محللون: إسرائيل تخشى وحدة سوريا وتراهن على تقسيمها
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
القدس المحتلة- بدا المشهد ضبابيا ومبهما من وجهة النظر الإسرائيلية حيال نجاح فصائل المعارضة السورية بالإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، وهو المشهد الذي استنفر الجيش الإسرائيلي على طول خط وقف إطلاق النار بالجولان المحتل، تحسبا لهجوم بري مفاجئ من سوريا.
ووصفت قراءات إسرائيلية ما يحصل في سوريا وسيطرة من وصفتهم بـ"تحالف المتمردين الإسلاميين" بـ"الحدث التاريخي"، الذي سيكون له تداعيات على الشرق الأوسط وسيسهم في تغيير قواعد اللعبة بالإقليم، وهو ما تخشاه إسرائيل التي لا تستبعد انتقال ما حصل في سوريا إلى بعض الدول العربية.
وفي ظل الهواجس الإسرائيلية، عزز جيش الاحتلال قواته في الجولان، بينما قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، برفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس بجولة عند خط وقف إطلاق النار، حيث أشرف على توغل قواته في المنطقة العازلة والسيطرة عليها، واحتلال جبل الشيخ السوري بعد انسحاب قوات نظام الأسد، وذلك "لأغراض دفاعية"، حسب زعم نتنياهو.
وضع حساسوتعليقا على إقدام قوات وحدة الكوماندوز "شلداغ" التابعة للجيش الإسرائيلي على احتلال قمة جبل الشيخ السوري، بذريعة اقتراب مسلحين من الحدود، يعتقد اللواء المتقاعد عميرام ليفين، أن هذه الخطوة تعكس الهواجس الإسرائيلية، ويقول "في ظل ما تشهده سوريا والفوضى بالشرق الأوسط، على إسرائيل العمل بهدوء وعدم إثارة الضجة حول خطة غزو قمة جبل الشيخ".
إعلانواستعرض ليفين الذي شغل بالسابق منصب قائد القيادة الشمالية ونائب رئيس الموساد، في حديثه لصحيفة "معاريف"، أهمية الاستيلاء والتموضع الإسرائيلي على قمة جبل الشيخ السوري، الذي يعتبر موقعا إستراتيجيا يطل على هضبة الجولان ولبنان، وكذلك على العاصمة دمشق.
وحذر ليفين من مغبة أن تؤدي خطة الاستيلاء على الجبل من تعقيد الأوضاع عند خط وقف إطلاق النار، قائلا إن "على إسرائيل التيقن من أن عملياتها العسكرية بالجولان لن تسهم بتعقيد الوضع وعدم التورط بسوريا، فالجيش الإسرائيلي في وضع حساس، فالحرب في غزة مستمرة، واتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان هش، وهناك أيضا جبهة مشتعلة بالضفة".
والتحذيرات ذاتها استحوذت على تقدير موقف صادر عن معهد "مشغاف" للأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية، الذي أعده يوسي منشروف، الباحث بالتنظيمات المسلحة، حيث أوصى المؤسسة الإسرائيلية أن تبقى متيقنة وحذرة حيال التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وسط الترجيحات أن ما حدث في سوريا يمكن أن يشكل تهديدا لإسرائيل.
وتحت عنوان "الزلزال في سوريا لا يزال مستمرا ولا بد من التعلم من أخطاء الماضي"، كتب رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب، مايكل ميلشتاين، مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، استعرض فيه هواجس إسرائيل في أعقاب نجاح فصائل المقاومة المسلحة بسوريا في الإطاحة بنظام الأسد وتصدر التيار الإسلامي مشهد الثورة.
وبحسب تقديرات ميلشتاين، فإن خصائص الاضطرابات التي تشهدها سوريا وعواقبها وتداعياتها تعد "مختلفة" عن الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على مستوطنات "غلاف غزة" والفشل الاستخباراتي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث لا تزال تعكس تداعيات مبكرة لم يتم حلها أو دراستها بشكل كاف من قبل إسرائيل، ومن الضروري تحليلها بشكل متعمق.
إعلانويقول الباحث الإسرائيلي إن "تفاجؤ إسرائيل بما قامت به فصائل المعارضة من استكمال الثورة وإسقاط النظام يثير التساؤل حول مدى تحليل إسرائيل واستيعاب العبر من أحداث 7 أكتوبر، ويبدو أنه في ظل الدراما السورية يمكن القول إن إسرائيل لم تستخلص العبر، كما أنه لا يمكن ضمان عدم تكرار المفاجآت".
ويضيف أن "التوجه سريعا إلى تحليل السيناريوهات المحتملة، وتقديم توصيات بشأن السياسة التي يتعين على إسرائيل تعزيزها، هو بحد ذاته مفاجأة لتل أبيب، ويعكس شعورا بعدم الارتياح، سواء في قراءة الواقع أو في تقييم المستقبل مع الجيران الجدد".
ويعتقد أنه لا يوجد شيء في سوريا ما بعد الأسد يمكن أن يبعث على التفاؤل بخصوص الشرق الأوسط الجديد الذي يروج له نتنياهو، مشيرا إلى أن على إسرائيل تجنب النشوة المشبعة بالشعارات، والتباهي بالإنجازات التي حققتها الحملة العسكرية على الجبهة الشمالية وفي لبنان.
وقال إن "على إسرائيل توخي الحذر، فالثوار السوريون مجموعات متعددة ومتناقضة بالمصالح والأفكار، وبعضها إسلامية جهادية، وعليه ليس من المبالغة الافتراض أن سوريا كدولة ستتفكك إلى كيانات منفصلة، أو بشكل أكثر دقة، سيترسخ الوضع المتفكك الذي ميزها منذ أكثر من عقد من الزمن".
منظور تاريخيومن وجهة نظر محرر الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" أمير بن دافيد، فإن سقوط نظام الأسد سيذكر من منظور تاريخي، على أنه "حلقة أخرى في سلسلة الأحداث التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023″، معتبرا أن معركة طوفان الأقصى لم تفاجئ إسرائيل فحسب، بل فاجأت المنطقة والعالم أيضا وكذلك الثوار السوريون.
وأوضح بن دافيد أن أحداث 7 أكتوبر والحرب الإسرائيلية على غزة لم تتسبب بتقويض حكم حماس بالقطاع فحسب، بل تسببت أيضا بضربة قوية لحزب الله في لبنان وفي إضعاف إيران بالإقليم، والآن أيضا إلى انهيار نظام الأسد، قائلا إننا "نقف على حافة شرق أوسط جديد، ولكن من السابق لأوانه تقييم ما إذا كانت هذه أنباء طيبة لإسرائيل".
ويرى أن على إسرائيل والعالم بأسره أن ينظر للاسم الجديد قائد تنظيم "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع (الملقب بأبو محمد الجولاني) على أنه "الرجل القوي الجديد في سوريا"، حيث تعهد بالحفاظ على سوريا موحدة وإقامة "دولة حرة وعادلة وديمقراطية"، قائلا "يبدو الأمر رائعًا، ولكن من الصعب جدا تصديق أن هذا ما سيحدث، وهذا يقلق إسرائيل".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات خط وقف إطلاق النار على إسرائیل جبل الشیخ فی سوریا
إقرأ أيضاً:
العدالة تعود بعد طول انتظار: سوريا تعيد حقوق الموظفين المفصولين في عهد الأسد
شمسان بوست / متابعات:
القرار الذي انتظره آلاف الموظفين السوريين المفصولين من مؤسسات الدولة السورية أيام حكم الرئيس السابق بشار الأسد صار واقعا ملموسا.
والحزن الذي انطوت عليه نفوس هؤلاء الموظفين بعدما اعتقدوا أنهم قد سجلوا “مواقف مشرفة” عقب إنطلاق الثورة السورية ولم يجازوا بالإنصاف بددت آلامه المبادرة التي قامت بها وزارة الإدارة المحلية والبيئة السورية حين أعلنت عن بدء إجراء مقابلات لإعادة هؤلاء إلى وظائفهم.
حزن أعقبه الأمل:
كان الإحباط قد بلغ حسن مداه، فالشاب الذي هجر وظيفته عشية ثورة كان انتصارها لا يزال بذرة في رحم الغيب لم يستطع أن يستوعب حالة التجاهل التي طالته مع زملائه المنشقين عن نظام الأسد طوال الشهور الخمسة التي قضاها في البلاد مذ قرر العودة من الأردن عقب وصول طلائع قوات المعارضة إلى القصر الجمهوري في دمشق.
وفي حديث يؤكد حسن أنه انشق من عمله في وزارة الإدارة المحلية في العام 2013 كخطوة لم يكن يريد من خلالها سوى تسجيل استنكار معنوي على ما يحدث حينها في البلاد من ” قمع ومصادرة لإرادة الشعب”.
وأشار إلى أنه كان يعلم أن الخطوة رمزية لكنها كانت تنطوي على رسالة إلى العالم المتحضر بأن يتدخل لإنقاذ سوريا من الإستبداد وهي خطوة تستحق أن يخسر وظيفته من أجلها كما يقول.
وأضاف حسن بأنه لم يندم يوما على قراره بترك وظيفة ومغادرة البلاد، حتى في أحلك لحظات اليأس من غياب العدل والإنصاف لقراره المصيري، لافتاً إلى أنه ومنذ عودته من الأردن في بداية العام الحالي توقع أن يتواصل معه المسؤولون في الوزارة خصوصا وأنه قد بادر إلى مراجعتهم في حينه وإبلاغهم بأنه قد عاد للتو إلى البلاد، لكنهم تأخروا كثيرا في التواصل معه إلى أن رن هاتفه منذ أيام عن صوت لصديق قديم في العمل أخبره بأنه على إطلاع بوجود خطة من الوزارة مبنية على رؤية تقوم على إعادة الموظفين المفصولين والمنشقين في نظام الأسد نتيجة لـ”مواقفهم المشرفة” وذلك في إطار إنصافهم وإعادة تقييم ملفاتهم الوظيفية.
وفهم حسن من تسريبات صديقه التي صدرت بعد أيام قليلة على شكل قرار رسمي، أن اسمه من بين الأسماء المسجلة للعودة وأن الوزارة عازمة على “إنصاف الكوادر التي تعرضت للفصل المجحف والعمل على إعادة دمجهم في المؤسسات وفقا للإجراءات القانونية والمعايير الإدارية “.
وختم حسن حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن العودة إلى الوظيفة قد لا تكون قراره النهائي لأنه يفكر بشكل جدي في السفر مجددا خارج البلاد، وبناء حياة جديدة هناك غير أن هذا القرار جاء بمثابة التعويض المعنوي عن كل سنوات القهر والحسرة التي قضاها بعيدا عن وطنه وكأن خطوته بالإنشقاق في حينه لم تذهب أدراج الرياح.
خطة شاملة:
خطوة وزارة الإدارة المحلية والبيئة لم تكن يتيمة، بل جاءت في سياق رؤية عامة شملت عديد الوزارات والمؤسسات الحكومية ومنها وزارة التنمية الإدارية والتربية والتعليم والداخلية والصحة والهيئة العامة للطيران المدني، ونصت على إجراء المقابلات وعمليات التقييم لإعادة الموظفين المفصولين إلى العمل.
إبراهيم موظف في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كان قد تعرض للفصل من وظيفته في أيام النظام السابق بسبب نشاطه السياسي الذي لم يرق لمدرائه في ذلك الوقت، فرفعت به العديد من التقارير التي أوقفته عن العمل قبل أن يترك البلد ويفر إلى تركيا حين شعر بأن الأمور لن تقف عند حد الفصل بل قد تتعداه إلى ما هو أخطر من ذلك بكثير.
ويروي إبراهيم كيف كان من أوائل العائدين إلى سوريا بعد سقوط النظام، وكيف توقع أن تفتح أمامه الأبواب المغلقة وأن تستحضر مواقفه القديمة التي جعلته يحمل كفه على روحه ويرفع من مستوى انتقاده لسياسة القمع المتبعة في ذلك الوقت.
وأشار إلى أن حالة من الغضب واليأس اعترته حين شاهد غيره وخصوصا من الجيل الشاب قليل الخبرة يتبوأ المناصب الرفيعة فيما بقي هو منسيا إلى ما قبل الأسبوع من الآن حين تم التواصل معه وإخباره بأنه شخص مرحب به إذا ما قرر العودة إلى العمل مجددا وعليه فقد التقى بعدد من كوادر المؤسسة الذين وضعوا أمامه مروحة من الخيارات، التي بدت مريحة ومعقولة وفيها من الإنصاف على المستوى المعنوي الشيئ الكثير كما يقول.
فيما أكد له محاوروه بأن مسألة نقص السيولة الحالية ستعالج لاحقا بحيث يكون العائدون إلى وظائفهم مرتاحين لمسألة أنهم سيحصلون على كل ما فاتهم خلال السنوات الماضية التي قضوها خارج الوظيفة وخارج البلاد.
وختم إبراهيم حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن من جملة الخيارات التي طرحت عليه وعلى غيره مسائل تتعلق بإعادتهم إلى وظائفهم السابقة أو توفير وظائف جديدة لهم تنال رضاهم واستحسانهم مع صرف مستحقاتهم المالية على دفعات بسبب من القيود المالية التي لا يطلق القانون اليد حاليا في صرف مستحقات العاملين العائدين دفعة واحدة، لافتا إلى أن الموظفين المفصولين لن يعودوا دفعة واحدة بل على
مراحل بحيث يتقدمهم من يرغب في العودة وهو على أتم الاستعداد لها.
خطوة جيدة.. ولكن.. ؟!
أكد الخبير الإقتصادي حسن ديب أن قرار إعادة الموظفين المفصولين بشكل تعسفي خلال سنوات الحكم السابق إلى عملهم هو قرار جيد ويخدم فكرة رد الإعتبار لهؤلاء وترميم البنية المجتمعية التي اعتراها الكثير من التصدعات والانقسامات.
ووصف ديب القرار وما سيستتبعه من صرف للمستحقات المالية للمفصولين وترتيب مدروس للمكانة الوظيفية المستحقة بأنه مسعى حقيقي لإعادة النظر في بنية القطاع العام المترهلة على مدى عقود طويلة.
لكن الخبير الاقتصادي أكد أن هذا القرار على أهميته يتناقض مع قرارات الفصل التي شملت أعدادا كبيرة من الموظفين والعسكريين السابقين ممن لم يثبت عليهم التورط في جرائم الحرب، وبالتالي فإنهم حوكموا على ذنب لم يقترفوه.
وأشار إلى أن هناك موظفين بارزين في مؤسسات ووزارات حكومية قد قبضوا راتبا واحدا فقط منذ تغيير النظام السابق ثم توقفت رواتبهم وطلب منهم تقديم استقالة مبكرة أو الإنتظار لحين تعيينهم في مؤسسات أخرى قد تكون بعيدة عن اختصاصاتهم، وهذا أمر وفق ديب سيكون له التأثير السلبي على المجتمع بما يفوق التأثير الإيجابي للعودة المباركة للموظفين المفصولين ظلما أيام النظام السابق.
وختم الخبير الاقتصادي حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن الاوطان تبنى بالمحبة وتجاوز الكيدية وأخطاء الماضي والاستفادة القصوى من الطاقة البشرية للإنسان، بصرف النظر عن توجهه السياسي أو الديني وهو أمر وجب على الحكومة الحالية أن تعيه جيدا لأنها كما أكد ديب ستخسر كثيرا إن لم تفعل ذلك.