سودانايل:
2025-08-01@08:22:41 GMT

أسئلة خشنة وإجابات مُرّة

تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT

ترى، كم من رجلٍ ذاق الإهانة، وتعرض للجلد والجوع، وسُلبت ممتلكاته، وانتهى به المطاف مشردًا بلا مأوى، او مال يعينه على تكاليف الحياة؟ ترى كم من امرأة لاقت ذات المصير، لكنها حملت فوق ذلك أعباءً مضاعفة من العنف والانتهاكات الجسيمة التي منها الاغتصاب والمذلة؟ كم من طفل وطفلة فقدوا آباءهم وأمهاتهم، وديارهم التي نشأوا فيها، ومدارسهم التي تعلموا بين جدرانها، وشوارعهم التي احتضنت أحلامهم الصغيرة؟.


كم من طالب وطالبة هجروا مقاعد الدروس بجامعاتهم، وكم من شاب وشابة باتوا عاطلين عن العمل، وصاروا يعانون من آلام العجز عن توفير لقمة العيش أو بناء مستقبلٍ يستحقونه؟
أعدادٌ مهولة من النساء والرجال والأطفال والشباب، كلهم لم يقترفوا ذنبًا سوى أنهم وضعوا ثقتهم في قيادة عسكرية، وقائدٍ لها وعدهم بالأمان والاستقرار، فإذا به قد حنث قسمه، ونقض العهد، ومارس التضليل، بسوقهم إلى هاوية حربٍ طاحنة، هو من ضمن من يؤجج لنيرانها، ويطلق ذئابها، ويغذي شياطينها، ليسلم في النهاية مفاتيح البلاد إلى قيادة التنظيم الإخواني الذي لا يؤمن بشيء سوى العداء للإنسانية والوطن.
لقد أغرق الرجل مع غريمه البلاد في جحيمٍ لا يُطاق.
مئات الآلاف سقطوا قتلى.
بُقرت البطون في هذه الحرب، وذُبحت الرقاب، وأُلقيت الجثث في الأنهار، وقُتل الأبرياء بالرصاص في رؤوسهم وقلوبهم، وحتى في شرفهم.
لكن ماذا عن الذين نجوا؟

قد تبلغ أعداد المصابين بالأمراض النفسية جراء ويلات الحرب الملايين، ناهيك عن الذين يعانون من أمراض ذهنية مزمنة، والمعاقين الذين فقدوا أطرافهم تحت نيران القصف. هؤلاء جميعًا ليسوا مجرد أرقامٍ في تقارير المنظمات الإنسانية، بل أرواحٌ سوف تظل معذبةٌ تعيش على هامش الحياة، تحاول أن تجد طريقها وسط ركام الخراب واليأس. وكما قال أحد أوضح الروائيين في القرن العشرين إرنست همنغواى: (لا يفلت أحد من الحروب دون أن يكون متضررا. فحتى وإن نجا بجسده فان روحه تظل مجروحة). أو ما قاله احد شعراء الشعب العظماء محجوب شريف: ( كل الجروح بتروح إلا التي بالروح).
ترى، ماذا يعني كل هذا للمستقبل؟
إنها صورة قاتمة لمجتمعٍ مثخنٍ بالجراح، وغدٍ بائس ينتظر هؤلاء وأسرهم، وأجيالًا قادمة ستولد في بيئة مشوهة، تغيب عنها الثقة في الدولة، وتترسخ فيها مشاعر الغضب والخذلان. ستظل آلامهم محفورة في ذاكرة هذا الشعب، تهدد كل محاولةٍ لإعادة البناء، وتزرع الشك في كل قادم تأكيدا لما ذكره إليي وإيسل الناجي من الهولوكوست، عندما علق على حرب الإبادة الجماعية التي نفذها النظام النازي الألماني بقيادة هتلر، قائلا: (عندما يقتل الابرياء، لا يصبح السؤال عن من هو المذنب، بل من هو التالي؟) في إشارة إلى ان دوامة العنف ستستمر بأشكال نفسية مما يقضي على فرص التعايش السلمي لاحقا.
لكن، هل يمكن إصلاح هذا الخراب المتعدد الوجوه والأبعاد؟ هل تكفي الوعود السياسية لرأب الصدع وإعادة الإعمار؟ أم أن جراح الشعوب لا تُشفى بالكلمات، بل تحتاج إلى إرادةٍ صادقة، وأفعالٍ ملموسة، ومسؤوليةٍ حقيقية؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة تتطلب أكثر من مجرد الخطبٍ الطنانة، والدعوات للسلام، والشعاراتٍ باعادة التعمير الفيزيائي. فالمجتمع الذي دُمرت بنيته النفسية والاجتماعية، يحتاج،وقبل كل شئ، إلى عدالةٍ حقيقية، وإنصافٍ للضحايا، ومحاسبةٍ للجناة، وتعمير في الانفس، قبل أن يبدأ أي حديثٍ آخر . فالدماء التي سالت لن تجف بمجرد قراراتٍ سياسية فوقية، ووعود، بل تحتاج إلى خطواتٍ جريئة تعيد للناس حقوقهم، وتبني مستقبلًا لا يعيد إنتاج ذات المآساة، ودون أن يفكر أحد في الإنتقام وأخذ القانون باليد والقوة. فالإنتقام لن يكون حلاً أو كما قال غاندي: (العين بالعين ستجعل العالم كله أعمى).
وأخيرا، فإن تلك، وغيرها من المصائر الأليمة من الأسئلة الخشنة، والإجابات المُرَّة ستظل تطارد السودانيين على المدى القريب والبعيد، أينما كانوا، ، بلا هوادة، ودونما انقطاع.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

136 ألف طالب يبدأون امتحانات الثانوية الجديدة الخميس بالاردن

صراحة نيوز- يستعد حوالي 136 ألف طالب وطالبة من الصف الحادي عشر في الأردن لخوض امتحانات الثانوية العامة، التي ستبدأ يوم الخميس المقبل، وفق النظام الجديد الذي أقرته وزارة التربية والتعليم كجزء من خطتها التطويرية لتحسين تجربة الامتحانات.

وأوضح مدير مديرية الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الوزارة، محمود الحياصات، في حديثه عبر راديو هلا الأربعاء، أن الامتحانات ستبدأ بمادة اللغة العربية وتستمر حتى الخميس 7 أغسطس 2025، وستعقد يوميًا في تمام الساعة العاشرة صباحًا.

وبيّن الحياصات أن المواد المشمولة بالامتحانات هي اللغة العربية، اللغة الإنجليزية، تاريخ الأردن، والتربية الإسلامية، التي تم تخصيص 30% من مجموع درجات الثانوية العامة لها.

وأشار إلى أن الامتحانات ستجري في 585 مركزًا امتحانيًا تضم 1305 قاعات، مع مشاركة 20 طالبًا في مراكز تأهيل الأحداث ومراكز الإصلاح، و11 طالبًا في مركز الحسين للسرطان.

ولفت إلى أن أسئلة مادتي التربية الإسلامية وتاريخ الأردن ستكون من نوع الاختيار من متعدد، بينما تحتوي أسئلة اللغتين العربية والإنجليزية على جزء إنشائي يمثل 30% من الدرجة الكلية، مؤكداً أن الأسئلة ستكون متوازنة ومستمدة مباشرة من المنهاج المدرسي، على غرار امتحانات جيل 2007.

واختتم الحياصات بالقول إن النظام الجديد يهدف إلى تخفيف الضغط النفسي على الطلبة وأولياء أمورهم من خلال توزيع الامتحانات على عامين، مما يمنح الطالب فرصة لتحسين أدائه خلال الصف الثاني عشر دون التأثير على فرص قبوله الجامعي.

مقالات مشابهة

  • خبير عن افتتاحات قناة السويس الجديدة في ذكري التأميم: ستظل نقطة إشراق وأمل جديد للمستقبل
  • ندوة لشباب ملتقى لوجوس مع قداسة البابا تواضروس
  • المكتتبون الذين ضيعو كلمة السر للولوج إلى منصة عدل 3..هذه طريقة استرجاعها
  • في فيلم عبر الجدران.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الشرع تعمل بشكل متواصل لحل جميع المشكلات التي تواجه الشعب السوري، وخاصة الاقتصادية منها، بهدف دفع عجلة التنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين
  • 136 ألف طالب يبدأون امتحانات الثانوية الجديدة الخميس بالاردن
  • 5 أسئلة عن زلزال كامتشاتكا الهائل
  • ربيع الغفير: مصر ستظل حجر عثرة أمام مخططات تصفية القضية الفلسطينية
  • مُفتي عُمان: نحيي أبطال اليمن المغاوير الأفذاذ الذين حطموا كل أسطورة
  • مفتي عمان ..نحيي أبطال اليمن المغاوير الأفذاذ الذين حطموا كل اسطورة