يُعد كتاب (الفلاحون والقومية في إريتريا) (Peasants and Nationalism in Eritrea) للكاتب الإنجليزي إريتري الأصل(جوردان جبري-مدحين) (Jordan Gebre-Medhin) مرجعًا مهمًا لدراسة التاريخ الاجتماعي والسياسي لدولة إريتريا، لا سيما عند تحليله لواقع مجتمع قبيلة (البني عامر) . يشير الكاتب إلى أن هذا المجتمع حمل عبر تاريخه آثارًا عميقة للعبودية والاضطهاد، ما خلَّف شعورا بالغبن والحقد والكراهية بل وعقدة الدونية التي لا تزال تُلقي بظلالها على هويته وسلوكه الجماعي.



#العبودية وتاريخ البني عامر:
يستند الكاتب إلى تقديرات الباحث (لويد إلينجسون) (Lloyd Ellingson)، الذي أشار إلى أن عدد العبيد في قبائل البني عامر كان مُقاربًا لعدد الأحرار (النبلاء)، ما يُظهر حجم النظام الطبقي القاسي الذي حكم العلاقات الاجتماعية. فقد عاش أفراد هذه المجموعة السكانية لعقود تحت سيطرة طبقة (النابتاب النبلاء)، الذين فرضوا نظامًا استعباديًا قائمًا على الاضطهاد والتبعية المطلقة، حيث كان العبيد يعتبرون ملكية تورث وتباع وتشترى. يوضح الكتاب أن هذه الحقبة خلَّفت جراحًا نفسية واجتماعية عميقة، تجلَّت في محاولات هذا المجتمع لاحقًا لتعويض هذا الدونية التاريخية عبر تزييف سرديات تُظهرهم بأنهم أبطال وأصحاب تاريخ وبطولات عريقة بينما الواقع يؤكد أنهم تنقلوا بين عبوديات متتالية من سيطرة البلو ( بلو كلو ) إلى هيمنة النابتاب، ثم استغلال النظام الإريتري الحالي بقيادة أسياس أفورقي.
#من العبودية إلى التمرد: استراتيجيات مجنسي البني عامر الحديثة في السودان
يرصد الكاتب تحولًا في سلوك البني عامر بعد لجوئهم إلى السودان هربًا من اضطهاد أفورقي، الذي وصفه الكتاب بأنه تعمد تشريدهم وتعذيبهم حتى لجأوا إلى السودان. وجدت هذه المجموعات بيئة أكثر تسامحًا لكنها بحسب التحليل استغلت هذا التسامح لبناء سردية تاريخية جديدة تهدف إلى تعزيز نفوذها السياسي والجغرافي، ويشير جبري-مدحين إلى أن هذه السرديات المُفبركة تهدف إلى إعادة كتابة التاريخ لتصويرهم كـ"أسياد" بدلًا من ضحايا وعبيد، وتمهيد الطريق لتحقيق هيمنة سياسية على إقليم شرق السودان، بل والسودان ككل عبر تحالفات مبنية على المكر والدهاء.

يُنهي الكتاب تحليله بتأكيد أن محاولات مجموعات من البني عامر لفرض هيمنتهم ليست نتاج ذكاء استثنائي بل هي استمرار لاستراتيجيات البقاء التي طوروها خلال قرون من القمع. لكن الكاتب يشير أيضًا إلى أن هذه المكائد بدأت تكشف شيئا فشيئا، خاصة مع تنامي الوعي المجتمعي في السودان.

greensudanese@gmail.com

آمنة أحمد مختار إيرا  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: البنی عامر إلى أن

إقرأ أيضاً:

إريتريا تسعى لإلغاء ولاية المحقق الأممي لديها بعد إدانتها

أظهرت وثيقة مقدّمة إلى مجس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة أن دولة إريتريا تطالب بإلغاء ولاية الخبير الأممي المكلف بمزاعم انتهاكات حقوق الإنسان لديها، وهي خطوة يخشى مراقبون غربيون أن تشكّل سابقة للدول التي تسعى إلى الإفلات من العقاب.

والمقرر الخاص للأمم المتحدة المكلف بالتحقيق في انتهاك حقوق الإنسان في إريتريا، منصب يشغله حاليا المحامي الدولي السوداني محمد عبد السلام بابكر.

وتقول مصادر، ومنظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش إن انتهاكات حقوق الإنسان والإفلات من العقاب في إريتريا باتا منتشرَين بشكل واسع.

ويصف تقرير قدّمه المحقّق السوداني محمد عبد السلام بابكر في مايو/أيار الماضي، الوضع الحقوقي في إريتريا بـ"الحرج"، مشيرا إلى حالات من الاحتجاز التعسّفي، والاختفاء القسري، والإلزام بالخدمة المدنية التي باتت تدفع الكثير من المواطنين إلى الفرار من البلاد.

وقال التقرير إن اللاجئين الإريتريين الذين فرّوا من بلادهم بسبب القمع يعيشون ظروفا قاسية في دول الجوار، ويواجهون التمييز والمعاناة الاقتصادية، إلى جانب صعوبات كبيرة في الحصول على الحماية القانونية والخدمات الأساسية، ما يجعلهم من أكبر تجمعات اللاجئين في العالم.

التصويت على الاقتراح

وقد أنشئت ولاية الخبير الأممي بشأن إريتريا عام 2012 بمبادرة من مجموعة دول أفريقية، ويتم تجديدها سنويًا بقرار من مجلس حقوق الإنسان في جنيف، لكن الحكومة في أسمرا طرحت هذه السنة مشروع قرار يهدف إلى إلغاء الولاية، وفق ما جاء في الوثيقة التي اطلعت عليها وكالة رويترز.

خريطة إريتريا (الجزيرة)

وقد أرسلت الحكومة وفدا كبيرا للدفاع عن اقتراحها خلال اجتماع للأمم المتحدة في جنيف يوم الاثنين الماضي، وعبرت عن رفضها للتحقيقات التي تستهدف سجلات دول بعينها في مجال حقوق الإنسان.

وقد دعمت دول مثل السودان وروسيا وإيران الاقتراح، في حين عارضته دول من بينها الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.

إعلان

ورغم أن الدول التي تخضع لتحقيقات أممية غالبا ما تمارس ضغوطا لإضعاف التقارير المتعلقة بالاتهامات الموجهة إليها، أو التأثير عليها، فإن خبراء حقوقيين قالوا إنه لم يُطرح من قبل أي اقتراح رسمي لإنهاء ولاية خبير أمام المجلس منذ إنشائه قبل نحو 20 عاما، ما يثير المخاوف من أن تشجع هذه الخطوة دولًا أخرى على تقويض آليات المحاسبة الدولية.

وسبق لحكومة إثيوبيا أن حاولت في عام 2023، إنهاء ولاية أحد الخبراء لديها، لكنها تراجعت في نهاية المطاف عن تلك المساعي.

وقال الاتحاد الأوروبي إن عدم موافقة الحكومة في أسمرا على ولاية الخبير الأممي، لا ينبغي أن يستخدم كذريعة للهروب من الرقابة الدولية في مجال انتهاكات حقوق الإنسان، والإفلات من العقاب.

ومن المقرر أن يتم إجراء تصويت في مجلس حقوق الإنسان منتصف الشهر القادم، حول اقتراح دولة إريتريا على إنها ولاية منصب المقرر الخاص لديها.

مقالات مشابهة

  • تحالف “الحلو” و”حميدتي” هل يسعى لتطويق الجيش السوداني في كردفان؟
  • إريتريا تسعى لإلغاء ولاية المحقق الأممي لديها بعد إدانتها
  • الخرطوم: “الدعم السريع” ارتكبت “إبادة جماعية” والدول الراعية للمليشيا متورطة في الجريمة
  • خالد عامر يكتب: من الفائز؟ أمريكا ـ إسرائيل .. أم إيران؟
  • السماء تمطر “طيورا”.. ظاهرة غريبة في إحدى ولايات السودان
  • “تضامن السودان حكومة وشعباً”.. رئيس مجلس السيادة يجري اتصالا هاتفيا مع أمير دولة قطر
  • سوريا.. قوات الأمن تلقي القبض على المسؤول عن “حاجز الموت”
  • السودان: دولتان عربية وإفريقية تعترفان برعاية مليشيا “الدعم السريع”
  • كامل إدريس يودع رسائل عاجلة في بريد “الأمم المتحدة”
  • مشاورات “أممية” مغلقة حول الوضع في السودان.. ما هي أبرز الملفات؟