المسنون السودانيون يعيشون أوضاعاً مأسوية في معسكرات النزوح
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
كسلا – محمد الحافظ كباشي – مع تطاول أمد الحرب في السودان وتمدد رقعتها، يعاني المدنيين الأمرين خصوصاً الفئات الضعيفة، ونتيجة لهذه الأوضاع المأسوية يعيش المسنون في معسكرات إيواء النازحين بالمدن الآمنة حياة شاقة ومتعبة وسط ظروف صعبة على صعيد وضعهم الإنساني والمعيشي، فضلاً عن ضعف الرعاية الصحية.
ومنذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، نزح مئات كبار السن من الخرطوم وولاية الجزيرة وبعض المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة بحثاً عن الأمان، فمنهم من هُجر قسراً جراء تعرض مناطقهم للقصف، وآخرون يعيشون حياة الشتات جراء نزوح أسرهم بحثاً عن النجاة بحياتهم.
غياب الرعاية
في السياق، يقول مدير مركز التقوى لإيواء النازحين في مدينة كسلا بشرق السودان الفاتح حماد لـ (تاق برس) إن “غالبية المراكز عبارة عن مدارس أو داخليات، وليس في مقدورنا توفير الأماكن المخصصة للمسنين وسبل الراحة والمساعدة التي تقتضيها ظروفهم والمعاملة التي تراعي أوضاعهم الخاصة، بالتالي فإنهم يقيمون مع بقية النازحين في غرف مشتركة ويحصلون على خدمات الغذاء والمياه والدواء مثل الموجودين في المعسكر.
وأضاف أن “كبار السن يتأثرون بشكل كبير بعوامل المناخ مثل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة العالية والتي تستوجب توفير تهوئة جيدة، وهو وضع غير متاح بمراكز الإيواء.
وتابع : هناك أزمة أخري تتعلق بضعف الرعاية الصحية الكافية لافتقار مراكز الإيواء للعيادات الدائمة لمتابعة الحالات الحرجة.
أوضاع خاصة
من جهتها تقول ماجدة محمد بشير التي تقيم في مركز ذات النطاقين لـ (تاق برس) : نحتاج في المقام الأول إلى احترام حقوقنا وكرامتنا وعدم التهميش، لأن وضع الحرب يختلف كلياً عن حياة كثيرين في منازلهم ووسط أسرهم.
وتضيف : الأمر المؤسف أن الدولة لا تهتم برعاية كبار السن ولا توفر لهم الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية، كما أن المنظمات الإنسانية تركز على تسجيل بياناتنا فقط.
وأشارت إلى أنه “على رغم وجود مئات المسنين، إلا أن الدعم لن يتناسب وأوضاعهم الخاصة، خصوصاً سد النقص في الغذاء والعلاج وتوفير الخدمات الطبية.
عجز الحكومة
بدوره يرى نائب مدير إدارة الرعاية الاجتماعية السابق بولاية جنوب كردفان سامي الشيخ أن “ظروف البلاد الحالية لا تسمح بإنشاء مراكز إيواء خاصة بالمسنين تتوافر فيها مقومات تعنى بوضعهم الخاص وظروفهم، كما أن غرف المدارس والداخليات ذات مساحات صغيرة لا تستوعب الأعداد الهائلة من النازحين مع صعوبة توفيق أوضاع فئة محددة.
ولفت إلى أن “تكدس المئات أدى إلى ظهور مشكلات صحية كثيرة، فضلاً عن تفشي الأوبئة في وقت تعاني فيه مراكز النزوح من عدم وجود أدوية للأمراض المزمنة والملاريا.
وأشار إلى أن “إدارات وزارة الرعاية في كافة الولايات وبظل ظروف الحرب لا تملك ميزانية لكي توظفها في تقديم الغذاء والدواء للمسنين.
المسنونكسلاالمصدر: تاق برس
إقرأ أيضاً:
المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
في الوقت الذي تتكثف فيه الجهود الدولية للتوصل إلى هدنة توقف نزيف الدم في قطاع غزة، تكشف المقترحات المتبادلة بين الأطراف المعنية عن حجم الهوة التي تفصل بين مواقف كل من حركة "حماس" وإسرائيل، برعاية ومتابعة أمريكية مباشرة.
ومع كل اقتراب من نقطة الاتفاق، تظهر الشروط المتبادلة كحواجز أمام تحقيق اختراق سياسي حقيقي، مما يُبقي المشهد مفتوحًا على مزيد من التعقيد والمعاناة الإنسانية.
كشفت تقارير إعلامية، الإثنين، أن حركة "حماس" وافقت مبدئيًا على مقترح هدنة تقدّم به المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يقضي بوقف إطلاق النار لمدة 70 يومًا مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء على دفعتين، إلى جانب إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين، بينهم محكومون بأحكام عالية ومؤبدات.
غير أن متحدثًا باسم ويتكوف نفى هذه الموافقة، مشيرًا إلى أن المفاوضات لا تزال مستمرة، وسط تضارب في الروايات. ووفق صحيفة "إسرائيل هيوم"، فإن مسؤولًا إسرائيليًا رفيعًا – لم يُكشف عن اسمه – وصف المقترح بأنه لا يعكس "نية حقيقية من قبل حماس للمضي قدمًا"، مشددًا على أن "أي حكومة مسؤولة في إسرائيل لا يمكن أن تقبل بهذا الطرح"، ما يعكس موقفًا إسرائيليًا رافضًا للعرض الأمريكي – أو على الأقل لبعض بنوده.
مطالب جديدة تثير الجدلالمقترح الذي طُرح عبر وسطاء تضمن بنودًا غير مسبوقة من قبل حركة حماس، من بينها طلب مصافحة علنية بين خليل الحية، القيادي في الحركة ورئيس وفدها المفاوض، والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، كرمز لضمانة بعدم استئناف القتال عقب فترة التهدئة. كما تضمن الإفراج التدريجي عن 10 رهائن، 5 منهم في اليوم الأول من الهدنة، والباقون بعد شهرين.
هذه البنود – بحسب الصحافة العبرية – تتناقض مع الخطة الأصلية التي قدمها ويتكوف، والتي تنص على إطلاق سراح جميع الرهائن على مرحلتين: الأولى مع بداية التهدئة، والثانية في نهايتها. كما شملت مطالب حماس انسحابًا واسعًا للقوات الإسرائيلية من المناطق التي سيطرت عليها في قطاع غزة، إضافة إلى إدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، وهو ما تعتبره إسرائيل "تنازلات مفرطة".
غضب إسرائيلي داخليردًا على هذه التطورات، أصدر "منتدى عائلات الرهائن" بيانًا غاضبًا، انتقد فيه استمرار الحرب ورفض الاتفاقات الجزئية، واصفًا إياها بأنها "خسارة إسرائيلية يمكن، بل يجب، تجنبها". وطالب المنتدى بعقد اتفاق شامل يعيد جميع الأسرى الـ58 وينهي الحرب، مشيرًا إلى أن "الحكومة يمكنها التوصل إلى مثل هذا الاتفاق صباح الغد إذا اختارت ذلك"، في إشارة إلى وجود دعم شعبي واسع لهذا الخيار.
مقترح "بحبح" بين التفاؤل والتشكيكفي خضم هذا التوتر، كشفت تقارير إعلامية عن وثيقة جديدة يُبحث فيها حاليًا، قدمها الوسيط الفلسطيني–الأمريكي بشارة بحبح، بالتنسيق مع ويتكوف، تقضي بوقف شامل للحرب خلال فترة الهدنة، وتعهد من حماس بعدم تنفيذ هجمات أو تهريب أسلحة أو تطوير ترسانتها العسكرية خلال هذه الفترة.
لكن هذه الوثيقة لم تُعلن رسميًا، وتُقابل بقدر من التشكيك في إسرائيل، خصوصًا في ظل تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة، والتي جدّد فيها التزامه بإعادة جميع الرهائن "أحياء وأموات"، تزامنًا مع مواصلة جيشه قصفه المكثف على القطاع.
وفي ظل تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتفاقم الكارثة الإنسانية، انتقد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، موقف المجتمع الدولي، وخصوصًا الإدارة الأمريكية، مؤكدًا أنها لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على إسرائيل لوقف إطلاق النار أو إدخال المساعدات.
أمريكا لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على الاحتلالوأضاف الرقب في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن ما تفعله إدارة ترامب لا يتجاوز الضغط السياسي، عبر مقترحات مثل تلك التي تقدم بها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، والتي رفضتها إسرائيل رغم قبول حماس بها، في محاولة لإفشال الجهد الأمريكي.
وأوضح الرقب أن واشنطن، رغم قدرتها على التأثير الفعلي، تكتفي بتصريحات سياسية لا ترقى إلى مستوى الأفعال، مضيفًا: "لو أرادت الإدارة الأمريكية وقف العدوان لعلّقت إمدادات السلاح والذخيرة، لكنها تتواطأ ضمنيًا مع حكومة نتنياهو المتطرفة". ولفت إلى أن تصريحات ترامب المتناقضة توحي برغبته في وقف الحرب، دون أي تحرك عملي يجسد هذه الرغبة، معتبرًا أن ما يصدر عن واشنطن ليس سوى "دغدغة مشاعر" ومحاولة لتبرئة الذات من الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
وفي ما يخص الموقف الأوروبي، أشار الرقب إلى وجود تحول نسبي في الخطاب الأوروبي نتيجة الجرائم المتواصلة في غزة، واستخدام الاحتلال لسياسة التجويع، وهو ما بدأ يحرج الاتحاد الأوروبي.
وأوضح أن دولًا مثل فرنسا تتحرك فعليًا لعقد مؤتمر دولي للسلام، بينما ما تزال دول أخرى كالمجر والنمسا ترفض أي ضغط على الاحتلال.
وأكد أن أوروبا تمتلك أوراق ضغط مهمة، لكنها لم توظفها بعد بشكل مؤثر.
وفي ختام تصريحاته، شدد الرقب على أن واشنطن وبروكسل قادرتان على وقف الحرب وإنهاء معاناة غزة، لكن غياب الإرادة السياسية واستمرار سياسة الكيل بمكيالين، يمنحان الاحتلال مزيدًا من الوقت لارتكاب مجازره دون رادع، وسط تصريحات دولية شكلية لا تغير من واقع المعاناة اليومية للفلسطينيين.
وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف هجومها على غزة، يتبيّن أن الطريق نحو هدنة حقيقية ما زال طويلًا، وأن أي تقدم مشروط بقبول تنازلات مؤلمة من الطرفين.
ومع تعنّت الحكومة الإسرائيلية، ومطالب حماس التي تعكس عمق معاناة الشعب الفلسطيني، يبقى أفق التهدئة رهينًا بإرادة سياسية غير متوفرة بعد، ما ينذر باستمرار الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يقبع تحت نار الحرب منذ أكثر من 19 شهرًا.