على رغم الخروقات المقلقة لوقف إطلاق النار فإن أكثر من معني لا يرون احتمال إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. فالحرب بمفهومها الواسع والشمولي قد أصبحت وراء اللبنانيين، الذين ازدادوا قناعة بأن ما أحدثته من مآسٍ وويلات لم تكن لا على "البال ولا على الخاطر". ومن لم يكن من هؤلاء اللبنانيين مع "وحدة الساحات" وفتح جبهة الجنوب لمساندة أهل غزة قد أصبحوا اليوم على يقين بأن هذه الحرب قد أعادت لبنان في الزمن عشرات السنين إلى الوراء، وهو الذي كان يحتاج إلى "دفشة" إلى الأمام لكي يستعيض ما فاته من تراجع في كافة المجالات نتيجة عوامل عديدة ساهمت في تأخير نموه الاقتصادي بعدما فقد اللبنانيون مدخراتهم و"تحويشة" العمر.
وعلى رغم ما تكبده "حزب الله" من خسائر بشرية ومادية، وبعدما فقد أمينه العام السابق الشهيد حسن نصرالله، فإن ما أعلنه في بيان له عن مباشرته بمسح الأضرار الناجمة عن العدوان الإسرائيلي في الجنوب ودفع بدل إيواء لأصحاب المنازل المتضررة كليًا أو جزئيًا قد أخذ حيزًا واسعًا من الجدل. وقد رأى بعض الذين يتماهون مع "الحزب" سياسيًا في هذه الخطوة تأكيدًا على أن الحرب المدّمرة لم تستطع أن تنال من عزيمته، وهو لا يزال قادرًا على الوقوف على خاطر أهل بيئته. أمّا الذين لم يروا في الحرب التي فتحت أبواب جهنم على مصراعيها أي مصلحة للبنان فاعتبروا أن ما أقدم عليه "الحزب" لجهة مسح الأضرار هو المزيد من تجاوز المؤسسات الحكومية المفترض بها أن تقوم بهذه المهمة الشاقة، والتي تحتاج إلى فريق عمل مختص في عملية المسح، وذلك لضمان وصول كل ذي صاحب حق إلى حقّه بشفافية مطلقة، ومن دون تمييز بين زيد وعمر، والأهمّ من دون منّة.
فاللبنانيون الذين أضاعوا الكثير من الفرص في الماضي باتوا اليوم في سباق مع الزمن والوقت المستقطع، وذلك من أجل أن يضمنوا ألاّ يفوتهم القطار هذه المرّة أيضًا كما فاتهم في المرّات السابقة. وبدلًا من تضييع الوقت في جدليات غير مفيدة، بل مضرّة في أغلب الأحيان، فإن الاهتمام ينصّب اليوم على توفير المناخات الملائمة لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية في 9 كانون الثاني المقبل. وهذا الاهتمام آخذ في التبلور أكثر فأكثر، لأن جميع المكونات السياسية باتت على مسافة قريبة من الخطر. ويعتقد كثيرون أن ما تبّقى من الوقت الذي يفصل ما بين اللحظة الأنية وبين المستقبل القريب لا يتعدّى الشهر على الأكثر، باعتبار أن عطل عيد الميلاد المجيد ورأس السنة غير محسوبة في أجندة الاتصالات، التي بدأت بزخم، سواء ما هو معلن منها أو ما لا يفصح عنه عملًا بمقولة الرئيس نبيه بري المشهورة "واسعوا إلى حوائجكم بالكتمان".
فالوقت الضائع ليس لمصلحة أي من المكونات اللبنانية، التي تتطلع إلى الاستحقاق الرئاسي بثقة، وذلك انطلاقًا من مبدئية ترتيب الأولويات وفق الأجندة الداخلية ووفق إيقاع الاتصالات الجارية قبل الوصول إلى جلسة 9 كانون الثاني لمعرفة أسماء المرشحين الذين تتوافر فيهم صفات الجمع في هذه المرحلة المصيرية والمفصلية من عمر الوطن.
إلاّ أن ما صرّح به مستشار الرئيس الأميركي المنتخب لشؤون الشرق الأوسط مسعود بولس بما معناه أن من شرب بحر السنتين لن يغص بشرب ساقية كم شهر بدأ يتفاعل لبنانيًا لجهة إمكانية تأجيل جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
اختبار ذكاء اصطناعي جديد يتنبأ بالأشخاص الذين سيستفيدون من دواء سرطان البروستاتا
طور أطباء أداة ذكاء اصطناعي يمكنها التنبؤ بالرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين سيستفيدون من دواء يقلل من خطر الوفاة إلى النصف.
وُصف "أبيراتيرون" بأنه علاج "مُغير لقواعد اللعبة" لهذا المرض، وهو أكثر أنواع السرطان شيوعا لدى الرجال في أكثر من 100 دولة. وقد ساعد بالفعل مئات الآلاف من المصابين بسرطان البروستاتا المتقدم على العيش لفترة أطول.
لكن بعض الدول، بما في ذلك إنجلترا، توقفت عن توفير هذا الدواء "المذهل" على نطاق أوسع للرجال الذين لم ينتشر مرضهم.
والآن، قام فريق من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وسويسرا بتطوير اختبار ذكاء اصطناعي يُظهر الرجال الذين يُرجح أن يستفيدوا من "أبيراتيرون". سيُمكّن هذا الاختراق "المثير" أنظمة الرعاية الصحية من توفير الدواء لمزيد من الرجال، وتجنيب الآخرين العلاج غير الضروري، بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
سيتم الكشف عن اختبار الذكاء الاصطناعي في شيكاغو خلال الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري، وهو أكبر مؤتمر عالمي للسرطان.
شارك نك جيمس، أستاذ أبحاث سرطان البروستاتا والمثانة في معهد أبحاث السرطان بلندن، واستشاري الأورام السريرية في مؤسسة رويال مارزدن التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، في قيادة الفريق الذي طوره.
وقال جيمس: "لقد حسّن "أبيراتيرون" بشكل كبير التوقعات لمئات الآلاف من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا المتقدم. نعلم أنه بالنسبة للعديد من الرجال المصابين بالسرطان الذي لم ينتشر بعد، يمكن أن يحقق نتائج مذهلة أيضا".
"لكنه يأتي مع آثار جانبية ويتطلب مراقبة إضافية لمشاكل محتملة مثل ارتفاع ضغط الدم أو تشوهات الكبد. كما يمكن أن يزيد بشكل طفيف من خطر الإصابة بمرض السكري والنوبات القلبية، لذا فإن معرفة من هو الأكثر احتمالا للاستفادة أمر بالغ الأهمية".
" يُظهر هذا البحث إمكانية تحديد الأشخاص الذين سيستجيبون بشكل أفضل لأبيراتيرون، وأولئك الذين سيتحسنون من العلاج القياسي وحده - العلاج الهرموني والعلاج الإشعاعي".
يستخدم الاختبار الذكاء الاصطناعي لدراسة صور الأورام وتحديد السمات غير المرئية للعين البشرية. وقد أجرى الفريق، الممول من مؤسسة سرطان البروستاتا في المملكة المتحدة ومجلس البحوث الطبية وشركة أرتيرا، تجربة على صور خزعات لأكثر من 1000 رجل مصاب بسرطان البروستاتا عالي الخطورة الذي لم ينتشر.
حدد اختبار الذكاء الاصطناعي 25% من الرجال في المجموعة الأكثر احتمالا للاستفادة من أبيراتيرون - بالنسبة لهؤلاء الرجال، يقلل الدواء من خطر الوفاة إلى النصف.
في التجربة، حصل المرضى على درجة - إيجابية أو سلبية للمؤشرات الحيوية - والتي تمت مقارنتها بنتائجهم. بالنسبة لأولئك الذين يعانون من أورام إيجابية للمؤشرات الحيوية، واحد من كل أربعة رجال، خفض "أبيراتيرون" خطر الوفاة بعد خمس سنوات من 17% إلى 9%.
بالنسبة للمصابين بأورام سلبية المؤشرات الحيوية، خفض "أبيراتيرون" خطر الوفاة من 7% إلى 4%، وهو فرق لم يكن ذا دلالة إحصائية أو سريرية، وفقا للفريق البحثي. سيستفيد هؤلاء الرجال من العلاج القياسي وحده، وسيتجنبون العلاج غير الضروري.
وقال البروفيسور جيرت أتارد، المشارك في قيادة الدراسة، من معهد السرطان بجامعة "يونيفيرسيتي كوليدج لندن": "تُظهر هذه الدراسة، في مجموعة كبيرة جدا من المرضى، أنه يمكن استخدام خوارزميات جديدة لاستخراج المعلومات من شرائح علم الأمراض المتاحة بشكل روتيني لتخصيص هذه العلاجات لمرضى محددين وتقليل العلاج الزائد مع تعظيم فرصة الشفاء".
وأضاف جيمس أنه نظرا لأن عدد الرجال الذين سيحتاجون إلى الدواء أقل مما كان يُعتقد سابقا، ينبغي على أنظمة الرعاية الصحية النظر في إعطائه للرجال الذين لم ينتشر سرطانهم.
وقد تمت الموافقة على استخدامه من قبل هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا لعلاج سرطان البروستاتا المتقدم، ولكن ليس لعلاج الأمراض عالية الخطورة التي تم تشخيصها حديثا والتي لم تنتشر. ومع ذلك، فقد كان متاحا للرجال الذين يعانون من هذا المرض في اسكتلندا وويلز لمدة عامين.
قال جيمس: "يبلغ سعر عبوة أبيراتيرون 77 جنيها إسترلينيا فقط، مقارنة بآلاف الجنيهات التي تكلفها الأدوية الجديدة". وأضاف: "آمل حقا أن يؤدي هذا البحث الجديد - الذي يُظهر بدقة من يحتاج إلى هذا الدواء ليعيش حياة جيدة لفترة أطول - إلى مراجعة هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا لقرارها بعدم تمويل أبيراتيرون لعلاج سرطان البروستاتا عالي الخطورة الذي لم ينتشر".
ووصف الدكتور ماثيو هوبز، مدير الأبحاث في مركز سرطان البروستاتا في المملكة المتحدة، اختبار الذكاء الاصطناعي بأنه "مثير للاهتمام". وأضاف: "لذلك، نؤيد دعوة الباحثين المُلحة لتوفير أبيراتيرون للرجال الذين يُمكن أن يُنقذ حياتهم - الرجال الذين، بفضل هذا البحث، يُمكننا الآن تحديد حالاتهم بدقة أكبر من أي وقت مضى".
صرح متحدث باسم هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS): "بعد تقييم شامل قائم على الأدلة، تم تحديد توسيع نطاق الوصول إلى هذا الدواء لعلاج سرطان البروستاتا غير النقيلي كإحدى أهم أولويات الاستثمار بمجرد توفر التمويل الدوري اللازم لدعم استخدامه".
"تواصل NHS في إنجلترا تمويل دواء أبيراتيرون بشكل روتيني لعلاج العديد من أشكال سرطان البروستاتا المتقدم، بما يتماشى مع الإرشادات السريرية، ونُبقي هذا الموقف قيد المراجعة الدقيقة في ضوء الأدلة الناشئة، بما في ذلك الأبحاث الحديثة التي قد تُساعد في تحسين توجيه العلاج إلى المرضى الأكثر احتمالا للاستفادة منه".