ماذا قال صالح الجعفراوي في وصيته؟
تاريخ النشر: 13th, October 2025 GMT
صراحة نيوز-نشر علي عامر الجعفراوي شقيق صالح الجعفراوى، الذي استشهد مساء أمس في غزة، وصية مؤثرة كتبها أخوه قبل مفارقته الحياة عبر منشور على مواقع التواصل الاجتماعى، عبّر فيها صالح عن ثباته وإيمانه بطريق المقاومة حتى اللحظة الأخيرة من حياته.
وجاء في الوصية:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، القائل: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا، بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.
أنا صالح.
أترك وصيتي هذه، لا وداعًا، بل استمرارًا لطريقٍ اخترته عن يقين.
يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة، لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، عشتُ الألم والقهر بكل تفاصيله، وذُقت الوجع وفقد الأحبة مرارًا، ورغم ذلك لم أتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة كما هي، الحقيقة التي ستبقى حجة على كل من تخاذل وصمت وأيضا شرف لكل من نصر ودعم ووقف مع أشرف الرجال وأعز الناس وأكرمهم أهل غزة
إن استشهدت، فاعلموا أنني لم أغب…
أنا الآن في الجنة، مع رفاقي الذين سبقوني؛
مع أنس، وإسماعيل، وكل الأحبة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
أوصيكم أن تذكروني في دعائكم، وأن تُكملوا المسير من بعدي.
تذكروني بصدقاتٍ جارية، واذكروني كلما سمعتم الأذان أو رأيتم النور يشقّ ليل غزة.
أوصيكم بالمقاومة…
بالطريق الذي سرنا عليه، وبالنهج الذي آمنا به.
فما عرفنا لأنفسنا طريقًا غيره، ولا وجدنا معنى للحياة إلا في الثبات عليه.
اوصيكم بأبي .. حبيب قلبي وقدوتي، من كنت أرى نفسي فيه ويرى نفسه في .. يا من رافقتني وقت الحرب بكل ما فيها .. أسأل الله أن نلتقي في الجنان وأنت راض عني يا تاج رأسي
اوصيكم بأخي ومعلمي ورفيق دربي ناجي،
يا ناجي… قد سبقتُك إلى الله قبل أن تخرج من السجن،
فاعلم أن هذا قَدَرٌ كتبه الله،
وأن الشوق إليك يسكنني،
كنت أتمنى أن أراك، أن أضمّك، أن نلتقي،
لكن وعد الله حق، ولقاؤنا في الجنة أقرب مما تظن.
اوصيكم بأمي…
يا أمي، الحياة بدونك لا شيء.
كنتِ الدعاء الذي لا ينقطع، والأمنية التي لا تموت.
دعوتُ الله أن يشفيك ويعافيك،
وكم حلمت أن أراكِ تسافرين للعلاج، وتعودين مبتسمة.
اوصيكم بإخوتي وأخواتي،
رضا الله ثم رضاكم غايتي،
أسأل الله أن يسعدكم، وأن يجعل حياتكم طيبة كقلوبكم الرقيقة التي طالما حاولت ان اكون مصدر سعادةٍ لها.
كنتُ أقول دومًا:
لا تسقط الكلمة، ولا تسقط الصورة.
الكلمة أمانة، والصورة رسالة،
احملوها للعالم كما حملناها نحن.
لا تظنوا أن استشهادي نهاية،
بل هو بداية لطريقٍ طويلٍ نحو الحرية.
أنا رسول رسالةٍ أردت أن تصل إلى العالم—إلى العالم المغمض عينيه، وإلى الصامتين عن الحق.
وإن سمعتم بخبري، فلا تبكوا عليّ.
لقد تمنّيتُ هذه اللحظة طويلًا، وسألت الله أن يرزقني إياها
فالحمد لله الذي اختارني لما أحب.
ولكل من أساء إلي في حياتي شتماً أو قذفاً كذباً وبهتاناً أقول لكم ها أنا أرحل إلى الله شهيدا بإذن الله وعند الله تجتمع الخصوم
أوصيكم بفلسطين…
بالمسجد الأقصى…
كانت أمنيتي أن أصل فناءه، أن أُصلّي فيه، أن ألمس ترابه.
فإن لم أصل إليه في الدنيا،
فأسأل الله أن يجمعنا جميعًا عنده في جنات الخلد
اللهم تقبّلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، واجعل دمي نورًا يُضيء درب الحرية لشعبي وأهلي.
سامحوني إن قصّرت، وادعوا لي بالرحمة والمغفرة، فإني مضيتُ على العهد، ولم أُغيّر ولم أُبدّل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم الشهيد بإذن الله
صالح عامر فؤاد الجعفراوي
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن عربي ودولي عربي ودولي عربي ودولي عربي ودولي عربي ودولي عربي ودولي عربي ودولي عربي ودولي عربي ودولي عربي ودولي الله أن
إقرأ أيضاً:
فلنغير العيون التي ترى الواقع
كل مرة تخرج أحاديثنا مأزومة وقلقة وموتورة، مشحونة عن سبق إصرار وترصد بالسخط والتذمر، نرفض أن نخلع عنا عباءة التشاؤم، أينما نُولي نتقصّى أثر الحكايات شديدة السُمية، تلك الغارقة في البؤس والسوداوية.
في الأماكن التي ننشُد لقاءت متخففة من صداع الحياة، نُصر على تصفح سجل النكبات من «الجِلدة للجِلدة»، فلا نترك هنّة ولا زلة ولا انتهاكًا لمسؤول إلا استعرضناه، ولا معاناة لمريض نعرفه أو سمعنا عنه إلا تذكرنا تفاصيلها، ولا هالِكِ تحت الأرض اندرس أثره ونُسي اسمه إلا بعثناه من مرقده، ولا مصيبة لم تحلُ بأحد بعد إلا وتنبأنا بكارثيتها.
ولأننا اعتدنا افتتاح صباحاتنا باجترار المآسي، بات حتى من لا يعرف معنىً للمعاناة، يستمتع بالخوض في هذا الاتجاه فيتحدث عما يسميه بـ«الوضع العام» -ماذا يقصد مثله بالوضع العام؟- يتباكى على حال أبناء الفقراء الباحثين عن عمل، وتأثير أوضاعهم المادية على سلوكهم الاجتماعي، وصعوبة امتلاك فئة الشباب للسكن، وأثره على استقرارهم الأُسري، وما يكابده قاطني الجبال والصحراء وأعالي البحار!
نتعمد أن نُسقط عن حواراتنا، ونحن نلوك هذه القصص الرتيبة، جزئية أنه كما يعيش وسط أي مجتمع فقراء ومعوزون، هناك أيضًا أثرياء وميسورون، وكما توجد قضايا حقيقية تستعصي على الحلول الجذرية، نُصِبت جهات وأشخاص، مهمتهم البحث عن مخارج مستدامة لهذه القضايا، والمساعدة على طي سجلاتها للأبد.
يغيب عن أذهاننا أنه لا مُتسع من الوقت للمُضي أكثر في هذا المسار الزلِق، وأن سُنة الحياة هي «التفاوت» ومفهوم السعادة لا يشير قطعًا إلى الغِنى أو السُلطة أو الوجاهة، إنما يمكن أن يُفهم منه أيضًا «العيش بقناعة» و«الرضى بما نملك».
السعادة مساحة نحن من يصنعها «كيفما تأتى ذلك»، عندما نستوعب أننا نعيش لمرة واحدة فقط، والحياة بكل مُنغصاتها جميلة، تستحق أن نحيا تفاصيلها بمحبة وهي لن تتوقف عند تذمر أحد.
أليس من باب الشفقة بأنفسنا وعجزنا عن تغيير الواقع، أن نرى بقلوبنا وبصائرنا وليس بعيوننا فقط؟ أن خارج الصندوق توجد عوالم جميلة ومضيئة؟ ، أنه وبرغم التجارب الفاشلة والأزمات ما زلنا نحتكم على أحبة جميلين يحبوننا ولم يغيرهم الزمن؟ يعيش بين ظهرانينا شرفاء، يعملون بإخلاص ليل نهار، أقوياء إذا ضعُف غيرهم أمام بريق السلطة وقوة النفوذ؟
النقطة الأخيرة
يقول الروائي والفيلسوف اليوناني نيكوس كازنتزاكس: «طالما أننا لا نستطيع أن نغير الواقع، فلنغير العيون التي ترى الواقع».
عُمر العبري كاتب عُماني