اختتم سلطنة عمان أمس الاثنين اللقاء الإعلامي الذي يحمل عنوان "عُمان والعالم"، والذي نظمته وزارة الإعلام، احتفالا بالذكرى الخامسة لتولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم. وكانت للمشاركين في اللقاء جولة عبر معالم بارزة في السلطنة.

وجمع اللقاء الإعلامي بين نخبة من الصحفيين والإعلاميين من مختلف دول العالم، وذلك ضمن الجهود المستمرة لتعزيز التفاعل الثقافي والإعلامي بين السلطنة والدول الأخرى، وإبراز الإنجازات الوطنية والتراث العريق الذي تمتاز به عمان.

وخلال اللقاء قدمت السلطات العمانية رؤية شاملة حول التطورات التي تشهدها البلاد في مختلف المجالات، مع تسليط الضوء على المشروعات الوطنية الكبرى والجهود الرامية لتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية عمان 2040. كما كان من أهداف الفعالية لتعزيز الشراكات الإعلامية مع المؤسسات الدولية.

ويقول رئيس تحرير مؤسسة الأهرام المصرية ماجد منير إن عمان "تشهد نقلة نوعية في جهودها التنموية"، مشيرًا إلى "البيئة الجاذبة التي تخلقها السلطنة للاستثمارات في القطاعات الواعدة"، وأضاف منير أن السياسة الخارجية العمانية "تُعبر عن التزامها بالسلام والاستقرار والعلاقات الإيجابية مع مختلف دول العالم".

جانب من لقاء عدد من الإعلاميين مع مسؤولين في الحكومة العمانية (الجزيرة)

وبعد يومين من اللقاء الإعلامي المفتوح بين كبار المسؤولين العُمانيين ونخبة من الصحفيين العالميين داخل أروقة القاعات، انطلق المشاركون للقيام بزيارات ميدانية وحضور فعاليات ثقافية تسلط الضوء على أهم المعالم التاريخية والحضارية في عمان، ما منح الزوار تجربة تعكس عمق التراث والتقدم الحضاري الذي حققته للسلطنة.

إعلان استكشاف التراث

وشملت الجولة مدينة نزوى التاريخية، التي تُعتبر رمزًا للإرث الثقافي العماني. يزور الإعلاميون قلعة نزوى الشهيرة التي تعكس القوة الدفاعية والهندسة المعمارية العمانية التقليدية وبراعتها.

وتُعد قلعة نزوى إحدى أبرز المعالم التاريخية والثقافية في سلطنة عمان، بُنيت في القرن السابع عشر الميلادي على يد الإمام سلطان بن سيف اليعربي، لتكون رمزًا للقوة والدفاع، ومركزًا للحكم والإدارة خلال فترة الإمامة اليعربية.

وتتميز القلعة بتصميمها الفريد الذي يعكس الطراز المعماري العماني التقليدي، وأبرز ما يميزها برجها الدائري الضخم، الذي يُعد الأكبر من نوعه في عمان، حيث يبلغ ارتفاعه حوالي 24 مترًا وقطره 43 مترًا. ويتميز البرج بجدرانه السميكة التي صُممت لتحمل الهجمات، مع فتحات لرمي السهام والماء المغلي.

جانب من قلعة نزوى من أبرز المعالم التاريخية والثقافية في السلطنة (غيتي)

وكانت القلعة تُستخدم لأغراض دفاعية وعسكرية، حيث شكّلت خط الدفاع الأول للمدينة ضد الغزوات. كما كانت مركزا إداريا وسياسيا يُدير شؤون المنطقة، وتضم غرفا للإمام والمسؤولين، بالإضافة إلى مخازن للمؤن والأسلحة.

سوق نزوى

بُنيت القلعة بالقرب من سوق نزوى ومسجد نزوى الكبير، ما يعكس أهميتها في حماية النشاط التجاري والديني للمدينة. كما يُوفر موقعها المرتفع رؤية بانورامية للمدينة والمناطق المحيطة بها، مما يجعلها نقطة مراقبة استراتيجية.

كما تتضمن الزيارة سوق نزوى التقليدي الذي يقع بجانب قلعة نزوى التاريخية، حيث تتاح للصحفيين فرصة لاستكشاف الحرف اليدوية العمانية والمنتجات المحلية مثل الفضيات، النسيج، والفخار. ويُعد سوق نزوى واحدًا من أبرز الأسواق التقليدية في سلطنة عمان، يتميز السوق بطابعه المعماري التقليدي الذي يعكس الهوية الثقافية والتراثية للمنطقة، ويُعد نافذة حية على الماضي العماني.

سوق مطرح القديم يوصف بأنه من أجمل الأسواق الشعبية في البلاد (غيتي)

ويجمع السوق بين أروقة واسعة وأزقة ضيقة تضج بالحياة، حيث تعرض فيه منتجات متنوعة تشمل الحرف اليدوية العمانية مثل الخناجر المزخرفة والمجوهرات الفضية والفخار المصنوع يدويًا، إلى جانب المنتجات الغذائية المحلية كالتمور والعسل.

إعلان

كما يشتهر السوق بقسمه الخاص لبيع المواشي والأسماك، مما يعكس دوره كمركز اقتصادي محلي. ويشهد سوق نزوى اهتمامًا كبيرًا من أبناء الولاية الذين يحرصون على الحفاظ على نشاطه وتراثه، ليبقى رمزًا للتجارة التقليدية ومصدرا للفخر الثقافي العماني.

متحف تاريخي

واستمرت الجولة بزيارة متحف "عمان عبر الزمان"، الذي يقدم تجربة تفاعلية مميزة تسرد تاريخ السلطنة عبر عصورها المختلفة. ويُعد المتحف الواقع في ولاية منح بمحافظة الداخلية، إضافة مميزة للمشهد الثقافي العماني، حيث يسلط الضوء على تاريخ السلطنة الممتد عبر العصور بأسلوب تفاعلي ومبتكر. افتُتح المتحف في عام 2023 ليكون جسرًا بين الماضي والحاضر، ووجهة تعليمية وثقافية بارزة.

ويمتاز المتحف بتصميمه العصري المستوحى من البيئة العمانية، ويضم قاعات متعددة تعرض مختلف مراحل تاريخ السلطنة، بدءًا من عصور ما قبل التاريخ، مرورا بالفترة الإسلامية، وصولًا إلى العصر الحديث، ويعتمد المتحف على تقنيات متقدمة، مثل العروض ثلاثية الأبعاد والواقع الافتراضي، مما يوفر تجربة فريدة للزوار.

دار الأوبرا السلطانية معلم بارز في مسقط ويجمع بين الفنون العالمية والتراث العماني (غيتي)

في اليوم الرابع من اللقاء الإعلامي، تتحول الأنشطة إلى محور الفنون والثقافة. يزور المشاركون دار الأوبرا السلطانية مسقط، التي تُعد تحفة فنية تعكس تزاوجًا فريدًا بين الفنون العالمية والتراث العماني. يستمتع الإعلاميون بجولة داخل الدار للتعرف على تصميمها المعماري والأنشطة الفنية التي تقدمها.

وفي المساء، يحضر الصحفيون والإعلاميون الحفل الطلابي الوطني بمناسبة مرور خمس سنوات على تولي السلطان هيثم مقاليد الحكم بحضور السلطان نفسه، و يبرز إبداعات الشباب العماني في مجالات الفنون. ويشكل مناسبة للاحتفاء بالمواهب العمانية الشابة وتعزيز روح الابتكار والإبداع.

إعلان استكشاف المعالم

ويستكمل البرنامج لزيارة المعالم الدينية والسياسية البارزة في مسقط. تتضمن الجولة زيارة جامع السلطان قابوس الأكبر، الذي يُعد رمزا للفن المعماري الإسلامي، ويتميز بتصميمه الفريد وسجادته الضخمة التي تُعد واحدة من أكبر السجاجيد اليدوية في العالم.

الواجهة البحرية لقصر العلم الذي يمثل رمزا للسيادة في سلطنة عمان (غيتي)

بعد ذلك، انتقل الإعلاميون إلى قصر العلم، الذي يمثل أحد أبرز المعالم السياسية في السلطنة، واستمتع الزوار بجولة في الساحة الخارجية للقصر، حيث تعرفوا على دلالاته الرمزية كواجهة تمثل القوة والسيادة العمانية.

وفي اليوم السادس من أيام اللقاء الإعلامي، اتجهت الأنشطة لاستكشاف التراث البحري والتاريخي لعمان، إذ زار الصحفيون سوق مطرح التراثي، الذي يُعد مركزا حيويا يعكس الحياة التجارية التقليدية في مسقط، كما شملت الجولة زيارات إلى قلعتَي مطرح والميراني، اللتين تجسدان الحقبة التاريخية البحرية لعمان.

قلعة الميراني مرتبط بالتاريخ البحري الذي عرفت به سلطنة عمان في القرون الماضية (غيتي)

واختتمت الأنشطة بوجبة عشاء تقليدية في مطعم "روزنة"، حيث تذوق الصحفيون الأطباق العمانية الأصيلة في أجواء مستوحاة من التراث المحلي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات اللقاء الإعلامی سلطنة عمان قلعة نزوى سوق نزوى الذی ی نزوى ا التی ت

إقرأ أيضاً:

سلطنة عمان تؤكد التزامها الراسخ بحقوق الإنسان وصون كرامته

تُشارك سلطنة عُمان، ممثلة في شرطة عُمان السلطانية والجهات المعنية، دول العالم إحياء اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، الذي يُصادف 30 يوليو من كل عام، ويأتي هذا العام تحت شعار "جريمة منظمة – لننهِ الاستغلال"، في دعوة عالمية للتصدي لهذه الجريمة العابرة للحدود.

وبهذه المناسبة، قال العميد جمال بن حبيب القريشي، مدير عام التحريات والبحث الجنائي: يأتي احتفال هذا العام في ظل ما حققته سلطنة عمان من إنجازات وإجراءات فاعلة في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، من خلال تطوير التشريعات، وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، والارتقاء بقدرات الكوادر الأمنية في كشف مثل هذه القضايا والتعامل معها باحترافية.

وتزامنًا مع اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر لهذا العام، تُدشّن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر الحملة الوطنية "أمان"، والتي تتضمن برامج توعوية وإعلامية متنوعة تستهدف رفع الوعي المجتمعي بخطورة هذه الجريمة، وأهمية التبليغ عنها، والتعريف بحقوق الضحايا وسبل حمايتهم.

وأضاف: تواصل شرطة عُمان السلطانية تأدية دورها الوطني في التصدي لهذا النوع من الجرائم، من خلال التدريب المستمر، وتحديث أدوات الكشف والتحقيق، والتنسيق مع المنظمات الدولية، لضمان بيئة آمنة تحترم كرامة الإنسان وتصون حقوقه، خاصة الفئات الأكثر عرضة للاستغلال.

وأفاد العميد جمال القريشي بأنه ضمن خطوات استراتيجية لمكافحة هذه الجرائم، بدأت شرطة عمان السلطانية هذا العام تفعيل نظام يُعنى بحماية ضحايا الاتجار بالبشر، ويهدف إلى تسهيل التنسيق بين الجهات المختصة، وكذلك تحديد الضحايا بدقة بواسطة مؤشرات تم تدريب العاملين عليها بشكل مستمر، وسيتم عبر هذا النظام استكمال الإجراءات القانونية والحصول على أوامر الإيداع من الادعاء العام تمهيدًا لإحالة الضحايا إلى دار الحماية بوزارة التنمية الاجتماعية.

شبكات إجرامية

وكشف العميد جمال القريشي بأن الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي رصدت خلال العام الحالي عددًا من الحالات التي كشفت عن وجود شبكات إجرامية منظمة تستخدم أساليب متعددة للإيقاع بالضحايا. ففي إحدى القضايا النوعية، ضبطت شرطة عمان السلطانية عددًا من الأشخاص من جنسيات عربية وآسيوية دخلوا البلاد لغرض السياحة، وبدورهم قاموا بالترويج لزراعة أعضاء بشرية خارج سلطنة عمان، مستغلين بعض المرضى لحاجتهم الماسة لزراعة الأعضاء، وخصوصًا مرضى الكلى.

وأشار إلى أن من الأساليب الجرمية التي يتبعها الجناة في جرائم الاتجار بالبشر، نشر وترويج إعلانات وظيفية مزيفة لاستدراج الفتيات في الخارج للعمل في سلطنة عمان، وذلك لاستغلالهن في ممارسة أعمال تنافي الأخلاق والآداب العامة، بعد مصادرة وثائقهن الشخصية وحجز حريتهن. ومن بين الأساليب الأخرى المتكررة التي تم رصدها، قيام أصحاب العمل بحجز جوازات السفر أو الوثائق الثبوتية للعمال دون موافقتهم كتابيًا على ذلك، أو استقدام تلك العمالة بتأشيرات زيارة عائلية أو سياحية وتشغيلها في بعض الوظائف، مما يخالف قانونيّ العمل وإقامة الأجانب. وقد يصل الأمر ببعض من تسوّل له نفسه إلى مطالبة تلك العمالة بدفع مستحقات قيمة التأشيرة وتذكرة السفر، من خلال إرغامهم على العمل المضاعف من أجل تسديد ذلك.

إشادة دولية

وأفاد العميد جمال القريشي أن الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي تمكنت من رصد وضبط أحد المطلوبين لدى السلطات الإيطالية بعد دخوله إلى سلطنة عمان، كونه متهمًا بتشكيل تنظيم إجرامي يمارس الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين إلى عدد من الدول الأوروبية، وإتمام إجراءات تسليمه وفق البروتوكولات الدولية، وقد لاقت هذه العملية إشادة دولية واسعة.

وشدد العميد، مدير عام التحريات والبحث الجنائي، على أهمية وجود عقود عمل واضحة ورسمية تحمي حقوق كل من صاحب العمل والعامل؛ إذ أن بعض الحالات التي يُشتبه فيها بالاتجار بالبشر تعود لأخطاء في فهم شروط التعاقد.

وأوضح العميد جمال القريشي بأن شرطة عمان السلطانية مستمرة، بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية، في تقديم الدعم اللازم للفئات الضعيفة التي لا تُصنَّف قانونيًا كضحايا للاتجار، لكنها معرّضة للاستغلال، من خلال مساعدتهم على تصحيح أوضاعهم القانونية، وكذلك مساعدتهم على الاستقرار أو العودة إلى بلدانهم، وضمان حصولهم على حقوقهم.

وأضاف: من منطلق الشراكة المجتمعية، فقد كثّفت شرطة عمان السلطانية جهودها في التوعية والتثقيف بمدى خطورة هذه الجرائم عبر القنوات الإعلامية بشتى أنواعها، إضافة إلى عقد المحاضرات في الجامعات والمؤسسات المختلفة لنشر الوعي بمؤشرات الاتجار بالبشر وخطورة هذه الجرائم على الفرد والمجتمع وكيفية التصدي لها.

وأشار العميد جمال القريشي إلى أهمية وعي المواطنين والمقيمين وإدراكهم لمسؤولياتهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار، والإبلاغ عن أية أعمال ومخالفات مشبوهة قد تؤدي إلى الاستغلال أو الاتجار بالبشر، مؤكدًا بأن شرطة عمان السلطانية ماضية بكل عزم واقتدار في مكافحة الاتجار بالبشر وغيرها من الجرائم، لينعم جميع قاطني هذه الأرض الطيبة بحياة هانئة.

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان تشارك في مؤتمر دولي حول القضية الفلسطينية
  • تدوير النفايات في سلطنة عمان..  ثقافة المواطن أم غياب البنية؟
  • سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر
  • مروان بن تركي يفتتح "ملتقى الصداقة العماني الصيني 2025".. غدا
  • الاقتصاد العماني وسياسات التنويع والابتكار
  • "اليونيسف" تؤكد أهمية الدور العماني في دعم البرامج التنموية والإنسانية
  • اليونيسف تؤكد أهمية الدور العماني في دعم البرامج التنموية والإنسانية
  • دراسة لجامعة نزوى: 4% من أراضي سلطنة عمان صالحة لزراعة القمح حتى عام 2080
  • سلطنة عمان تؤكد التزامها الراسخ بحقوق الإنسان وصون كرامته
  • وساطة قبلية تفرج عن القيادي الحوثي محمد الزايدي ونقله إلى سلطنة عمان