أكدت الدكتورة خضرة سالم، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ، أن المرأة تُعتبر ركيزة أساسية في المجتمع، حيث تلعب دورًا محوريًا في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وبفضل عاطفتها وقوة تنظيمها، تُسهم المرأة بشكل فعّال في توفير بيئة داعمة تساعد هؤلاء الأفراد على إبراز إمكانياتهم وتحقيق ما يعود بالنفع عليهم وعلى المجتمع.

وأشارت الدكتورة خضرة سالم، خلال برامج الجامع الأزهر الشريف الموجهة للمرأة، إلى أن المرأة سواء كانت أماً أو أختًا أو معلمة أو خبيرًة في المجال، تتحمل مسؤوليات كبيرة في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتطلب هذا الدور جهدًا نفسيًا وبدنيًا كبيرًا، مما يجعل دعم المرأة أمرًا بالغ الأهمية لضمان استمرارية عطائها وحفاظها على توازنها.

ولفتت إلى أن الأم تعتبر هي المسؤولة عن كل أعباء رعاية الطفل المعاق في الأسرة، حيث يُعدّ ميلاد طفل معاق صدمة كبيرة لها، وللأسف تتعامل بعض الأسر مع هذا الطفل كأنه عبء، مما يؤدي إلى تجاهله في مجالات الحياة المختلفة، لكن الحقائق العلمية والتجارب الشخصية تؤكد أن العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة حققوا تقدمًا ملحوظًا في مجالات عدة، بل وتفوقوا في بعض الأحيان على الأطفال الأسوياء.

وشددت على أن الأم تلعب دورًا حيويًا في نجاح طفلها المعاق، حيث تعمل على تعزيز كفاءته، لكونها الأقرب إليه، خاصة في سنواته الأولى، ويُعتبر الطفل المعاق اختبارًا من الله للأب والأم، يقيس صبرهما وقدرتهما على البذل والعطاء.

ونوهت د. خضرة سالم، عن أهمية الدعم المقدم للأم في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، بما في ذلك الدعم النفسي، الذي يساعد في تخفيف الضغوط النفسية التي تواجهها الأمهات، ويوفر مساحات للراحة والتفريغ العاطفي لتجنب الإرهاق، ومنها الدعم المجتمعي الذي يشمل بناء شبكات دعم من الأصدقاء والجمعيات الخيرية لتبادل التجارب، ويعزز التوعية بدور المرأة، مما يساعد على فهم احتياجاتها وتقديم خدمات مثل برامج العناية المؤقتة لتوفير الراحة.

وخلال حديثها ، عن واجبات المجتمع تجاه ذوي الهمم، شددت د. هبة عوف، أستاذة التفسير بجامعة الأزهر، على أهمية الجانب النفسي، فقد نهى الإسلام عن السخرية من الآخرين، حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، لذا لا يجوز مناداة ذوي الاحتياجات الخاصة بألقاب تسيء إليهم، ويتحمل المسؤولون عن هؤلاء الأفراد واجب توعية المحيطين بهم، سواء كانوا أقارب أو أصدقاء، بحقيقة تأثير الإهانة والتحقير على مشاعرهم، فتحريم السخرية يمثل ضمانة نفسية للمعاقين، مما يساعدهم على التكيف مع إعاقتهم ويعزز من اندماجهم الاجتماعي، دون إضافة عبء الكراهية إلى ما يعانونه من إعاقات.

وعن الواجب الاجتماعي، أكدت أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، أنه يجب العمل على رفع مكانة ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد جاء ذلك في القرآن الكريم من خلال ذكر عبد الله بن أم مكتوم، الذي رفع الله مكانته وأنزل فيه آيات تُتلى إلى يوم القيامة، ولفتت إلى أنه يتعين علينا دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع وتعزيز قدراتهم، ليتمكنوا من تجاوز عجزهم بقوة تعويضية يمتلكونها. وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهمية ذلك حين استخلف عبد الله بن أم مكتوم في المدينة، رغم كونه أعمى.

وأضافت: لقد كان للمرأة في الإسلام دورًا بارزًا في الاهتمام بذوي الهمم، حيث وقفت بجانب هذه الفئة الضعيفة سواء كانت أمًا أو زوجة، ومن الأمثلة التاريخية على ذلك، السيدة هند بنت عمرو، زوجة عمرو بن الجموح، التي كانت داعمة له في تحقيق أمنيته في القتال في سبيل الله بالرغم من إعاقته الحركية، والسيدة أم عمرو، زوجة معاذ بن جبل، التي رعت زوجها بعد إصابته في غزوة بدر، والسيدة صفية بنت عبد المطلب التي وقفت بجانب زوجها الحارس بن حرب بعد إصابته في المعارك.

وأوصت بضرورة دمج ذوي الهمم في المجتمع ومشاركتهم في الحياة اليومية، واهتمام جميع الهيئات والمؤسسات بهم، وقد أظهر الأزهر الشريف ريادته في هذا المجال من خلال دمج الأطفال ذوي الهمم مع الأطفال الأصحاء في التعليم، مما يعكس التزام المجتمع بدمج جميع أفراد، مما يعكس التزامه بتعزيز شمولية التعليم للجميع.

من جهتها أوضحت د. حياة العيسوي ، أن الله تعالى كرم بني آدم، حيث قال في كتابه العزيز{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}، وأبرزت أن التمييز بين البشر يعتمد على التقوى وليس على الأشكال أو المظاهر، كما ورد في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} فالأكرم عند الله هم المتقون، بغض النظر عن صحة أجسامهم أو ما يعانون منه من اعتلالات.

وأكدت د. حياة العيسوي، أن الإسلام يعتبر أفراد المجتمع إخوة تربطهم رابطة الإيمان بالله، كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فالإسلام لا يفرق بين ذوي الإعاقة وغيرهم، بل يحدد للناس حقوقًا متبادلة، حيث يُعتبر أصحاب الإعاقة أولى الناس بتحصيل حقوقهم، رغم ضعفهم، كما أشارت إلى أن الصبر على بلاء الدنيا يُورث الجنة، مستشهدة برواية عن ابن عباس رضي الله عنهما، حيث ذكر امرأة سوداء جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو من مرضها، فقال لها"إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك"، فاختارت الصبر، مما يعكس قوة إيمانها ورضاها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ذوي الاحتياجات الخاصة ذوي الهمم الجامع الأزهر المزيد المزيد ذوی الاحتیاجات الخاصة ذوی الهمم إلى أن

إقرأ أيضاً:

حكم تكبيرات العيد والحكمة منها.. أمين الفتوى يجيب

أكد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن تكبيرات العيد سواء في عيد الفطر أو عيد الأضحى، هو سنة مؤكدة عن رسول الله ﷺ، وليست واجبًا شرعيًا، لكن فاعلها يؤجر على ذلك، لما فيها من تعظيم لله وشكر على النعم.

تعظيم لله وشكر على النعم.. هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟موعد تكبيرات العيد وصيغتها .. متى تبدأ وتنتهي وكيفية صلاة عيد الأضحى؟ اعرف أحكامها

وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حلقة برنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، ردًا على سؤال يتكرر كثيرًا في هذه الأيام: "هل التكبير في العيد سنة أم واجب؟"، قائلًا: "التكبير هو تعظيم لله عز وجل، فعندما تقول: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد)، فأنت تُعلن حبك وتعظيمك وإجلالك لله سبحانه وتعالى، وتُثاب على ذلك عظيم الثواب".

وأشار إلى أن الحكمة من التكبير في العيدين تكمن في إظهار الشكر لله، موضحا: "في عيد الفطر، نُكبر بعد إتمام صيام رمضان، كأن لسان حال العبد يقول: يا رب شكرًا أنك وفقتني لصيام رمضان وقيامه، أما في عيد الأضحى، فالتكبير يكون بعد صيام يوم عرفة لمن لم يحج، وللحجاج بعد النزول من جبل عرفات، فهو إعلان شكر على إتمام النسك والوقوف في أعظم المواقف".

وتابع: "التكبير في العيد رسالة إيمانية عظيمة بأن القلب ممتلئ بالشكر لله، وكلما زاد الشكر زاد التوفيق، كما وعد الله سبحانه: "لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ"، لذا نحث المسلمين على إحياء سنة التكبير في بيوتهم وشوارعهم ومساجدهم، لما فيها من بركة وتذكير وفضل".
 

طباعة شارك تكبيرات العيد موعد تكبيرات العيد تكبيرات عيد الأضحى صلاة عيد الأضحى كيفية صلاة العيد صيغة تكبيرات العيد

مقالات مشابهة

  • الوقوف على عرفة خير تذكير بيوم القيامة.. أمين الفتوى يوضح
  • تفاصيل تقرير الشيوخ بشأن الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي
  • حكم الأكل أو الشرب ناسيا في صيام يوم عرفة.. أمين الفتوى يجيب
  • "التربية" برام الله تعلن موعد مقابلات الناجحين في اختبار التوظيف - رابط
  • رئيس مجلس الشيوخ يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى: حفظكم الله قائدًا مغوارًا للأمة
  • بدء اختبار مادتى الإحصاء والتربية الدينية لطلاب الشهادة الإعدادية بالمنيا
  • "الدولة" يستعرض "مشروع قانون مؤسسات المجتمع المدني"
  • رئاسة الشؤون الدينية توزع أكثر من مليون نسخة من القرآن الكريم على الحجاج
  • حكم تكبيرات العيد والحكمة منها.. أمين الفتوى يجيب
  • كرنڤال ذوي الاحتياجات الخاصة في وادي النطرون بحضور الأنبا رافائيل