على أنقاض الهيبة الأمريكية.. ترامب يعود مشحونا بالفكر العدواني
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
يمانيون/ تقارير
لم ينتظر ترامب طويلاً حتى بدأ بإشعال الحرائق حول العالم كمراهق طائش لا يعرف من أبجديات الكياسة والدبلوماسية السياسية إلا ما راق له.
وخلف الستار مجلس اللوبي الصهيوني حاكم الدولة الأمريكية “العميقة”، يراقب تحركات من تصفه الأوساط الأمريكية بـ”غير المتوازن”، الرجل الذي دعمه المجلس بقوة وأوصله إلى البيت الأبيض، فقام بوضح ذلك الـ”سيناريو” الهزيل للمنافسة بينه وبين “كامالا هاريس”، وفَبرك “أقصوصة” حادثة الاغتيال التي انتهت وكأن شيئا لم يكن، وزعموا أنهم قتلوا الجاني.
ترامب بالنسبة للدولة “العميقة” هو “رجل المرحلة”، فتصرفاته الهوجاء ستعيد -بتصورهم- هيبة الرئاسة الأمريكية لفرض قواعدها على العالم بغض النظر عمن يؤيد أو يعارض، ويبدو من اعتماد ترامب للهجمات المتتالية على العالم، منهجية البطش والاستكبار دون اكتراث لأي اعتبارات، ما ينبئ بفصل سياسي ملتهب سيمتد لفترته الرئاسية.
أنقاض الهيبة الأمريكية
عاد ترامب إلى البيت الأبيض على أنقاض الهيبة الأمريكية مشحونا بالفكر العدائي لكل ما هو ليس أمريكيا، وبدأ بإجراءاته الطائشة ضد دول العالم يمينا ويسارا، في محاولة لإعادة ما أمكن من تلك الهيبة المسفوحة، وغالبا اعتمدت أمريكا على سياسة إرهاب الآخرين لترسيخ الهالة الأمريكية غير المتزنة كسبيل وحيد للبقاء في المقدمة، وبالتالي الهيمنة وفرض الإرادة كيفما كانت، بلا حدود وبلا أية ضوابط. وخلال أيام فقط من توليه الرئاسة شحن ترامب الاستقرار العالمي بصورة ربما تدل على أن جرعة مجلس “الدولة العميقة” التي تلقاها خلال الفترة الفاصلة بين فوزه في الانتخابات وتسلمه السلطة كانت قد حددت له أهداف فترته الرئاسية، فحشر حلفاءه وخصومه في زوايا “المنبوذ”.
في مواجهة التنين الصيني
ومن الإجراءات الهجومية المبكرة التي انتهجها ترامب خلال الأيام الأولى من دخوله البيت الأبيض تتبين الرغبة الأمريكية في صنع واقع جديد يُبقي على الصدارة الأمريكية للمشهد الدولي، مع تنامي المخاوف من البروز الصيني بعد شلّ حركة الروس في معركة أوكرانيا.
والواضح من هذا التلاحق في سلوك ترامب أن الهدف الأبرز سيكون تجاوز المخاوف والتهديدات التي باتت تحيط بمستقبل الحضور الأمريكي العالمي كقوة مهيمنة، لذلك فإنه سيستمر في السير على كل المسارات القابلة للاشتعال وشحن أجواء العلاقات بعوامل الاختلافات، كما وسيبني على توجهاته إثارة المشاكل الدولية، بما فيها تلك “الهادمة” لشحن المشهد أكثر.
تواري الفصل التاريخي الأمريكي
في منطقتنا العربية تبقى القضية الفلسطينية الهَم الأبرز لدول محور المقاومة، وحتى لترامب ولكن بحسابات اللوبي الصهيوني، إذ أن تحريكها سيعني له الكثير، سواء لجهة تمكين الكيان الصهيوني من تجاوز آثار طوفان الأقصى أو الشروع بوعده بتوسيع جغرافية الكيان.
يعي ترامب أن أمريكا اليوم في المنطقة العربية والإسلامية أضعف بكثير عن أمريكا في فترته الرئاسية الأولى، لكنه لا يعي حجم الكلفة التي بمكن أن تكون ثمنا لاستعادة الهيبة الأمريكية التي سحقها التماهي الحاد مع نزوات الكيان الصهيوني، لذلك فإن أي تحرك لا يراعي هذه الحقيقة يعني دخول الغازي الأمريكي مرحلة مظلمة تكون بداية النهاية، ولمّا كانت الهيبة الأمريكية تستند دائما على الدعاية والكذب ورفع الصوت لإرهاب الآخرين، فإن ذات الوسيلة ستكون بصورة مؤكَّدة السبب في زيادة انحدار هذه الهيبة وصولا إلى الإقرار العالمي بأن الفصل التاريخي الأمريكي يتوارى لصالح ظهور لاعبين جدد.
طيش أمريكي في كل الاتجاهات
وفي الاشتغال المبكر ضد القضية الفلسطينية، تراهن أمريكا اليوم على تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين، وقد تورط فعلا بتصريحه الطائش وغير المسؤول بضرورة فتح الأردن ومصر لحدودهما من أجل استقبال الفلسطينيين، دون اعتبار لتداعيات ذلك على الدولتين الحليفتين، لذلك فإن الأمر يبدو قد دخل مرحلة غاية في التعقيد، وما هو على الطاولة لا يشتمل على أي خيارات موضوعية تساعد واشنطن أو الدول العربية على تقبل هذه النزوة الترامبية المبكرة، كما تغيب الرؤية لامتصاص الآثار الكارثية الأكيد من هذا التصرف الأهوج، ويزيد من ذلك ما تسبب به ترامب من خدش للعلاقات مع دول أخرى بما يتصوره مشرط الإصلاحات لرفد الخزينة الأمريكية بالأموال، سواء مع الصين أو الدنمارك أو كندا أو المكسيك، حيث في كل الجهات ذهب ينكئ أو يصنع جراحات جديدة قبل العودة إلى طاولة اللوبي الصهيوني الذي حدد قبلاً مسارات التعامل مع كل منها.
في تصريح التهجير للفلسطينيين من غزة الذي كرره عدة مرات تعمّد ترامب تجاهل الواقع، والبناء على قاعدة الهجوم، مستغلا تأثير مواجهات (15) شهرا على العالم، وفي محاولة لتصوير حِفاظ واشنطن على حيويتها الهجومية رغم ما تعرضت له من خيبات في المنطقة خلال السنوات الماضية.
أصالة القضية الفلسطينية لا يمكن خدشها
الأردن لم تقبل المقترح، ومصر لم تقبل، والفلسطينيون لن يقبلوا، والعرب أيضا وعلى رأسهم دول محور المقاومة لن يقبلوا أن تُفرض أي أجندة يمكن أن تنال من أصالة القضية الفلسطينية أو تكرس الوجود الإسرائيلي في المنطقة. في هذه الحالة سيجد ترامب نفسه محاطا بأسباب هزيمة جديدة، ستكون هذه المرة مدويّة وبمثابة الضربة قبل القاضية لسقوطه. ويبدو مستبعدا أن يلجأ إلى القوة لحسابات سبق وأن أعطى إشارات بشأنها خلال خطابه الأول، في مقابل ذلك سيعمل على تحريك بعض الأوراق للضغط على الدولتين، وإلى أن ينجح معهما، ستكون هناك محطات أكثر صعوبة وتعقيدا في انتظاره، تتمثل بالشعب الفلسطيني نفسه الذي أكدت مسيرات العودة إلى غزة ثباته وعزمه على بدء فصل جديد مع الجراحات والاستعداد لجولة قادمة من مسار الجهاد لاستعادة كل الأراضي المحتلة وبتر العدو، فما هي خيارات ترامب لإجبارهم على مغادرة أراضيهم؟.
مرحلة كشف الانتهازية الأمريكية
لا يبدو هناك أي تحليل يرى بإمكانية سير مخطط ترامب إلى حيث يشتهي، كما وإمكانية تخيل الوضع الذي رسمه تبدو مستحيلة ومغامرة هوجاء، فالأمر ليس بتلك البساطة، وتداعيات فرض رؤية تهجير سكان غزة ستكون كبيرة ومؤثرة، إذ ستخلق فوضى عارمة في المنطقة، وإذا كان المأمول أمريكيا لهذه الفوضى أن تهيئ لواقع جديد لـ”الشرق الأوسط”، لكنه لن يكون كذلك بشكل أكيد، فقوى المنطقة من محور الرفض للهيمنة الأمريكية ستتصدر بلا شك مشهد الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، وربما تدخل في إطاره أيضا دول أخرى من دول الصمت، خصوصا مع ما بدأ يتكشف من نوايا أمريكية صهيونية للنيل من الدول العربية الواحدة تلو الأخرى، كما وسيتأكد لكل الدول انتهازية أمريكا ومساعيها دائما إلى أهدافها ولو على حساب حلفائها، وربما ينتهي الأمر بعدها إلى فقدان واشنطن للكثير من المصالح في المنطقة.
تتابُع الضربات التي يميل إليها ترامب ومحاولة إظهار قدرة أمريكا على اللعب بكل الخيوط في وقت واحد، يتسم هذه المرة بالسذاجة، لأنه كما يبدو لم يقرأ المتغيرات، كما لم يقرأ التراجع الأمريكي الحاد عن موقع الصدارة، وهو نهج متعمد، لكنه رهان غير عقلاني سيتسبب في إغراق العالم بأسره في فوضى، ولن يحقق شيئا. وعلى ذلك ربما تبدو أمريكا اليوم أقرب إلى نهاية عصرها، بسبب السير خلف سذاجة ترامب.
الأولى تنفيذ القرارات الأمميةالفلسطينيون لن يتم تهجيرهم والأردن ومصر لن تقبلا ببيع القضية، وفي الانتظار محور المقاومة. وإذا انطلق ترامب في فرض رؤيته الفوضوية سيكون العالم بالفعل على موعد مع متغيرات جذرية لشكل النظام العالمي يتوارى فيها هذا النظام الأمريكي المارق، انطلاقا من المنطقة العربية ومن القضية الفلسطينية.
والأَولى بأمريكا إن كانت بالفعل تنظر إلى مسألة إعادة إعمار غزة من منظور إنساني، وأن هدفها فقط هو عدم خلق معاناة إضافية لسكان غزة أثناء عملية إعادة الإعمار، الأولى أن تدفع الكيان الصهيوني لتحمل وزر عدوانه على غزة وأن تتحمل النصيب الأوفر من الأضرار كونها دمرت بسلاح أمريكي وربما سيكون من الجيد لفت ترامب إلى هذه الحقيقة، وإلى الخروج من لعب دور الشخصية الطائشة، لأن سوء النتائج يمكن أن يدفع بالأحداث إلى تأزيم الداخل الأمريكي، وربما يجد نفسه حينها ماثلا أمام إحدى المحاكم بتهمة تعريض الدولة أو الاتحاد لخطر الزوال بسبب تحركاته غير المنضبطة وغير المسؤولة.
نقلا عن موقع أنصار الله
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
أكاذيب الكيان الصهيوني التي لا تنتهي
لم يعرف التاريخ الإنساني، وأعتقد لن يعرف حتى قيام الساعة، دولة تكذب وتتحرى الكذب في كل أقوالها وأفعالها مثل دولة الكيان الصهيوني الغاصب التي تكذب كما تتنفس، وتعيش على الكذب الذي قامت على أساسه وتحيا عليه.
الدولة التي قامت على كذبة في العام 1948، لا يمكن أن تستمر وتبقى سوى بمزيد من الأكاذيب التي تنتجها آلة الدعاية الصهيونية المدعومة بوسائل الإعلام العالمية، بشكل يومي لكي تستدر عطف العالم الغربي وتبرر احتلالها البغيض للأراضي الفلسطينية وعدوانها الدائم والهمجي على أصحاب الأرض، وعلى كل من يحاول الوقوف في وجهها وكل من يكشف أكاذيبها ويقاوم غطرستها، وجرائمها التي لا تتوقف ضد الإنسانية.
بدأت الأكاذيب الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر مع نشأة الحركة الصهيونية، بالترويج لأكذوبة أن «فلسطين هي أرض الميعاد التي وعد الله اليهود بالعودة لها بعد قرون من الشتات في الأرض». وكانت هذه الأكذوبة، التي تحولت إلى أسطورة لا دليل على صحتها تاريخيا، المبرر الأول الذي دفع القوى الاستعمارية القديمة، بريطانيا تحديدا، الى إصدار الوعد المشؤوم «وعد بلفور» قبل عام من نهاية الحرب العالمية الأولى بانشاء وطن لليهود في فلسطين. وكان هذا الوعد، كما يقول المؤرخون، الذي صدر عن وزير الخارجية البريطاني أرثر بلفور حجر الأساس لأكبر عملية سرقة في التاريخ، سرقة وطن كامل من أصحابه، ومنحه لمجموعة من العصابات اليهودية دون وجه حق. الوعد الذي لم يعره العالم انتباها وقت صدوره تحول إلى حق مطلق للصهاينة في السنوات التالية، ومن أكذوبة «أرض الميعاد» ووعد الوطن القومي أنتجت الصهيونية العالمية سلسلة لا تنتهي من الأكاذيب التي ما زالت مستمرة حتى اليوم، والمسؤولة، في تقديري، عما يعيشه الفلسطينيون الآن من جحيم تحت الاحتلال الصهيوني.
الكذبة الأولى الخاصة بأرض الميعاد، والتي صدقها العالم نتيجة تكرارها وبفعل التأثير التراكمي طويل المدى لوسائل الاعلام التي سيطر عليها اليهود طوال القرن العشرين، لم تكن سوى أكذوبة سياسية ذات غطاء ديني غير صحيح. إذ تم تفسير النص التوراتي بطريقة ملتوية لتخدم المشروع الصهيوني. ولم تُثبت الحفريات التي يقوم بها الصهاينة أسفل المسجد الأقصى وجود هيكل سليمان أو وجود مملكة داود وسليمان في فلسطين كما تزعم الرواية التوراتية المحرفة، بل أن بعض المؤرخين الإسرائيليين شككوا في وجود اليهود في فلسطين كأمة قبل إنشاء إسرائيل.
دعونا في هذا المقال نتتبع أبرز الأكاذيب الصهيونية التي روجت لها إسرائيل لاستمرار سياساتها العنصرية والتي لم تكن مجرد دعاية عابرة، بل جزءًا من استراتيجية تم وضعها وتهدف في النهاية الى تحقيق الحلم الصهيوني بدولة تمتد «من النيل إلى الفرات»، والترويج للسردية الصهيونية في الاعلام العالمي وحصار السردية الفلسطينية والعربية.
الأكذوبة الثانية التي تمثل امتدادا للأكذوبة الأولى والمرتبطة بها ارتباطا وثيقا، هي أن فلسطين كانت أرضا بلا شعب، وبالتالي يمكن الاستيلاء عليها واحتلالها وتهجير أهلها منها، وجعلها وطنا للشعب اليهودي الذي كان بلا أرض»، وبذلك يتم نفي الوجود العربي الفلسطيني فيها. وتم الترويج لهذه الأكذوبة في الغرب المسيحي المحافظ من خلال خطاب إعلامي يربط إقامة إسرائيل بقرب ظهور المسيح (عليه السلام). وقد نجح الإعلام الصهيوني والمتصهين في تصوير اليهود باعتبارهم عائدين إلى أرضهم، فيما تمت شيطنة الفلسطينيين والتعامل معهم باعتبارهم إرهابيين يعارضون الوعد الإلهي. وكانت هذه الأكذوبة من أخطر الأكاذيب الصهيونية لتبرير احتلال فلسطين بدعوى أنها خالية من السكان، في حين كان يعيش فيها قبل إعلان قيام إسرائيل نحو مليون وثلاثمائة ألف عربي فلسطيني من المسلمين والمسيحيين.
وتزعم الأكذوبة الصهيونية الثالثة أن الفلسطينيين غادروا أرضهم طواعية بعد هزيمة الجيوش العربية وإعلان قيام دولة إسرائيل في العام 1948. وتم استخدام هذه المزاعم للتغطية على مجازر التطهير العرقي الذي قامت به عصابات الصهاينة، وأبرزها مجازر دير ياسين، واللد، والرملة، لطرد الفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم.
لقد ثبت للعالم كله كذب إسرائيل في كل ما روجت له من مزاعم تخالف الحقيقة في الإعلام العالمي المتواطئ معها والمساند لها على الدوام. ومن هذه المزاعم القول بإنها «واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» الذي لا يعرف الديمقراطية. ولم ينتبه العالم إلى أن الديمقراطية الإسرائيلية ترى بعين واحدة، ومخصصة لليهود فقط، ولا تشمل سكانها من الفلسطينيين الذين يعانون من تمييز وفصل عنصري في كل مجالات الحياة. وتستخدم هذه الديمقراطية الأسلحة المحرمة والإبادة الجماعية وسياسات الاغتيال والاعتقال والتعذيب كوسيلة للتعامل مع الفلسطينيين المحرومين من حقوقهم السياسية.
وشبيه بهذا الزعم القول إن «الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم». ومع الأسف ما زالت هذه المقولة تتردد على ألسنة العسكريين والسياسيين الصهاينة وفي بعض وسائل الاعلام الغربية، رغم الجرائم الموثقة من جانب منظمات حقوقية عالمية، والتي ارتكبها ويرتكبها هذا الجيش «عديم الأخلاق» في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا وإيران، واستهدافه المدنيين من النساء والأطفال، والصحفيين والأطباء وغيرهم، واستخدامه لسلاح التجويع في غزة ومنع الإمدادات الإنسانية من الدخول الى القطاع وإتلافها عمدا، وقتل الجوعى.
ولا تتوقف آلة الكذب الصهيونية عند هذا الحد وتضيف لها الجديد من الأكاذيب كل يوم، مثل الأكذوبة المضحكة التي أصبحت مثار سخرية العالم، وهي إن «إسرائيل تواجه تهديدا وجوديا من جيرانها العرب» المحيطين بها، في الوقت الذي يعلم فيه القاصي والداني أن الكيان الغاصب هو الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي تمتلك ترسانة نووية قادرة على محو جميع الدول العربية، وتتمتع بتفوق عسكري يضمنه ويحافظ عليه ويعززه الشريك الأمريكي ودول غرب أوروبا، وتمنع بالقوة أي دولة في المنطقة من امتلاك الطاقة النووية حتى وإن كان للأغراض السلمية، كما فعلت مع العراق وايران. وينسي من يردد هذه الأكذوبة إن إسرائيل فرضت من خلال الولايات المتحدة التطبيع معها على العديد من الدول العربية، ليس فقط دول الجوار التي كان يمكن ان تهددها، وإنما على دول أخرى بعيدة جغرافيا عنها، وفي طريقها لفرضه على المزيد من الدول.
ويكفي أن نعلم أن غالبية الحروب التي دخلتها إسرائيل كانت حروبا استباقية، وكانت فيها المبادرة بالعدوان، وآخرها الحرب على إيران. والحقيقة أن حربها المستمرة منذ نحو عامين على غزة والتي تزعم أنها، أي الحرب، «دفاع عن النفس» ما هي إلا أكذوبة أخرى تأتي في إطار سعيها لتفريغ القطاع من سكانه وتهجيرهم خارجه بعد تدميره وحصاره المستمر منذ العام 2007 وحتى اليوم، وهو ما ينفي الأكذوبة الأكثر وقاحة التي ترددها الآن بأن «حركة حماس هي المسؤولة عن معاناة أهل غزة، وهي من تجوعهم»، مع أن العالم كله يشاهد كيف حولت القطاع إلى أطلال وإلى أكبر سجن مفتوح في العالم بشهادة الأمم المتحدة.