أصوات إطلاق نار لا تنقطع وأوضاع محتدمة تتسع رقعتها في شتى الأنحاء بالسودان على وقع اشتباكات يتزايد أطرافها.

وعلى خارطة النزاع بين قوات الجيش السوداني والدعم السريع، دخلت الحركة الشعبية شمال، لتعمق الأزمة في ولايتي جنوب كردفان وغرب كردفان، بحسب الأمم المتحدة.

أزمة السودان.. نار الاشتباكات تحاصر مناطق عسكرية واستراتيجية
السودان يئن تحت التصعيد العسكري والشائعات.

. ما علاقة أوكرانيا؟
تحذير أممي

والأحد، حذرت الأمم المتحدة، عبر البعثة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، من تفاقم الأوضاع في ولايتي جنوب وغرب كردفان.
وأكدت أنها “تشعر بالقلق إزاء تزايد مستوى العنف مؤخراً في المناطق المأهولة بالسكان في ولايتي جنوب كردفان وغرب كردفان”.

وبحسب “يونيتامس”، فإن “التقارير تشير إلى أنّ أجزاء من كادوقلي تعرّضت للقصف من قبل الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال)- جناح الحلو قبل عدة أيام”.

وأضافت أن “ذلك تبع قصف عنيف واشتباكات مسلّحة بين الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) والقوات المسلحة السودانية ما أدى إلى نزوح السكان المحليين وإصابات في أوساط المدنيين”.

أزمة “الفولة”

وإلى مدينة الفولة، عاصمة ولاية غرب كردفان، فقد أكدت البعثة الأممية أنها تعيش حالة اضطراب منذ 16 أغسطس/آب بسبب تصاعد حدة القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع”.

ولفتت إلى أن “المكاتب الحكومية والمصارف وكذلك مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية تعرّضت للنهب”.

لكنها أشارت إلى أن “القتال توقف وعاد الهدوء للمدينة بفضل جهود القيادات القبلية المحلية”.

ومن جانبه، أكد فولكر بيرتس، الممثّل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان ورئيس يونيتامس أن “التطورات العسكرية الأخيرة مؤسفة”.

وبيّن أن “ولايتي كردفان تمكنتا من تفادي المواجهات العسكرية واسعة النطاق في الأماكن المأهولة بالسكان خلال الأشهر الماضية”، مشددا على “ضرورة توقف كلّ الأعمال العسكرية وعمليات التعبئة فوراً لرفع المعاناة عن السكان المتأثرين”.

ودعا بيرتس “كل الأطراف المتحاربة أن تعود للحوار لتسوية خلافاتها”.

وناشدت “يونيتامس” جميع الأطراف العسكرية الامتناع عن الأفعال التي يمكن أن تسبّب المزيد من النزاع المسلح، وضمان حماية السكان المدنيين والبنى التحتية.

كما دعت إلى “تشجيع ودعم المبادرات السلمية من قبل القيادات المحلية، على غرار ما حصل في الفولة”.

قتال محتدم بـ”الشجرة”

وإلى منطقة الشجرة بالخرطوم، فقد أعلنت قوات الجيش السوداني إحباط عدد من محاولات الهجوم من قبل قوات الدعم السريع علي سلاح المدرعات ومجمع الذخيرة.

وقالت في بيان إنها كبدت قوات الدعم السريع “مئات القتلى والجرحى ودمرت 5 مدرعات، ودبابة تي 55، وعربتان مدفع م/ط ثنائي وعدد كبير من العربات القتالية، واستلمت 3 دبابات، وعدد من العربات المسلحة”.

واتهمت الدعم السريع بإطلاق قذائف هاون تجاه منطقة السلمة مما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا، بحسب البيان.

اشتباكات الخرطوم

وكانت اشتباكات عنيفة اندلعت، صباح الأحد، في محيط “سلاح المدرعات”، جنوبي العاصمة الخرطوم، و”سلاح المهندسين” بمدينة أم درمان غربي العاصمة، لإحكام السيطرة والنفوذ على تلك المناطق العسكرية الاستراتيجية.

وبحسب شهود عيان لـ”العين الإخبارية”، فإن “المدينة الرياضية” و”أرض المعسكرات” شهدتا كذلك، اشتباكات عنيفة ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان منهما.

فيما تشهد أحياء “الديم” و”العشرة” “الشجرة” و”الرميلة” و”جبرة” و”الصحافة” و”السلمة” و”سوبا” جنوبي العاصمة، ترديا مريعا في خدمات الكهرباء والمياه إثر الاشتباكات المستمرة في المنطقة.

كما تشهد مدينة أم درمان، غربي العاصمة اشتباكات متواصلة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.

ومنذ اندلاع الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/ نيسان الماضي، تحاول قوات الدعم السريع، إحكام سيطرتها على “سلاح المدرعات” جنوبي العاصمة الخرطوم، و”سلاح المهندسين” بمدينة أم درمان، و”سلاح الإشارة” بمدينة بحري.

كما تعاني مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور (غرب)، كذلك تدهورا أمنيا جراء الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”.

العين الاخبارية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

زوبعة الحكومة الموازية في السودان

يمكن لأي جماعةٍ أن تعلن تشكيل حكومة على الورق أو في الفضاء الرقمي، لكن هذا لا يعطيها شرعيةً أو وجوداً حقيقياً. فأي حكومة لا تملك السيطرة على أرضٍ ذات سيادة، ولا تمثل إرادة شعبية واسعة، ولا تحظى باعتراف دولي، تعد حكومة وهمية، أو في حالات أخرى محاولة لكسب نقاط تفاوضية، أو لمنازعة السلطة القائمة والمعترف بها في المحافل الدولية.

الحكومة «الموازية» التي أعلنتها «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها في منصة «تأسيس» هي مزيج من كل ذلك، وهي محاولة لفرض واقع جديد بعدما فشل مشروع السيطرة على الدولة السودانية بالكامل بعد اندلاع حرب 15 أبريل (نيسان) 2023، والهزائم التي أخرجت «الدعم السريع» من الأراضي التي تمددت فيها، وحصرت سيطرتها في أجزاء من إقليم كردفان ومساحات من دارفور. لكن هذه المحاولة ليست مرشحةً للفشل فحسب، بل قد تنقلب وبالاً على «الدعم السريع» وحلفائها.

الخطوة قُوبلت بإدانة واسعة من كثير من الدول، ومن المنظمات الإقليمية، ومن الأمم المتحدة، وكلها اتفقت على عدم مشروعية هذه «الحكومة»، محذرةً من أنها قد تمس بوحدة البلاد ولا تعبر عن إرادة الشعب السوداني. بل إن الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وجّها دعوة للدول لعدم الاعتراف بها، مع التأكيد على دعم وحدة السودان وسيادته وأمنه، والتشديد على التعامل مع السلطة القائمة والمعترف بها.

داخلياً فجّرت الخطوة نقمة وخلافات في أوساط «قوات الدعم السريع» التي بدأت تشهد في الأشهر الأخيرة تصدعاً خرج إلى العلن بسبب صراعات النفوذ، والتوترات القبلية، والشكاوى من وجود تمييز وعنصرية من مكونات على حساب أخرى، مع انفلات أمني في مناطق سيطرتها أدى إلى مواجهات مسلحة مرات عدة.

ومع إعلان الحكومة أعلن عدد من مستشاري «الدعم السريع» انشقاقهم احتجاجاً، بينما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو لمقاتليها الساخطين على تشكيلة الحكومة والمجلس الرئاسي لـ«تأسيس». في هذه المقاطع هاجم المجندون قياداتهم وأعلنوا رفضهم لما وصفوه بالتهميش لهم ولقبائلهم، وطالبوا بحصتهم في قسمة السلطة على أساس أنهم من حمل السلاح وقاتل وفقد أعداداً كبيرةً من الشباب، ولكن لم يتم تمثيلهم في حين ذهبت المناصب لأصحاب «البدلات» من المدنيين الذين لم يشاركوا في القتال.

وبينما شن المحتجون في «الدعم السريع» هجوماً شديداً على عبد العزيز الحلو، رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، الذي حصل على منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي وحصة 30 في المائة من المناصب الأخرى، فإن الرجل قُوبل أيضاً بموجة من السخرية من ناشطين في مناطق سيطرته في جبال النوبة لقبوله أن يكون نائباً لمحمد حمدان دقلو (حميدتي)، متسائلين ما إذا كانت «الحركة الشعبية» قاتلت من أجل المناصب على حساب شعارات التهميش ورفع المظالم.

الواقع أن تحرك «قوات الدعم السريع» ومجموعة «تأسيس» لإعلان حكومة لا يعكس قوة، بقدر ما يظهر يأسها من قلب الموازين العسكرية مجدداً، ويزيد من تصدعاتها. فهذه الحكومة سيصعب عليها الوجود على الأرض في ظل الهجمات التي يشنها الجيش السوداني في دارفور وكردفان، بعدما انتقلت المعارك غرباً، وسط مؤشرات على أن الجيش يستعد لشن هجمات كبرى منسقة على غرار ما حدث في الجزيرة والخرطوم. وعلى الرغم من الصخب الإعلامي عن أن إعلان الحكومة كان من نيالا، فالحقيقة أن اجتماعات ترتيب خطواتها وتشكيل المجلس الرئاسي كانت في كينيا، وفقاً لبيان الخارجية السودانية.
لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع
«قوات الدعم السريع» قد تكون مسيطرة حالياً على أجزاء كبيرة من دارفور وبعض المواقع في كردفان، لكنها لا تمثل بأي حال أغلبية السكان هناك، ولا تحظى بتأييد مكونات ومجموعات مقدرة، لا سيما بعد الانتهاكات الواسعة وجرائم الإبادة التي ارتكبتها. وحتى داخل مكونها القبلي فإنها تواجه عداء شخصيات نافذة مثل الشيخ موسى هلال رئيس «مجلس الصحوة الثوري» الذي انتقد تشكيل الحكومة الموازية، وشن هجوماً عنيفاً على حميدتي وشقيقه عبد الرحيم، وسخر من فكرة أن يحكما السودان.

المفارقة أنه مع إعلان هذه الحكومة أعلنوا أيضاً تعيين ولاة لأقاليم السودان في الوسط والشمال والشرق والنيل الأزرق والخرطوم، وهي المناطق التي كان أهلها يحتفلون بانتصارات الجيش والقوات التي تقاتل في صفوفه، وإخراجه «قوات الدعم السريع» منها. هذه التعيينات تضيف بلا شك إلى عبثية المشهد، لسببين؛ الأول أنه لا أمل لهؤلاء «الولاة» في تسلم سلطة فعلية على هذه المناطق، ولا معطيات حقيقية بإمكانية عودة «الدعم السريع» للسيطرة عليها، والثاني أنه حتى عندما كانت قواتها تسيطر عليها سابقاً فإن الإدارات المدنية التي شكلتها فيها لم تكن سوى مسميات وهمية لا وجود حقيقياً لها، ولا إنجازات.

الحقيقة أنه على الرغم من الفورة الإعلامية التي رافقت إعلانها، فإنه لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع ناهيك عن أن تصبح حكومة بديلة تحكم السودان كله.

الشرق الأوسط

مقالات مشابهة

  • السودان.. الجنائية الدولية تتسلم ملف جرائم الدعم السريع في دارفور
  • الدعم السريع (الجنجويد)، «مليشيا إرهابية تتحرك كأعمدة موت»
  • “الجنائية” تتسلم ملف جرائم “الدعم السريع” في السودان
  • شاهد بالفيديو.. كيكل: سنطارد “الدعم السريع” حتى “أم دافوق”
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان
  • زوبعة الحكومة الموازية في السودان
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـ”الدعم السريع”
  • حاكم غرب بحر الغزال: عبور عناصر من الدعم السريع إلى جنوب السودان دون إذن رسمي أثار الذعر ونزوح السكان
  • دماء على الحدود.. اشتباكات غير متوقعة بين جنوب السودان وأوغندا
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـالدعم السريع