعه الشعارات، بل تصوغه قرارات جريئة في ملفات تبدو صامتة، لكنها تحمل في طياتها صوت القوة، وصدى النهضة.
اقرأ أيضاًشبورة كثيفة واضطراب بالملاحة | الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 31 يوليو 2025
قناة السويس: استدامة الملاحة وكفاءة الأطقم أبرز عوامل التفوق العالمي
وزير الطيران المدني يبحث مع سفير فرنسا سبل تعزيز التعاون بمجال الملاحة الجوية