كتب الأستاذ الجامعي د. محمد عبد الحميد
في الأيام الماضية أستمتعتُ كثيراً بقراءة مذكرات الرئيس المصري الراحل أنور السادات (البحث عن الذات - قصة حياتي)... وقد ساقني شغفٌ خاص بتلك المذكرات أن وعيي السياسي لم يكن قد تفتق بعد عند اغتياله المؤلم.. فقد كنت في ميعة الصبا لا أحفل بمَنْ قُتِل ومَنْ قَتَلَ ومَنْ أعتلى العرش ومَنْ ترجل عنه، فقد كنت أنعم بالأحضان الدافئة للأسرة التي لم تكن قد تهدمت أركانها برحيل أركانها، وحيث لم يكن العالم يتعدى حدود ساحات اللعب بالميادين الفسيحة والأشجار الوارفة ومياه النيل الدافقة.
كما إنصب اهتمامي بقراءة مذكراته من جهة أخرى بعد أن صدف وقرأت وأنا أقارن بين النظري والعملي في السياسة بين الأمم عندما كنت طالباً في العلاقات الدولية في بداية التسعينات من القرن الماضي مذكرات سايروس فانس وزير خارجية أمريكا إبان رئاسة جيمي كارتر.. فقد صور فانس السادات في مذكراته كشخصية كثيرة التردد، عالية النزق مفرطة العصبية إبان هندسة الإتفاقية في منتجع كامب ديفيد، غير أنه وبعد فراغي من هذه المذكرات الممتعة للرئيس الراحل وجدته رجل ثابت الجَنان، عظيم الإعتداد بذاته وأمته وشعبه وبالطبع بآرائه، فقد كان راسخ القناعة بضرورة المُضي قدماً في السلام مع إسرائيل مهما كلفه ذلك. وقد كانت نظرته متفائله حين أملَّ في ضرورة تحرير الأراضي العربية المحتلة خاصة في فلسطين وذكر نصاً أنه( مستعد ان يذهب لآخر العالم في سبيل السلام) بعكس ما حاول أن يصوره الخواجة في مذكراته.
غير أن ما لفت نظري حقاً ما ورد في المذكرات في الصفحة ٩٠ حول إشتراك السادات الفعلي في مقتل الوزير أمين عثمان الذي كان موالياً للانجليز في العام ١٩٤٦م فقد أورد في المذكرات حوارا مع أحد الضباط عندما كان رهن الاعتقال حين حثه الضابط بالإعتراف بدوره في الاغتيال وقد عجبت للهجة السادات التي طغت على نبرة حديثه للضابط وكم المفاخرة التي أقر بها اشتراكه في عملية الاغتيال.. فقد يبدو أنه ومع غليان دم الشباب في عروقه ومشاعره الوطنية اللاهبة التي دفعته ليشترك في الاغتيال بذلك التطرف المنفلت العِقال حيث ذكر
:(قلت: وهل عندك أدنى شك في أننا قتلنا أمين عثمان؟ نعم قتلناه لأنه خائن ويستحق الذبح).
قال مستنكرا : أمرك غريب والله.. هل نسيت أن في البلد قانونا؟.
قلت : أعرف ان هناك قانونا ولكنه لا يسري على الخونة ولذلك يتحتم علينا أن نتولى نحن أمرهم.
عندها تخيلت ما ألهب مشاعر خالد الأسلامبولي ذلك الإسلامي المتطرف الذي نفذ عملية اغتيال السادات. وقد تلبسته ذات العاطفة الجياشة التي ترددت في كلمات السادات التي قالها بحق أمين عثمان. وسألت نفسي بأسى هل تكون مبررات الخيانة كافية لإراقة الدماء والحكم بالقتل غيلة على الخصوم السياسيين مهما كان تصورنا لمستوى خيانتهم؟!!
أم أن عدالة السماء قد أقرت في موازين حكمها بالقسط منذ الأزل أن سفك الدماء يجوز عليها أيضاً قاعدة (كما تدين تُدان؟؟!!)
د. محمد عبد الحميد
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية يستقبل رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني ويوقعان عددًا من مذكرات التفاهم
استقبل الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، في مقر وفد المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، اليوم، دولة رئيس مجلس وزراء فلسطين الدكتور محمد مصطفى، وذلك على هامش المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين على المستوى الوزاري، الذي تترأسه المملكة بالشراكة مع جمهورية فرنسا.
وجرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وبحث تطورات الأوضاع في فلسطين، وسبل تعزيز العمل المشترك وتنسيق المواقف على الساحة الدولية دعمًا للحقوق الفلسطينية.
عقب ذلك، جرى التوقيع على 3 مذكرات تفاهم استكمالًا لدور المملكة المتواصل في دعم القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني الشقيق، والبرنامج الإصلاحي الذي أطلقته الحكومة الفلسطينية في مختلف المجالات، وهي كالتالي:
أولًا: مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تنمية رأس المال البشري وتدريبه وتطويره للاستفادة من تجربة المملكة وخبراتها في هذا المجال بين وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة وديوان الموظفين العام في دولة فلسطين، وقعها من الجانب السعودي مدير عام الإدارة العامة لتنمية وتطوير الكوادر البشرية المهندس إبراهيم أحمد باهمام، ومن الجانب الفلسطيني معالي وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور إسطفان أنطون سلامة، نيابة عن ديوان الموظفين العام.
ثانيًا: مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تطوير المناهج والاستفادة من تجربة المملكة بهذا الخصوص بين وزارة التعليم في المملكة ووزارة التعليم والتعليم العالي في دولة فلسطين، وقعها من الجانب السعودي الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للمناهج الدكتور عبدالرحمن بن مكمي الرويلي، ومن الجانب الفلسطيني معالي وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور إسطفان أنطون سلامة، نيابة عن وزارة التعليم والتعليم العالي.
ثالثًا: مذكرة تفاهم في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات والتحول الرقمي ونقل الخبرات للاستفادة من تجربة المملكة وريادتها بهذا الخصوص بين وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة، ووزارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي في دولة فلسطين، وقعها من الجانب السعودي وكيل وزارة الخارجية للتعاون الدولي والشراكات منصور بن صالح القرشي، ومن الجانب الفلسطيني معالي وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور إسطفان أنطون سلامة، نيابة عن وزارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي.
وتأتي المذكرات إيمانًا من المملكة بأهمية التعليم وتنمية الموارد البشرية في بناء وتمكين المجتمع الفلسطيني لاسيما الشباب لقيادة وتجسيد دولتهم المستقلة، وتهيئة البنية التحتية للاتصالات والخدمات الرقمية لتقديم الخدمات الأساسية للشعب الفلسطيني الشقيق في هذا المجال، وتعزيزًا لصموده في ظل ما يمر به من ظروف صعبة وغير مسبوقة، كما تجسّد هذه الخطوة عمق العلاقات الأخوية بين القيادتين والشعبين الشقيقين.
حضر الاستقبال، صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وسمو مستشار وزير الخارجية للشؤون السياسية الأمير مصعب بن محمد الفرحان، ووكيل وزارة الخارجية لشؤون الاقتصاد والتنمية عبدالله بن زرعة، ومندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك السفير الدكتور عبدالعزيز الواصل، ومدير عام مكتب سمو وزير الخارجية وليد السماعيل، ومستشار سمو وزير الخارجية محمد اليحيى، والوزير مفوض بوزارة الخارجية الدكتورة منال رضوان.
فلسطينوزير الخارجيةالقضية الفلسطينيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.