باكو- تنطلق في الأول من سبتمبر/أيلول المقبل الانتخابات البرلمانية في جمهورية أذربيجان وذلك للمرة الأولى منذ استعادة باكو السيطرة على إقليم ناغورني قره باغ إثر عملية خاطفة شنها الجيش الأذربيجاني ضد القوات الأرمينية في الإقليم بعد نزاع امتد لعقود بين البلدين الجارين.

وكان من المقرر سابقًا إجراء هذه الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لكن نوابًا من حزب "أذربيجان الجديدة" الحاكم قدموا في يونيو/حزيران الماضي مبادرة لحل الجمعية الوطنية (البرلمان) بسبب تزامن موعد الانتخابات مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الـ29 لتغير المناخ في العاصمة باكو.

على هذا الأساس، تبنى البرلمان بأغلبية ساحقة نداءً موجهًا إلى الرئيس إلهام علييف، يطلب فيه الدعوة لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، قام علييف على إثره بإصدار مرسوم بحل البرلمان.

وسيصل حوالي 60 مراقبا من الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى أذربيجان للمشاركة في الانتخابات.

وستُجرى الانتخابات في أكثر من 6400 مركز اقتراع في 125 دائرة انتخابية، وبلغ عدد الناخبين الذين لهم حق التصويت حوالي 6 ملايين و335 شخصًا. ولأول مرة، سيشارك في الانتخابات 25 من أصل 26 حزبا سياسيا نشطا.

وبدأت الحملة الانتخابية في التاسع من الشهر الجاري وتنتهي في 31 من الشهر نفسه، ويحظر على هيئات البث التلفزيوني والإذاعي الحكومية المشاركة في الحملات الانتخابية.

بين المقاطعة والتحفظ

وأعلنت جميع قوى المعارضة، وبعضها مع تحفظات، عزمها المشاركة في العملية الانتخابية باستثناء حزب الجبهة الشعبية الذي قال إنه لا يوجد حد أدنى من الشروط لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

ويتكون برلمان أذربيجان من 125 نائبا، يتم انتخابهم لمدة 5 سنوات على أساس الانتخابات العامة والمباشرة. ووفقا للدستور، يجوز أن تكون مدة عضوية البرلمان المنتخب في انتخابات مبكرة أقل من 5 سنوات.

وفي الآونة الأخيرة، قام بعض المدونين والناشطين، وبدون الكشف عن مصادرهم، بنشر قوائم على شبكات التواصل الاجتماعي، بدعوى الكشف عن تركيبة البرلمان الجديد في البلاد. وبحسبهم، كما في الانتخابات السابقة، فإن الانتخابات النيابية المقبلة سيهيمن عليها مرة أخرى مبدأ "التعيين".

منافسة دون بديل

يقول الكاتب السياسي المعارض، إلدانيز روستام زاده، إن ربط الحاجة إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة بمؤتمر المناخ في باكو ليس سوى "ذريعة" لإخفاء النيات الحقيقية للسلطات، بينما في الواقع، تجري الاستعدادات "مرة أخرى" لسرقة الأصوات، حسب تعبيره.

ويوضح في حديث للجزيرة بأنه كان من المفترض وفقًا للدستور إجراء الانتخابات النيابية في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بينما مؤتمر المناخ سيعقد في 11 من الشهر.

ويضيف أنه لم يكن هناك ما يمنع السلطات من إجراء الانتخابات في المُهَل التي حددها الدستور، لكن السلطات ذهبت مجددًا إلى خيار التلاعب بالأصوات وتجاهل توصيات المنظمات الدولية لتحسين التشريعات والممارسات الانتخابية، على حد وصفه.

ويعتبر روستام زاده، أن هذه الانتخابات ستجرى في بيئة لا توفر الحد الأدنى من الشروط للمنافسة العادلة في البلاد. كما أن عامل الانتخابات المبكرة يضع معارضي النظام تحت ضغط زمني شديد ويتجاهل توصيات المنظمات الدولية لتحسين التشريعات والممارسات الانتخابية.

ويتابع بأن الموعد غير مناسب حتى من حيث الطقس، حيث تكون درجة الحرارة مرتفعة والنشاط الاجتماعي منخفضًا والحملات الانتخابية صعبة للغاية بالنسبة للأشخاص ذوي الموارد المحدودة. بينما في المقابل، السلطة الحاكمة التي تتمتع بموارد مالية وإدارية وإعلامية هائلة توفر لنفسها ميزات لا يمتلكها الخصوم.

علاوة على ذلك، يشير المتحدث إلى أن الانتخابات ستجري في أجواء ما زالت تتواصل فيها الملاحقات الجنائية لنشطاء المجتمع المدني مصحوبة بانتهاكات واسعة النطاق للتشريعات الانتخابية، مما يعني أن مثل هذه الانتخابات لا يمكن اعتبارها حرة ونزيهة وعاكسة لقرار المجتمع.

ستجرى الانتخابات في أكثر من 6400 مركز اقتراع في 125 دائرة انتخابية (أسوشيتد برس) مفصل تاريخي

في المقابل، يرى الباحث في شؤون جنوب القوقاز، راميل أسادوف، أن الانتخابات البرلمانية المقبلة تشكل حدثًا مهم في التاريخ السياسي لأذربيجان، إذ لم تجر أي انتخابات في الأراضي المحتلة سابقًا (ناغورني قره باغ) منذ ما يقرب من 30 عاما، قبل أن تحررها القوات الأذربيجانية العام الماضي.

ويتابع في تعليق للجزيرة نت بأن أذربيجان أصبحت اليوم مركزا إستراتيجيًا جديدا للتأثير في الساحة السياسية العالمية، والأحداث المهمة التي تجري في الحياة السياسية للبلاد تجذب دائمًا انتباه الخبراء في جميع أنحاء العالم.

ويضيف أسادوف في تعليق للجزيرة نت بأن الفضاء السوفياتي السابق بما في ذلك منطقة جنوب القوقاز يعاني من توازن سياسي مضطرب وصراعات لا تهدأ فحسب، بل تندلع بقوة متجددة، وهو ما يجعل من الأهمية بمكان أن تعمل الدولة على تعزيز مؤسساتها المختلفة، بما في ذلك البرلمان.

وشدد أيضًا على أن موقع باكو على الساحة الدولية أمر بالغ الأهمية بالنسبة للدول الغربية وفي السياق العالمي، لذلك يمكن أن تصبح نتائج هذه الانتخابات مؤشرًا مهمًا لما ستكون عليه السياسة الخارجية لأذربيجان في المرحلة التالية.

وبخصوص موقف أحزاب المعارضة، قال أسادوف، إنها حكمت على نتائج الانتخابات قبل إجرائها لافتًا إلى أنّ حزبًا سياسيًا واحدًا معارضًا أعلن مقاطعة الانتخابات بينما وافقت بقية الأحزاب والقوى المعارضة على المشاركة فيها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات هذه الانتخابات الانتخابات فی الانتخابات ا انتخابات فی

إقرأ أيضاً:

انتخابات القضاة بالمكسيك.. بدعة ديمقراطية أم خدعة سياسية؟

في تجربة نادرة، توجّه المكسيكيون أول أمس الأحد إلى مراكز الاقتراع في 19 ولاية من إجمالي 32، لاختيار 2681 قاضيا على المستوى الفدرالي والمحلي، بمن فيهم قضاة المحكمة العليا والهيئة الانتخابية، كخطوة أولى تتبعها انتخابات ثانية في الولايات المتبقية في 2027.

واعتبر الرئيس السابق أندريس مانويل لوبيز أوبرادور (أملو) والرئيسة الحالية كلوديا شينباوم هذه الانتخابات سابقة ديمقراطية تعكس مستوى الشفافية والموضوعية التي يقدّسها حزبهما الحاكم "مورينا"، في المقابل ترى قوى اليمين أنها خدعة شعبوية لتعزيز الفساد والتسييس ودعت لمقاطعتها.

وسواء صدقت نوايا الرئيسة الحالية وحزبها، أو قراءة المعارضة، فإن الإلمام بأهم تفاصيل هذه الخطوة التاريخية يعتبر أداة ضرورية للتمكن من إطلاق حكم موضوعي بشأنها.

أوبرادور وضع برنامج إصلاح قضائي يهدف لمكافحة الفساد ووضع حدّ لنفوذ الأقلية الأوليغارشية المتغلغلة في مفاصل الدولة (رويترز) ما طبيعة الانتخابات؟ وما أهدافها؟

تأتي هذه الانتخابات في إطار برنامج إصلاح قضائي اقترحه الرئيس السابق أوبرادور خلال فترته الانتخابية وصادق عليه البرلمان في سبتمبر/أيلول الماضي، على أساس إدماج السلطة القضائية في دائرة الاختيار المباشر من قِبل الناخبين تماما كالسلطة التنفيذية والتشريعية، وتحقيق "ثورة ديمقراطية شاملة"، حسب قوله.

وتهدف هذه المبادرة إلى وضع حدّ لنفوذ الأقلية الأوليغارشية المتغلغلة في مفاصل الدولة ومكافحة ظاهرة الفساد والمحسوبية، في بلد ترتع فيه أخطر عصابات المخدرات والجريمة المنظمة وتملك آليات قوية لتطويع القضاء.

ورغم أن برنامج الإصلاح القضائي المصادق عليه يتضمن جملة من النقاط المهمة، فإن الآلة الإعلامية في المكسيك نجحت في شيطنة الحدث وتصدير تلك الصورة "السلبية" إلى العالم عبر أغلب وسائل الإعلام، والحال أن هناك نقاطا أخرى إيجابية عديدة تستحق الذكر.

إعلان

فالمكسيك ستعتمد منذ يوم الاقتراع على قاعدة تجديد رئاسة المحكمة العليا كل سنتين، وستُخفّض فترة بقاء القضاة المنتخبين في المحكمة من 15 إلى 12 سنة، بالإضافة إلى تقليص رواتبهم، لا سيما راتب رئيس المحكمة الذي كان يفوق راتب رئيس الدولة. أما جلسات المحكمة العليا التي كانت في أغلبها مُغلقة، فسيكون بثّها مباشرا، كعُرف جديد لشكل عملها، كي يضمن للناخبين متابعة أداء القضاة الذين اختاروهم.

وبعكس ما أشيع من نوايا للحزب الحاكم (مورينا) في تركيع السلطة القضائية، فإن معايير الاختيار تكاد تضمن بقاء القضاة في مناصبهم وفق مستوى رضا ناخبيهم فقط، وبغضّ النظر عن توجهاتهم السياسية.

بل إن الهدف الحقيقي وراء هذا، وفقا لبعض خبراء القانون، هو التصدي لممارسات الحروب القضائية الشائعة مؤخرا، والتي تستخدمها التيارات السياسية المتربعة على السلطة للتنكيل بخصومها والانتقام منهم باسم "القانون" لإقصائهم أو رميهم في السجون ودفن طموحاتهم في المنافسة في المستقبل، وهو ما حدث حرفيا في البرازيل ضد رئيسها الحالي لولا دا سيلفا، وما يحدث حاليا ضد رئيس الإكوادور الأسبق رافاييل كوريا ورموز تياره.

وبناء عليه، فإن هذه المبادرة ربما تُفهم على أنها سعي من الحزب الحاكم في المكسيك، الحاصل على مستوى رضا شعبي يشارف على 70% لتحصين رموزه من الحرب القضائية في المستقبل، في حال عودة اليمين إلى السلطة، وهو أمر طبيعي.

مظاهرات بالمكسيك ضد انتخابات القضاة والمحتجون يعتبرونها مقبرة للنظام القضائي (الأوروبية) لماذا تعارض الأغلبية هذه المبادرة وتشكّك في نجاعتها؟

تُجمع الانتقادات لفكرة انتخابات القضاة على نقاط عديدة تتمثل أبرزها في صعوبة العملية من الناحية الفنية القانونية، حيث تتطلب عملية الاختيار معرفة جيدة بالمرشحين على المستوى المحلي والفدرالي، ومجهودا فكريا لمتابعة مسيراتهم والتحقق من سلامتها، وهو ما تتفاداه العامة من الناخبين.

إعلان

وذلك فضلا عن أن التمويل ممنوع في هذه الانتخابات، ومن ثم فإن الحملات الانتخابية عاجزة عن الوصول إلى الناخب بالشكل السهل الذي اعتاده في الانتخابات الرئاسية أو التشريعية مثلا، إلى جانب أن عملية الاقتراع في حدّ ذاتها قد تستغرق أكثر من 5 دقائق أحيانا للتمييز بين قوائم وأسماء المرشحين.

النقطة الثانية التي نالت زخما إعلاميا بارزا، واتخذتها المعارضة حجة دامغة على فشل فكرة الانتخابات، هي ترشح ما يقارب 20 شخصية مثيرة للجدل وفقا لتقرير لمنظمة "ديفينسور إكس إس"، وعلى رأسهم المحامية سيلفيا ديلغادو التي ترافعت في 2016 عن رئيس عصابة المخدرات الشهير إل تشابو غوسمان. كذلك فرناندو إسكاميّا محامي رئيس عصابة آخر مشهور، وهو ميغال تريفينيو. والمحامي ليوبولدو تشافيز الذي قضى 6 سنوات مسجونا في الولايات المتحدة بتهمة الاتجار بمواد مخدرة.

وهذا ما أدى إلى عزوف 87% من الناخبين عن المشاركة واعتبارها مضيعة للوقت، وفق تقديرهم، غير أن الرئيسة شينباوم اعتبرتها ناجحة جدا، مُذكرة بأن نسبة المشاركة تفوق نصيب المعارضة في انتخابات 2024.

الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم بعد الإدلاء بصوتها في مركز اقتراع بمدينة مكسيكو (الفرنسية)

على صعيد آخر، يتصدّر مشهد المعارضة لهذه الانتخابات شخصيات سياسية ومالية وقانونية بارزة، من أشهرهم ريكاردو ساليناس بلييغو، إمبراطور المال والإعلام الشهير في المكسيك، الذي سخّر آلته الإعلامية وأذرعه في المجال القانوني للدعوة لمقاطعة هذه المبادرة، فهو يرى فيها "خدعة" شعبوية من الحزب الحاكم للسيطرة في النهاية على السلطة القضائية.

غير أن الأقلية التي لم تستجب لدعوة المقاطعة ذكّرت بلييغو بأنه يتصدر قائمة المُدانين لدى الجهاز الضريبي في المكسيك، وأن تهرّبه من تسديد هذه الديون يعود إلى نفوذه على المنظومة القضائية الحالية، ومن ثم فإن "شيطنة" هذه المبادرة تؤكد أن الرجل سيكون أكبر متضرر من نظام انتخابات القضاة الجديد، على غرار معارضين آخرين كثر.

إعلان

مقابل هذا، يرى داعمو المبادرة أن الرئيس السابق (أملو) عانى كثيرا من التعطيلات القضائية لمقترحات رئاسية "نبيلة"، بسبب هيمنة الطبقة الأوليغارشية على السلطة القضائية لعقود متتالية. ويرى هؤلاء أن اعتماد الانتخابات في اختيار القضاة سوف يقضي على هذه الهيمنة، ويغيّر معايير التعيين من المحسوبية والقرابة إلى الكفاءة ونظافة اليد.

وفي هذا السياق، كشفت منظمة "مكسيكيون ضد الفساد" أن هناك 500 قاض في المحاكم الفدرالية حاليا تمكنوا من تشغيل نحو 7 آلاف من أقاربهم في الدوائر القضائية، ومن بينهم قاض في مدينة "دورانغو" تمكن من توفير مناصب لـ17 من عائلته، وآخر في "نويفو ليون" منح 14 منصبا قضائيا لأقاربه. وهو ما لا تنكره العامة في المكسيك لكنها تعتبره "قدَرًا محسوما لمصلحة اليمين".

سيلفيا ديلغادو محامية الدفاع السابقة عن رئيس عصابة المخدرات الشهير إل تشابو في 2016 والمرشحة الحالية لمنصب قاضية جنائية (رويترز) هل هي فعلا سابقة تاريخية في مجال القضاء في العالم؟

للولايات المتحدة تجربة مماثلة لكنها تبقى أضيق من تجربة المكسيك، إذ يختار ناخبو 43 ولاية -من إجمالي 50- القضاة المحليين فيها (مع وجود اختلافات من ولاية إلى أخرى). وفي القارة الأميركية نفسها، نجد بوليفيا التي بدأ البوليفيون في عهد الرئيس الأسبق إيفو موراليس فيها بالتصويت لاختيار القضاة في 4 هيئات دستورية عليا.

أما المثال الثالث، والمختلف نوعا ما، فهو اليابان التي يُجرى فيها استفتاء شعبي كل 10 سنوات لتقييم أداء قضاة المحكمة العليا، والتصويت لاستمرارهم من عدمه.

مقالات مشابهة

  • مفوضية الانتخابات:أكثر من 21 مليون مواطن حدثوا بياناتهم الانتخابية
  • مفوضية الانتخابات تنفي شراء البطاقات الانتخابية من قبل المرشحين مقابل (600) ألف ديناراً
  • استطلاع: 57% من الإسرائيليين يؤيدون انتخابات مبكرة ونتنياهو سيخسر
  • استطلاع إسرائيلي : أغلبية تؤيد الذهاب إلى انتخابات مبكرة
  • انتخابات البرلمان.. توجيه مهم من القومي لحقوق الإنسان للأحزاب السياسية
  • مفوضية الانتخابات:الحبس لمدة سنة واحدة لمن يشتري البطاقة الانتخابية
  • أحزاب إسرائيلية تقرر طرح قانون لحل الكنيست والذهاب لانتخابات مبكرة
  • خلال انتخابات مبكرة استطلاعات الرأي تتوقع فوز الليبرالي لي جاي-ميونج برئاسة كوريا الجنوبية
  • انتخابات القضاة بالمكسيك.. بدعة ديمقراطية أم خدعة سياسية؟
  • حبلوص: انتخابات مبكرة مرتقبة بمجلس الدولة إثر حكم محكمة طرابلس